الفكرة بدأت من صحفيين إثنين في أسرة وطني كان حلمهما عمل موقع إلكتروني يتكلم عن العائلة المقدسة ورحلتها في الأراضي المصرية، إيماناً منهما أن هذا كنز تنفرد به مصر؛ حيث أن العائلة المقدسة لم تزر أي بلد أخر غير مصر بعد بلد الميلاد “القدس”
لو إسرائيل تقدم طريق آلام المسيح في القدس ككنز تاريخي سياحي، مصر تقدم طريق السلام كهدية للإنسانية، حيث لجأ السيد المسيح وهو طفل، إلى أرض مصر ليجد سلاماً وأماناً من جنود هيرودس، وبارك أرضنا بمسار رحلته من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها في مسار طوله 3500 كم وترك لنا بركات من مغارات وآبار وأشجار وأحجار وبنيت حولها كنائس حفظت هذا التراث المادي، ومن وقتها نشأت حوله عادات واحتفالات الشعب المصري ليخرج منها تراثاً شعبياً اعترفت به اليونسكو العام الماضي في ملف بعنوان “الاحتفالات الشعبية المتعلقة بالعائلة المقدسة”
وفي عام 2004م أهتممنا بالرصد الميداني في كل نقاط المسار لجلب المعلومة الصحيحة والتصوير الفوتوغرافي والفيديو، ومرت السنين وبدأت الفكرة تتبلور والهدف يتضح؛ وهو أهمية التوعية لكل فئات المجتمع داخل مصر والدعاية عن هذا الكنز خارج مصر أيضا.. ولتحقيق هذا الهدف تم تأسيس مؤسسة مصر المباركة.. ومن خلالها تم إنشاء موقع الكتروني عام 2020م به خريطة حية يظهر عليها كل نقاط المسار وكل نقطة يظهر بها معلومات موثقة عن وجود العائلة المقدسة فيها، من خلال الموضوعات المكتوبة والصور الفوتوغرافية والفيديو والفيديو الحر بتقنية التجول الافتراضي أو ما يعرف باسم VR وكل هذا تم جمعه وإعداده باللغة العربية ثم ترجمته في مكتب أنيس عبيد بسبع لغات (الإنجليزية – الفرنسية – الألمانية – الإيطالية – البرتغالية – الإسبانية – الروسية )
وكذلك تم تقديم محتوى يرصد الاحتفاليات المختلفة على مسار العائلة المقدسة وكل الاحتفالات المرتبطة بالعائلة المقدسة كتراث غير مادي.
وأيضا رصد الموقع الشق الفني الذي جسد رحلة العائلة المقدسة في لوحات وأيقونات وطوابع مصرية وعالمية لتوضيح مدى أهمية هذا الحدث عبر العصور. وللتوثيق تم عرض بعض الميامر وأماكن وجودها في العالم التي ذكرت هذا الكنز العظيم الذي بوركت به مصر.
وفور استكمال هذا العمل أطلق قداسة البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، هذا العمل مباركاً إياه ومشجعاً لنا لاستكمال المسيرة في الدعاية حول العالم كله عن رحلة العائلة المقدسة إلى مصر ومسارها التي باركت به أرض مصر. وكان ذلك في نوفمبر 2022م
وفي عام 2023م بدأت مؤسسة مصر المباركة تتواجد في المتاحف المصرية بهدف توصيل رسالتها للشباب وزوار المتاحف من الأجانب والمصريين؛ فتواجدت في المتحف المصري والمتحف الحضارة والمتحف القبطي ومتحف المنيل وكذلك متحف آثار مكتبة الإسكندرية.
وفي عام 2024م بدأت المؤسسة تفكر في الوصول إلى ذوي الهمم لتعريفهم بهذا الكنز أيضا، فتم تصميم وتنفيذ تماثيل تجسد العائلة المقدسة وطباعة كروت بطريقة البرايل لتوضيح تفاصيل هذا المسار.
وتم تصميم وتنفيذ أول وحدة صوتية للعرض المتحفي، لعرض التجربة مسموعة لذوي الهمم، وكذلك عرض التراث الصوتي والألحان الكنسية والترانيم الشعبية المتعلقة بالعائلة المقدسة.
ومن هنا تجمعت كل هذه العناصر لتكون معرض إلكتروني يحقق هدف الدعاية لمسار العائلة المقدسة كتراث مادي وغير مادي في مصر، ويستهدف كل فئات المجتمع بمختلف أعمارهم وذوي الهمم من كل أنحاء العالم.
ملتقى “الخطى المقدسة.. كنز تنفرد به مصر.. بين إنجاز الحاضر وتكنولوجيا المستقبل”
مؤسسة مصر المباركة تؤمن بالمثل القائل “إيد لوحدها ماتسقفش” ولذلك دائما تحاول التعاون مع الكنيسة ومع كل الجهات الحكومية والمؤسسات التعليمية من جامعات ومعاهد والمجتمع المدني ورجال الأعمال، لتوسيع القاعدة المهتمة بهذا المسار حتى يأتي على مصر بالرواج الاقتصادي والرواج السياحي والتنمية المجتمعية المرجوة منه.
وفي هذا السياق أقامت مؤسسة مصر المباركة ملتقى “الخطى المقدسة.. كنز تنفرد به مصر.. بين إنجاز الحاضر وتكنولوجيا المستقبل” في نقابة الصحفيين، لعرض مشروعها الالكتروني ولمناقشة كل الموضوعات المحركة لمشروع مسار العائلة المقدسة من الجوانب الاستثمارية والسياحية والتعليمية والترويجية داخل مصر وخارجها.. وذلك بهدف دفع هذا المشروع القومي للأمام من خلال تعاون الجهات المختلفة لتذليل أي معوقات ومشكلات تعطل مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة في مصر، والسعي لتقديمه بشكل مميز للسوق السياحي.
وفي بداية هذا الملتقى صرح رئيس مؤسسة مصر المباركة للتنمية وإحياء التراث قائلاً: بدأنا إطلاق هذا الملتقى من مكان ينطلق منه شعاع نور لكل مكان وجهة تنوير للمجتمع وهي نقابة الصحفيين.. تبدأ مؤسسة مصر المباركة بتوضيح فكرة مشروعها وهو الاهتمام بكل ما هو مبارك في مصر.. مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، وهو مشروع قومي وغني.. كنز تنفرد به مصر.. ونحن نتجول حول نقاط المسار نرى كنوز من التراث المادي وغير المادي.. ونرى مدى انبهار الوفود الأجنبية والزوار من كل أنحاء العالم بهذا الإرث العظيم الذي حافظت عليه الكنيسة المصرية منذ آلاف السنين حتى يومنا هذا.
مؤسسة مصر المباركة أرادت أن تخاطب العالم كله بكل شرائحه العمرية، فقدمت مشروعها بسبع لغات غير العربي وتم تصوير كل النقاط التي تحتوي على شواهد أثرية بتقنية التجول الافتراضي لجذب الشباب، عن طريق تقديم معلومة أثرية موثقة للشباب بحيث يقبلها ويحرص على زيارتها.
قدمت مؤسسة مصر المباركة هذا المشروع مساهمة منها للدولة المصرية، ونحن نرى جهود الدولة المبذولة في هذا المسار في الفترة الأخيرة، ونحن كمجتمع مدني حبينا نساند الدولة ونقدم مشروعاً مختلفاً.
وفي نهاية كلمته تمنى رئيس المؤسسة أن يكون هذا المشروع إضافة للجيل الجديد حول العالم وأن يكون بمثابة دعاية عظيمة لمصر.
ثم جاءت كلمة الترحيب بالحضور من جمال عبد الرحيم – سكرتير عام النقابة، قال فيها: باسم الزميل خالد البلشي – نقيب الصحفيين، وباسم مجلس النقابة أرحب بكم جميعاً في نقابة الصحفيين، قلعة الحريات في مصر والشرق الأوسط، دائما وابداً تحتضن كل هذه الفعاليات.. ونحن في هذه الأيام نحتفل بعيد النيروز – رأس السنة القبطية، ونحتفل أيضا بذكرى ميلاد الرسول محمد كل سنة وحضراتكم جميعاً طيبين.
وأوضح عبد الرحيم أن موافقة النقابة على استضافة هذا الملتقى المهم، كان أمراً طبيعيا لأن نقابة الصحفيين تحتضن كل المصريين – مسلمين ومسيحيين، وتحتضن كل ما يقوى أواسر المجتمع.. وتمنى للجميع الاستمتاع بهذا الملتقى عن هذا المشروع القومي العريق.
