نظم مركز “بى لمباس” للدرسات القبطية بكنيسة السيدة العذراء مريم بمهمشة، برئاسة وحضور نيافة الحبر الجليل الأنبا مارتيروس أسقف عام منطقة شرق السكة الحديد، اللقاء الشهري المعتاد، حيث استضاف المركز الدكتور شريف مرجان دكتور شريف مرجان – أستاذ العمارة القبطية بجامعة القاهرة ورئيس قسم العمارة بمعهد الدراسات القبطي وعضو في مؤسسة مصر المباركة والمهندسة دينا سيدهم مدير موقع جريدة وطني وعضو في مؤسسة مصر المباركة والاستاذ ناصر صبحي ـ رئيس مجلس أمناء مؤسسة مصر المباركة للتنمية وإحياء التراث ـ صحفي ومسؤول تغطية ملف العائلة المقدسة في جريدة وطني ـ رئيس تحرير موقع “مصر 7000 ” الخاص بأخبار السياحة والسفر العالمية والعربية و الدكتورة ماري ميساك الدكتورة مارى ميساك الاستاذ بجامعة حلوان – كلية سياحة وفنادق وعضو مجلس
أمناء في مؤسسة مصر المباركة حيث ألقوا محاضرة بعنوان “مسار العائلة المقدسة وتقنية التجول الافتراضي” وتكلمت مؤسسة مصر المباركة عن فكرة مشروعها التوثيقي لمسار العائلة المقدسة إلكترونياً بسبع لغات وبتقنية التجول الافتراضي ودور هذا المشروع في جذب السياحة والتوثيق الأثري للتراث المادي وغير المادي.
وقام منسق اللقاءات بالمركز المهندس اشرف موريس بالتنويه عن المحاضرة والترحيب بالمتكلمين و بالحاضرين.
مسار العائلة المقدسة نواة للتنمية وحفاظ التراث المصري والقبطي
في بداية الندوة قدم الدكتور شريف مرجان مسار العائلة المقدسة كنواة للتنمية، فقال: مسار العائلة المقدسة يمكن أن يكون له دور في مجتمعنا، دور للتنمية، وهي مرتبطة بالحفاظ على تراثنا المصري والقبطي في مناطق متعددة على المسار.
يقول الكتاب المقدس : “وبعدما انصرفوا اذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا: «قم وخذ الصبي وامه واهرب الى مصر وكن هناك حتى اقول لك. لان هيرودس مزمع ان يطلب الصبي ليهلكه». 14 فقام واخذ الصبي وامه ليلا وانصرف الى مصر15 وكان هناك الى وفاة هيرودس لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي: «من مصر دعوت ابني».” (متى 2: 13، 15)
وبالتالي نحن محظوظين كمصريين ليكون عندنا هذه البركة وأن يأتي السيد المسيح لأرضنا ليجد الحماية في بلدنا..
نتكلم عن المسار من زاوية مختلفة كنواة للتنمية والحفاظ على التراث القبطي، فالعائلة المقدسة تحركت في الأراضي المصرية والسيد المسيح عاش طفلاً في مصر وبارك أرضها في حوالي 25 نقطة على الخريطة المصرية وبالتالي نسعى لتنمية كل تلك النقاط والمجتمعات المحيطة بها.
وفي هذا القطاع التنموي يوجد شركاء من قطاعات مختلفة منهم: القطاع الحكومي بالتخصصات المختلفة من وزارات كوزارة السياحة والأثار ووزارة الثقافة ووزارة التنمية المحلية والهيئات والمحافظات والإدارات المعنية والمجالس الخاصة بمنطقة معينة والأحياء وهكذا، ولدينا القطاع غير الحكومي من مؤسسات المجتمع المدني ونحن إحدى هذه مؤسسات المجتمع المدني كمؤسسة مصر المباركة، ولدينا أيضا القطاع الخاص الذي يمكنه أن يشترك ويستثمر وقت وأموال ويجني ثمار التنمية التي ستحدث في المكان. وإذا تكاتف كل هؤلاء على تنمية المسار يمكنهم عمل تنمية مثمرة على مسار العائلة المقدسة. وبالتالي لو اتكلمنا عن أدوار كل جهة سيكون لدينا وعي بكل جهد تم عمله من كل طرف من الأطراف لنكمل بعض.
