في ذكرى نياحته..البابا شنودة في حوار خاص يتحدث للذين في التجارب والضيقات
17.03.2023 08:38
اخبار الكنيسه في مصر Church news in Egypt
وطنى
في ذكرى نياحته..البابا شنودة في حوار خاص يتحدث للذين في التجارب والضيقات
Font Size
وطنى

كعادتي منذ عدة سنوات ذهبت إليه لأنال بركته، ولكن كنت هذه المرة مُرة النفس، أحمل أوجع الكثيرين وأتسأل لما يسمح الله لبني البشر بالضيقات؟، لما يضيق الحال وتعبث الأقدار حتى بالأبرار الذين لا يسيروا في طريق الخطاة؟، تحدثت إليه كثيرا دون كلمات وفاض عليا كعادته بحنانه وأبوته وعلمه الوفير…إنه مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث.

+ تلاطمنا يا أبتي الضيقات من كل إتجاه…ولا نعرف ماذا نفعل ؟

إذا أصابكم شر لا تخافوا أبدا..فمادامت حياتكم في يد الله فإن الله قادر أن يحول الشر إلى خير. فسجن بولس في فيلبي كان يبدو شرا، ولكن استخدم الله سجن بولس لإيمان سجان فيلبي هو وكل أفراد أسرته.

وإضهاد شاول الملك لداود كان يبدو شرا ولكن من هذه الضيقة سجل لنا داود المزامير التى لازلنا ننتفع بما فيها من روحانية. إن موت والد الأنبا أنطونيوس لاشك كان شيئا صعب!! ولكن الله حوله إلى خير وجعله سببا لبدء حياة الرهبنة.

إن الضيقات عموما وإن كانت تبدو شرا إلا أن الله يجعل من نتيجتها خيرا، فتكون سبب للعمق في الصلاة وروحانية في الصوم والقرب إلى الله الذي يرسل عونا.

…..

+ ظروف الحياة المحيطة أصبحت في غاية الصعوبة.. وقلة الإمكانيات طحنت الكثيرين مما جعل البعض ييأس من حياته

قبل عبور البحر الأحمر كل الظروف المحيطة كانت تدعو إلى اليائس، أما موسى بالإيمان رأى يد الله وقال للشعب قفوا وأنظروا خلاص الرب. وهكذا داود في حربه مع جليات لو نظر فقط إلى جليات ليئس، لكنه نظر إلى الله الذي سيحبسه في يده.

إذا علينا أن نركز قلوبنا على الله فنرى عظائم ومعجزات ولا ننظر بعيوننا صعوبة الظروف المحيطة وقلة الإمكانيات.

+ عرفّتنا يا قداسة البابا أن للضيقات فوائد عديدة ..ولكن لما تطول في بعض الأحيان ؟

إن طالت على الشخص أوقات الألم فعليه أن يفكر في سببها ربما يكون السبب داخله!.ربما طالت الأيام بسبب عدم صبره أو عدم احتماله أو عدم إيمانه أو اتكاله على ذاته في حل المشكلة أو هناك شهوة في القلب.

فعليه إلا يتامل في الضيقة كيف هي وكيف جاءت؟ وإلى متى ستستمر؟
إنما يتأمل في الله المحب الشفوق الذي نجاه قبلا من ضيقات أخرى ونجى كثيريا أيضا.
إنه لو فكر في الأحزان المحيطة به سوف يتعب لذلك عليه أن يتركها تمر عابرة دون أن تدخل إلى قلبه وتستقر فيه. فعليه أن ينشغل عنها بالتفكير في شيء أخر. فعليه أن يفكر في إحسانات الله وفي وعوده وفي أعمال محبته فتحل كل مشاكله.

+ ولكن قد يتباطئ الله جدا في حل الكثير من مشاكلنا !

إنني دائما أقول لكل ابن من ابنائي إذا كان في مشكلة.. “طول بالك” حتى يحلها الله لك في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة حسب عمق حكمته، لا تقلق ولا تياس بل أصبر في إيمان وإعط الرب فرصة يدبر لك فيها حلا بطول بال.

