
في الرابعة من مساء أمس، كانت سلمى تقف في شرفة منزلها، ممسكة في يدها هاتفها المحمول تتصفح من خلاله آخر أخبار السوشيال ميديا، كعادتها كل يوم، لكن الوضع في شارعها بمنطقة عزبة شاهين، بحي الأميرية، كان على غير العادة، فعربات الشرطة كانت على جانبي الطريق، ما دفعها إلى الدخول لغرفة شقيقها للاستفسار منه عن السبب، دقائق قليلة مرت، سمعت بعدها الشابة العشرينية صوت إطلاق نار متواصل، فهمَّ شقيقها بالنزول للشارع لمتابعة ما يحدث، أما هي فعادت إلى شرفتها مرة أخرى، حيث كانا يظنان أنها مجرد "خناقة" بين الأهالي: "إحنا منطقتنا شعبية جداً وفيها كل يوم مشكلة بتحصل، كلنا افتكرنا إن فيه خناقة بين الشباب، خصوصاً إنها حصلت قبل كده، وكان معاهم سلاح، والشرطة تدخلت، فلما سمعنا ضرب النار توقعنا كده"، لكن بعد تزايد سيارات الشرطة ووصول قوات من الأمن المركزي وتبادل إطلاق النيران بشكل متواصل، بدأ الأهالي، على حد قولها، يبررون ذلك المشهد بوجود سطو مسلح على إحدى شركات الأموال الموجودة بالمنطقة، وأن الشرطة جاءت للقبض على منفذيها.
"سلمى": "كنا فاكرين ضرب النار سببه خناقة بين الأهالي.. ولما الضرب زاد عرفنا إن فيه إرهابيين في المنطقة"
"ما خطرش على بالنا إن الموضوع ده سببه إرهابيين، خصوصاً إن البلد كلها بتتكلم عن كورونا وموضوع الإرهاب قل وما بقيناش نسمع إن فيه حوادث، ولحد ما حصل اشتباك ما بين الشرطة وبين المجهولين دول وإحنا فاكرينها مشكلة".
بمجرد بدء تبادل إطلاق النيران، قامت قوات الأمن، بحسب كلام "سلمى"، بتفرقة الشباب والأهالي الذين كانوا يقفون بالقرب من العمارة التي كان يسكنها الإرهابيون، ثم غلق كافة مداخل ومخارج الشارع حفاظاً على سلامة سكانه، لكن الوضع كان يزداد سوءاً، حيث استمر تبادل إطلاق النيران لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة: "إحنا كنا بنموت من الرعب، صوت كل رصاصة سمعناها كان بيفزعنا، ده غير بكا الأطفال من خوفهم، وفيه ناس كبيرة كانت هتموت فيها لولا ستر ربنا، عمرنا ما كنا نتخيل إن العمارة اللي جنبنا يكون عايش فيها إرهابيين بيخططوا لأذية البلد"، لافتة إلى أن العمارة التي كان يسكنها الإرهابيون مبنية حديثا ولم يتم تشطيب الشقق فيها بالكامل.
وبعد مرور نحو 3 ساعات، توقف إطلاق النار تماماً في المنطقة، ما دفعها للخروج إلى الشرفة مجدداً، لمتابعة الوضع والاستماع لمشاهدات الأهالي الذين كانت تسيطر عليهم حينها مشاعر مختلطة ما بين الحزن على استشهاد المقدم "الحوفي"، ضابط بقطاع الأمن الوطني، أثناء مواجهته مع العناصر الإرهابية، وبين الفرح أن قوات الشرطة تمكنت من القضاء على بؤرة إرهابية كانت تعيش بينهم وتخطط لتنفيذ عمليات إرهابية من شأنها زعزعة استقرار البلاد، وفقاً لكلامها، مشيرة إلى أن قوات الأمن قامت بعد تصفية الإرهابيين بتفتيش بعض البيوت المجاورة للتأكد من خلوها من أي عناصر إرهابية أخرى.
"محمد": "الشرطة هدفها تحمي الناس ونبهت في مكبرات صوتية محدش يخرج"
ويقول محمد البنهاوي، أحد سكان عزبة شاهين التي شهدت الحادث، إنه فوجئ أثناء عودته إلى منزله بسماع صوت عالٍ لتبادل نيران، وإغلاق كامل للشارع، فضلاً عن وجود عربات شرطة مكثفة وسيارات إسعاف، فسأل أحد جيرانه عما يحدث، ليخبره بوجود مجموعة من الإرهابيين في إحدى العمارات الموجودة بالشارع، وأن قوات الشرطة جاءت للقبض عليهم، حاول "محمد" الاقتراب قليلاً من موقع المداهمة، لكن تحذيرات أفراد الشرطة من خلال مكبرات صوتية بضرورة الاختباء داخل المنازل حفاظاً على سلامتهم دفعته إلى العودة مرة أخرى، وفقاً لكلامه: "الشرطة كان كل همها تحمي الناس اللي في المنطقة، وفضلوا يزعقوا إن محدش يخرج من البلكونات ولا ينزل لأن كان فيه ناس واقفة بتصور، وطبعاً ضرب النار كان صوته صعب جداً ومن كل ناحية وما انتهاش إلا لما الشرطة اقتحمت الشقة وصفتهم كلهم".