وأكد شريف مرجان على أن وزارة السياحة تدعم هذا المشروع ضمن مشروعات السياحة الروحية، لكي يستطيع الزوار القدوم إلى مصر، ونحن نجد على الصفحات الرسمية الخاصة بوزارة السياحة نقاط مسار العائلة المقدسة مرفوعة على الموقع، وكذلك وزارة الثقافة أيضا لها مجهود عظيم في توثيق الاحتفاليات الشعبية الموجودة على مسار العائلة المقدسة، وبسبب هذا العمل المضني مدة 3 سنوات حصلت مصر على فرصة ضم ملف احتفالات المرتبطة بالعائلة المقدسة ضمن التراث غير المادي في اليونسكو. والمجلس الأعلى للثقافة أيضا يدعم الموضوع من خلال أكثر من لقاء بالتعاون مع معهد الدراسات القبطية، وعندنا أيضا وزارة التنمية المحلية لها دور إيجابي في تطوير المناطق المحيطة بنقاط المسار من البنية التحتية ورفع كفاءة الطرق المؤدية للنقاط في كل المحافظات المعنية بالمسار.
وحتى دور المجتمع المدني مثل مؤسسة مصر المباركة في توثيق مسار العائلة المقدسة بتقنيات حديثة مثل التجول الافتراضي VR للتوثيق التراث المادي، يساعد الحكومة والوزارات المعنية لطلب دعم مادي من هيئات عالمية لكي تساعد في تطوير وإدارة هذه الأماكن السياحية.
وكذلك جمعيات المجتمع المدني مثل جمعية نهرا برئاسة منير غبور الذي تكلم عن الدور الذي تقوم به المؤسسة في بعض المشروعات التنموية على المسار، مع الدكتور المهندس سامي صبري ومقترح المشروع مركز للسياح على نقطة الفرما، وهنا الهندسة المعمارية يأتي دورها في خدمة التراث الأثري في المكان..
وأيضا مشروع تطوير شجرة مريم والمنطقة المحيطة بها، ومنطقة التطوير بمسطرد، ومن أهم المقترحات التي لم تفعل حتى الان، لكن فكرتها جميلة، هي الفكرة تطوير منطقة كنيسة العذراء بالزيتون، وإن كانت نقطة غير مرتبطة بمسار العائلة المقدسة لكنها نقطة محورية في تاريخ مصر مع العذراء مريم لأن هناك العذراء ظهرت لكل المصريين، فهذا الظهور عظيم جدا وممكن يخدم على السياحة الروحية، وبالتالي لو العالم كله يسافر بالملايين لزيارة مدينة لورد في فرنسا لظهور العذراء مريم لثلاث بنات، فما بالكم ظهور العذراء للشعب المصري كله؟
وفي سياق المشروعات التي اقترحتها مؤسسات المجتمع المدني، اشتغلت مؤسسة مصر المباركة على توثيق المسار بتقنية التجول الافتراضي VR لأن هذه التقنية تحافظ على التراث المادي حتى إذا تعرض المبنى لأي تلفيات يمكن الرجوع إلى هذا التصوير الدقيق واستخدامه لإعادة المكان لما كان عليه،وهذا ما حدث في كنيسة نوتردام بفرنسا.. ويتطور مشروع المؤسسة ليكون بمثابة متحف متنقل للدعاية عن هذا المسار.
وباستخدام نظارة التجول الافتراضي يمكن للفرد التجول وسط كل هذه الأماكن مع الاستمتاع بالشرح، وقد قام قداسة البابا تواضروس الثاني بإطلاق هذا المشروع في نوفمبر 2022 من الكاتدرائية.
