قال الدكتور محمد يوسف، أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية بكلية الزراعة بجامعة الزقازيق، إن القيادة السياسية تبذل جهودًا كبيرة لتحقيق الأمن الغذائى للمواطنين، وزيادة الرقعة الزراعية للقمح كسلعة استراتيجية مهمة فى صناعة رغيف العيش.
وأضاف «يوسف»، لـ«الدستور»، أن «الدولة تهتم بزيادة المخزون الاستراتيجى من القمح لفترة طويلة، تصل إلى ٩ أشهر بدلًا من ٦ أشهر، لتحقيق الأمن الغذائى للمواطنين، فى ظل التغيرات المناخية والمعوقات الاقتصادية والتحديات والوضع الراهن بالسودان وروسيا وأوكرانيا، وأخيرًا وليس بآخر العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، فكانت للقيادة السياسية رؤية مستقبلية واضحة فى تدشين العديد من المشروعات التنموية والخدمية المتكاملة، منها مشروع الصوامع لتحقيق أعلى فترة تخزين للقمح».
وأوضح: «القمح يعتبر واحدًا من أهم محاصيل الحبوب الاستراتيجية فى العالم، سواء من ناحية استخداماته المتعددة أو المساحة المزروعة، التى تبلغ حوالى ٥٧٠ مليون فدان، وتنتج حوالى ٥٥٩ مليون طن، بحسب إحصائية سنة ١٩٩٨، وطبقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة- الفاو، وصل الإنتاج العالمى للقمح إلى ٧٨٢ مليون طن فى عام ٢٠٢٢».
وواصل: «الخطوات التى اتخذتها القيادة السياسية لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح تضمنت زيادة المساحة المزروعة تدريجيًا، سواء فى أراضى الدلتا القديمة أو فى الأراضى المستصلحة حديثًا، خاصة مشروع توشكى الخير والدلتا الجديدة، إضافة إلى إدخال أحدث طرق الزراعة، خاصة الزراعة على مصاطب لتوفير الأسمدة الكيماوية ومياه الرى وتحقيق أعلى إنتاجية من وحدة المساحة، مع تطبيق التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة والحصاد والتخزين، مع اتباع السياسة الصنفية وزراعة أصناف ذات جودة عالية ومعتمدة من وزارة الزراعة تزيد من إنتاجية الفدان».
وأشار إلى أن القمح يُزرع فى مصر على مساحة حوالى ٢.٦ مليون فدان، بمتوسط إنتاجية حوالى ١٨ إردبًا للفدان فى عام ٢٠٢٢، والمساحة المزروعة هذا العام فى مصر ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣ حوالى ٣.٨ مليون فدان، وتنتج حوالى من ١١ إلى ١١.٥ مليون طن قمح فى أراضى الدلتا القديمة والأراضى المستصلحة حديثًا، مثل مشروع توشكى ومشروع الدلتا الجديدة ومستقبل مصر الزراعى، بمتوسط إنتاجية يتعدى ١٨ إردبًا للفدان».
ولفت إلى أن المستهدف فى العام المقبل ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤ زراعة ما يقرب من ٤ ملايين فدان قمح، بهدف رفع نسب الاكتفاء الذاتى من القمح، الذى وصل إلى أكثر من ٦٠٪ مقارنة بعام ٢٠٢٠، والنسبة حاليًا ٥٠٪، كما سيجرى العمل على تقليل الاستيراد من الخارج وتقليل الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج وتقليل الضغط على الدولار، وهذه المساحة موزعة تقريبًا على جميع محافظات مصر، نظرًا لاعتدال الجو بصفة عامة فى فصل الشتاء على جميع مناطق مصر.
ونوه بأنه تجرى زراعة القمح فى النصف الأول من شهر نوفمبر فى الوجه القبلى، وفى النصف الثانى من نفس الشهر فى الوجه البحرى، وتحسن زراعته فى التربة الطينية الطميية جيدة الصرف، وبدرجة أقل فى التربة الطميية، ولا تنجح زراعته فى الأراضى الملحية أو القلوية أو الغدقة.
