تجددت الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين قرب ساحة التحرير في العاصمة العراقية بغداد، أمس، ما أسفر عن سقوط مصابين بسبب الإطلاق الكثيف للغاز المسيل للدموع. وفيما ترأس رئيس الوزراء العراقى عادل عبدالمهدى جلسة طارئة لمجلس الأمن الوطنى، حجبت وزارة الاتصالات العراقية مواقع التواصل الاجتماعى، في محاولة للحد من المظاهرات، بالتوازى مع غلق بعض الطرق الرئيسية الرابطة بين بغداد ومحافظة ديالى بعد خروج مظاهرات في منطقة الشعب، بالإضافة لمدن عراقية أخرى، وذلك لليوم الثانى على التوالى، احتجاجًا على سوء الأحوال المعيشية، وللمطالبة بتوفير فرص العمل وتحسين الخدمات، ومحاسبة الفاسدين ومكافحة البطالة، ورفض نقل قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب، الفريق الركن عبدالوهاب الساعدى، إلى وزارة الدفاع.
نشبت اشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين، ما أسفر عن مقتل مدنيين اثنين، وإصابة ما يقرب من 200، أغلبهم من المتظاهرين بسبب استخدام الشرطة الرصاص الحى والغاز المسيل للدموع، في محاولة لتفريق التجمعات والتظاهرات في العاصمة ومحافظات ذى قار، والديوانية، والنجف، وميسان، والبصرة، ومدن أخرى.
وتعتبر المظاهرات هي الأولى من نوعها عقب تولى عادل عبدالمهدى رئاسة الحكومة منذ عام، ولم يرفع المحتجون شعارات مذهبية أو طائفية أو مطالب حزبية، فيما قالت الحكومة إن المتسببين في سقوط الضحايا «مندسون».
من جانبه، قال الرئيس العراقى برهم صالح، على حسابه على «تويتر»، إن «التظاهر السلمى حق دستورى، وأفراد القوات الأمنية مكلفون بحماية حقوق المواطنين.. وشباب العراق يتطلعون إلى الإصلاح وفرص العمل، وواجبنا تلبية هذه الاستحقاقات المشروعة»، داعيًا إلى ضبط النفس واحترام القانون.
ودعا رئيس تيار الحكمة الوطنى، عمار الحكيم، مجلس النواب، إلى عقد جلسة طارئة؛ لمناقشة الأحداث التي واكبتها مخالفات.. وبدوره، دعا رئيس البرلمان، محمد الحلبوسى، إلى التحقيق في الملابسات.
وفى سياق متصل، تم توجيه لجنتين نيابيتين لفتح تحقيق في الأحداث التي رافقت التظاهرات، واعتبرت لجنة حقوق الإنسان قمع التظاهرات السلمية رِدة فعل خاطئة.
وذكر رئيس الوزراء عادل عبدالمهدى أن القوات المسلحة أظهرت قدرًا عاليًا من المسؤولية وضبط النفس «فى وجه» المعتدين غير السلميين، الذين تسببوا عمدًا في سقوط ضحايا بين المتظاهرين، مشيرًا إلى أن الحكومة تؤكد لكل العراقيين أن الأولويات تكمن في العمل على تحقيق تطلعات الشعب المشروعة والاستجابة لكل مطلب عادل للمواطنين. وتابع: «حرصنا منذ البداية على وضع حلول حقيقية جذرية لكثير من المشاكل المتراكمة منذ عقود، وبدأنا نتلمس النتائج المرجوة ومستمرون بالعمل على تحقيقها، ونحن لا نفرق بين المتظاهرين الذين يمارسون حقهم الدستورى في التظاهر السلمى وبين أبناء القوات الأمنية الذين يؤدون واجبهم بحفظ أمن المتظاهرين وأمن الوطن والاستقرار والممتلكات العامة»، مضيفا أن المتظاهرين السلميين رفضوا الانجرار للتخريب واحترموا القانون والنظام.
وأعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، عن قلقها البالغ إزاء العنف الذي رافق بعض المظاهرات في بغداد ومحافظات أخرى، ودعت إلى التهدئة، معربةً عن بالغ أسفها لوقوع ضحايا بين المتظاهرين والقوات الأمنية، ومشددة على الحق في الاحتجاج، ودعت السلطات إلى ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات لضمان سلامة المتظاهرين السلميين، مع الحفاظ على القانون والنظام وحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة.
ودعا بعض أعضاء البرلمان، الحكومة، لتقديم استقالتها.. وأعرب القيادى في تحالف القوى العراقية، رعد الدهلكى، عن رفضه «سياسة تكميم الأفواه واستخدام القوة ضد المتظاهرين»، وقال: «لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تحقيق المطالب المشروعة، رغم جميع التعهدات والبرامج الإصلاحية بإنهاء المشاكل التي يعانى منها الشعب العراقى».
وقال النائب عن تيار الحكمة، على البديرى، إن استهداف التظاهرات السلمية المطالبة بأبسط الحقوق بالرصاص الحى يعتبر ضربة قاصمة للعملية الديمقراطية في العراق، مشيرًا إلى أن تياره لن يسكت على هذه التجاوزات وسيكون له موقف حازم وقوى تحت قبة البرلمان للدفاع عن حقوق «ثورة الجياع». وأوضح «البديرى»، في بيان، أن العراق يتوافر فيه جميع مقومات النهوض بالقطاعات الصناعية والزراعية، لكنّ القائمين على الواجب التنفيذى عماهم الفساد وجعلهم يحاولون بشتى الطرق تدمير الاقتصاد والإبقاء على حالة الفقر والبطالة بين أبناء الشعب.