المتاحف الافتراضية
وفي فقرة المحاضرات جاءت أول محاضرة عن المتاحف الافتراضية ونشر الوعي الأثري بالأساليب التكنولوجية، وقدمها الدكتور محمد إسماعيل – أستاذ تكنولوجيا المتاحف بجامعة عين شمس، وأحد أعضاء مؤسسة مصر المباركة، وخلال المحاضرة تكلم الدكتور إسماعيل عن أهمية التكامل بين المسلمين والمسيحيين للعمل معا على إبراز جمال بلدنا لأننا نمتلك تراث عظيم وثري من كل الحضارات المتعاقبة التي جاءت على مصر.. وقال: أنا شخصياً حريص أن أنقل ذلك لأولادي لغرس الإنتماء في قلوبهم..
وفي هذه المحاضرة تناول أهمية المتاحف الافتراضية في عرض التراث عالمياً وجذب الشباب والأجيال الجديدة لمعرفة التاريخ، وذكر بعض الأساليب التكنولوجية المستخدمة في المتاحف العالمية بأشكالها المختلفة سواء داخل مصر وخارجها، منها:
الشاشات التفاعلية Touch Screens والتي حققت نجاحا كبيرا وساعدت على ثراء العرض المتحفي، حيث توضح معلومات أكثر من البطاقة الشارحة الورقية، وتم استخدام هذه الشاشات في متحف الحضارة.
ومن ضمن الأساليب التكنولوجية أيضا أجهزة تنقل المشاهد لعالم إفتراضي، ومنها ما تم استخدامه في مشروع مؤسسة مصر المباركة وهي نظارة التجول الافتراضي VR وأول ظهور لهذه النضارات كان عام 1968م وكانت بدائية جدا وكان يستلزم كمبيوتر كبيرا جدا، أما الأن فنجد الكمبيوتر أصبح داخل النضارة نفسها. ومن خلال تلك النضارة يمكن للمشاهد زيارة أي مكان يصعب الوصول إليه.
من الأساليب التكنولوجية الأخرى التي تتراوح بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي هي ما يسمى بالواقع المختلط والتي تتيح للمشاهد رؤية شئ حقيقي بمصاحبة شئ معه من الخيال الافتراضي ولها تطبيقات كثيرة في المتاحف أو حتى على التليفون الشخصي.
في حالة مشروع العائلة المقدسة، نحاول أن نضيف بعض المؤثرات في تجربة التجول الافتراضي لكي يعيش المشاهد تجربة محاكاة حقيقية لما كان عليه هذا المسار من 2000 سنة ومن هنا يعيش الزائر تجربة ممتعة في هذا المتحف.. وكان لنا تجربة سابقة في متحف الطفل في مصر الجديدة لتلك التقنية.
أما الهولوجرام فهو من التقنيات التكنولوجية المستخدمة أيضا، فكثيراً نسمع عن السيدة أم كلثوم مجسدة في حفلات غناء لها هذه الأيام، وهذا يتم بتقنية الهولوجرام والذي كان موجود من أكثر من 100 سنة لكن كان أساليب العرض مختلفة والخدع البصرية كانت بسيطة، أما اليوم أصبحت تقنيات العرض أكبر وأحسن.
وأيضا تم استخدام الموبايل أبليكيشن للأطفال في عرض متحف الطفل، وكان الهدف من هذا الأبليكيشن التعامل مع الزوار من الأطفال ذوي التوحد حتى يستطيعوا الاستمتاع بتجربة فريدة وسط التراث الغني.
خطة الدولة
وجاءت كلمة المهندس عادل الجندي المنسق الوطني لمشروع إحياء مسار العائلة المقدسة وهو رئيس وحدة التخطيط الاستراتيجي بوزارة السياحة والآثار، والتي قدم فيها نبذة عن جهود الدولة في دراسة هذا المسار كمشروع تنموي ثم عرض بعض ملامح المخطط الاستثماري الموضوع لنقاط مسار العائلة المقدسة، وأوضح خطة الدولة للترويج لهذا المشروع حول العالم.
ومن أهم ما جاء في كلمة المهندس عادل الجندي: إن الدولة اهتمت بهذا المشروع ابتداء من عام 2013م لأن في هذا العام توفرت الإرادة السياسية لإنجاز أشياء متعددة من ضمنها إحياء مسار العائلة المقدسة على أرض مصر وتدقيق نقاطه على أرض الواقع.
كثير من الجهود والمقترحات والمبادرات تمت على هذا المشروع على مدار 20 عاماً قبل عام 2013م لكن منذ هذا التاريخ استطاعت الدولة إتخاذ القرار لتنفيذ المشروع كمنتج للسياحة الروحانية، لكي نستفيد به كدولة وننمي من خلاله مجتمعات محلية على أرض الوطن.
يجب أن نعرف ما هو مسار العائلة المقدسة في مصر.. فمسار الحج المسيحي يبدأ من عند مولد السيد المسيح في بيت لحم، والعماد في نهر الأردن، ثم رحلة الهروب إلى أرض مصر، وهذه أكثر المواقع زخماً في الموروث الأثري والتاريخي لأن العائلة المقدسة مرت ب 25 نقطة وقطعت فيها حوالي 3500 كيلو ذهاباً وإيابا وفقا للمتفق عليه.
ومفهوم هذا المشروع لدى الدولة المصرية إنه هو محور تنموي عمراني يقوده قطاع السياحة. وهذا المحور يمر على مجتمعات عمرانية؛ منها الفقيرة والمهمشة حيث يكثر فيها ناس لا تعمل، وتحتاج إلى فرص عمل. لذا نحن نسميه محور تنمية عمرانية، والمرجعية التاريخية الخاصة به هي مرجعية تاريخية ودينية مسيحية.
بدأنا العمل بدراسة هذا المنتج السياحي لدعوة الأفواج السياحية لتحاكي العائلة المقدسة وتمشي على نفس خطاهم في أرض مصر.. ومسار العائلة المقدسة بدأ من شمال سيناء من نقطة رفح ومرت بستة مناطق حتى وصلت إلى الفرما، والفرما تقع شرق بورسعيد بحوالي 25 كيلو،وهي النقطة الأولى التي يوجد بها أثر مادي ملموس، يمكن زيارته وتم تطويره. ثم تأتي مواقع كثيرة في الدلتا، أشهر ثلاث مواقع، هم سخا بمحافظة كفر الشيخ وسمنود في الغربية وتل بسطا في الشرقية، وكل نقطة منهم بها أثر عظيم. ثم نتوجه إلى القاهرة وبها أشهر المواقع الموجودة فيها وهو مجمع الأديان، الذي يحتوي على كنيسة أبي سرجة وجامع عمرو بن العاص ومعبد بن عزرا اليهودي، وهذه النقطة تعكس رسالة مهمة نهتم بإبرازها أمام العالم أنه على هذه الأرض يوجد حوار ثقافات وامتزاج الأديان.. ومن هنا يعرف العالم أن هذه الدولة تقبل الحوار ويعيش فيها كل المواطنين في تجانس، ويمكنها استقبال كل الثقافات وكل الأديان. ومن المعادي النقطة التي توجهت منها العائلة المقدسة إلى صعيد مصر، ومن أشهر النقاط بالصعيد هي جبل الطير في المنيا، وأسيوط بها نقطتي المحرق ودرنكة.
وأي مشروع قومي يكون له رؤية وفي هذا المشروع رؤية الدولة أن هذا محور عمراني عليه 25 قطب تنموي. لكن هذا المشروع كان يحتاج توعية ودعاية محلية وعالمية، ولذلك تم دراسة المنتجات السياحية المنتشرة حول نقاط المسار ودمجها في زيارات هذه الأماكن. ففي شمال سيناء، نجد السياحة الصحراوية موجودة إلى جانب نقطة الفرما بأثارها الروحية، وفي الدلتا نجد السياحة الريفية، وفي القاهرة نجد السياحة الثقافية والأثار التي توجد بين القاهرة والجيزة من الحضارات المختلفة وكذلك المواقع الأثرية الكثيرة على طول خط الصعيد.
وأوضح منسق مشروع العائلة المقدسة كل مجهودات الدولة في أعمال الطرق والبنية التحتية التي تمت في نقاط المسار.