ومن مشروعات مؤسسة مصر المباركة أيضا، تنمية الحرف المرتبطة بالمجتمع المحيط بالمسار وبالتالي بخلق فرص عمل للمجتمع المحيط. ويتم ذلك من خلال مشروع مركز مجتمعي يقام في نقاط مسار العائلة المقدسة بحيث يتضمن هذا المشروع بعض العناصر منها مكان للتدريب المهني لسكان المنطقة على حرف يدوية تكون من المنطقة، وبالتالي كل نقطة في المسار سيكون لها التراث الخاص بها والحرف الخاصة بها أيضا. ويوجد أيضا عناصر في المبنى لها علاقة بالثقافة وعناصر أخرى متعلقة بالإدارة، وتكلمنا أيضا على تمويل للمشاريع متناهية الصغر عملنا تصور لمشروع بسيط يعتمد على هذه المفاهيم، ويستغل فكرة عمارة الأرض والعمارة القبطية. ويظهر في هذا المشروع المقترح أيضا متحف صغير يحكي قصص العائلة المقدسة في هذه النقطة، لتشويق السائح الروحاني ان يزور نقاط أكثر ومسرح مكشوف ليتيح لسكان المكان عمل مسرحيات أو احتفالات، كذلك يوجد مكتبة ومحلات لبيع المنتجات الحرفية المحلية إضافة إلى كافيتريا ودورات مياه للسياح.
وفي النهاية أكد الدكتور شريف مرجان على فكرة كيفية تطوير المسار من خلال تطوير كل نقطة صغيرة وعملت تنمية للمنطقة المحيطة بها ستجد أنه من خلال مسار العائلة المقدسة نستطيع تطوير قطاعات كبيرة من الخريطة المصرية وبالتالي يكون في تطوير جميل يربطه فكرة تربط ثقافتنا وتراثنا وتحافظ عليه وتعود بالنفع وتجلب سياحة خارجية وبالتالي عملة صعبة ورواج اقتصادي لبلدنا مصر.
تاريخ الاهتمام بهذا المسار في مصر
وفي كلمة من إحدى أعضاء مؤسسة مصر المباركة، بدأت دينا سيدهم كلامها عن تاريخ الاهتمام بهذا المسار قائلة: البداية كانت في عهد الملكة هيلانة والدة الملك قسطنطين (250 – 327م) التي قامت ببناء كنيسة في كل نقطة على مسار العائلة المقدسة في مصر.
وفي نفس السياق نرى قداسة البابا ثاؤفيلس البابا رقم 23 (385 – 412م) حيث غادر الإسكندرية إلى أقصى جنوب مصر، وفي طريق عودته توقف بدير المحرق في محافظة أسيوط في جبل قسقام ليدشن الكنيسة الأثرية بالدير، وفي ليلة إقامته بالدير رأى رؤيا ظهرت فيها العذراء مريم وروت له تفاصيل رحلتها إلى مصر والتي حددت مدتها بثلاثة سنوات وشهور وذكرت له أن هذا المكان الذي هو الأن دير المحرق كان أخر محطة للعائلة المقدسة في مصر قبل رحلة عودتها إلى بيت لحم.. وقالت العذراء مريم للبابا ثاؤفيلس أن إبنها السيد المسيح قد دشن مذبح الكنيسة الأثرية بنفسه حتى لا يدشنه هو مرة أخرى.. ومن هنا كتب البابا ثاؤفيلس الميمر الذي ذكر فيه كل تفاصيل الرحلة والأماكن التي زارتها العائلة المقدسة بكل تفاصيل الرحلة.
ومن قديم الزمن كانت المجتمعات المحيطة بكل نقطة من نقاط المسار تحتفل بذكرى قدوم العائلة المقدسة في منطقتهم.. وكل منطقة تحتفل بتراث شعبي خاص بها.
أما الكنيسة فتحتفل كل 24 بشنس أو الأول من يونيه بذكرى الرحلة في قراءات القداس الإلهي، وكانت هي من حافظت على هذا التراث الفريد عبر الأزمنة، سواء في نقاط مقام عليها أديرة أو كنائس أو حتى أشجار أو أبار أو مغارات.
وعلى الرغم من وجود تأريخ وتوثيق لرحلة هروب العائلة المقدسة إلى أرض مصر في سنكسار الكنيسة الذي يقرأ في الأول من يونيه من كل عام ، إلا أن معظم المجتمعات المسيحية تكاد تجهل تفاصيل هذه الرحلة. ولذلك قام قداسة البابا شنودة بإعتماد خريطة موثقة لهذه الرحلة وهذه الخريطة هي التي تمشي عليها الدولة الأن في تنمية النقاط المحيطة بالمسار.
مسار طوله 3500 كيلو متر، تركت فيه العائلة المقدس 13 شجرة و18 بئرا و8 مغارات واحجار أثرية.. كنوز طال الكتابة عنها من باحثين أقباط كثيرين مثل المهندس سمير متري – أول من كان لهم رؤية بمدى أهمية هذا المسار كتراث مصري فريد له فائدة عظيمة لمصر ورفع رؤيته للقيادات في مصر منذ ثمانينات القرن الماضي – إلى أن بدأت الدولة تهتم بهذا المسار فعلياً عام 2000م وأقيم احتفالاً كبيرا حضره قداسة البابا شنودة الثالث ومجموعة كبيرة من الوزراء ورجال الدولة.
وفي عام 2000 أيضا بدأ صحفيين بجريدة وطني الاهتمام بتجميع كل ما كتب عن هذا الكنز الفريد من التراث المادي وغير المادي.. وكان كل ما تحصلوا عليه كتيبات صغيرة موجودة في نقاط المسار وكتاب أصدرته الجامعة الأمريكية على كل المسار وكذلك كتاب مصور أنتجه الأستاذ منير غبور. ومن هنا بدأ المشوار برصد وترجمة وتجميع المعلومات والبحث عن صحة المعلومات من خلال مراجع موثقة.. وفي النهاية توجه فريق العمل للكنيسة القبطية الأرثوذكسية للتأكد من المادة العلمية التي تم تجميعها.
وفي عام 2004 توجه فريق عمل من صحفيي جريدة وطني في رحلة في كل ربوع مصر لتصوير كل نقاط مسار العائلة المقدسة بالصور والفيديو.. وتوالت الرحلات على هذه النقاط خلال الأعوام التالية كلما علم فريق العمل أنه تمت أي أعمال تطوير أو صيانة لأي من النقاط حول المسار.
ومرت السنين وجاءت ثورة 30 يونيه عام 2013م وبدأت الدولة تفكر أن هذا المسار مهم استغلاله لتحسين صورة مصر أمام العالم.. لتأكيد على أن مصر بلد الأمان والتعايش السلمي بين مجتمعها.. ولذلك تم دعوة قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان لكي يزور مصر في إبريل عام 2017م وفي زيارته قال جملته الشهيرة: “جئت لأحج إلى مصر” وربت الحج بمسار العائلة المقدسة وتكلم عن أن السيد المسيح بارك أرض مصر، فانتبه العالم كله لكلام قداسة البابا، وسرعان ما بدأت شركات السياحة العالمية تطلب معلومات وزيارات لهذه الأماكن المباركة، وخاصة شركات السياحة الكاثوليكية التي بدأت تدرس فكرة عمل رحلة حج كاثوليكي حول مسار العائلة المقدسة.
بمعاينة المواقع والوضع الراهن وقتها، رحبت الشركات المنظمة للحج بالتعاون لكنها وضعت بعض التوصيات والاشتراطات التي يجب توافرها قبل التعاقد، منها تمهيد الطرق المؤدية لنقاط المسار وتوفير فنادق يمكنها استيعاب كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة لأن هذه الفئات من المجتمع هي أكثر مجموعات تتحرك حول العالم في رحلات الحج الكاثوليكي.
استقبلت الدولة المصرية كل هذه المقترحات بترحاب لأن القيادة السياسية كانت – ومازالت – مرحبة بذلك بسبب قوة هذا المشروع القومي لأنه مسار له تأثير اقتصادي وتنموي وروحي عظيم.. وبدأت الدولة في دراسة تطوير هذا المسار وتنميته ورفع كفاءة الطرق المؤدية لنقاطه ورفع كفاءة المواقع المحيطة بالنقاط أيضا، وتطوير البنية التحتية في النقاط بالمحافظات المختلفة لكي تتمكن من جذب مستثمرين لعمل مشروعات استثمارية على طول المسار من فنادق ومستشفيات وبنوك وبازارات واستراحات بحسب ما تحتاج كل نقطة على المسار.
وفي نفس الوقت تأسست مؤسسة مصر المباركة لتنمية وإحياء التراث، عام 2020م، من مجموعة كبيرة من المتخصصين في مجال التنمية والأثار والهندسة ومعهم صحفيين من جريدة وطني الذين كان لهم باع في هذا المجال.. وكان هدف المؤسسة مشاركة المجتمع المدني في الدعاية لهذا المسار داخل مصر وخارجها والعمل في مجال توعية المجتمع المحيط بالأثار على المسار، بأهمية هذا المشروع والحج المسيحي والتأثير الإيجابي والعائد الإقتصادي الذي سيأتي عليهم من هذا العمل.
وكانت هدف المؤسسة التركيز على جذب الشباب حول العالم للزيارة أيضا ولم تكتفي بكبار السن الوافدين عن طريق الحج الكاثوليكي. ومن هنا بدأت تفكر في عمل موقع الكتروني بثماني لغات – الترجمة تمت في مكتب أنيس عبيد للترجمة – وتضع فيه كل المعلومات الجاذبة لزيارة المسار بطرق وتقنيات تشجع شباب العالم على المعرفة وزيارة مصر.
وبعد سنوات من العمل خرج موقعاً الكترونياً عليه خريطة تفاعلية لمسار العائلة المقدسة وكل نقطة فيه تظهر فيها معلومات مكتوبة موثقة وصور وفيديوهات وعرض خاص للمزار مصور بتقنية الواقع الافتراضي VR
وأطلق قداسة البابا تواضروس الثاني هذا المشروع في نوفمبر 2022م من الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ليكون موقعاً متاحاً للجميع – داخل مصر وخارجها.
وبالتالي أصبح المسار متاح لكل العالم لمشاهدته عبر نظارة الكترونية بتقنية الVR وتتيح الفرصة لزيارة نقاط المسار سواء كنيسة أو دير أو شجرة أو متحف خارجي أو أنقاض موجودة لأثر في أي مكان في ربوع مصر.. ومن هنا يتشجع للقدوم لمصر لنوال بركة هذه الأماكن.
وتستمر مؤسسة مصر المباركة في رسالتها وهي إحياء التراث المادي وغير المادي لمصر من خلال الترويج له بلغات متعددة وتقنيات إلكترونية حديثة لكي تجذب الأجيال الجديدة. ورؤية المؤسسة هي تحويل مسار العائلة المقدسة إلى نقاط محورية حيث تحكي كل نقطة قصتها من خلال سكان المنطقة الذين يخرج من بينهم راوي عن التاريخ العظيم الذين يعيش بجواره.
ونقدم منتجات حرفية فنية في كل نقطة مصنوعة بيد أهل المكان وتختلف من نقطة لأخرى بحسب تميز كل نقطة بمنتجاتها المختلفة وفنونها المتنوعة. ومن هنا تكون تجربة جديدة للزائر في كل نقطة على المسار.
وتطور حلم مؤسسة مصر المباركة لعمل متحف إلكتروني متنقل يتحرك داخل مصر وخارجها لعمل دعاية لهذا المشروع القومي العظيم.. وكان للمؤسسة فرصة تواجد في المتحف المصري بالتحرير والمتحف القومي للحضارة والمتحف القبطي ومتحف قصر الأمير محمد علي بالمنيل وكذلك متحف الأثاربمكتبة الإسكندرية..
خلال فترة العرض في المتاحف قامت المؤسسة بتدريب مرشدين سياحيين مصريين لإمكانية استخدامهم في الشرح أثناء التواجد بالمتاحف، وكان وقع هذا على الأجانب جميل جدا حيث أنهم وجدوا بنات مسلمات ومحجبات يشرحون بكل حب هذا التراث القبطي العريق، ومن هنا إنعكست صورة عظيمة لمصر عن ترابط المجتمع بشكل جميل.
خريطة تفاعلية وتجول افتراضي عبر المسار
جاءت كلمة الاستاذ ناصر صبحي رئيس مجلس أمناء مؤسسة مصر المباركة مؤكدا أن كل فريق العمل بالمؤسسة بذل جهدا عظيما والكل حرس على أن يجتهد لتقديم منتج جديد ومنتج بلغة العصر، لكي نخاطب الجيل الثاني والثالث من المصريين بالخارج الذين يعرفون القليل عن مصر.
ثم استطرد في كلامه شارحاً: مسار العائلة المقدسة أطول مسار في العالم وطوله 3500 كيلومتر، ذهاباً وإياباً.. وإعتمدت الدولة 25 نقطة على المسار لكن هناك نقاط أكثر لكنها تعتبر نقاط مرورية حيث مرت عليها العائلة المقدسة وهي تتحرك من نقطة معيشية لأخرى، فنالت النقاط المرورية البركة ولكنها ليس بها مزار روحاني أو سياحي.
وتركت العائلة المقدسة بالنقاط المعيشية التي زارتها شواهد أثرية كثيرة منها 13 من أشجار، 18 بئراً، و8 مغارات وكذلك أحجار مثل حجر بيخا إيسوس..
وهذا المسار تطلقه الدولة للعالم كله كمسار روحاني وليس مسار ديني، لكي تخاطب به كل البشرية وليس المسيحيين فقط.. ولذلك مؤسسة مصر المباركة تقدم هذا المشروع القومي كتراث مصري عريق يخص مصر كلها.
وبدأ صبحي يشرح رحلة هروب العائلة المقدسة لأرض مصر وما الدوافع التي اضطرت العائلة المقدسة للتحرك من بيت لحم إلى مصر، وذلك خوفا من بطش هيرودس الملك بعد أن تأكد هيرودس من المجوس أنه ولد ملكاً عظيماً ومن هنا أمر هيرودس يقتل الأطفال من سن سنتين فما دون.
جاءت العائلة المقدسة في رحلة شاقة من بيت لحم حتى الفرما مروراً برفح وذلك استغرق حوالي 100 كيلو.. والعناية الإلهية كانت معهم لحمايتهم في الطريق، شيخ كبير ومعه أم تحمل طفلها ويتحركون على دابة وسط كل المخاطر والعوامل الجوية الصعبة وصعوبات الطريق كلها.
في الفرما يوجد مجموعة من الأثار الباقية حتى الأن منها المغارة التي مكثت بها العائلة المقدسة، وكذلك كنيسة دائرية من القرن الرابع أو الخامس الميلادي.. ومن الفرما اتجهت إلى تل بسطا التي سقطت تهدمت بها الأصنام وقت دخول السيد المسيح لها بحسب النبوءة الكتابية. ومن تل بسطا تحركوا إلى جهة الجنوب ناحية مسطرد من النقاط التي بها مغارة وبئراً مقدساً.. وبعدها اتجهوا شمالاً إلى بلبيس حيث استظلوا تحت شجرة وكانت لتلك الشجرة معجزات كثيرة ومازالت لها شاهد داخل جامع لعثمان بن الحارث الأنصاري. ثم عبرت العائلة المقدسة فرع من فروع النيل إلى سمنود حيث مكثت العائلة المقدسة هناك عدة أيام واستخدمت العذراء مريم ماجور للعجين ومازال موجوداً إلى الأن وشربت العائلة المقدسة من بئرا هناك والمياه فيها بركة معجزات كثيرة في هذا المكان. ومن هناك توجهوا إلى سخا حيث يوجد حجر قدم الطفل يسوع وعلى ظهر الحجر مكتوب الله واحد.
واستكمل ناصر صبحي شرح المسار موضحاً أن العائلة المقدسة تحركت من سخا وعبرت النيل لتصل إلى منطقة وادي النطرون حيث يوجد نبع مريم وهو نبع ماء عذب وسط بحيرة النطرون أو بحيرة الحمرا – ثاني أعلى نسبة ملوحة بعد البحر الميت – وهذا النبع تفجر وسط البحيرة ليشرب الطفل يسوع.. ومن منطقة وادي النطرون توجهوا إلى القاهرة الكبرة حيث المطرية وشجرة مريم التي استظلت تحتها العائلة المقدسة ونبات البلسم الذي امتازت به هذه المنطقة. ومن المطرية وصلوا إلى مصر القديمة ومكثوا هناك في مغارة وسط تجمع كبير من اليهود والتي تقع الأن تحت كنيسة أبي سرجة. وانتقلوا بعدها لنقطة المعادي حيث ركبوا مركب في النيل للتوجه لصعيد مصر وأول نقطة كانت منف والتي تشتهر بأثار فرعونية ضخمة.. ومنها توجهوا إلى دير الجرنوس وبها كنيسة أثرية وبئرا شربت منه العائلة المقدسة.. ثم عبروا النيل ووصلوا لجبل الطير ومكثوا هناك في مغارة في الجبل واشتهر هذا المكان بحجر كف المسيح الذي كان سيسقط عليهم أثناء مرورهم في النيل لكن يد الطفل يسوع سندت الحجر بعيدا عنهم فانطبع شكل كف الطفل على الحجر.. ومن هناك توجهت العائلة المقدسة إلى الأشمونين حيث أنقاد كنيسة البازيليك ومنها توجهوا إلى ديروط الشريف حيث شجرة للسيدة العذراء هناك وبعدها توجهوا إلى مير حيث تشتهر بخصوبة الأراضي هناك.. ومن مير القوصية توجهوا إلى جبل قسقام ومكثوا في بيت صغير مدة ستة أشهر وعشر أيام وهذا البيت أصبح دير المحرق حاليا. وفي هذا المكان ظهر الملاك ليوسف النجار لكي يأخذ الصبي وأمه ويعودوا إلى فلسطين.
وأوضح صبحي أن كل نقطة من نقاط المسار في الخريطة التفاعلية تظهر من خلال شرح مكتوب وصور فوتوغرافية وفيديو ناطق بـ 8 لغات وتصوير بتقنية VR للأماكن التي بها أثار.
وتقنية ال VR تستخدم في التوثيق لأي مبنى، لأنه يسجل كل معلومات المبنى وتفاصيله الدقيقة، ومثال على ذلك أن كنيسة نوتردام بفرنسا التي تعرضت لحريق تم ترميمها مستنديت على الرسومات الهندسية وعلى تصوير بتقنية التجول الافتراضي.
وشرح كيف تم تحديد المدة الزمنية لرحلة العائلة المقدسة في مصر وذلك كان من خلال بردية أثرية موجودة الأن بجامعة كولن الألمانية وتبين منها أن الرحلة استغرقت 3 سنوات وعشرة أشهر.
وأشار أن موقع مؤسسة مصر المباركة لم يكتفي بالمعلومات عن نقاط المسار والخريطة التفاعلية فقط، إنما تناول كل ما يتعلق بالمسار مثل الاحتفالات الشعبية المتعلقة بالعائلة المقدسة والأيقونات التي تجسد هروب العائلة المقدسة إلى مصر – أيقونات أثرية ومصرية وعالمية – وطوابع البريد من العالم كله التي تتناول هذا الموضوع. وكذلك المعجزات التي تمت حول هذا المسار أثناء الرحلة.
مؤسسات الدولة وترويج للمسار
بدأت الدكتورة ماري ميساك كلمتها بأن مشروع مسار العائلة المقدسة هو إضافة نور وخير على الخريطة المصرية السياحية.. بركة عظيمة لأرض مصر..
وأوضحت ميساك أن الدولة قائمة على هذا المشروع بكل مؤسساتها ووزاراتها المتنوعة من وزارة الثقافة والمركز القومي لتنسيق الحضارة والمركز القومي للترجمة، ووزارة السياحة والأثار وقطاع المتاحف المصرية ووزارة التنمية المحلية بكل عملها في المحافظات..
لكنني اليوم سأركز كلامي على بعض مؤسسات الدولة منها وزارة الخارجية ودورها الفعال من خلال مكاتبها الثقافية في كل أنحاء العالم للترويج للمسار، فعلى سبيل المثال المكتب الثقافي بمونتريال قام بالتعاون مع جامعة حلوان بعمل سلسلة محاضرات متخصصة في التراث المصري والتراث القبطي وخاصة مسار العائلة المقدسة ضمن برنامج محاضرات مكثف في محاور علمية كثيرة ونتج عن ذلك زيارات سياحية لمصر.
وفي نفس السياق وزارة التعليم العالي تقوم بدورات متخصصة في هذا الموضوع لطلبة إرشاد سياحي لتكون معلوماتهم ومصطلحاتهم دقيقة، ولا نغفل أيضا دور نقابة المرشدين التي تقوم بتجميل المرشدين الذين تخرجوا من الجامعات من سنوات ولم يتلقوا محاضرات عن التراث القبطي فيتم عمل تعاون مع الجامعات لعمل محاضرات خاصة لهم لإمدادهم بالمعلومات السليمة عن مسار العائلة المقدسة في مصر.. ونجد رسائل ماجستير ودكتوراه بدأت تظهر على الساحة تناقش مواقع الحج المسيحي على الخريطة المصرية..
أم عن المتاحف المصرية التي سارعت لعرض رحلة العائلة المقدسة في مصر واهتمت بهذا التراث القبطي الفريد بالتعاون مع مؤسسة مصر المباركة في فترات متعاقبة خلال السنة الماضية، وكذلك تعاون المتحف المصري لعمل معرض مؤقت عن التراث غير المادي كجسر للثقافة بالتعاون مع اليونيسكو.
ونجد أن كل متاحف مصر أصبح فيها أيقونات العائلة المقدسة لعرض التراث القبطي في مصر لتقوم بالترويج لهذا المسار ومنها على سبيل المثال متحف كفر الشيخ بجوار منطقة سخا، والمعارض المؤقتة التي تتم هناك عن العائلة المقدسة.
نماذج كثيرة توضح إدراك الدولة لقيمة مسار العائلة المقدسة، وتكاتف من رجال الأعمال والمجتمع المدني مع الدولة لتفيذ مشروعات تنموية و توعوية على نقاط المسار وكذلك للدعاية وتسويق المسار مثل مشروع الخريطة التفاعلية والمتحف الالكتروني الذي عملته مؤسسة مصر المباركة ليخرج الترويج لهذا المسار خارج مصر بـ 8 لغات ويكون جاذب للشباب.. وكذلك شركة المسار – شركة مساهمة مصرية – التي أسسها الأستاذ منير غبور برأس مال ضخم وهدفها أن تقوم بمشروعات تنموية حول نقاط المسار.
وأكدت الدكتورة ماري أن مسار العائلة المقدسة يجذب السياحة الروحية لزيارة مصر، لكن في الوقت الحالي مصر تتمتع بمقومات ثقافية وترفيهية ولدينا مشاريع قومية كبيرة وهو جزء أصيل من مصر يوضح مكانتها وقوتها.. لذلك مهم جدا عند تسويق هذا المسار الفريد أن تقوم بدمج رحلات مسار العائلة المقدسة مع السياحة الثقافية مثل منطقة مجمع الأديان الذي يظهر فيه الجوامع الإسلامية كجامع عمرو مع الكنائس الأثرية مثل كنيسة أبي سرجة ومغارة العائلة المقدسة بها وكذلك معبد بن عزرا.. وذلك يكون مرحلة أولى لتقديم مشروع مسار العائلة المقدسة ضمن التراث المصري المتنوع إلى أن يصير معروفاً في السوق السياحي ويستقل برحلاته.
وفي نهاية كلامها قالت ميساك أن هذا المسار الفريد يعتبر بمثابة البترول بالنسبة لمصر لأنه يمكن يجلب لمصر سياحة روحية غنية ووبالتالي رواج اقتصادي عظيم وفرص عمل لشباب مصر على كل نقاط المسار وتنمية مناطق متعددة.. مشروع ضخم يجتاج للتكاتف من كل الجهات والمؤسسات.. 25 موقع وكل موقع له التحديات الخاصة به.
واختتم اللقاء ببعض المداخلات الهامة من الباحثين والسادة الحضور، كما أجاب المحاضرين على العديد من الأسئلة والتعليقات والاستفسارات والمداخلات من الحضور، في جو من الحب والود ثم قدم نيافة الأنبا مارتيروس الشكر للحضور الكريم والمحاضرين
من المعروف ان مركز (بي لمباس) يختص بدراسة أنشطة التراث القبطي والرحلات العلمية وورش عمل، وتبنى أبحاث علمية جديدة لتدريب صغار الباحيثن على الدراسة والبحث فى مجال القبطيات، بالإضافة إلى كورسات خاصة بدراسة اللغة اليونانية ، لمدة ساعة ، ومناقشة نصف ساعة ، وذلك بقاعة مجهزة خاصة بمقر نيافة الأنبا مارتيروس ويحاضر فيه نخبة من السادة الأساتذة المتخصصين في التراث القبطي ، كالتاريخ والفن والآثار ، والأدب القبطي ، والموسيقي القبطية ، وتاريخ الرهبنة ، والمخطوطات ويقيم المركز محاضرة شهرية تقام فى الساعة السادسة والنصف من يوم الجمعة الأولي من كل شهر.