تحتفل كنيسة الروم الأرثوذكس في مصر بعيد القيامة المجيد، وبهذه المناسبة أطلق الأنبا نيقولا أنطونيو مطران طنطا والغربية ومتحدث الكنيسة في مصر نشرة تعريفية عن خدمة صلاة الزيت المقدّس الكبرى، وقال إن الكنيسة تقيم خدمة هذا السر من أسرار الكنيسة ويُسمى "سر الزيت المقدس"، ويقام دائمًا على رجاء شفاء النفس والجسد.
تعاليم القديس يعقوب في رسالته الجامعة
وأضاف الأنبا نيقولا أنطونيو، كتب القديس يعقوب في رسالته الجامعة: "أَعَلَى أحدٍ بينكم مشقّات فليصلِّ، أمسرور أحد فليرتّل، أمريض أحد بينكم فليدعُ شيوخ الكنيسة فيصلّوا عليه ويدهنوه بزيتٍ باسم الرب، وصلاة الإيمان تشفي المريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطيئة تُغفر له، اعترفوا بعضكم لبعض بالزلّات وصلّوا بعضكم لأجل بعض لكي تشفوا ".
وتابع: تضم الخدمة سبع رسائل وسبع أناجيل وسبعة أفاشين لمباركة الزيت، تدل القراءات في هذا اليوم على الارتباط الوثيق بين سر الزيت وسر التوبة. وهذا ما تشير إليه الأفاشين (الصلوات) التي يتلوها الكاهن طالبًا إلى الرب شفاء المريض.. صلاة الزيت هي صلاة الرحمة الإلهيّة. فكما أن الرحمة هي صفة من صفات الله، ينبغي أيضًا أن يتّصف بها أولاده كما قال السيد المسيح: "فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضًا رحيم"..في هذه الخدمة يوضع على المائدة التي في وسط الكنيسة الموضوع عليها الإنجيل الليتورجي إلى جانب الزيت يوضع قمح ونبيذ (خمر).
وأضاف إن "القمح" و"الزيت" و"الخمر" معًا هم عطية عُظمى للإنسان، كقول الرب لشعب لإسرائيل: “ومن أجل أنكم تسمعون هذه الأحكام وتحفظون وتعملونها، يحفظ لك الرب إلهك العهد والإحسان اللذين أقسم لآبائك، ويحبك ويباركك ويكثرك ويبارك ثمرة بطنك وثمرة أرضك: قمحك وخمرك وزيتك”، وكقول داود النبي: “ليُخرج مأكلًا من الأرض... خمرًا تُفرح قلب الإنسان، وزيتًا يُشرق به وجهه، وخبزًا يُشدد قلي الإنسان”، كما أن "الزيت" و"الخمر" معًا يرمزان إلى المحبة الإنسانية والرحمة، كما في مَثَل يسوع عن السامري الصالح الذي مسحَ بالزيتِ والخمرِ جروحَ الذي وقع بين اللصوص.
الزيت بمفرده فيرمز إلى المحبة الإنسانية
وواصل أما "الزيت" بمفرده فيرمز كذلك إلى المحبة الإنسانية، كما ذُكر في سفر نشيد الأنشاد "لِرَائِحَةِ أَدْهَانِكَ الطَّيِّبَةِ. اسْمُكَ دُهْنٌ مُهْرَاقٌ، لِذلِكَ أَحَبَّتْكَ الْعَذَارَى"، كما أنه علامة المسحة الخارجية لحلول الروح القدس، ففي العهد القديم بعد أن مسح صموئيل النبي داود بالزيت حل روح الرب عليه. وفي العهد الجديد فإن الكنيسة الأرثوذكسية في "سر الميرون" تمسح المُعَمَّد بزيت الميرون ليحل عليه الروح القدس وينال مواهبه. وكذلك في "سر مسحة المرضى" يُصلَّى على الزيت طلبًا لحلول الروح القدس عليه ثم يُمسح به المرضى من أجل شفائهم من الأمراض الجسدانية والروحية.
كذلك "الخمر" بمفرده يرمز أيضًا إلى المحبة الإنسانية، كما ذُكر في سفر نشيد الأنشاد: “مَا أَحْسَنَ حُبَّكِ يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ كَمْ مَحَبَّتُكِ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ”، كما أن تحويل المسيح الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل يشير إلى محبة العروسين بعضهما لبعض. وكذلك لأن الخمر قبل كل شيء هو جزء من عشاء الإفخارستيا، وأن الخمر الذي استحال إلى الدم المسكوب من المخلص يسوع المسيح سيشربه المسيحي على مر الأيام.