وإياك (وحمى) الإسراع وأن تقول لابد أن تحل المشكلة الآن، وتتعب إن تآخر الحل عن الموعد الذي تفرضه فيتعب فكرك وتتعب نفسيتك وأعصابك، مشكلتك ضعها في يد الله وانساها هناك، وثق في أن الله سوف لا ينساها، أما أنت فلا تقلق من جهة الوقت.

+ علمنا يا أبتي كيف نصلي في الضيفات ؟

على كل شخص أن يصلي قائلا.. “من أنا يارب وما هي قوتي وما هو فهمي حتى أحل مشكلتي، أنت يارب تعرف مشكلتي أكثر منى تعرف الخفيات والظاهرات..بحكمتك يارب تستطيع أن تحل كل مشكلة وبمحبتك تريد أن أثق تماما أنك تحبني أكثر مما أحب نفسى، لذلك أترك كل شيء فى يدك، وأستريح بالإيمان، واثقا أنه عندك حلول كثيرة، ومادمت يارب ترى تعبي فهذا يكفيني، أنت ياضابط الكل الذي تحفظ العدل على الأرض، وأنت مريح التعابة، تحمل أوجاعنا وألامنا لست أشغل نفسي مطلقا بمشاكلي، إنما أتركها في يديك الأمينة”.

+ في كثير من الأحيان نصلي كثيرا جدا ..ولا تستجاب طلبتنا !

مشكلتنا أننا في كل ضيقة نتجه إلى المعونة الأرضية! ونتجه إلى ذكاءنا وحيلنا وإلى الزراع البشري في مساعدة الناس لنا.نتجه إلى الظروف والإمكانيات وبسبب هذا نقع في الحيرة والقلق والإضطراب.

ولكن كل هذا يزول ونطمئن إن رفعنا نظرنا إلى فوق لنرى بابا مفتوحا في السماء ونصلي ونطلب معونة من الله وحده كما فعل يوحنا الحبيب وهو في المنفى. هذا الباب يفتحه الله ولايستطيع أحد أن يغلقه.

+ كثيرا ما تأتي الضيفات من البشر…ماذا لو علم شخص أن الأخر ينوي له الشر؟

عليه أن يعلم أن الله يحول الشر دائما إلى خير وأن (ضعف النظر) هو الذي أدى إلى اختراع النضارات، وجود الأمراض أدى إلى اكتشاف المضادات الحيوية، واليتم كان السبب في إنشاء الملاجئ لحماية الأيتام.

الألم قد يراه الناس شرا، فلولا الألم ما تم كشف المرض. وكثيرا ما يقود ألم المرض إلى توبة الشخص. كذلك ألم النفس ينقى النفس ويرفع مستواها، والفقر يؤدي إلى الجهاد وإلى أن يكون الإنسان عصاميا يعتمد على نفسه، وأن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله، أى ليس للمتزمرين.

علمنا يا قداسة البابا ما أفضل الطرق لحل المشاكل؟

كل إنسان معرض للوقوع في مشاكل، ولكن المهم كيف يعالج المشكلة ويحلها.

البعض يحاول أن يعالج المشكلة بالعنف والاصطدام. سواء كان عنفًا ماديًا أوعنفًا في التصرف أوعنفا في الكلام. حيث يحتد على من تسبب في المشكلة ويثور ويستخدم القوة والصوت العالي ويصطدم بالناس وربما في اصطدامه بهم يخسرهم ويفقد صداقتهم ومحبتهم.

وإنسان آخر يحل المشكلة بالسلطة وبالأوامر والنواهي، يحدث هذا بالنسبة لأب مع أولاده وزوج مع زوجته ورئيس مع مرؤوسيه. والسلطة أمر سهل لا يكلف صاحبه شيء. ولكن للسلطة ردود فعل كثيرة قد تكون أيضًا بنفس العنف وقد تؤدى إلى التمرد على السلطة.. وعلى الأقل إن انحلت المشكلة من الخارج لا تنحل في داخل القلب وفي المشاعر والعلاقات.

والبعض يقابل المشكلة بالهروب، ويظن الهروب علاجًا. هو لا يواجه المشكلة وإنما يحاول إن يؤجلها ويبعد عنها ويهرب منها. ولكن في كل هذا لا يحلها.. قد تعاوده المشكلة بعد حين وتتعبه وتظل أمامه قائمة.