وفي نفس سياق جهود الدولة تكلم عادل الجندي عن بعض ملامح المخطط الاستثماري ومنها مخطط الفرما لأن فيها فرصة إتاحة أراضي، فتم عمل المخطط على ثلاث مستويات؛ أولاً موقع نقطة الفرما الأثري كان يحتاج إلى خدمات من مركز للزوار ومحلات وبازارات لكي يستمتع السائح بزيارة الفرما، والمرحلة الثانية كانت عمل مخطط للسياحة البيئية والعلاجية حول المنطقة في شمال سيناء عند بحيرة البردويل وثالث مرحلة كانت مركز للسياحة الشاطئية عند البحر المتوسط شمالاً. وكل تلك المخططات تم تجهيز محفظة الاستثمار الخاصة بها وتنتظر المستثمرين.
وفي جبل الطير بالمنيا تم عمل تطوير للساحة التي تستخدم في مولد العذراء مريم، ساحة الإحتفالات حيث زودناها بأكشاك خشبية ومحلات لعرض فيها المنتجات المحلية ويقف عندها الباعة وقت المولد. وتم دراسة مشروع عمل مصعد جماعي لصعود الزوار من منسوب النيل إلى الجبل من فوق.
ومن المخططات أيضا مخطط استثماري لمنطقة وادي النطرون عند بحيرة مريم وهي ثاني بحيرة مالحة بعد البحر الميت، فتم تخطيط المنطقة لتكون مركز للسياحة الاستشفائية حول بحيرة النطرون هناك لشدة الملوحة بها والتي قديماً كان يستخدم ملحها في التحنيط.
أما في محافظة أسيوط وعند دير المحرق تحديداً تفتقر المنطقة لأماكن إقامة زوار لذلك تم تخصيص قطعة أرض حوالي 7 فدان وتم عمل تصور لفندق ومحلات ومركز للزائرين ومركز للتراث العلمي القبطي الموجود بالمنطقة.
هذا المشروع القومي يحتاج إلى خطة ترويج ممنهجة، ومن هنا أوضح المنسق العام لمسار العائلة المقدسة ما تم حتى الأن، من زيارة بابا الفاتيكان ودعوة مؤسسات إعلامية ووفود من رؤساء الكنائس من الفاتيكان لزيارة المسار عدة مرات في رحلات تعريفية. وقمنا بعمل بروشور سياحي بسبع لغات.
وفي نفس سياق الدعاية والترويج تم العمل على تقديم ملف الاحتفالات المرتبطة بالعائلة المقدسة على قائمة التراث غير المادي العام الماضي واعتماده من اليونسكو.
أما عن الخطوات الترويجية القادمة، أولاً يتم عمل اللقاءات المهنية مع منظمي الرحلات السياحية الخاصة بالحج المسيحي لنرى كيفية تشغيل هذا المسار ووضعه على أجندتهم السياحية الدولية. وفي نفس الوقت يتم عمل لقاءات محلية لعمل شراكات مع المصريين من شركات السياحة المصرية ونبدأ في تبني وتنظيم اجتماعات بينهم لكي يكونوا وكلاء الرحلات السياحية لهم في مصر.
والخطوة التالية ستكون عمل مقابلات مع متخذي القرار للسفر، وهم رؤساء الكنائس في الخارج لكي يتم الترويج عن هذا المسار الروحاني من خلالهم لجالياتهم خارج مصر.
ومن أهم الرسائل التي تستخدمها الدولة المصرية للترويج عن هذا المسار، إنه مسار حج مكمل للمسار الحج الرئيسي في بيت لحم وثم المسار الحج المكمل بالأردن أيضا.
برامج سياحية متنوعة وجذابة
وفي نفس سياق إعداد مسار العائلة المقدسة كمسار سياحي، تناولت المحاضرة الثالثة فكرة خلق برامج سياحية جذابة تدمج مسار العائلة المقدسة مع باقي المزارات السياحية في مصر، ومن خلالها يتمكن السائح زيارة كل قطاع جغرافي ومشاهدة كل الحضارات الموجودة عليه، وبذلك يتمكن للسائح أن يزور مصر أكثر من مرة. وقدمت المحاضرة الدكتورة ماري ميساك – أستاذة الإرشاد السياحي بجامعة حلوان وأحد أعضاء مؤسسة مصر المباركة
ومن أهم ما قالت: بعد كل المجهود المبذول من الدولة لدينا طموح شديد لنرى ملايين البشر يزورون مصر، لذا يجب أن نقوم بدمج بين زيارات مسار العائلة المقدسة التي تعتبر سياحة روحية ومزارات السياحة الثقافية لتعظيم الاستفادة في أقصر وقت لتجني الدولة ثمار هذا العمل العظيم والتراث الثري.
ومن هنا نقدم بعض نماذج البرامج السياحية لمنظمي الرحلات وشركات السياحة لأنهم الذين يسوقون لهذا المنتج الفريد الذي تتميز به مصر.
وأوضحت الدكتورة ماري أننا يمكن تناول المسار من خلال أنماط سياحية مختلفة مثل سياحة الشباب وسياحة العائلات والسياحة العلاجية وسياحة اليوم الواحد وسياحة اليومين أو الأكثر.. يمكننا من خلال هذه الأنماط المتعددة عمل عدد غير محدود من البرامج وكنوز بلدنا ستساعدنا على هذا التنوع.
يمكننا تسويق رحلات الشباب بالتنقل بحافلات في رحلة مغامرة من الغردقة عند البحر الأحمر مروراً على دير الأنبا بولا كسياحة دينية ثم نتوجه إلى الفرما إحدى نقاط المسار كسياحة روحية وفيها نزور مغارة العائلة المقدسة ونشاهد الأثار المتبقية هناك ومنها الكنيسة الدائرية التي يوجد منها خمسة فقط في العالم كله.
وفي نفس النطاق الجغرافي في سيناء يمكن عمل زيارات من عند شرم الشيخ وربطها بمنطقة سارابيد الخادم وبالفرما ومنطقة تانيس.
وإن كانت المسافة بعيدة، أتاحت وزارة السياحة والأثار رؤية جديدة وهي إقامة معرض مؤقت عن رحلة العائلة المقدسة داخل أغلب متاحف مصر لكي يتم التسويق للمسار من خلال زيارات المتاحف.
ومن الأمثلة أيضا لبرامج اليوم الواحد في منطقة أخرى في محافظة أسيوط يمكن زيارة دير المحرق ودير درنكة كنقاط على مسار العائلة المقدسة ثم يتم زيارة المقابر الأثرية بمنطقة مير لدمج الحضارة المصرية القديمة مع الحضارة المسيحية.
كذلك في القاهرة يمكن زيارة القلعة وجامع محمد علي والمتحف القومي للحضارة المصرية ونقطة المعادي من نقاط المسار.. أيضا يمكن عمل رحلة يوم واحد في مصر القديمة ونركز على مجمع الأديان والكنائس الموجودة هناك من ضمنها كنيسة أبي سرجة التي يوجد بها المغارة التي مكثت بها العائلة المقدسة. وبفكر مختلف يمكن التركيز هناك على قصة كل كنيسة والقديسين الموجودين فيهم والأيقونات برموزها المختلفة والفنانين المختلفين ومدارس الأيقونات ويمكن أيضا تناول الطقوس والعادات والتقاليد كتراث مصر غير مادي الموجود على قائمة اليونسكو الأن.
أثناء إعداد البرامج السياحية يجب إدراك أهداف الدولة حتى نسير في نفس الفكر، فمثلاً في مصر القديمة يمكن وضع منطقة الفخارين التي تم تطويرها في الزيارات فيوجد هناك معارض وورش تعرض كيفية صناعة الفخار، وبجوارها يوجد ورش لتعليم كيفية رسم الأيقونات.. ومن هنا يمكن عرض الحرف اليدوية المختلفة ونقدم منتجات عن العائلة المقدسة بالحرف المختلفة، ويمكن تخصيص بعض هذه الزيارات بهدف تعليم الحرف للمدارس المحلية.
وفي نفس السياق وسياحة اليوم الواحد يمكن زيارة منطقة شجرة مريم وكنيسة العائلة المقدسة بالمطرية ونربطهم بزيارة قصر البارون في مصر الجديدة مع التجول الحر في منطقة الكوربة ونحكي قصة هليوبوليس وتأسيسها منذ أكثر من 100 سنة كسياحة التراث، ثم نتوجه لكنيسة العذراء بالزيتون حيث ظهرت العذراء مريم هناك وباركت شعب مصر كله عدة شهور.
ويمكن استغلال المطارات الجديدة مثل مطار سفنكس، للتوجه لزيارة الأهرامات وأبي الهول في الجيزة ثم إديرة وادي النطرون بالبحيرة واستراحة بالأنافورا مع وجبة او إقامة هناك.. وإن كان البرنامج متعدد الأيام يمكن التوجه للإسكندرية لزيارة مكتبة الإسكندرية والمتحف اليوناني الروماني.
