معلناً كامل تقديري للمضمون الديني لهذه العبارة في عمومها، إذ غالبا ما تستخدم في دعوة دينية، وهي اللهم بلغنا رمضان، غير أنني اليوم أستخدمها على شكلها المعنون به المقال لأن مضمونها أصبح إنساني وليس ديني، الكل يحلم بشهر سبتمبر لأن العالم كله من أمريكا لأوكسفورد لمستشار الرئيس لشئون الصحة يؤكدون على أن لقاح لكورونا سيظهر في سبتمبر، وأن مصر حجزت حصتها منه وأوكسفورد تؤكد أنها ستنتج أكثر من أربعمئة مليون جرعة من اللقاح لأوروبا وأمريكا، وشركة أسترا زينيكا، وكانت لدي معلومات مؤكدة بأن شركة أوربية على وشك إنتاج للقاح وتقديمه للعالم بأثره قبل هذا الموعد، وأنها في سباق مع الزمن الذي يلعب في مصلحتها لأن منظمة الصحة الأوربية أسهل وأسرع في إجراءاتها عن نظيرتها الأمريكية التي يطالبها ترامب مراراً وتكراراً بتسريع وتيرة العمل بها، وتسهيل الإجراءات لعله يسابق الزمن لإنتاج اللقاح والإعلان عنه، ولعل هذا في مصلحته الانتخابية، ومصلحة إنسانية، وأخرى سيادية لأنها تتعلق بتعملق أمريكا وتفوقها في هذا المجال، الصين هي الأخرى أعلنت أنها أوشكت ودول كثيرة بلغت مئة وعشرين دولة، ليس من بينها مصر، لأن مصر أكبر من هذا، وأكبر من أن يكون لديها مراكز بحوث وأبحاث قادرة على أن تخوض في هذا الأمر العلمي والإنساني الأهم أن تبني لها مئات الكباري، وتشق عشرات الطرق، وتوسع الشوارع، وتشيد الكنائس والمساجد الكبرى في الصحراء الخالية من السكان، وتبني أكبر المدن وأعلى الأبراج، أما مسألة الصحة والتعليم والبحث العلمي فهي مسألة تخص المرفهين من تلك الدول، المغيبين المبذرين أموالهم الذين اعتادوا إهدارها على ما لا نفع للبشرية به.
الأهم من هذا، أن الدعوة الحالية التي استهللت بها مقالي، وعنونت بها المقال هذا، اللهم بلغنا سبتمبر، أصحبت دعوة إنسانية يحلم بها الكثيرين، وإن كان البعض يطمح في لقاح يظهر ويسبق هذا الموعد بحسب الإجراءات الأوروبية، وفي أقصى وأقسى التقديرات يكون سبتمبر، ولكن يبقى هنا السؤال، هل سنبلغ سبتمبر؟ ونحن في حالة الإجراءات المنفتحة ولااحترازية التي تتبعها الحكومة المصرية، والتي تبدو كما لو كانت تسابق الزمن لتتخلص من أكبر كم ممكن من الشعب المصري، الذي أصبح عالة عليها، وحمل ثقيل، فتتيح له الأمور أكثر وأكثر، ليتكاثر الفايروس وينتشر ويحصد الأكثر والأكثر منهم قبل أن يصل اللقاح للنور.
اللهم بلغنا سبتمبر بدون أن ننقص من أحبائنا فرد، دعوة أخالها مستحيلة في ظل الجرأة الحكومية التي ونحن بدونها تخطينا حاجز الألف وخمس مئة مصاب، وقاربنا على المئة وفاة يومياً، فبأي جراءة تلك التي تقلدونها لتفتحوا الأمور على البحري، وتفتحون الأندية والمصايف وغيرها، لعلكم تنافسون أمريكا والصين والبرازيل في تسجيل أعلى أرقام وفيات وإصابات، وأدركتم أنكم لن تلحقوا بهم في ركب التقدم الاقتصادي أو العلمي، فقررتم مجاراتهم في ركب الدمار، الذي لحق بهم، أسمع من يقول أن أمريكا والصين وهم متقدمون سقطوا سقوط مدوي، فلماذا تلوم الحكومة؟ اللوم هنا، أنهم وبرغم تقدمهم الصحي والعلمي سقطوا فما بالنا بمن على مستوانا؟ واللوم على أننا لم نكن على مقربة من مستواهم العلمي ولا نحاول مجاراتهم في الأبحاث العلمية بل قررنا مجاراة من يبني أعلى برج وأطول جسر وما شابه، لكن عمل علمي هذا ليس شأننا منظومة صحية قادرة على استيعاب الكوارث، وأطباء أكفاء، وأعداد من التمريض، هذا لا يعنينا، ميزانية صحة تلتزم بأحكام الدستور، وتتواكب مع الحاجة، هذا لا يخصنا، المهم الحجر.
اللهم بلغنا سبتمبر، لنلحق باللقاح قبل أن تلحق الحكومة المصرية بنا الفايروس وتتخلص منا.
المختصر المفيد ما يزرعه الإنسان إياه يحصد.