شنت القوات الكردية في سوريا، متمثلة في وحدات حماية الشعب، هجمات عدة على القوات التركية المتواجدة شمالي البلاد، في تغير سريع للأوضاع بعد القضاء على تنظيم داعش هناك.
وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، تمكنت وحدات حماية الشعب من قتل عدد من الجنود الأتراك، كان آخرهم اليوم، بعدما لقي 4 مصرعهم، على يد القوات الكردية في سوريا والعراق.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن 3 جنود قتلوا، السبت، بقذائف أطلقها من شمال العراق عناصر تابعة لحزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، فضلاً عن مقتل جندي آخر في سوريا في هجمات لوحدات حماية الشعب.
وبشكل متواز، قصف الجيش السوري مواقع عسكرية للجيش التركي في إدلب في الشمال، ما أدى إلى إصابة عسكريين اثنين.
ماذا يحدث؟
منذ أيام، شنت وحدات حماية الشعب الكردية هجمات على مواقع للجيش التركي في الشمال، على خلفية النزاع القائم بين القوتين على من يسيطر على تلك المنطقة، وذلك بحسب ما قال ريزان حدو، المستشار الإعلامي السابق لوحدات حماية الشعب.
وأضاف في تصريحات لـ"مصراوي"، أن الهجمات تأتي ضمن إطار حماية "ابن الأرض" لمنطقته، والحفاظ عليها آمنة من قوات "الاحتلال التركي".
وأطلق الجيش التركي مطلع العام الماضي، عملية عسكرية بعنوان "غصن الزيتون"، سيطر خلالها على مدينة عفرين شمال سوريا، من قبضة الأكراد، وسلمها للميليشيات المحاربه معه، والتي كان أبرزها "الجيش السوري الحر".
وبرر الجيش التركي عملية "غصن الزيتون"، بأنها محاولة من حكومة أنقرة لحماية أراضيها من "الهجمات الإرهابية" الكردية.
وقال حدو، إنه لفهم الاستهداف الحالي للجيش التركي، يجب ملاحظة بعض النقاط الهامة، التي وقعت في الماضي، أبرزها أن تلك العمليات هي الأولى، بعد "احتلال" أنقرة لعفرين في مارس 2018.
وأضاف أن توقيت العمليات يحمل حنكة عسكرية، حيث اختاروا الوقت غداة اجتماع آستانة، والحديث عن ضغوط روسية إيرانية على تركيا، لعدم الالتزام بتعهداتها السابقة في موضوع إدلب.
واستطرد المستشار الإعلامي السابق لوحدات حماية الشعب الكردية، أن العملية فاجأت القيادة العسكرية التركية التي لم تكن تتوقع استهداف جنودها في هذه المنطقة.
كيف صعدت الأطراف؟
عقب الهجمات المتتالية لوحدات حماية الشعب الكردية، والتصعيد العسكري في ريف حلب الشمالي وإدلب، وريف حلب الغربي، وحلب المدينة، وريف حماه الشمالي، والذي يمكن توصيفه بـ"الرسائل النارية المتبادلة"، دفعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى المسارعة للاتصال مساء الثلاثاء الماضي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في محاولة لضبط الوضع.
"الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، بدأ شن هجمات السبت، تمكن خلالها من بسط سيطرته على قريتي مرعناز والمالكية شمال سوريا، وسط أنباء عن عملية مشتركة للجانبين ضد المسلحين الأكراد بتل رفعت.
وفي هجوم معاكس، تمكنت وحدات حماية الشعب من استعادة السيطرة على جميع المواقع التي تقدم إليها مسلحو تنظيم "الجيش الوطني" التابع للجيش التركي.
فيما كشف مصدر ميداني عن استعدادات يجريها الجيش التركي، بالتعاون مع الفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة، بهدف شن عمليات عسكرية ضد أكراد سوريا خلال الساعات المقبلة في مدينة تل رفعت بمحافظة حلب.
ونقلت قناة "روسيا اليوم" عن المصدر قوله، إن هذا القرار تم اتخاذه بعد اجتماع طارئ بين عناصر من الجيش التركي وقوات من "الجيش السوري الحر"، مشيرًا إلى أن قصف مواقع الأكراد في "تل رفعت" بدأ بالفعل تمهيدا للعملية العسكرية المرتقبة.
لماذا استهدف الجيش السوري تركيا؟
تضاربت الأنباء حول استهداف الجيش السوري اليوم، القوات التركية، وأصدرت وزارة الدفاع في أنقرة بيانًا أعلنت فيه إصابة اثنين من عسكرييها في إدلب شمال سوريا، في هجوم استهدفها من أراضي سيطرة القوات السورية.
ويأتي بيان وزارة الدفاع بعد أن ذكرت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية، في وقت سابق من اليوم، أن موقع القوات التركية في إدلب، جرى استهدافه بالمدفعية من قبل الجيش السوري.
ويرى ريزان حدو، المستشار الإعلامي السابق لوحدات حماية الشعب الكردية، أنه من الممكن أن تصعد الحكومة السورية وتيرة الضغط على القوات التركية، لتحرير جميع الأراضي السورية، خاصة بعد "تهرب تركيا من الإيفاء بالتزاماتها وتعهداتها في مناطق نفوذها" بحسب أستانة، مؤكدًا أن ذلك سيفتح الباب للكرد في حال اتفاقهم مع الحكومة السورية على تحرير عفرين و كافة الشمال السوري الذي يخضع "للاحتلال التركي".