وعلى صعيد أخر هناك برامج متعددة للرحلات النيلية والفنادق العائمة التي يمكن أن تتحرك من القاهرة من عند نقطة المعادي وتتوجه لبني سويف لزيارة دير الميمون وهو أول دير في مصر لمعرفة بداية الرهبنة في مصر، ثم نتوجه للمنيا ومنطقة جبل الطير ومنها إلى أسيوط حيث دير المحرق الذي دشن فيه السيد المسيح المذبح الأثري بنفسه. ويمكن تعضيد السياحة النيلية بمتاحف عائمة تتيح عرض الكثير من كنوز مصر.
وبنفس الفكرة يمكن تنوع البرامج وعرض مختلف الحضارات التي تمتاز بها مصر في كل المناطق والمحافظات، وإذا أتيح الوقت في رحلات متعددة الأيام يمكن زيارة المشروعات الحديثة التي تنفذها الدولة، فمثلاً يمكن التوجه من الإسكندرية للعلمين لعرض المشروعات الجديدة هناك.
وفي النهاية مهم أن نتعاون مع المكاتب الثقافية الموجودة في الخارج والسفارات الخاصة بنا في كل دولة ليتم عمل تكاتف بين هؤلاء والتركيز على الدعاية عن مصر بلد الخير وتنوع التراث بها. ويمكن استغلال التكنولوجيا وتقنية التجول الافتراضي لعرض تراث مصر في بلاد العالم لجذب السياح لزيارة مصر.
الاحتفالات المرتبطة بالعائلة المقدسة على قائمة اليونسكو
فازت مصر العام الماضي بتسجيل ملف “الاحتفالات المرتبطة بالعائلة المقدسة” ضمن ملفات التراث غير المادي على قائمة اليونسكو.. واستمر إعداد هذا الملف لشهور وسنوات بعمل مضني.. ومعنا الدكتورة جاكلين بشرى عضو لجنة إعداد ملف رحلة العائلة المقدسة على قائمة اليونسكو وعضو لجنة التراث غير المادي بالمجلس الأعلى للثقافة وعضو هيئة تدريس بقسم الأشغال الفنية والتراث الشعبي كلية تربية فنية جامعة المنيا.. لتروي لنا تجربتها أثناء عملية رصد الاحتفالات والعادات الشعبية المرتبطة بالعائلة المقدسة،
فقالت: هذا الملف تطلب عمل مدة 3 سنوات لإعداده، لأننا رصدنا العادات الشعبية والمعتقدات والطقوس الشعبية في كل نقاط المسار.. 25 نقطة على المسار تم دراستها بدقة، فكل منطقة تتميز بعادات ومعتقدات موجودة فيها على هامش رحلة العائلة المقدسة، وأغلبها متوارث من حضارة وعادات المصري القديم ومتأصلة من جذورنا.
فنجد الاحتفالات بالقديسين والأولية لدى المصريين بشكل عام متوارثة من عادات المصري القديم الذي كان يحتفل بالألهة في كل منطقة في مصر. وظهرت هذه العادات في نقاط المسار والاحتفالات بالعائلة المقدسة في عيد دخول العائلة مصر يوم 1 يونيه، وبالعذراء مريم في أوقات معينة وأماكن معينة.
وأثناء عملية الرصد للاحتفالات الشعبية وجدنا أن مظاهر الاحتفال اختلفت من مكان لأخر، لكنها ارتبطت بمعتقد ديني داخل كل فرد. فمثلاً عادة النذور التي يعملها الشعب المصري مثل السيدة التي ترزق بإبنة وتسميها مريم وتنذر زيارة العذراء مريم وقت عيدها لتوفي النذر.
في بعض الأماكن على المسار تم رصد زفة الأيقونة التي تكون خارج الكنيسة وسط ترانيم شعبية وتسابيح للعذراء مريم، وسط زغاريت السيدات، فنجد الأسقف أو الأب الكاهن مع الأيقونة ويمشي خلفه الشعب كله في زفة شعبية، مثل الاحتفال منطقة كوم ماريا أو في دير درنكة بأسيوط في أغسطس من كل عام. وفي احتفالات تل بسطا نجد سيدات المجتمع البسيط هناك يقومون بالغناء للعذراء مريم من تأليفهم بشكل مختلف وجذاب جدا.
ومن ضمن الظواهر الاحتفالية هي التعميد، حيث يقصد شعب المنطقة تعميد الأطفال المولودين حديثاً في نفس يوم الاحتفال واعتباره يوم مبارك لتعميد أولادهم فيه، ويتم عمل زفة للطفل داخل الكنيسة وسط الألحان الكنسية ثم يخرج الطفل من الكنيسة ويركبوه عربية “مزوقة” ويزفوه بغناء شعبي من المنطقة.
وأيضا توجد عادات شعبية تمارس أثناء السنة كلها وتظهر وسط الاحتفالات بالعائلة المقدسة أيضا وهي عادة توليع الشمع أمام الأيقونات وكتابة أوراق صلوات أو طلبات ووضعها في صندوق حتى يستجيب الله للطلبات في تلك الأيام المباركة.
وكذلك في بعض الأماكن يتم رصد عادة الذبح أثناء الاحتفالات، ويتم توزيع الذبيحة على الفقراء، وهذه تكون عادة شعبية قائمة على ندر أو معتقد ديني لدى الشخص.
ووجدنا أيضا في بعض الأماكن يظهر بالاحتفال رقص الخيل والتحطيب مثل احتفالات كوم ماريا لأنه منتشر في الصعيد اكثر من بحري.
وخلال الاحتفالات الشعبية المصرية بوجه عام تظهر ظاهرة بيع الحلوى والحمص والسوداني، وحتى الباعة الموجودين يبيعون تلك المنتجات يكونوا موجودين في كل الموالد والاحتفالات الشعبية ولا يقتصر وجودهم على احتفالات اسلامية أو مسيحية. ففي سمنود أو في كوم ماريا نجد نفس الباعة موجودة في مولد السيد البدوي، ومولد سيدي إبراهيم الدسوقي، أي أنها ظاهرة شعبية غير مرتبطة بديانة معينة.
في مسار العائلة المقدسة، وفي سخا بكفر الشيخ تحديداً، وجدنا زفة مختلفة لأنهم يعملون تمثيلية تجسد العائلة المقدسة برجل عجوز يمثل يوسف النجار وأم وطفلها راكبة على الحمار تجسد العذراء مريم والطفل يسوع. وكل شعب سخا يعرفون أن هذا الحمار ملك عم محمد جار الكنيسة ويعده كل سنة لعمل هذه الزفة في الاحتفال الشعبي الذي يقام في أول يونيه من كل عام وفي هذا اليوم اعتاد الناس كلها المشاركة في الاحتفالية.
ومن ضمن المظاهر المصاحبة للاحتفالات، كانت الألعاب الشعبية من المراجيح والألعاب النارية ورسم الوشم تزيد في الصعيد اكثر من بحري.
ومن مظاهر الاحتفال في بعض المدن المطلة على النيل كانت زفة أيقونة العائلة المقدسة أو أيقونة العذراء مريم بمركب في النيل أو فلوكة، وظهر هذا في كوم ماريا وفي ملوي وفي المعادي.
ومن الشائع في وقت تلك الاحتفالات أن نجد معجزات كثيرة من شفاء أمراض وإخراج شياطين، فتم رصد هذا في مختلف نقاط مسار العائلة المقدسة.
هذا الرصد تم في كل نقاط المسار وتم كتابة كل المظاهر الاحتفالية التي يقوم بها الشعب في كل نقطة على المسار وتم ارفاق كل الرصد بصور وفيديوهات توضيحية.
وإلى جانب كل ذلك كان مطلوب موافقة شعبية مكتوبة من كل منطقة على هذا المسار تقدم لليونسكو ضمن أوراق الملف، فكان مطلوب جمع توقيعات من أهالي كل منطقة، ومن الجميل أننا وجدنا عدد التوقيعات بالموافقة كان فيه المسلمين أكثر من المسيحيين، والتكالب على تسجيل الملف والتوقيعات كان أعلى بكثير من معدلات التوقيعات في أي ملف أخر تم تسليمه من قبل.
