3 يوليو ٢٠١٣ ذاك اليوم الذى انتفضت فيه مصر ضد الإخوان، معلنة رفضها الشعبى تجاه سياسات لم تكن يومًا لتخرج من مقر الحكم المصرى، حين أعلى فيه الشعب كلمته الرافضة للإخوان وكل أفعالهم، ليسانده جيشه وشرطته وكل مؤسسات دولته العظمى وعلى رأسها الأزهر والكنيسة.
كان لقداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، دور بطولى فى يوم ٣ يوليو، إذ تصدر برفقة شيخ الأزهر الجماعة الوطنية المصرية التى وضعت خارطة الطريق عقب التخلص من الإخوان، مُلقيًا كلمة من القلب لتتسلل ببراعة إلى قلوب المصريين قال فيها: «إن هذه اللحظة فارقة، وإن خارطة الطريق جاءت باتفاق كل الحضور».
وأضاف أنهم، فى إشارة إلى اجتماع القوى المدنية برفقة الفريق أول- وقتها- عبدالفتاح السيسى، وضعوا بهذه الخريطة كل العناصر التى تضمن سلامة الطريق، مؤكدًا أنهم راعوا فيها الرؤية المستقبلية على المديين القريب والبعيد.
واختتم: «جميعنا فى مصر اجتمعنا تحت العلم، علم مصر، فاللون الأسود يعلن عن شعب وادى النيل وأرض النيل، واللون الأبيض يقدم الشباب فى نقاوة قلبه، واللون الأحمر يعلن عن تضحيات الشرطة ورجالها، وفى قلب العلم النسر الأصفر المعبر عن القوات المسلحة التى نراها صمام الأمان لهذا الوطن، عاشت مصر من أجل رفعة هذا الوطن الذى يستحق الكثير».
وكانت للبابا شهادة خاصة جدًا عن فترة حكم الإخوان، وإعلاء كلمة الشعب العظيم يوم ٣ يوليو، نشرها فى ثالث فصول كتاب «سنوات من المحبة» الذى حررته الكاتبة الصحفية شيرين عبدالخالق، بعد حوار استمر ١٠٠ ساعة تقريبًا، إذ وصف مصر بأنها مرت بأجواء ضبابية فى فترة حكم الإخوان.
فى رابع فصول الكتاب باسم «بداية الطريق» كشف البابا عن كواليس اجتماعى يوم ٣ يوليو، فيقول: جاء يوم الأربعاء الثالث من يوليو، وتحديدًا فى الثانية ظهرًا، حيث فوجئت بمكالمة من القيادة العامة للقوات المسلحة، وطلبوا منى الحضور إلى اجتماع بعد ساعة بالقاهرة، ويقول: «رددت معتذرًا وأخبرتهم بأننى فى كنج مريوط»، ولم تمض سوى دقائق حتى أعادوا الاتصال وأخبرونى بأنهم يجهزون طائرة هليكوبتر لنقلى من أقرب مطار وهو مطار برج العرب، وقالوا لى: «من باب الطمأنينة وحتى لا تقلق، فضيلة الإمام شيخ الأزهر موجود بالأقصر وأرسلنا طائرة له».
وقال البابا: «بالفعل كنت فى مطار برج العرب فى الثانية والنصف ظهرًا، وكان فى استقبالى رئيس المطار الذى رحب بى، واستقللت الطائرة بصحبة اثنين من الطيارين، وهبطت الطائرة فى مطار ألماظة، وأخذتنى سيارة من هناك إلى مبنى المخابرات الحربية، وبعد وصولى وصل فضيلة الإمام شيخ الأزهر وآخرون، وكان عدد الحضور ٢٠ شخصًا، ثم جاء الفريق أول عبدالفتاح السيسى والفريق صدقى صبحى وبعض القادة العسكريين، وبدأ القائد العام يتحدث عن معطيات ما يدور فى البلاد والوضع الراهن وسألنا: ما العمل؟».
وأضاف: «هناك مَن قال إن الحل هو انتخابات رئاسية مبكرة، وهناك مَن طلب منح مرسى فرصة أخيرة، ومنهم مَن وجَّه النظر لحالة الغليان فى الشارع، إلى أن وصلنا لصيغة توافقية، وصغنا البيان الشهير، وجرى عرضه على مستشار قانونى بالقوات المسلحة، ثم راجعه فضيلة الإمام الأكبر لغويًا، وبعد ذلك أعطوا كلًا منا كارت ليكتب كلمته». وقال البابا: «أُثير موضوع: هل نقف أثناء البيان أم نظل جالسين؟ وقررنا أن نكون جالسين، لأن الفترة ستكون طويلة أثناء إلقاء البيان، وبعد المناقشات والإعداد لإذاعة البيان قام فضيلة الإمام ومعه كل الحضور ليصلّوا فى القاعة نفسها، فجلست فى مكانى احترامًا حتى تنتهى الصلاة، وبالطبع كنت صامتًا احترامًا لقدسية الصلاة، ففوجئت بالدكتور البرادعى لم يشاركهم الصلاة، وجاء وجلس إلى جوارى، وبالطبع كنت صامتًا، وقد فوجئت بأنه يتحدث معى، وطبعًا لم أكن أريد التحدث احترامًا للصلاة، ولأبعث له برسالة أنه لا يصح ذلك، وانتهت الصلاة، ووضعت الكراسى والمنصة بالشكل الذى ظهرت عليه أثناء تصوير البيان، وألقاه وزير الدفاع، ثم بدأ كل منا يقول كلمته».
واستطرد البابا: «بعد أن انتهينا كان الجميع فرحًا، وتبادلنا التهانى والأحضان، وجلسنا على مائدة واحدة لتناول الطعام ونتابع إذاعة البيان بالتليفزيون الرسمى، وكانت لحظات فارقة لا تُنسى، وبدأت أشعر بأن الوطن يتعافى من خاطفيه، وكانت الطائرة بانتظارى لأعود مرة أخرى إلى برج العرب».