استضاف صالون معهد التخطيط القومي في ختام موسمه للعام الأكاديمي ٢٠٢٣/٢٠٢٤، عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق ووزير الخارجية المصري الأسبق، بعنوان "مصر في عالم يتغير"، وأدار اللقاء أ.د أشرف العربي رئيس معهد التخطيط القومي، وذلك بحضور عدد من الوزراء السابقين، والشخصيات العامة، والخبراء والمعنيين بالشأن المصري.
صالون معهد التخطيط
وفي هذا الصدد أوضح الدكتور أشرف العربي أن الحلقة تستهدف تسليط الضوء على موقف مصر وسط كل التغيرات المحيطة، لاسيما في ظل التحديات التي تمر بها مصر والعالم، والتي وقفت حائلا أمام تحقيق الكثير من أهداف التنمية المستدامة الأممية، مما يستدعي تكثيف العمل خلال المرحلة المقبلة، وهو ما يتبناه مشروع مصر ما بعد 2025 الذي تقوم عليه فعاليات ودراسات المعهد خلال العامين القادمين.
وفي كلمته أكد عمرو موسي أن الوضع العالمي يعاد تشكيله في ضوء الإرهاصات المتزايدة باتجاه النظام الدولي نحو التحول من الهيمنة الأمريكية إلى التعددية القطبية وكسر هيمنة الدولار الأمريكي لاسيما فيما يخص قضايا التمويل والديون، وصعود كل من الصين وروسيا وشغلهم لمساحة أكبر على الساحة الاقتصادية الدولية، خاصة في ظل الخطر الآتي من المعوقات المالية الأمريكية المتصلة بسوء الحوكمة وتبنّي سياسة خارجية متشددة.
نظام الأمم المتحدة
وأشار وزير الخارجية الأسبق إلى أن نظام الأمم المتحدة متعدد الأطراف لم يفشل بدليل ما تحققه وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وصناديقها وبرامجها من نجاحات؛ لكن الفشل كان في عدم القدرة على حفظ الأمن والسلم الدوليين بسبب “فيتو” مجلس الأمن وعجز الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيرًا إلى أهمية إصلاح وتطوير وتغيير مؤسسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية.
وتطرق موسى خلال حديثه إلى النزاعات الإقليمية المحيطة بالحدود المصرية، كتلك المتعلقة بالانقسامات القائمة في كل من السودان، وليبيا، والعدوان على غزة، وما أسفرت عنه اضطرابات البحر الأحمر من تراجع نشاط قناة السويس، إلى جانب النزاعات المتعلقة بدول حوض النيل.
وأشار إلى أنه كان هناك اعتقاد وصل لمرحلة اليقين أن إسرائيل ومن يؤيدها قادرة على فرض واقع معين، بما فيها إلغاء القضية الفلسطينية، ووقف الحديث عن وجود احتلال عسكري للأراضي المحتلة، لكن ما جرى في 7 أكتوبر الماضي كشف عن وضع جديد في المنطقة.
دعم القضية الفلسطينية
وأكد أن مصر كانت سباقة عالميًا وزعيمة إقليميًا، ولا يجب أن تتراجع، منوهًا إلى دعم الدولة المصرية المتواصل للقضية الفلسطينية منذ الملكية وحتى الآن، مشيرًا إلى محاولات إسرائيل المستميتة لإزاحة القضية الفلسطينية من الأجندة الإقليمية وإلغاء حق تقرير المصير، لافتا إلى أنه "كما أن إسرائيل لم يكن من الممكن أن تتمدد هذا التمدد دون دور الولايات المتحدة، فإن فلسطين لم يكن أن تكون كقضية بهذا الشكل الممكن دون الرعاية والريادة المصرية وهذا شيء التاريخ يؤيده ويدعمه".
وأوضح موسى أن القوة الناعمة المصرية لها مكانة كبيرة تكاد تماثل الأهمية الاستراتيجية لحجم البلاد وموقعها الجغرافي، منتهيًا إلى القول إن المجتمع المصري شديد الحيوية بأفكاره وثقافته واهتماماته السياسية وشبابه والحوارات التي تدور في النوادي والتجمعات والمقاهي، وهو مجتمع قادر على فهم العالم الجديد بتعقيداته وتوليد أفكار سباقة للتعامل معه.
وأضاف موسى أن الحكم الرشيد هو حجر الأساس الذي ينبغي أن تبنى عليه الجمهورية الجديدة، والعمل على خلق إطار فكري واقتصادي واضح يضع آلية مناسبة لمحاربة الفقر، والحفاظ على جودة الحياة للطبقة المتوسطة التي تعد العمود الفقري لأي مجتمع، مؤكدًا أنه متفائل رغم التحديات والمشاكل، ومن المهم أن يسهم المصريون جميعًا، كل من زاويته، في إطار فكرى لمسيرة مصر إلى المستقبل.
وبشأن دور معهد التخطيط القومي في خدمة الدولة، أكد موسى أن المعهد يعد ركيزة أساسية في تشكيل توجهات الدولة والبحث في مستقبلها، من خلال طرح رؤي مستقبلية ملهمة ومقنعة، وحلول منهجية واستشرافية لصناع القرار.
وبعد انتهاء السيد عمرو موسي من كلمته تُركت الفرصة لمداخلات قيمة لعدد من الحضور وفي مقدمتهم: أ.د جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ووزير التضامن الأسبق، وأ.د إبراهيم العيسوي الأستاذ المتفرغ بمعهد التخطيط القومي، وأ. جلال السعيد محافظ القاهرة وزير النقل الأسبق، ود. محمود أبو العيون محافظ البنك المركزي الأسبق، أ. د عالية المهدي العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وأ. د مني الجرف الأستاذ بنفس الكلية وآخرون.