المشاكل التي تواجه السياحة في مصر
عرضت المحاضرة المشكلات التي تواجه السياحة المصرية وقدم رامي رمزى – عضو مجلس إدارة في غرفة المنشآت الفندقية والمسئول عن ملف العائلة المقدسة في غرفة الفنادق ورئيس جمعية مستثمري مرسى علم ، حلولاً لبعض المشكلات المذكورة،
فقال:مصر تمتلك كل المقومات السياحية لتكون من أوائل الدول في التصنيف الدولي المستجلبة للسياحة، ولكن حتى الأن الدولة المصرية ليست دولة صديقة للسائح؛ بمعنى أن أي سائح بيقدر يحجز رحلته لمصر ومن أول وصوله لمطار القاهرة يعاني من معطلات بدون سبب واضح!! ونجد أي فوج سياحي يجب أن يصاحب في رحلته من مكان لأخر بقافلة أمنية أمام وخلف الأوتوبيس من شرطة السياحة!! فنجد الملاصقة الأمنية بهذا الشكل تحتاج إعادة فكر لأن أنجح معالم التطور الأمني العالمي أن يكون رجل الأمن غير ظاهر. وبدأنا بالفعل التحدث مع الجهات الأمنية لتغيير التكتيك الأمني مع شرطة السياحة، فأصبح الزي الخاص بهم مدني بدل الزي الرسمي.
من ضمن المشكلات التي تطرح على الساحة الإعلامية الأن هي عدد الغرف الفندقية في مصر، لأن مصر فيها حوالي 220,000 غرفة فندقية، في 1280 فندق في كل ربوع مصر، وهذه السعة الفندقية تسمح بوفود حوالي 14 إلى17 مليون سائح في السنة على مستوى العالم. والدولة المصرية لها هدف استراتيجي وهو استقبال حوالي 30 مليون سائح بمقدر مالي حوالي 30 مليار دولار في الخزانة المصرية في السنة مع بداية سنة 2028م ولكي يتحقق هذا الحلم نحتاج حوالي 100% من الطاقة الفندقية التي بنيت في أخر 100 سنة أن تبني مثلها في 3 أو أربع سنوات وبالطبع هذا تحدي كبير جدا.
لتلبية هذا العدد من السياح نحتاج أيضا ضعف الطيران السياحي ينزل إلى مصر لأن الطيران المتعاقد عليه الأن يوفد حوالي 14 مليون سائح.
لذلك نحن لدينا تحديات كبيرة في الفترة القادمة لأننا سنبدأ الاهتمام بمسار العائلة المقدسة والدولة كانت تحاول تسويقه، وبحكم منصبي كمسئول عن ملف العائلة المقدسة في الغرف الفندقية سأكون مسئول عن تحقيق السعة الفندقية حول المسار، فكل مسار العائلة المقدسة لا يوجد عليه سوا 3 أو 4 فنادق، ونطمح أن نتابع ونترقب خلال هذه السنة أعمال التجهيز التي تمت في 25 نقطة على المسار بالمستوى المطلوب لإمكانية عمل مباني فندقية مناسبة.
وفي ظل كل هذه الظروف إقترحنا أن نبدأ العمل على تسويق مسار العائلة المقدسة ونتمم تجهيز المواقع لاستيعاب سياح من ذوي الاحتياجات الخاصة على الأقل في خمس أو ستة نقاط على المسار. وأهم شئ لنبدأ العمل على الفنادق حول المسار هو الحصول على الخريطة الاستثمارية والمخطط لمصر كلها وبالنسبة للمسار سنحتاج مخططات تفصيلية لل 25 نقطة الواقعة على المسار لأن بعض المناطق سينفع فيها إقامة فنادق أو موتيلات بسيطة ذوي الثلاث نجوم أو خمس نجوم. لذا علينا الفترة القادمة دراسة المخططات الاستثمارية ونبحث تفصيليا ما سنعرضه على المستثمرين.
وأيضا من ضمن التحديات لزيادة السعة الفندقية هي توفير عدد الموظفين للعمل في تلك الفنادق ولكن هناك الأن بروتوكلات تعاون مع كليات سياحة وفنادق ونحن نعمل على تدريب هؤلاء بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي فمن 2019 حتى 2024 تم تدريب حوالي 68,000 عامل من العاملين في السياحة بشكل مباشر.
المجتمع المدني
دور المجتمع المدني والقطاع الخاص للاستثمار على نقاط مسار العائلة المقدسة، تكلم عنها الأستاذ منير غبور – رجل الأعمال ورئيس مجلس أمناء مؤسسة نهرا، بعد عرض فيلم تسجيلي عن مسار العائلة المقدسة ودور مؤسسة نهرا في تطوير العديد من نقاط المسار.
فروى لنا غبور: أن جمعية نهرا تأسست عام 1999م بمباركة من ممدوح البلتاجي – وزير السياحة الأسبق، وكان يبحث عن الجديد في البلد في الألفية الثالثة، فاقترحت عليه مشروع مسار العائلة المقدسة. فأهتمت الوزارة وقتها بهذا الموضوع وبدأت تعمل مطبوعات، ثم عملنا حفلة في أول يونيه عام 2000 في كنيسة العذراء بالمعادي وشرفنا في هذا الحفل قداسة البابا شنودة والشيخ محمد طنطاوي شيخ الأزهر والدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق نائباً عن رئيس الجمهورية، بحضور كوكبة من الوزراء والسفراء.. ومنذ هذا العام بدأنا العمل على مسار العائلة المقدسة.
مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة أخذ جهداً عظيما من الدولة في السنوات الماضية، ولكن هنا يأتي دور المجتمع المدني والمستثمرين لمساندة الدولة في إحياء هذا المسار واستكمال احتياجات المسار من مباني فندقية ومباني خدمية على نقاط المسار، مع إضافة خدمات لجذب السياح. وهذا يتطلب ميزانية عالية تصرف عليه ليصبح مكان مناسب للزيارة، لأن مصر تنفرد بهذا المسار والكنائس الموجودة عليه تشكل تراثنا القبطي..
وصرح منير غبور أنه بصدد تأسيس شركة برأس مال 2 مليار جنيه لعمل ما هو مطلوب حول نقاط المسار من مشروعات لجذب السياحة الروحية إلى مصر.
الحرف اليدوية.. وفرص عمل
في محاضرة للمهندسة الفيرا جندي – إحدى الداعمين لمؤسسة تراث للحرف اليدوية، تكلمت عن تجربتها للإشتراك في تنمية الحرف اليدوية وتوظيف المجتمعات التي تعيش في أماكن بها زراعات أو منتجات تفرز حرف وتراث شعبي مصري.
وأكدت الفيرا جندي أن تنمية البشر المحيط بالأماكن السياحية من أهم ما يمكن لأنهم جزء من التجربة السياحية التي يختبرها الزائر، وكل التراث الشعبي المتوارث يظهر من خلال حياة هؤلاء حول النقاط السياحية.
وأوضحت أن تجربتها كانت مختلفة لأن أسرتها كانت تهتم بالحرف اليدوية، وفي شق أخر في حياتي كنت أعمل في مجال تنمية فنادق وتوريد أجهزة.. فالربط بين الخبرتين عطاني المعرفة إني استطيع العمل في تنمية الحرف.
في 2008 بدأت العمل مع قرية “نجادة” ووقتها كانت قرية مهملة جدا والشعب في المكان كان حالته الاقتصادية قاسية جدا، لكنهم كانوا أغنياء بحبهم لعملهم وابداعهم في حرفة النسيج وإدارة عملهم وكان عندهم رضا وسلام غير عادي يسمح للروح أن تكون خلاقة ومبدعة.
وتاريج “نجادة” في حرفة النسيج معروف من أيام الفراعنة، واستمرت هذه الحرفة تتطور في المنطقة حتى انتشرت منتجاتهم في السودان في الثمانينيات وبعد حروب السودان بدأوا في صناعة ما يسمى بالشال السياحي الذي بدأ بالحرير الصناعي وبعده استخدموا الفيسكوز وهي مادة طبيعية ناتجة من إعادة تدوير الخشب والبامبو ليخرج منهم خيوط الفيسكوز الذي ينسجون به الأن.
من خلال مؤسسة تراث تابعت أعمال قرية “نجاده” ومقابلة النساجون الذين كان لديهم حب وإحترام شديد لصنعتهم وعملهم، فجذبوا انتباهنا وعلى مر السنين دعمنا تطوير حرفتهم واختيار الألوان معهم لتتماشى مع الحضر وبدأنا نبيع منتجاتهم بالقاهرة.
ثم شاءت الظروف أن الدولة المصرية كانت مشتركة في معرض حرف يدوية دولي في إيطاليا، وطلبوا مني أن أمثل “نجادة”، فمرت علينا سيدة من المتحف البريطاني وسمعت قصة “نجادة” وأشترت منا شالاً.. وأدى ذلك أن يكون في محل المتحف البريطاني مكان تباع شيلان “نجادة” مكتوب عليها صنع في مصر، وأدى ذلك إلى خروج منتجات هؤلاء الحرفيين البسطاء إلى منتجين لأعمال إبداعية يتم توزيعها الأن دولياً.
