الأنبا موسى يكتب .. كيف أكتشف طاقاتى؟
17.11.2018 23:27
Articles مقالات
المصري اليوم
الأنبا موسى يكتب .. كيف أكتشف طاقاتى؟
Font Size
المصري اليوم

بقلم الأنبا موسى

إن لكل إنسان مواهب وطاقات، فإلهنا المحب العادل لم يحرم أحدًا من البشر، من عطايا تميزه عن غيره، وتجعله عضوًا نافعًا فى المجتمع. حتى من نتصور أنهم معوقون ذهنيًا، يكفى أن وجودهم يجعلنا نشكر الله على نعمة العقل، وأن نتعاطف معهم إنسانيًا فى روح المحبة، ونسدد لهم كل احتياجاتهم، فنأخذ بركة من القدير.

وإن كانت الطاقات الإنسانية متنوعة، مثل:

1- الطاقات الروحية: الصلاةالتأملالسهر الروحىالتسبيحالكلمةالإرشاد والخدمة الفردية والأسرية..

 

2- الطاقات العقلية: كروح البحث والدراسة والقراءة والتحليل والاستنتاج..

 

3- الطاقات الوجدانية: كالمشاركة فى الأفراح والآلاموتكوين علاقات محبةوخدمة الافتقاد..

 

4- الطاقات البدنية: كالمساعدة فى خدمة القرى والنجوع البعيدة، وأنواع النشاط الحركى المتعددة، كالرياضة والكشافة والجوالة..

 

5- الطاقات الاجتماعية: كإنشاء علاقات محبة مع المواطنين، وعلاقات مع المسؤولين والشخصيات العامة.

 

فإن هذه الطاقات كلها موزعة بين بنى البشر، والمهم هو أن يكتشف كل إنسان طاقاته، ثم يستثمرها لبنيان نفسه، وأسرته، ومجتمعه.

 

والسؤال الآن هو: كيف أكتشف طاقاتى؟

 

يمكن أن يكتشف الإنسان طاقاته من خلال قنوات متنوعة، نذكر منها:

1- الصـلاة

فحينما نصلى ونطلب من الله أن يعرفنا ما استودعه فينا من طاقات وعطايا، يكشفها لنا، ويرشدنا وينبهنا إليها، فنبدأ بأن نستثمرها. ولكن هذه الوسيلة وحدها ودون إرشاد تنخفض، قد تجعل الإنسان يسقط فى: خداع، إذ يتصور أن عنده ما ليس فيه، أو ذاتية، إذ ينحصر فى ذاته كأن فيه كل العطايا والمواهب، تجعله يشعر بالكبرياء، حينما يحسّ أنه قادر على عمل ما، وبصورة متقنة، أو يدين الآخرين، حينما يقارن نفسه بآخرين، يتصور بأنهم أقل منه كفاءة، أو ييأس حينما لا يرى ما أعطاه الله له، أو بالتمركز حول الذات، حينما يتصور أن عنده ما لا أحد يملكه، وأنه متميز عن الجميع وأفضل منهم..

 

لذلك تأتى الوسيلة الثانية كضمان مهم، وهى:

2- الإرشاد

فلا شك أن الوالدين وذوى الخبرة والمعرفة، لديهم إمكانية أفضل فى التعرف على ما لديك من طاقات وقدرات إبداعية، ويمكن أن يلفتوا نظرك إليها، وكيف أنها عطايا من الله، وليس منك، حتى تستثمرها لفائدة نفسك، والآخرين.

 

لهذا نصحنا الآباء منذ القديم قائلين: إن الذين بلا مرشد، هم كأوراق الخريف، يسقطون سريعًا.. وقال لنا سليمان الحكيم: وَالْخَلاَصُ بِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ (أم 6:24).

 

لذلك يحسن بنا أن نستشير الكبار والمسؤولين فى العمل، فهم الأقدر على اكتشاف طاقاتنا، ثم استثمارها بالأسلوب الأمثل. وهناك طريقة ثالثة لاكتشاف الطاقات، وهى:

3- الحوار

وهو أسلوب غاية فى الأهمية فى اكتشاف طاقات الناس، فمن خلال الحوار سيظهر أن هذا الإنسان عنده موهبة مثلاً: موسيقية، والآخر موهبة بحث، والثالث موهبة قيادية وغيرها الكثير.