وأكد خبير الزراعة الحيوية أن قرار القيادة السياسية بزيادة سعر إردب القمح المحلى إلى ١٥٠٠ جنيه أسهم فى ارتفاع معدلات التوريد هذا العام مقارنة بالعام الماضى، إذ إن هذا السعر لم يحدث من قبل ويقترب من السعر العالمى، موجهًا رسالة لمزارعى القمح فى جميع أنحاء الجمهورية: «لا يوجد عذر واحد يمنع من توريد القمح للدولة، ونتمنى تلقى الأمر بإيجابية، وأن نرى موسم توريد استثنائيًا للقمح».
وذكر أن الدولة تنتج سنويًا حوالى ١٠٠ مليار رغيف عيش مدعم، بمعدل ٢٧٥ مليون رغيف عيش يوميًا، يأخذه المواطن على البطاقة التموينية بخمسة قروش، لافتًا إلى أن رفع دعم منظومة خبز رغيف العيش من ٣٨ مليار جنيه إلى ٩٥ مليار جنيه يؤكد مدى اهتمام القيادة السياسية بتحقيق حياة كريمة للمواطنين فى ظل الجمهورية الجديدة.
وقال إن تكلفة رغيف الخبز على الدولة تصل إلى ٩٥ قرشًا، فى حين يصل إلى المواطن بخمسة قروش، بعد رفع سعر توريد القمح من ١٠٠٠ جنيه إلى ١٢٥٠ وأخيرًا إلى ١٥٠٠ جنيه هذا العام، مؤكدًا أن هذا السعر مجز فى تحسين دخل المزارعين، ويساعد فى زيادة كميات القمح التى سيجرى توريدها للدولة، كما أن هذا السعر يشجع ويحفز المزارعين لزيادة مساحات زراعة القمح فى الموسم المقبل، ويحد من استنزاف العملة الصعبة اللازمة للاستيراد ويقلل الضغط على الدولار.
وأشار إلى أن هذه الزيادة بمثابة رسالة دعم للمزارعين وتشجيعهم على توريد القمح للدولة، موضحًا أن الزيادة التى يأخذها الفلاح أو المزارع أفضل بكثير من استيراد القمح من الخارج.
ونوه بأن رفع سعر توريد القمح يسهم فى دعم المزارعين وتشجيعهم على التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية الأخرى، مثل الذرة الصفراء وفول الصويا، وغيرهما من المحاصيل، وأيضًا خفض الفاتورة الاستيرادية للقمح من الخارج.
وأضاف خبير الزراعة: «رفع سعر توريد القمح هذا العام أسهم فى عدم تسريب وتهريب القمح المحلى للسوق السوداء والتجار معدومى الضمير، إلى المطاحن الحرة والخاصة والمحظور عليها حيازة وطحن القمح المحلى إلا بالموافقات المسبقة من وزارة التموين والتجارة الداخلية».
وذكر أن رفع سعر إردب القمح المورد من المزارعين أو الفلاحين يحقق هامش ربح كبيرًا للفلاحين، على أساس أن متوسط إنتاجية الفدان الواحد تصل إلى ٢٠ إردبًا، وسعر الإردب ١٥٠٠ جنيه، إذًا فالقيمة الإجمالية هى ٣٠ ألف جنيه للفدان الواحد مقابل تكلفة تتراوح بين ١٣ و١٥ ألف جنيه، بواقع ربح بين ١٥ و١٧ ألف جنيه للفدان.
وقال إن «إنتاج الفدان من التبن يتراوح بين ٦ و٨ حمولات تبن، مع العلم بأن وزن الحمل الواحد يتراوح بين ٢٥٠ و٢٦٠ كجم، وسعر الحمل الواحد قد يصل فى المتوسط إلى ٤٥٠ جنيهًا، بإجمالى أرباح يصل بين ٢٧٠٠ جنيه و٣٦٠٠ جنيه للفدان الواحد، ويمكن تقدير قيمة التكاليف وصافى الربح بالدولار حسب سعر الصرف».
وأكد أن سعر القمح بعد قرار القيادة السياسية برفع سعر التوريد يزيد نحو ٥٠٠ جنيه فى كل إردب عن الموسم السابق، بواقع ١٠ آلاف جنيه زيادة عن الموسم الماضى لكل فدان، وهذا يؤكد اهتمام القيادة السياسية بالمزارعين فى جميع أنحاء الجمهورية.
