عادت البعثة المصرية المشاركة فى أوليمبياد باريس بـ٣ ميداليات متنوعة، بداية من الذهبية لبطل الخماسى الحديث أحمد الجندى، والفضية للربّاعة المتألقة سارة سمير، إلى جانب برونزية السلاح المتوج بها محمد السيد.
بخلاف ذلك، لم تحقق أكبر بعثة فى تاريخ المشاركات المصرية بدورة الألعاب الأوليمبية أى ميداليات أخرى، واكتفى العديد من اللاعبين بمراكز شرفية، مقارنة بـ٦ ميداليات متنوعة بين الذهب والفضة والبرونز، فى أوليمبياد طوكيو ٢٠٢٠، بعدد لاعبين أقل.
ورغم توقع وزير الشباب والرياضة، الدكتور أشرف صبحى، ورئيس اللجنة الأوليمبية، المهندس ياسر إدريس، الفوز بـ٧ إلى ١١ ميدالية متنوعة فى باريس، تراجع العدد إلى ٣ ميداليات، ما أثار تساؤلات حول هذا التراجع، هل هو تقصير من اللاعبين أم الاتحاد؟ أم عنصر ثالث يقبع خلف الستار، ويتحكم فى اللاعبين والاتحادات، ويملى عليهم شروطه بصفته «الراعى»؟
هنا يبرز اسم شركة «روابط الرياضية»، التى تهيمن على أغلب نجوم الألعاب الفردية، وبعض الاتحادات، ومن يخالف تعليماتها يخرج من «جنة» الرعاية، وربما يتم إنهاء مشواره الرياضى.. فما القصة؟
متى ظهرت «روابط» فى سوق الرعاية؟
ظهرت شركة «روابط الرياضية» عندما استغلت علاقتها باتحاد التايكوندو للحصول على رعاية البطلة هداية ملاك، فى ٢٠١٦، مرورًا برعاية بعض البطولات المتنوعة، مثل بطولة إفريقيا لكرة الهدف فى شرم الشيخ. ومنذ ذلك التاريخ، يبدو أن الشركة وجدت ضالتها فى تحقيق الربح المالى السريع، من خلال رعاية عدد آخر من اللاعبين والاتحادات، فبدأت فى استغلال علاقاتها للحصول على عقود الرعاية من البنوك والشركات المختلفة. وفى ٢٠١٨، أعلنت الشركة عن أنها بصدد الحصول على رعاية ٤ اتحادات أوليمبية، و٣ لاعبين عالميين، لتسويقهم، محليًا وعالميًا، وبدأت بعدها تتوغل داخل الاتحادات الرياضية، وبين نجوم الألعاب الفردية والجماعية.
بدأت «روابط» السيطرة على كل شىء، وإبرام تعاقدات رعاية مع لاعبين واتحادات، تحت شعار أنها تأسست كشركة تسويق وخدمات رياضية، وأنها الشركة الأولى التى تتخصص فى الرياضات الفردية بشكل أساسى، بل الرياضات الأوليمبية بشكل عام، لتهيمن منذ ذلك الوقت على أغلب لاعبى الألعاب الفردية.
كم تبلغ نسبة الشركة من رعاية اللاعبين؟
تستغل «روابط» علاقاتها فى جلب الرعاة، تحت شعار رعاية بعض النجوم فى الألعاب الفردية، للحصول على ٣٠٪ من قيمة عقد الرعاية، دون أى مجهود يُبذل.
فى ٢٠١٦، كان أحد المسوقين يحاول تسويق رعاية ثنائى من أبطال الألعاب الفردية، فخاطب أحد البنوك لرعاية اللاعبين مقابل مبلغ مالى معين، لكن الشركة المسوقة تفاجأت بدخول «روابط» والحصول على عقد رعاية لهذين البطلين بمقابل مادى أعلى من المطلوب.
