رفعت الجمهورية الجديدة، التي أرسى قواعدها الرئيس عبدالفتاح السيسي، شعار المشاركة وبناء مساحات مشتركة بين جميع أطياف المجتمع في عام 2023؛ لتنطلق الحياة السياسية لمرحلة جديدة من البناء تضع نصب أعينها مصلحة الوطن أولًا، خاصة بعد تأكيد الرئيس السيسي أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن القضية.
ومن هذه القاعدة انطلقت القوى السياسية وجميع مكونات المجتمع في مشهد حضاري تعبر عن رؤاها في كل التحديات التي تواجه الجمهورية الجديدة، وهو ما انعكس على مخرجات الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس، والانتخابات الرئاسية التي أجريب العام الجاري.
الحوار الوطني
جاءت دعوة الرئيس السيسي لحوار وطني جامع لكل مكونات المجتمع، فضلًا عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتحرك المياه الراكدة بالحياة السياسية، وتخلق مساحات مشتركة على كل المستويات بين جميع أبناء الوطن، وعلى مدار جلسات الحوار الوطني التي انطلقت مايو 2023 عرض جميع المشاركين مقترحاتهم وكل التحديات التي تواجه الجمهورية الجديدة دون خطوط حمراء.
كما جاء تأكيد الرئيس السيسي بأن المخرجات التي سيتم التوصل إليها في الحوار الوطني وداخل صلاحياته طبقًا للدستور والقانون سيقوم بالتصديق عليها دون قيد أو شرط، لتبعث رسائل طمأنة لكل المشاركين بأن القيادة السياسية حريصة على تعزيز الديمقراطية ومشاركة الجميع.
الرئيس السيسي قد أكد- في كلمة مسجلة بالجلسة الافتتاحية للحوار- أن دعوته جاءت من يقين راسخ بأن الأمة المصرية تمتلك من القدرات والإمكانيات، التي تتيح لها البدائل المتعددة لإيجاد مسارات للتقدم بكل المجالات، سياسيًا واقتصاديًا ومجتمعيًا.
وشدد على أن حجم التنوع، والاختلاف في الرؤى والأطروحات، يعزز بقوة من كفاءة المخرجات التي ننتظرها من جلسات الحوار الوطني، المتنوع الجامع لكل مكونات المجتمع المصري، معربًا عن تطلعه للمشاركة بنفسه في المراحل النهائية للحوار.
وبالتزامن مع دعوة الرئيس لإطلاق الحوار، تمت إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي التي نجحت في الإفراج عن أكثر من 1500 شخص، وجاءت قرارات العفو لتؤكد جدية الحوار الوطني، وصدق ما تعهد به الرئيس بالتصديق على كل مخرجات الحوار الوطني التي تقع في إطار صلاحياته الدستورية.
واستطاع الحوار الوطني على مدار جلساته التي عقدها، لمناقشة موضوعات المحور السياسي والاقتصادي والمجتمعي، أن يجمع أبناء الوطن الواحد على مائدة واحدة تطرح فيها المقترحات والتحديات، والوصول لمخرجات واقعية لتحديات الوطن.
ووقفت وراء المشهد الحضاري الذي ظهر عليه الحوار خلية نحل تعمل على مدار الساعة، تضم الدكتور ضياء رشوان، المنسق العام للحوار، والمستشار محمود فوزي، رئيس الأمانة الفنية للحوار، وأعضاء الأمانة الفنية، بجانب مجلس أمناء الحوار الذي يعبر في تشكيله عن مكونات المجتمع، فضلًا عن الـ44 مقررًا ومقررًا مساعدًا لمحاور الحوار الوطني الثلاثة ولجانه الفرعية.