ولفت إلى أن هذا القرار أدخل البهجة والفرح على أكثر من ٥٢ مليون مزارع فى مصر، وجميع أسرهم، حيث إن مساحات زراعة القمح لهذا العام ٢٠٢٣ تخطت ٣.٨ مليون فدان، ومن المتوقع أن تزيد الإنتاجية على ١١ مليون طن بمتوسط إنتاجية ٣ إلى ٣.٥ طن للفدان.
وأشار إلى أنه رغم الأزمات الاقتصادية العالمية، مثل جائحة كورونا وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية، والتغيرات المناخية والتضخم العالمى، ونقص سلاسل الإمداد والتوريد، إلا أن القيادة السياسية تسعى بكل جهد وتسابق الزمن فى الحفاظ على استمرارية وجود مخزون استراتيجى من القمح المخصص لإنتاج الخبز المدعم يكفى لحوالى من ٤ إلى ٦ أشهر.
وأكد: «القيادة السياسية تحرص على توفير كل السلع الاستراتيجية، خاصة القمح، بهدف توفير رغيف الخبز للمواطنين وإنتاج ما يقرب من ٢٧٥ مليون رغيف مدعم يوميًا».
ولفت إلى جهود القيادة السياسية فى إنشاء صوامع جديدة لزيادة السعة التخزينية للقمح، الأمر الذى أسهم فى الحد من هدر القمح الذى كان يحدث فى الماضى، والذى وصل إلى أكثر من ٣٠٪ هدرًا، بهدف تعزيز المخزون الاستراتيجى من القمح، بدلًا من الشون الترابية التى كانت تعرض الأقماح فى الماضى للتلف.
وقال إن القيادة السياسية أعطت التوجيهات بإنشاء مشروع إنشاء الصوامع على أعلى تكنولوجيا، وتبلغ السعة التخزينية للصوامع الحكومية ما يقرب من ٤ ملايين طن من الحبوب، وتسعى القيادة السياسية لزيادة السعة الاستيعابية أو التخزينية إلى أكثر من ٥ ملايين طن بحلول عام ٢٠٢٥.
وأشار إلى اهتمام القيادة السياسية بتدشين مشروع إنشاء الصوامع بأنواعها المختلفة لتقليل الفاقد والهدر من القمح، منوهًا بأن الوضع قبل إنشاء المشروع القومى للصوامع كان وضعًا سيئًا جدًا، بسبب الفاقد فى أهم سلعة استراتيجية، حيث تحملت القيادة السياسية أكثر من ١٠ مليارات جنيه سنويًا، بسبب الفاقد الكمى والنوعى للقمح، الذى وصل فى بعض المواسم إلى ٣٠٪.
وبيّن أن عدد الصوامع بلغ ٥٠ صومعة فى بداية الإنشاء، ثم زاد العدد ليصل إلى ٧٥ صومعة عام ٢٠٢٣، مقابل ٤٠ صومعة عام ٢٠١٤، بعدد ٣٥ صومعة جديدة بأعلى تكنولوجيا ومواصفات عالمية، مشيرًا إلى أن السعة التخزينية للصوامع وصلت إلى ٤ ملايين طن هذا العام، مقارنة بحوالى ١.٢ مليون طن لعام ٢٠١٤، ليس هذا فحسب، بل اهتمت القيادة السياسية بتنفيذ ٦٠ صومعة حقلية بسعة ١٠ آلاف طن للواحدة.
وتابع: «القيادة السياسية اهتمت اهتمامًا كبيرًا بزيادة المخزون الاستراتيجى من القمح، وهذا يؤكد حكمة القيادة السياسية فى ظل التحديات والمخاطر والمعوقات والحروب التى يواجهها العالم بأكمله، وهذا يؤكد أيضًا مدى اهتمام القيادة السياسية بأن يعيش المواطنون ويتمتعون بثمار التنمية المستدامة والإصلاح الاقتصادى، لذلك قامت الدولة بإنشاء حوالى ٧ مستودعات استراتيجية، إضافة إلى الصوامع، لتحقيق أعلى معدلات من المخزون الاستراتيجى للقمح».
وأكد أن القيادة السياسية اتخذت قرارات حاسمة فى تحويل ١٠٥ شون ترابية لهناجر مطورة، بإجمالى طاقة تخزينية ٢١١.٥ ألف طن، بهدف تحقيق الأمن الغذائى للمواطنين من القمح وتوفير رغيف العيش.