لو المجتمع المتمدن استطاع فهم وتقدير المجتمعات القروية واستوعب هؤلاء المبدعين وشجعهم على العمل وإذا عملنا تنمية للحرف في كل مكان في مصر سنتمكن من الاستفادة من هذا العمل كمنتجات سياحية يقدرها السائح أكثر من المنتجات الصينية. فالمجتمع البدائي قد ينتج منتج أقيم بكثير من المصانع الكبيرة بالصين.
وفي نفس السياق عن الحرف اليدوية صرحت جاكلين بشرى: إنه أثناء رصد عادات المجتمعات حول نقاط مسار العائلة المقدسة، لاحظنا أن كل منطقة لها الحرف التي تشتهر بها وتتميز في صناعتها، فمثلاً في محافظة كفر الشيخ تشتهر مدينة فوه بعمل الجوبلان والصناعة السجاد، وفي محافظة الشرقية بمدينة تل بسطا تشتهر بصناعة البردي وبها 50 فدان مخصصة لزراعة البردي (وقديماً وصلت المساحة المزروعة من البردي ل500 فدان) ومحافظة المنيا تشتهر بصناعات الجريد والخوص وأسيوط وسوهاج يشتهران بصناعة التلي.
نواة للتنمية
محاضرة أخرى تناولت مسار العائلة المقدسة كنواة للتنمية وحفاظ التراث المصري والقبطي، قدمها الدكتور شريف مرجان – أستاذ العمارة القبطية بجامعة القاهرة ورئيس قسم العمارة بمعهد الدراسات القبطية وأحد أعضاء مؤسسة مصر المباركة:
نتكلم عن المسار من زاوية مختلفة كنواة للتنمية والحفاظ على التراث القبطي، فالعائلة المقدسة تحركت في الأراضي المصرية والسيد المسيح عاش طفلاً في مصر وبارك أرضها في حوالي 25 نقطة على الخريطة المصرية وبالتالي نسعى لتنمية كل تلك النقاط والمجتمعات المحيطة بها.
وهنا أتساءل من الشركاء في هذا القطاع التنموي؟ مبدئيا عندنا القطاع الحكومي بالتخصصات المختلفة من وزارات والهيئات والمحافظات والإدارات المعنية والمجالس الخاصة بمنطقة معينة والأحياء وهكذا، ولدينا القطاع غير الحكومي من مؤسسات المجتمع المدني ..
وفي هذا الملتقى نحن موجودين كمؤسسة مصر المباركة كمجتمع مدني بالتعاون مع قطاع حكومي متمثلاً في نقابة الصحفيين ولدينا فكرة القطاع الخاص الذي يمكنه أن يشترك ويستثمر وقت وأموال ويجني ثمار التنمية التي ستحدث في المكان. وبالتالي لو اتكلمنا عن أدوار كل جهة سيكون لدينا وعي بكل جهد تم عمله من كل طرف من الأطراف لنكمل بعض.
وأكد شريف مرجان على أن وزارة السياحة تدعم هذا المشروع ضمن مشروعات السياحة الروحية، لكي يستطيع الزوار القدوم إلى مصر، ونحن نجد على الصفحات الرسمية الخاصة بوزارة السياحة نقاط مسار العائلة المقدسة مرفوعة على الموقع، وكذلك وزارة الثقافة أيضا لها مجهود عظيم في توثيق الاحتفاليات الشعبية الموجودة على مسار العائلة المقدسة، وبسبب هذا العمل المضني مدة 3 سنوات حصلت مصر على فرصة ضم ملف احتفالات المرتبطة بالعائلة المقدسة ضمن التراث غير المادي في اليونسكو. والمجلس الأعلى للثقافة أيضا يدعم الموضوع من خلال أكثر من لقاء، وعندنا أيضا وزارة التنمية المحلية لها دور إيجابي في تطوير المناطق المحيطة بنقاط المسار.
وحتى دور المجتمع المدني مثل مؤسسة مصر المباركة في توثيق مسار العائلة المقدسة بتقنيات حديثة مثل التجول الافتراضي VR للتوثيق التراث المادي، يساعد الحكومة والوزارات المعنية لطلب دعم مادي من هيئات عالمية لكي تساعد في تطوير وإدارة هذه الأماكن السياحية.
وكذلك جمعيات المجتمع المدني مثل جمعية نهرا برئاسة منير غبور الذي تكلم عن الدور الذي تقوم به المؤسسة في بعض المشروعات التنموية على المسار، مع الدكتور المهندس سامي صبري ومقترح المشروع مركز للسياح على نقطة الفرما، وهنا الهندسة المعمارية يأتي دورها في خدمة التراث الأثري في المكان..
وأيضا مشروع تطوير شجرة مريم والمنطقة المحيطة بها، ومنطقة التطوير بمسطرد، ومن أهم المقترحات التي لم تفعل حتى الان، لكن فكرتها جميلة، هي الفكرة تطوير منطقة كنيسة العذراء بالزيتون، وإن كانت نقطة غير مرتبطة بمسار العائلة المقدسة لكنها نقطة محورية في تاريخ مصر مع العذراء مريم لأن هناك العذراء ظهرت لكل المصريين، فهذا الظهور عظيم جدا وممكن يخدم على السياحة الروحية، وبالتالي لو العالم كله يسافر بالملايين لزيارة مدينة لورد في فرنسا لظهور العذراء مريم لثلاث بنات، فما بالكم ظهور العذراء للشعب المصري كله؟
وفي سياق المشروعات التي اقترحتها مؤسسات المجتمع المدني، اشتغلت مؤسسة مصر المباركة على توثيق المسار بتقنية التجول الافتراضي VR لأن هذه التقنية تحافظ على التراث المادي حتى إذا تعرض المبنى لأي تلفيات يمكن الرجوع إلى هذا التصوير الدقيق واستخدامه لإعادة المكان لما كان عليه،وهذا ما حدث في كنيسة نوتردام بفرنسا.
ومن مشروعات مؤسسة مصر المباركة أيضا، مشروع مركز مجتمعي يقام في نقاط مسار العائلة المقدسة بحيث يتضمن هذا المشروع بعض العناصر منها مكان للتدريب المهني لسكان المنطقة على حرف يدوية تكون من المنطقة، وبالتالي كل نقطة في المسار سيكون لها التراث الخاص بها والحرف الخاصة بها أيضا. ويوجد أيضا عناصر في المبنى لها علاقة بالثقافة وعناصر أخرى متعلقة بالإدارة، وتكلمنا أيضا على تمويل للمشاريع متناهية الصغر عملنا تصور لمشروع بسيط يعتمد على هذه المفاهيم، ويستغل فكرة عمارة الأرض والعمارة القبطية. ويظهر في هذا المشروع المقترح أيضا متحف صغير يحكي قصص العائلة المقدسة في هذه النقطة، لتشويق السائح ان يزور نقاط أكثر ومسرح مكشوف ليتيح لسكان المكان عمل مسرحيات أو احتفالات، كذلك يوجد مكتبة ومحلات لبيع المنتجات الحرفية المحلية إضافة إلى كافيتريا ودورات مياه للسياح.
وفي النهاية أكد الدكتور شريف مرجان على فكرة كيفية تطوير المسار من خلال تطوير كل نقطة صغيرة وعملت تنمية للمنطقة المحيطة بها ستجد أنه من خلال مسار العائلة المقدسة نستطيع تطوير قطاعات كبيرة من الخريطة المصرية وبالتالي يكون في تطوير جميل يربطه فكرة تربط ثقافتنا وتراثنا وتحافظ عليه وتعود بالنفع وتجلب سياحة خارجية وبالتالي عملة صعبة ورواج اقتصادي لبلدنا مصر.
العائلة المقدسة في أرشيف الصحافة المصرية
محاضرة الدكتور اسحق عجبان عميد معهد الدراسات القبطية، تناولت موضوع رحلة العائلة المقدسة في أرشيف الصحافة.. ونحن نرى مصر بتاريخها وحضارتها تستقبل العائلة المقدسة من أرض المهد التي ولد فيها السيد المسيح إلى أرض الكنانة، إلى أرض مصر..
