
امتدت توترات الصراع الدامي في إثيوبيا إلى ما هو أبعد من منطقة تيجراي المعزولة، حيث أعلنت الحكومة الفيدرالية احتجاز حوالي 150 "عميلًا" مشتبهًا بهم في اتهامات بالسعي إلى "بث الخوف والرعب" في جميع أنحاء البلاد.
وقال بيان للحكومة إن المشتبه بهم "متنوعون عرقيا"، لكن المخاوف لا تزال شديدة بين عرقية التيغراي، وسط تقارير عن استهدافهم من قبل السلطات، بحسب "أسوشيتد برس" الأمريكية.
ويأتي البيان بينما يُتوقع أن تخرج مسيرات اليوم الخميس لدعم الهجوم العسكري للحكومة الفيدرالية في منطقة تيجراي الشمالية على حكومة إقليمية يعتبرها رئيس الوزراء الحائز على جائزة نوبل للسلام آبي أحمد وحكومته غير قانونية.
وعلى صعيد آخر، قال رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، اليوم الخميس، إن الجيش الوطني عثر على جثث من أفراده الذين تم تقييدهم وإطلاق النار عليهم في تيجراي. ولم يذكر عدد الجثث التي تم العثور عليها ولم يصدر تعليق من الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.
فيما حذرت الأمم المتحدة اليوم الخميس من أن وكالات الإغاثة التي تعمل في منطقة تيجراي بشمال إثيوبيا غير قادرة على إعادة ملء مخازنها من المواد الغذائية والصحية وإمدادات الطوارئ الأخرى.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في أحدث تقاريره عن الأزمة بشمال إثيوبيا إن خطوط الاتصالات الهاتفية مع المنطقة لا تزال مقطوعة، الأمر الذي يضر بعمليات الإغاثة.
وذكر التقرير أن "الانتقالات غير مسموحة من تيغراي وإليها، ونتيجة لذلك ترد تقارير عن نقص في السلع الأساسية يؤثر، أشد ما يؤثر، على الفئات الأكثر ضعفا".
وأضاف التقرير أن منظمات الإغاثة قلقة أيضا بشأن حماية الأطفال والنساء وكبار السن والمعاقين من الاشتباكات العسكرية.
كما أعربت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم الخميس عن قلقها من حدوث حالة طوارئ تتعلق باللاجئين، إذا ما اضطر المزيد من المدنيين للنزوح بسبب القتال.
وذكرت الحكومة السودانية أمس الأربعاء أن السودان استقبل أكثر من عشرة آلاف لاجئ إثيوبي منذ تفجر القتال في منطقة تيغراي الإثيوبية المجاورة.
وفر ما يقرب من عشرة آلاف لاجئ إثيوبي بالفعل من الصراع المستمر منذ أسبوع إلى السودان المجاور، حيث تحذر السلطات المحلية بالفعل من أنها غارقة في الأزمة، وتستعد لاستقبال ما يصل إلى 200 ألف شخص.
وقالت، آن إنكونتريه، ممثلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إثيوبيا إن المنظمة الدولية تتفاوض مع طرفي الصراع المسلح في تيغراي لفتح ممرات إنسانية.
وحتى الآن يقاوم أبي أحمد (44 عاما)، دعوات من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وأطراف أخرى لوقف إطلاق النار والبدء في مفاوضات، بحسب شبكة "روسيا اليوم".
ورفض رئيس الوزراء الإثيوبي المناشدات الدولية للتفاوض وخفض التصعيد، قائلاً إن ذلك لا يمكن أن يحدث قبل إزالة "الزمرة" الحاكمة لجبهة تحرير شعب تيغراي واعتقالها وتدمير ترسانتها المليئة بالأسلحة.
وتثور مخاوف واسعة النطاق من أن يمتد القتال في تيغراي إلى أجزاء أخرى من ثاني أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان، وإلى باقي منطقة القرن الإفريقي.
وألغت ولاية أمهرة الإثيوبية، المجاورة لتيجراي، والتي تدعم أبي، احتجاجات مزمعة ضد الحزب الحاكم في تيجراي.
وقال مكتب الاتصال في الولاية في بيان "هذا ليس التوقيت المناسب للاحتجاج نظرا للمخاوف الأمنية الحالية".
ويبدو الأمر أنه انزلاق مفاجئ نحو حرب أهلية، لكن ملابساته كانت تنذر به قبل شهور. فقد أعلن أبي أحمد بعد توليه منصبه في 2018 عن إصلاحات سياسية شاملة ضمنت له الفوز بجائزة نوبل، لكن هذه الإصلاحات كانت السبب في تهميش جبهة تحرير شعب تيغراي والتي سبق وهيمنت على الائتلاف الحاكم في إثيوبيا.
ولا تزال خطوط الاتصالات والنقل مقطوعة في منطقة تيغراي، مما يجعل من الصعب التحقق من مزاعم كل طرف، بينما تحذر الأمم المتحدة وجهات أخرى من كارثة إنسانية تلوح في الأفق مع نقص الغذاء والوقود لملايين الأشخاص، بحسب "أسوشيتد برس".