تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اليوم بأحد أهم وأكبر المناسبات الدينية في المسيحية، وهو احتفال ثاني أيام عيد القيامة المجيد، حيث تحتفل بقيامة السيد المسيح من بين الأموات في اليوم الثالث، بحسب الأساس العقيدي والإيماني الوراد بين طيات البشائر الإنجيلية الأربعة، والذي الذي بُنيت عليه كافة الكنائس العالمية سواء كانت الأرثوذكسية أو الكاثوليكية أو البروتستانتية أو الإنجليكانية أو الرومية، والذي يأتي تزامنا مع الاحتفال أيضا بشم النسيم.
وتكثر مع الأعياد عادة زيارة القبور التي علق عليها الارشذياكون القديس حبيب جرجس الذي قال في كتاب عزاء المؤمنين إنه بزيارة القبور نتذكر أننا تراب والى التراب نعود وأننا مائتون، ولا بُد أن نُفارق العالم يومًا ما، فإن المغرور المُغْرَم بشهوات العالم وطالِب المجد الباطل وباقي المخدوعين بحب الدنيا، عندما يتأملون نهايتهم تقف أطماعهم ولو قليلًا، وربما استفادوا من ذِكر الموت ما ينبههم عن غفلتهم ويفيد حياتهم الروحية. وفي ذِكر الموت فائدة كبرى؛ وهو أهل لأن يكون موضوع تأمل الإنسان مدة الحياة. فان مَنْ يذكر نهايته تحسن بدايته وتستقيم حياته. وقد كان الفلاسفة الوثنين والأتقياء في كل زمان يهتفون بِذِكر الموت.
قال أبيكتيتوس الفيلسوف Epictetus: أديموا التَّفَكُّر في الموت لأن هذا الفِكر يمنعكم أن تفتكروا أبدًا فكرًا دنيئًا أو تشتهوا شيئًا بإفراط الرغبة والشوق. وقال أفلاطون: "إنه بقدر ما يَتَعَمَّق الإنسان في التثبت بِفِكر الموت وَيَتَوَغَّل في التأمل فيه، بقدر ذلك تتسع حكمته". وَرُوِيَ عن الملك فيلبس أبي الإسكندر الكبير: أنه أمر أحد خدامه أن يكرر له في كل صباح ثلاث مرات هذه الكلمات "اذكر يا فيلبس أنك بشر وأنك بالموت ستترك كل شيء". وجاء عن الملك مكسيميليانوس الأول أنه صنع نعشًا لنفسه قبل موته بأربع سنين، وحيثما توجه كان ينقله معه ليكون مُذَكِّرًا له بالموت.
وكثير من ملوك الشرق كان لهم من جملة أعلام وعزتهم الملوكية كتاب مَن ذهب يحملونه باليد اليسرى القريبة من القلب اسم "البر"، وهذا الكتاب مملوء ترابًا وغبارًا، وكانوا يشيرون به إلى أن الإنسان مائت. وكان من عادة الأحباش عند تتويج أحد ملوكهم أنهم يحملون أمامه وعاءً مملوءًا ترابًا وجمجمة ميت. وقد وُجِدَ على مكتبة أحد الفضلاء جمجمة كُتِبَ عليها على لسان الميت هذه الكلمات يخاطب بها كل مَن يقرأها: "كما أنت الآن قد كنت أنا أيضًا". وَمَنْ يَتَأَمَّل في جمجمة وَعِظام الإنسان دون أن يسفك تشامخه وينحط ترفعه؟!
الجدير بالذكر أن احتفالات الكنيسة بعيد القيامة المجيد تمثلت في القداس الإلهي، الذي يرأسه قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، السبت، بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس الكُبرى بالعباسية.