4- المشاركة

بمعنى أن لا يقوم القائد بالعمل بمفرده، بل عليه أن يشرك الآخرين معه، فى عمل جماعى منظم. فهذا العمل الجماعى، أو روح الفريق Team work، قادر على أن يكشف مواهب وطاقات الأفراد، كل فى تخصصه. والمشاركة فى العمل لها بركات كثيرة جدًا، منها:

 

أ- ظهور الطاقات الكامنة لدى الأفراد.. وما أكثرها!!.

 

ب- إحساس كل عضو بأنه جزء من العمل.. فالمشاركة بالإنجليزية معناها Participation، من كلمة Part، أى جزء. وهناك فرق شاسع بين عضو سلبى لا يحسّ بأنه جزء من العمل، وآخر إيجابى يحسّ بدوره وإسهامه فى العمل.

 

ج- نمو العمل وانتشاره.. ففرق بين أن يعمل القائد بطاقته الواحدة، مهما تعاظمت، وبين أن يعمل بطاقات عديدة مع أعضاء المجموعة.

 

د- تجديد العمل.. من خلال إبداعات أعضاء المجموعة.. سواء فى شكل العمل أو مضمونه...

 

ه- استقرار العمل.. فلن يهتز العمل لغياب القائد أو مرضه، بل ستستمر من خلال الصفوف التالية: الصف الثانى، والصف الثالث، لملء الفراغ المؤقت.

 

و- استمرار العمل.. فلن يعتمد العمل فيما بعد على القائد، فهو جزء من منظومة، وعضو فى فريق، إذا غاب لسبب ما، استطاع الفريق سدّ العجز، واستكمال العمل على نفس المستوى، لملء الفراغ الدائم.

 

وهذا ما مارسه السيد المسيح مع تلاميذه، فاختار الاثنى عشر، ثم السبعين، حتى صاروا مائة وعشرين، وتوزعوا فى كل أنحاء الأرض، ونشروا المسيحية فى العالم.

5- التدريب

فلا شك أن أى طاقة أو موهبة تكون مثل المادة الخام التى تحتاج إلى صقل وتدريب وتهذيب ومتابعة وإنماء.. وهذا دور القائد، ليس لوحده، بل من خلال من هم أكثر منه خبرة، إذ يستعين بهمكل فى تخصصهلتدريب الطاقات الخادمة معه، سواء فى المجال الدينى: الصلاة والتسبيح أو المجال المعرفى: الدراسة والبحث، أو المجال الوجدانى: الافتقاد والخدمة الفردية، أو مجال البدن: الرياضة والكشافة، أو المجال الاجتماعى: العلاقات العامة والنشاطات المجتمعية... إن لكل من هذه الأمور متخصصين دارسين، قادرين على تدريب الآخرين، حتى يتم صقل المواهب وإنمائها لمنفعة الفرد والجماعة.

6- التعبير

فلو أعطينا لكل الأعضاء فرصة التعبير عن أنفسهم بالكلمة والرأى والرسم والأشغال الفنية والأدبية والأنشطة المتنوعة، كالتمثيل والكورال والأوبريت، وغير ذلك.. فلاشك أنه ستظهر مواهب عديدة، كما لاحظنا حينما أعطينا فرصة تسابق بين مواهب الطفولة فى الألحان، فحضر حوالى 200 طفل وطفلة من أنحاء البلاد، ينشدون أصعب الألحان الكنسية، وبكفاءة جيدة.. وكذلك حينما تسابق الشباب فى مجالات الدراسات والفنون والآداب والكمبيوتر.. فشاهدنا فرقة عازفين من أطفال بورسعيد (حوالى 60 طفلاً) كل يعزف على الآلة التى يهواها، وحينما شاهدنا فى مهرجان الكرازة المرقسية، ومهرجانات النيروز أعمالاً ممتازة فى التأليف والإخراج والتمثيل، كما فى مسرح العرائس.. أو حتى فى المعوقين بدنيًا وذهنيًا.. وكيف استطاع المسؤولون أن يخلقوا منهم أعضاء منتجين ونامين وسعداء!!.

 

هذه بعض الوسائل التى من خلالها نكتشف الطاقات فيمن حولنا.. وهنا يأتى السؤال: كيف نوظف هذه الطاقات بأسلوب سليم؟.

 

أسقف الشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.