ورد في الكتاب المقدس أية “مبارك شعبي مصر” وجاء إسم المؤسسة راعية هذا الملتقى “مصر المباركة” وبالبحث عن معنى هذا الأية وجدت 3 مقالات للمتنيح الأنبا غريغوريوس تشرح هذه الأية عام 1993م
رحلة العائلة المقدسة حقيقة كتابية وردت في الإنجيل المقدس للقديس متى، ومعنى كلمة “إنجيل” هو “خبر سار” أو “إشارة مفرحة”.. وعن رحلة العائلة المقدسة لأرض مصر، وجدت عبارة مكتوبة بخط يد قداسة البابا تواضروس الثاني: “مصر تفتخر بين الأمم باستقبال العائلة المقدسة في بدايات القرن الأول الميلادي، هي بركة ونعمة وفرحة، الخبر السار وفرحة لكل المصريين، ومبارك شعبي مصر”
ثم نجد رحلة العائلة المقدسة حقيقة تاريخية تأكدت لنا من المصادر التاريخية القديمة، وهذه المصادر تعرف بإسم الميامر التي كتبها البابا ثاؤفيلس (رقم 23) وميامر كتبها الانبا زخارياس والأنبا قرياقوس. وكلمة “ميامر” كلمة سريانية معناها مقال أو عظة، وغالبا ما تكون هذه الميامر تعليمية أو تاريخية أو قصصية ويغلب عليها الطابع التاريخي.
ومن المصادر التاريخية أيضا لرحلة العائلة المقدسة، ميامر البابا تيموثاوس الثاني (رقم 26) وميامر كتبها أساقفة. والميامر المكتوبة من الباباوات من القرن الرابع والخامس والميامر التي كتبها الأساقفة من القرن السابع والثامن.
وكذلك يوجد مصادر تاريخية عربية وإسلامية تكلمت عن رحلة العائلة المقدسة، مثل كتب “قصص الأنبياء” وكتاب “الإشارات إلى معرفة الزيارات”، وكتاب “الخزل والدال” و”فضائل مصر المحروسة” فكان الكتاب العرب يعتبرون زيارة العائلة المقدسة من فضائل أرض مصر، فكانوا يكتبون فيها المقالات أو بيكتبوها فصول في بداية الكتب أو كتب كاملة عن فضائل أرض مصر.
ونجد أيضا كتاب “رحلة العائلة المقدسة في مصر” للدكتور ياسر مصطفى، وفي هذا الكتاب في أوله يوجد موافقة مجمع البحوث الإسلامية على هذا الكتاب الذي بيتكلم عن رحلة العائلة المقدسة.
ورحلة العائلة المقدسة حقيقة أثرية، يعني هي مش مجرد كلام نظري، بل يوجد على المسار آثار ملموسة وموجودة، فتركت لنا العائلة المقدسة آبار، أشجار، مغارات، ويوجد كنائس وأديرة شيدت في هذه الأماكن المباركة، أثار مادية ملموسة.. وعلى مر التاريخ زار رحالة أو زائرين نقاط مسار العائلة المقدسة، منذ القرن السادس الميلادي كتبوا عن هذه الأماكن كتب أو تقارير أو مقالات. ورصدنا منهم 41 رحالة أو زائر ابتداء من القرن السادس الميلادي من روسيا وألمانيا وإيطاليا وانجلترا وفرنسا وإسبانيا وبلجيكا والدنمارك وغيرهم..
أيضا من ضمن الأخبار عن رحلة العائلة المقدسة والمتعلقة بزيارة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، لمصر في إبريل 2017م وأثناء تلك الزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، يهدي بابا الفاتيكان، أيقونة رحلة العائلة المقدسة.
ثم تمر السنوات ونرى الصحافة تتكلم عن العائلة المقدسة في أرض مصر من خلال المجلات مثل مجلة الكرازة ومجلة الهلال ومجلة صباح الخير ومجلة المصور. وكتاب “أسبوع القبطيات”
وبالبحث عن أقدم مقال في العصر الحديث توصلت إلى مقال من سنة 1906م في مجلة المشرق (تصدر من لبنان) وتتكلم عن شجرة مريم بالمطرية بقلم يوسف خليل اليسوعي بتاريخ 15 نوفمبر
وبالبحث عن المقالات القديمة وجدت الكثير من المقالات الأولى متأثرة بكتابات الرحالة المبكرة. وفي مصر أيضا وجدت مجلة الكرمة التي كان يصدرها الأرشيدياكون حبيب جرجس في عدد 1925 وجدت جرجس فليساؤس عوض تناول سلسلة مقالات من مجلة الكرمة عن رحلة العائلة المقدسة، أيضا وجدت مقالة للأب يعقوب منظر في مجلة الصلاح الكاثوليكية سنة 1933م وغيرهم.. وأثناء البحث ظهرت أيضا خريطة قديمة للمسار من عام 1962م في مجلة صوت الشهداء.. وفي مجلة الأنوار عدد 68 يناير وفبراير، جاءت قصيدة عن شجرة مريم
وبالبحث أيضا وجدت كتابات كثيرة عن العائلة المقدسة بأقلام الباباوات في العصر الحديث في جريدة وطني وفي مجلة الهلال وفي جريدة الأهرام مجلة الكرازة وكذلك مقالات كثيرة حول العائلة المقدسة للأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي.
ومن المقالات المتعلقة بنفس الموضوع مقالة لجمال الغيطاني بعنوان “رؤية مصرية.. رحلة العائلة المقدسة” ومقال أخر لعزت السعدني في الأهرام بعنوان “الطفل في المغارة وأمه مريم.. وجهان يبكيان”
رحلة العائلة المقدسة تعلمنا قيم إنسانية.. وفي مجلة أكتوبر صدر عدد بعنوان “المسيح يبكي”.. ففي هذا العدد تصور أن هيرودس الملك عاد من جديد ليقتل أطفال بيت لحم، لكن اليوم يقتل أطفال وسكان فلسطين ولذلك يبكي المسيح.. تضامناً مع المجازر التي تحدث في أهالي فلسطين مثل مذبحة أطفال بيت لحم.
وأخذ الدكتور إسحق عجبان يسرد أمثلة من الصحافة المصرية التي تناولت رحلة العائلة المقدسة وتوقف عند المهندس سمير متري جيد وهو من الرواد الذين كتبوا عن مسار رحلة العائلة المقدسة وعن كيفية الاستفادة من هذا المسار، وله مقالات متعددة في الأخبار وجريدة وطني، منها مقالة عن السياحة الدينية وتعمير سيناء وأيضا مقال عن الاستثمار السياحي لرحلة العائلة المقدسة.
وفي جريدة وطني أيضا نتذكر الأستاذ مسعد صادق، كاتب باب “من الصميم” وله الكثير من التحقيقات في جريدة وطني عن رحلة العائلة المقدسة وعن النقاط التي مرت عليها العائلة المقدسة.
وذكر أيضا الدكتور إسحق صحفيين وطني وأشاد بدورهم وكتاباتهم وتغطيتهم عن هذا المسار ونوه عن المساحات الكبيرة التي تتيحها الإدارة لنشر هذه المواد المتعلقة برحلة العائلة المقدسة، وتقديمهم لموضوعات باللغة الإنجليزية أيضا.
وفي أخبار توضح الاهتمام العالمي بشجرة مريم، ففي احتفالات قناة السويس 1869 قامت الملكة الفرنسية أوجيني بزيارة شجرة مريم بالمطرية يوم الإثنين 18 أكتوبر 1869م
العائلة المقدسة في الفن القبطي
كيف صورت العائلة المقدسة في الفن القبطي؟ قدم لنا الرد على هذا السؤال في محاضرة الدكتور نادر الألفي – أستاذ بكلية سياحة وفنادق، جامعة السادات، فقال : إن هذا المسار بطوله وتنوعه ومروره على أماكن عديدة أكيد يصب معانا في التصوير.. ونحن نرى مشهد احتفالات سنوية بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر يوم 24 بشنس الموافق الأول من يونيه، وهذا المشهد يقترب منه فن الأيقونات. فالأيقونة تأخذ من عناصر الرحلة المروية في التراث المصري، ويتمثل في الأم العذراء مريم وهي تحمل طفلها السيد المسيح على حمار ويوسف النجار حارس السر الإلهي.
الفن القبطي هو فن ديني بشكل عام لذا نركز من أين يأتي الفنان بمفردات وعناصر اللوحة وذلك يكون أولاً من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، والميامر والسنكسار القبطي وتاريخ الكنائس والأديرة وتاريخ القديسين والبطاركة.. وثاني مصدر يكون أيقونة قديمة لنفس الموضوع، وإعادة إنتاج لأيقونات مرة تانية تكون مصدر للفنانين، إذا كانت جرعة القراءة لديهم عن الحدث قليلة.
