أصدر مركز السلام للدراسات السياسية والاستراتيجية دراسة بعنوان “تداعيات الحرب الإسرائيلية على المجتمع المسيحي في غزة” من إعداد د.حسام يونس – باحث في العلوم السياسية
وأوضح أنه على الرغم من أن المسيحيين في غزة يشكلون جزءًا مهماً من النسيج الاجتماعي الفلسطيني، إلا أنهم يواجهون تحديات خطرة قد تهدد بإبادتهم في ظل الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر عام 2023م
بدأت الدراسة بمقدمة عن تاريخ المسيحية في القطاع ثم تحليل ديموجرافي عنهم؛ يبلغ عدد المسيحيين في قطاع غزة حوالي 1100 شخص، بعد أن كان عددهم حوالي 3000 شخص عام 2007م، وهذا الانخفاض في أعدادهم بسبب مستويات الهجرة المرتفعة للغاية، وتسهيلات الحصول على التأشيرة من جانب بعض الدول الغربية، وانخفاض معدلات المواليد، وبسبب الاحتلال الإسرائيلي الحصار الخانق على قطاع غزة
وتنتمي الغالبية العظمى إلى الروم الأرثوذكس حوالي 89% ، في حين أن نسبة أقل بكثير من الروم الكاثوليك 9.3% والمعمدانيين والطوائف البروتستانتية الأخرى 1.52%، وفقًا لمسح أجرته جمعية الشبان المسيحيين عام 2014م، ويتوزعون في الوقت الحالي في مناطق متفرقة في مدينة غزة بين الرمال والميناء الجنوبي وتل الهوى، ويعملون في قطاعات مدنية مختلفة كالتدريس والوظائف الحكومية والصياغة والطب وغيرها، جاء بعضهم إلى غزة في أعقاب قيام دولة إسرائيل عام 1948م، وتعود أصول بعضهم الآخر إلى سكان مدينة غزة، إذ يعيشون على هذه الأرض منذ سنة 402 م بعد أن تحولوا من الوثنية إلى المسيحية.
وتتبع الكثير من المدارس، والمؤسسات، والأراضي، والعقارات للكنائس في غزة، ويملك المسيحيون نحو نصف الأراضي في قطاع غزة كون 70% من سكانه من اللاجئين، وتتركز أملاكهم في مدينة غزة. ويعمل معظم المسيحيين في قطاع التجارة منذ عقود كونهم يملكون الكثير من الأراضي والعقارات، ويعتاشون من خلال بيعها وتأجيرها
وبينت الدراسة التأثير العميق والمتعدد الأوجه للصراع على أقلية دينية مهمة في هذا الشأن. بالشكل الذي خلق الوضع الإنساني الكارثي، وتعرضهم لخطر الإبادة في ظل قلة أعدادهم في السنوات السابقة للحرب، وفي ظل هذه الحرب واتباع الاحتلال للسياسة التغيير الجغرافي والديموجرافي لقطاع غزة، فإن بقائهم واستقرارهم سيكون محفوفاً بالشكوك، فالدمار الهائل لم يقتصر على الخسارة الجسدية، بل امتد ليشمل الدمار النفسي والاجتماعي الذي أثر على الأفراد والمجتمع ككل. فضلاً عن الاستهداف المباشر وغير المباشر للكنائس والمنظمات المسيحية والتي تشكل سجلاً للذاكرة الفلسطينية ثقافةً وحضارةً، و ارتباط الفلسطيني بأرضه، على الرغم من أن الاستجابة الإنسانية لهذه الكارثة رغم أنها ضرورية لم ترتق إلى جسامة الحدث، بسبب القيود المفروضة على الشعب الفلسطيني.
وأبرزت الدراسة الثرية أهمية تقديم الدعم والاهتمام للمجتمع المسيحي في غزة في ضرورة تعزيز الجهود الإنسانية لحمايتهم والحفاظ على وجودهم، وإشراك المجتمع الدولي في هذه الجهود لضمان استدامة هذه المجتمعات وحماية تراثها الثقافي والديني. في ظل التحديات المستمرة ومن أهمها التهديد الوجودي.
ومن خلال هذه الدراسة ندعو إلى تعزيز الوعي العالمي ودعم الأقليات في جميع مناطق الصراع، مع إعطاء الأولوية لحماية حقوقهم الأساسية والحفاظ على تراثهم الثقافي والديني. ويجب أن تكون الاستجابات الإنسانية عادلة ومنصفة بالصورة التي تحافظ على بقائهم.