كما أن إحدى شركات العقارات الكبرى فى البلاد وخارجها طلبت رعاية بعض اللاعبين الأبطال، لتقديم كل الدعم لهم ومساعدتهم فى الاستمرار فى المنافسة على البطولات، وذلك من منظور وطنى خالص، إيمانًا بدورها فى تقديم المساعدة للأبطال الرياضيين، لكن «روابط» أسندت رعاية هذه الشركة لعدد من اللاعبين غير المؤهلين للمنافسة على البطولات، فوجدت الشركة أنه من الأفضل الانسحاب من الرعاية.
وقال مصدر مطلع على اتفاقات الشركة مع اللاعبين: «اللاعب الذى ترعاه شركة (روابط) لا يحصل على المقابل المادى الذى تدفعه الشركات مقابل عقود الرعاية، فـ(روابط) تحصل على ٣٠٪ من المقابل المادى، وجزء يذهب إلى وزارة الشباب والرياضة، والجزء الأخير يذهب للاعب على شكل المساهمة فى المعسكرات الخارجية والأدوات الرياضية التى يستخدمها، بالإضافة إلى مصروف يومى خلال المعسكرات، على عكس الشائع بين اللاعبين أن البطل الذى ترعاه الشركة يكون من المحظوظين».
ولا تكتفى شركة «روابط» بالحصول على الأموال من خلال شركات الرعاية، لكنها تخطت ذلك للحصول على النسبة الأكبر من الأموال التى يحصل عليها الأبطال فى حفلات التكريم.
حدث هذا فى الحفل الكبير الذى أقامه أحد البنوك الوطنية لتكريم الثلاثى المتوج: سارة سمير ومحمد السيد وأحمد الجندى، ومنحهم جوائز مالية، فما كان من «روابط» إلا الحصول على جزء كبير من هذه المبالغ.
تحظر على جميع اللاعبين التسجيل مع أى وسيلة إعلامية: «الدفع أولًا»
منعت «أون تايم سبورتس» من التسجيل مع الثلاثى الفائز بالميداليات
بنوك: «روابط» هى التى ترشح لنا اللاعبين.. وليس لنا علاقة بما يتحقق من نتائج
تحرص مجموعة كبيرة من البنوك العاملة فى مصر، سواء الحكومية أو الخاصة، على رعاية عدد كبير من اللاعبين خاصة فى الألعاب الفردية، كواجب وطنى وقومى، لدعم الرياضة والمساهمة فى رفع اسم مصر، دون النظر إلى النتائج أو المكاسب على المستويين المحلى والدولى.
وقال مصدر مطلع على كواليس توقيع عقود الرعاية، لـ«الدستور»، إن شركة «روابط» تقدم للبنوك قوائم تضم أسماء اللاعبين الذين حققوا إنجازات ملموسة بهدف تسويقهم بين البنوك لرعايتهم.
وأضاف أن الهدف من الرعاية دعم أكبر عدد من اللاعبين للفوز فى المسابقات المؤهلة للأوليمبياد الذى يقام كل ٤ أعوام، وتشجيعهم على الوصول للنهائيات، مشيرًا إلى أن البنوك الراعية ليست لها علاقة بالنتائج أو مستوى اللاعبين، وأن الرعاية تكون من خلال اتفاق بين الشركة الراعية والبنك على دعم اللاعب أو اللاعبين خلال فترة معينة.
وعن قيمة الرعاية، قال: «تختلف من لاعب لآخر ومن لعبة لأخرى، ويجرى تحديدها وفق النشاط الرياضى للاعب من عدد المباريات والسفريات والمعسكرات التى سيجريها خلال هذه المرحلة، وما يحتاجه من أدوات لتحقيق حلمه»، مشيرًا إلى أن عقد الرعاية لا يقل عن ٦٠٠ ألف جنيه ويصل فى بعض الحالات إلى ١٠ ملايين جنيه.