وقد يحاول البعض أن يحل المشكلة بتجاهلها..يحاول أن يقنع نفسه بأنه لا توجد مشكلة ويظن أنه إن أغمض عينيه عنها سوف لا يراها وبهذا لا تتعبه! وتظل المشكلة قائمة ولكنه لا يتكلم عنها ولا يفحصها. ولكن المشاكل لها حلول كثيرة. تُحَل بالتفكير الهادئ السليم وبالحكمة، كما كان سليمان الحكيم يحل المشاكل التي تُعْرَض له وعليه.

وتحل المشكلة بالصلاة، بعرضها على الله وبأصوام أحيانًا وقداسات، كما كان يفعل القديسون. وإن كانت بعض المشاكل تحتاج إلى بَت سريع، إلا أن مشاكل أخرى قد تُحَل بالصبر وطول البال.

ليس من اللائق أن تحل المشكلة بمشكلة..
ولا يليق أن تحل المشكلة بخطأ وبطريق غير روحي، مثل أولئك الذين يحلون المشاكل بالكذب وبالدهاء وبالحيلة واللف والدوران وبخداع الناس!!

+ رغم إختلاف الناس في طبائعهم وفي نوايهم تجاهنا.. فكيف نعاملهم ونكسب قلوبهم؟

هناك وسائل عديدة ينجح الشخص من خلالها في معاملة الناس ويكسب قلوبهم، وبهذا يقودهم بالحب في طريق روحي، وكما قال الكتاب “رابح النفوس حكيم”.

وهناك عدد من النصائح أريد أن أقولها لكل ابن من أبنائي ومنها

1- حقق للناس في حياتك المثاليات التي يشتهونها.

2- أزهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس لا تشعر الغير بأنك تتخذ منهم موقف المنافس، الذي يريد أن يستولي على ما في أيديهم، وما يريدون الحصول عليه.

3- احتمل غيرك في وقت ضعفه وفي وقت خطئه واكسبه بطول البال وبالصفح وبسعة الصدر: فلا شك أنه سيندم على ما أساء به إليك حينما يخلو إلى فسه.

4- أمدح الناس وأشعرهم بتقديرك لهم، وبأن كل خير يعملونه هو موضع إعجابك، ولا يخفى عليك.

5- احترم غيرك وعامل الكل بأدب، ليس فقط الكبار منهم ومن أنت مجبر على احترامهم، بل حتى الصغار أيضًا ومن هم أقل منك سنا ودرجة.

6- أعمل على بناء الناس، وليس على تحطيمهم.

7- لا تكن كثير التوبيخ للناس، وإن اضطررت لذلك ليكن ذلك دون أن تجرح أحدًا، ولا تسيء الظن بالناس ولا تحاول أن تصطادهم بتصرف وبكلمة، ولا تشعرهم بأنك تتخذ منهم موقف المنتقد وموقف العدو.

8- أعذر الناس ودافع عنهم بقدر ما تستطيع بأسلوب الحق لا بأسلوب النفاق وبقدر ما يحتمل الموقف بطريقة سليمة لا رياء فيها ولا مجاملة فيها على حساب الحق.

9- أعط باستمرار وابذل والذي لا تستطيع أن تعطيه معونة قدم له كلمة طيبة وابتسامة لطيفة ومجاملة حَقة وقم بواجبك نحو الكل دون تقصير.

10- عامل الناس باتضاع ووداعة، برقة ولطف، فاللطف من ثمر الروح القدس كما قال الرسول (غل5: 22).

11- افهم الناس واجعلهم يفهمونك بهدوء وروح طيبة، وهكذا عش معهم في التفاهم المتبادل، بالمحبة والهدوء.

12- أدخل في علاقات المشاركة الوجدانية المتبادلة “فرحًا مع الفرحين، وبكاء مع الباكين”، لا تترك مناسبة تطيب بها قلوب الناس دون أن تشترك فيها.

★ هذا الحوار ليس أفتراضيا، بل سألت قداسة البابا شنودة الثالث وأجابني من خلال كتبه وعظاته التي ما زالت تمتع وتعلم الكثيرين .

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.