الرئيس يستجيب لمخرجات الحوار الوطني
وشارك في الحوار الوطني ما يقرب من 60 حزبًا سياسيًا خلال الجولة الأولى من الحوار الوطني خلال عام 2023، وهو ما يؤكد أن الدولة المصرية دخلت مرحلة جديدة من البناء السياسي تدعم التعددية الحزبية، كما وصل عدد جلسات الحوار لما يقرب من 90 جلسة عامة شارك فيها أكثر من 2630 متحدثًا، وتم تقديم أكثر من 1500 مقترح في كل المجالات.
وبعد أن أعلنت إدارة الحوار الوطني عن مخرجات المرحلة الأولى، التي تنوعت ما بين مقترحات تشريعية وإجراءات تنفيذية في كل المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واستجاب على الفور الرئيس السيسي وأحالها إلى الجهات المعنية بالدولة، لدراستها وتطبيق ما يُمكن منها في إطار صلاحياته القانونية والدستورية، كما أعلن أنه سيتقدم بما يستوجب منها التعديل التشريعي إلى مجلس النواب لبحث آلياتها التنفيذية والتشريعية.
كما تفاعل الرئيس مع مقترحات الحوار الوطني حتى قبل انطلاق جلساته العامة، وذلك بعد أن استجاب لمقترح تقدم لمجلس أمناء الحوار الوطني في مارس 2023 بشأن استمرار الإشراف القضائي على الانتخابات من خلال تعديل تشريعي بقانون الهيئة الوطنية للانتخابات، ووجّه الحكومة والأجهزة المعنية في الدولة بدراسة هذا المقترح وآلياته التنفيذية.
الانتخابات الرئاسية
وتوج المشهد السياسي المصري بالانتخابات الرئاسية 2024، والتي شهد المتابعون الدوليون بنزاهتها بعد المشاركة الكثيفة من أبناء الوطن في الداخل والخارج، حيث وصلت نسبة المشاركة لأول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية التي شهدتها مصر، والتي بلغت 5 استحقاقات رئاسية إلى 66.8%.
وعكست الانتخابات الرئاسية نضج الحياة السياسية في مصر، بعدما خاض السباق الرئاسي ثلاثة مرشحين من الأحزاب أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، عبروا عن الطيف السياسي المصري، وهم: حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري، وفريد زهران رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وعبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد.
وكان للحوار الوطني دور في خروج الانتخابات الرئاسية بهذا المشهد الحضاري، الذي نال احترام العالم والمنظمات الدولية التي تابعت العملية الانتخابية، فقد كان بمثابة تمهيد لممارسة ديمقراطية ومناخ إيجابي يمارس فيه المرشحون في الانتخابات الرئاسية حقهم في الترشح، ويمارس فيه المواطنون حقهم في الانتخاب.
السيسي يرسم مشهدًا حضاريًا
وعقب إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات فوز الرئيس السيسي بولاية جديدة بنسبة 89.6% من مجموع الأصوات الصحيحة، رسم الرئيس مشهدًا حضاريًا في اليوم التالي لإعلان النتيجة بعدما التقى بالمرشحين المنافسين له على مقعد رئاسة الجمهورية، حيث أثنى على أدائهم ودورهم الذي عكس شكل المنافسة الديمقراطية.
واستمع الرئيس السيسي- خلال اللقاء- لرؤى رؤساء الأحزاب حول كيفية تعزيز جهود التنمية الوطنية خلال المرحلة المقبلة، مؤكدًا أن الحوار بين مختلف الأطياف السياسية في المجتمع يعد مكونًا جوهريًا لتطور المجتمع، وسمة أساسية للجمهورية الجديدة.
دلالات هذا اللقاء تؤكد أن الدولة بدأت مرحلة جادة من البناء السياسي، خاصة بعد تأكيد الرئيس السيسي بعد فوزه على استمرار الحوار الوطني بشكل أكثر فاعلية وعملية مستفيدين من تلك الحالة الثرية، التي شهدتها العملية الانتخابية، والتي أفرزت تنوعًا في الأفكار والرؤى تخدم مصلحة الوطن وأهداف الجمهورية الجديدة