وأوضح أنه يجرى صرف قيمة الرعاية على دفعات وفق تقارير دورية موضحة فيها بنود الإنفاق لكل مرحلة- يشمل النفقات التى تخص نشاط اللاعب ومشاركته فى المباريات والمعسكرات والسفريات سواء محلية أو خارجية- تقدم بشكل ربع سنوى، مشيرًا إلى أن عدد اللاعبين يختلف من بنك لآخر، فهناك بنك حكومى يرعى ٥٠ لاعبًا، وآخر ١٠ لاعبين، بينما تكتفى البنوك الخاصة برعاية أعداد تتراوح بين ٣ و١٠ لاعبين. وأكد أن هناك حوالى ٨ بنوك حكومية وخاصة ترعى نحو ١٠٠ لاعب سنويًا، فى إطار الواجب الوطنى والمسئولية المجتمعية لدعم الرياضة المصرية خاصة الألعاب الفردية.
لماذا تحرم النجوم من الظهور الإعلامى؟
بمجرد أن تحصل «روابط» على حق رعاية أحد أبطال الألعاب الفردية، يكون محظورًا عليه الحديث لوسائل الإعلام إلا بإذن مسبق من الشركة، التى تشترط على الوسيلة الإعلامية الحصول على مبلغ مالى كبير لاستضافة هذا البطل.
قبل سفر بعثة مصر للمشاركة فى أوليمبياد باريس ٢٠٢٤، التى أسدل الستار عليها منذ أيام، تواصلت «الدستور» مع الربّاعة سارة سمير، إحدى اللاعبات اللاتى ترعاهن «روابط»، للحصول منها على تصريح، بعد تكليفها بحمل العلم المصرى فى حفل افتتاح الأوليمبياد، بمشاركة زميلها أحمد الجندى، ففوجئنا بها تؤكد أنها لا تستطيع الحديث مع أى وسيلة إعلامية، دون الحصول على إذن الراعى. كما أن «روابط» منعت الإعلاميين المصاحبين لبعثة مصر فى الأوليمبياد من التسجيل مع الأبطال المتوجين بميداليات، لتحرم جموع المصريين من الاحتفال بهؤلاء الأبطال والتفاعل معهم.
بعد كل إنجاز يحققه منتخب مصر لكرة القدم، أو الأندية، وعلى رأسها الأهلى أو الزمالك، على سبيل المثال، يخرج النجوم للحديث فى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة عن الإنجاز، والاحتفال مع الجماهير، لكن الوضع مختلف مع شركة «روابط».
وتهدد الشركة اللاعبين وتمنعهم من الحديث مع وسائل الإعلام إلا من خلالها، وبعد الحصول على المقابل المادى الذى تتفق عليه، حتى بات أبطال الألعاب الفردية فى معزل عن متابعيهم، لذا كان من الطبيعى أن يحدث ما شاهدناه فى أوليمبياد باريس.
سمر حمزة بطلة المصارعة: تفرض قيودًا على الحركة.. ورفضت التجديد معها لأنى لم أحصل على أى مستحقات
كشفت سمر حمزة، بطلة منتخب المصارعة، عن أن رفضها تجديد التعاقد مع شركة «روابط» لمدة موسم ونصف الموسم، قبل أوليمبياد طوكيو وبعد انتهاء كورونا، حدث بسبب أزمة بينها وبين الشركة، تتعلق بوضع قيود حول تحركاتها.
وأوضحت «حمزة»، لـ«الدستور»: «أشتهر بحب التحرك بحرية، لكن شروط (روابط) تمنعنى من ذلك؛ لا أستطيع مثلًا الرد على أى صحفى أو التواصل مع أى برنامج تليفزيونى إلا من خلالها».
وأضافت: «أحب التحرك بحرية، وذلك لا يؤثر على المستوى أو التدريبات.. وبعيدًا عن أى شىء أنا أمارس الرياضة من أجل متعتى الشخصية، وليس لأجعل أحدًا يتحكم فى شخصى».