وشرح نادر الألفي أن أيقونة العائلة المقدسة بها عناصر أساسية لا يمكن أن تغيب عن الصورة وهي السيد المسيح الطفل والسيدة العذراء مريم ويوسف النجار، هناك عناصر ثانوية يمكن أن تظهر أو تغيب عن الأيقونة منها وجود ملاك مصاحب للعائلة المقدسة وسالومي بنت خالة العذراء مريم ويقال في النصوص الشعبية أنها كانت معهم في هذه الرحلة، وأيضا الحمار أو المركب الذان كانا وسائل الانتقال في أرض مصر، وكذلك العناصر المعمارية التي تعبر عن مصر أو المباني الرومانية في الفترة في القرن الأول.
بدراسة تاريخ الفن القبطي لمعرفة متى ظهر أول عمل للعائلة المقدسة في مصر به، نجد أقدم رسم لها بيظهر هو في كنيسة مندثرة في منطقة دير أبو حنس بملوي من القرن السادس أو السابع، وهو رسم جداري شكله حالياً ضعيف جداً بسبب هجرة شعب المكان في القرن الثامن والتاسع.
ونجد الفن القبطي يظهر أيضا في المخطوطات الشرقية أو المصرية مثل مخطوط موجود الأن في فلورانس يظهر عليه العذراء مريم والسيد المسيح طفلاً ويوسف النجار في الخلف، ويظهر لصين بحجم صغير، لكنها مذكورة في القصص من ميمر البابا ثاؤفيلس والقصص الشعبية إن العائلة المقدسة تعرضت لمشاكل من قطاع طرق أثناء رحلتهم في الطريق.
وفي فن الأيقونات هناك أيقونة بيزنطية في دير سانت كاترين من القرن ال 12 تعبر مع مشهد ميلاد السيد المسيح أن يظهر رحلة الهروب إلى مصر.
وأغلب الأيقونات الأثرية التي تجسد العائلة المقدسة في أرض مصر تكون موجودة في الكنائس المرتبطة بالعائلة المقدسة على نقاط المسار، مثل كنيسة أبي سرجة والكنيسة المعلقة في مصر القديمة ودير المحرق في أسيوط.. فمن المحرق يوجد أيقونة من القرن ال 18 للفنان إبراهيم الناسخ، ونجد العذراء تمسك المسيح الطفل ويوسف النجار رجلاً عجوزاً، وهنا يختفي الحمار من المشهد.
ومن الكنيسة المعلقة تظهر أيقونة من القرن 18 للفنان إبراهيم الناسخ ويوحنا الأرماني، وهي أيقونة كبيرة تسمى “فيتا أيقون” وتحكي قصة حياة العذراء مريم فيها المشهد الأساسي للعذراء والطفل يسوع في مركز الأيقونة وحولها مربعات بها مشاهد من قصة حياتها بداية من حنة ويواقيم والديها ثم دخولها الهيكل وظهور الملاك لها في البشارة ويظهر أيضا رحلة العائلة المقدسة في مصر ضمن المشاهد.
ونجد في كنيسة أبو سيفين مصر القديمة أيقونة ليوحنا الأرماني عن العائلة المقدسة لكنها في مشهد تستريح تحت أحد الأشجار ويظهر فيها لأول مرة الثلاث أهرامات في الخلف كأن الفنان يعبر عن وجودهم في مصر.
ووجود الأهرامات في الأيقونة قديماً كان نادر جداً، لكن نجد في المدارس الحديثة لفن الأيقونات مثل إيزاك فانوس ويوسف نصيف التعبير عن التفاصيل المصرية تزيد في الأيقونات لتأكيد الهوية المصرية. وأعتقد أنه في التصوير الغربي أيضا يكون الفنان حريص أثناء تصوير العائلة المقدسة في مصر على وضع عناصر تخص الهوية المصرية.
أيقونة أخرى من المدرسة الحلبية والسورية في فن التصوير من القرن 18 في المتحف القبطي بمصر القديمة، تجسد السيد المسيح ويوسف النجار يحمله على كتفه، وهنا الفنان غير وضعية الأيقونة التي نعتاد عليها.
كل فترة تاريخية يكون لها تأثيرها على رسم الأيقونات، ففي كنيسة أبي سرجة أيضا يوجد أيقونة للعائلة المقدسة يظهر في خلفيتها مآذن وسط النخيل من القرن 19 للفنان أنسطاسي الرومي بعد فترة محمد علي.
وننتقل إلى مدرسة فنية قبطية محلية من دير المغاميش في أخميم بمحافظة سوهاج، عندنا فنانين هناك منهم فنان إسمه الأب عبد الشهيد بالطراز الشعبي الأخميمي وهناك في هذا المكان مشهورين بالنسيج، وتظهر لديهم الألوان البراقة فنجد اللون الأزرق والأحمر والأصفر والأيقونة تظهر حيوية. ونجد العذراء في هذا النمط من الأيقونات تظهر بطرحة طويلة مثل السيدة الصعيدية، وكل الطرحة عليها ورد ويظهر كل الأشخاص في الأيقونة حفاة الأقدام، لأنه ربما في هذا المكان يتحرك الأشخاص حفاة الأقدام، وتصاحب العائلة المقدسة ملائكة والأيقونة تأخذ شكل يسمى “التريبتيك” ويكون لها جانبين يتم غلقهم أو فتحهم.
وتظهر في الفن القبطي أيقونات تجسد العذراء مريم وهي ترضع الطفل يسوع ويظهر يوحنا المعمدان طفلاً بجانبهما ويوسف النجار الرجل العجوز.
في الفترة الحديثة الفن يظهر بعناصر حيوية ومتنوعة أكثر، فنرى أعمال الدكتور إيزاك فانوس ومدرسته الفنية التي أنشأها لتعليم الفن القبطي الحديث والمعاصر. بدأ يزود عناصر في الأيقونة، ومازالت مدرسته حية حتى الأن.
وكذلك أيقونات الفنان يوسف نصيف بها عناصر أكثر حيوية، مثل النخل والبلح، والعناصر التي تخص مصر مثل النيل والمركب والسمك، والأهرامات والمعابد والمسلة، لكي تظهر الأيقونة فيها تفاصيل كثيرة.
ونجد في أيقونات الفن الأوروبي انعكاس للمجتمع الأوروبي في الملابس ونظرته للمجتمع الشرقي بتفاصيل معبرة.. أما الأيقونات في الفن الأثيوبي يظهر فيها الوجه الغامق والشعر الأكرت و الشفايف السميكةلأن كل فن في بلد أو منطقة يميل ليعبر عن هويته.
توصيات الملتقي:
– الاهتمام الإعلامي برحلة العائلة المقدسة وذلك لعمل رواج سياحي للأماكن التي مرت بها الرحلة.
– الاهتمام بنشر الوعي الأثري بإستخدام التكنولوجيا الحديثة.
– الانتهاء من المخطط الاستثماري لنقاط مسار العائلة المقدسة من قبل وزارة السياحة وتقديمه للمستثمرين ومؤسسات المجتمع المدني .
– تشجيع المستثمرين المحليين لتقديم مشروعات حول نقاط مسار العائلة المقدسة.
– عمل برامج سياحية متنوعة للمسار من متخصصين وعرضها على شركات السياحة المحلية والعالمية.
– مطالبة الدولة بتزليل أي عقبات أمام المستثمرين والمجتمع المدني فيما يتعلق بمشروعات حول مسار العائلة المقدسة.
– دعم مشروعات التنمية البشرية حول نقاط المسار من خلال عمل مركز مجتمعي في كل نقطة من نقاط المسار لتدريب المجتمع المحيط وتهيئته لاستقبال السائح.
– تدريب المرشدين السياحيين ودعمهم بالمعلومات الموثقة عن مسار العائلة المقدسة في مصر .
– العمل علي نشر الوعي عالمياً بهذا المسار الروحاني الذي تمتاز به مصر من خلال السفارات والمكاتب الثقافية في كل دولة.
– الاهتمام بتنمية الحرف اليدوية الموجودة في كل نقطة من نقاط مسار العائلة المقدسة
– ضرورة رصد وتوثيق العناصر الفلكلورية والتراث الشعبي المنتشر حول نقاط المسار في احتفالات موالد السيدة العذراء وذلك للحفاظ علي الهوية المصرية .
– إنشاء بازارات لبيع المنتجات الحرفية التراثية في الأماكن التي مرت بها العائلة المقدسة
– استغلال التراث غير المادي حول المسار وإظهاره في الاحتفالات الخاصة بالعائلة المقدسة أو وقت الزيارات السياحية لإبراز الهوية المصرية.
باقة من صور الملتقى: