بقلم محمد أمين
عاد المصريون المحتجزون فى ليبيا دون أن تطلق مصر رصاصة واحدة.. ودون أن تحرك طائرة، ولكن لأنهم يعرفون جيداً ما جرى قبل ذلك فى سرت.. ويعلمون علم اليقين أن مصر لن تنام على حق أولادها. ومضى السوبر جيت يحمل المصريين وسط الميليشيات لا يقربه أحد، ولا يطلق عليه طوبة، ولم يعمر بندقية.. وعبر الأتوبيس إلى السلوم ليستقبله الأهالى بالزغاريد والطبل البلدى والأغانى الوطنية وتستقبلهم قيادات مصر بكل الحب قائلين: ارفع راسك فوق انت مصرى!
إنها مصر التى لم تطلق تصريحاً بالانتقام، والتصريحات تريح الأطراف أحيانا.. وكانت إشارة أن ساعة الصفر قادمة إما بعودة كريمة وإما بثأر يعلمون مرارته.. وعاد جميع المصريين دون خسائر كما قال الأهالى لم نكن نتوقع العودة بهذه السرعة ودون أى خسائر.. لم يفقد أهالى المصريين هنا الأمل فى العودة بسلام ولم يفقد المحتجزون إحساسهم بأن مصر معهم.. وهى مسألة مهمة ومعنوية بالنسبة للمواطن.. حتى يطمئن فى أى مكان أنه آمن ولن يمسه أحد بسوء!
لم يكن غريبًا على مصر أن توفر الحماية لأبنائها فى أى مكان فى العالم.. ولم يكن غريبًا على الرئيس السيسى أن يدير هذه المعركة حتى عودتهم سالمين آمنين فى وطنهم.. وهو درس جديد أن مصر تستطيع أن تمد ذراعها إلى آخر الدنيا، وهى رسالة أيضاً أن مصر تستطيع أن تتدخل فى ليبيا من الشرق إلى الغرب، ولكنها تحافظ على سيادة ليبيا وتحافظ على شعبها الشقيق.. لأن التدخل لو حدث سيكون قاسيًا ليس على طريقة الميليشيات المرتزقة، ولكنه رد مؤلم قاسٍ على طريقة سرت!
مصر تتصرف بوزنها وحجمها فى المنطقة، وتعرف أنها لا تدخل مع مرتزقة وميليشيات فى حرب.. ولكنها تعرف ثقل السلاح الذى تملكه وتحركه.. والتوقيت الذى تتحرك فيه بإرادتها.. وقد عبر الدكتور على عبدالعال عن ذلك بحكمة حين قال مصر تعرف متى ترد، ولا أحد يفرض التوقيت علينا، ومعناه أن مصر لا تستجيب لمن يجرها إلى حرب لم تحدد هى توقيتها.. كما أن العملية من السهل حلها بالطرق السلمية أحياناً!.
ومعناه أن مصر دولة لا تغامر ولا تنفعل ولا تضرب نار فى المولد.. ولكنها دولة واثقة من أدواتها، وهى رسالة للردع أكثر من تحريك الأساطيل.. وقد وصلت الرسالة بعلم الوصول، وتم توبيخ حكومة السراج وإدانتها عالميًّا، وأرسل السفير الأمريكى رسالة استنكار، وتحركت الأمم المتحدة لإيقاف ضربة وشيكة ضد حكومة ليبيا، حال استمرار احتجاز المصريين تحت يد الميليشيات، حتى تم الإفراج عنهم من مركز قوة، وليس مركز ضعف!
باختصار هذا رد مصرى سياسى أدى المطلوب منه دون طلقة رصاص واحدة.. ولم تكن مصر فى حاجة لإعلان الحرب.. وهو يمكن القياس عليه فى أزمات أخرى، من بينها سد النهضة!