أوروبا تتصدى للمخطط التركي القطري.. اليونان تغلق 8 مدارس تركية وفرنسا وألمانيا والنمسا رفضوا انشاء مدارس تهدف لأجندات سياسية مشبوهة
31.08.2020 07:16
اهم اخبار العالم World News
الموجز
أوروبا تتصدى للمخطط التركي القطري.. اليونان تغلق 8 مدارس تركية وفرنسا وألمانيا والنمسا رفضوا انشاء مدارس تهدف لأجندات سياسية مشبوهة
Font Size
الموجز

في إطار الجهود الأوروبية المُتزايدة على المستويين الرسمي والشعبي للحدّ من تغلغل مفاهيم الإسلام السياسي التي تسعى أنقرة والدوحة لتصديرها، تواصل دول الاتحاد الأوروبي التصدّي للمحاولات التركية والقطرية استغلال بوابتي الدين والتعليم خدمة لأجندات سياسية مشبوهة باتت معروفة جيداً.

ومن المُلفت أنّ اليونان دأبت بشكل مبكر على إغلاق المدارس التركية في البلاد، حيث تمّ هذا الشهر إغلاق 8 مدارس، وبذلك ينخفض عدد المدارس التابعة للأقلية التركية خلال السنوات الماضية في اليونان إلى النصف من 231 إلى 115 مدرسة العام 2020.

يأتي ذلك، بينما رفضت كل من فرنسا وألمانيا والنمسا العام الماضي وهذا العام إنشاء ثانويات تركية دينية على أراضيها، على الرغم من تهديد حكومة حزب العدالة والتنمية بإغلاق المدارس الأوروبية المماثلة في كل من أنقرة وإسطنبول وإزمير.

ويُبدي الاتحاد الأوروبي قلقاً بشأن دعم أنقرة والدوحة للكيانات الدينية المتطرفة في عدد كبير من دوله، وذلك من خلال توفير الدعم المالي والمنصّات الإعلامية، حيث يتزايد رفض توظيف الأئمة الأتراك، نتيجة تصاعد البيانات الموثقة حيال دورهم السياسي.

ويُعدّ هؤلاء الأئمة واجهة خفية لتشكيل الحياة الدينية للأتراك المُقيمين في 11 دولة أوروبية، خاصة في فرنسا وألمانيا والنمسا وهولندا، لخدمة أهداف سياسية ذات صلة بحزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا.

ورغم تبعية العديد من المنظمات الإسلامية المتطرفة في أوروبا، لنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلا أن تقارير ووثائق نمساوية ألمانية فرنسية، أجمعت مؤخراً على أنّ منظمة ميللي جورج ذات الصلة الوثيقة بالإخوان المسلمين، تُعتبر أحد أهم وأخطر تلك المنظمات من حيث التطرف، خاصة وأنّها تتواجد عبر شبكة واسعة من المساجد والمدارس والمعاهد.

جمعيات وشراكات للحصول على الأموال

وتعتبر رئاسة الشؤون الدينية التركية التي تخضع لإشراف مباشر من أردوغان، كلا من فيينا النمساوية وستراسبورغ الفرنسية وكولونيا الألمانية، في مُقدّمة أولويات الحكومة التركية لإنشاء المدارس والمؤسسات الدينية في أوروبا.

ويستثمر الإخوان القوانين الأوروبية، التي تسمح بإنشاء جمعيات وبناء شراكات مع الخارج للحصول على الأموال الضرورية لتأمين أنشطتهم وتحركاتهم.

وتعمل حركة ميللي جورج في النمسا تحت اسم "الاتحاد الإسلامي"، وهي تملك اليوم 22 مسجداً و40 مؤسسة تعليمية وثقافية، وفقاً لتقرير نشرته مؤخراً صحيفة "دي برسه" النمساوية، والتي كشفت أيضاً أنّ المنظمة توسعت بشكل كبير ومقلق في أوروبا خلال السنوات الماضية، حيث ارتفع عدد المساجد المنضوية تحتها من 510 إلى 650، بالإضافة إلى ما يزيد عن 2000 مركز ثقافي وشبابي ونسائي.

ويثير توسع المنظمة قلق أجهزة استخبارات أوروبية بسبب خطورة أنشطتها وسعيها لتحقيق أهداف غير دستورية عبر التجسس والتطرف، بعد أن باتت أكثر التنظيمات التابعة للنظام التركي نفوذا في أوروبا.

وكانت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، كشفت منذ أيام أنّ السلطات فتحت تحقيقا بشأن تحويلات مالية قطرية لمؤسسة تعليمية تابعة لجماعة الإخوان في مدينة سان دوني شمال باريس، وهي المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، ذي الصلة باتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، الفرع الفرنسي لجماعة الإخوان.

ويُدرّب المعهد، الذي بدأ نشاطه في العام 2001 ويستقبل نحو 2000 طالب كل عام، أئمة المساجد ويُعلّم اللغة العربية ومواد تاريخية وفقا لمناهج تُشرف عليها بشكل غير مباشر الشؤون الدينية التركية.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا الحكومة إلى تعزيز السيطرة على التمويل الأجنبي في شؤون العبادة والدين، وذلك في أعقاب الكشف عن تمويل "مؤسسة قطر الخيرية" لحوالي 20 مركزاً إخوانياً في فرنسا منها المعهد المذكور.

وفي إبريل (نيسان) الماضي، وعد ماكرون بألا يكون هناك أيّ تهاون بمواجهة أولئك الذين يريدون فرض "إسلام سياسي يسعى إلى الانفصال" عن المجتمع الفرنسي، في تصريحات قويّة فسّرها مُراقبون بأنها موجهة لتركيا وقطر بشكل خاص.

رفض لافتتاح ثانويات تركية

وكانت أنقرة حاولت العام الماضي افتتاح مدارس دينية في فرنسا، لكنّ وزير التعليم الفرنسي جان ميشيل بلانكر تصدّى لتلك المحاولات، مُستنكرًا محاولات السلطات التركية توسيع نفوذها خارج حدود بلادها، حتى أنّ وزارة التربية الفرنسية رفضت إدراج تعليم اللغة التركية في المدارس الابتدائية للعام الدراسي الجديد 2020-2021، في حين اعتمدت تدريس اللغة العربية لمن يرغب في المدارس الفرنسية.

وقال بلانكر حينها إنه يرفض المشروع التركي بإنشاء مدارس تركية في فرنسا، وندّد بسياسات النظام التركي الحالي، ووصفه بأنه "عدواني" و"استبدادي"، مُشدداً على أنه لا يعارض وجود مؤسسات دولية في فرنسا، لكنه يرفض قيام السلطات التركية بالضغط على المؤسسات الفرنسية لتحقيق أهدافها.

كما وما زالت ألمانيا ترفض السماح لأنقرة بإنشاء مدارس على أراضيها، إذ تُجري الحكومة التركية مفاوضات صعبة مع نظيرتها الألمانية بشأن إنشاء مدارس تركية في ألمانيا وفق مبدأ التعامل بالمثل، حيث تُدير برلين منذ سنوات مدارس خاصة في بعض المدن التركية.

واستناداً إلى مذكرة نشرتها وزارة الخارجية الألمانية مؤخراً فإنّه من المفترض أن تنظم الاتفاقية بين حكومتي تركيا وألمانيا الأطر القانونية لإنشاء ثلاث مدارس تركية في ألمانيا مقابل المدارس الألمانية الثلاث القائمة بالفعل في أنقرة وإسطنبول وإزمير، فيما كان من المرجح إنشاء مدارس تركية في برلين وكولونيا وفرانكفورت، حيث يقطن فيها الكثير من الأتراك أو المنحدرين من أصول تركية.

ومع فشل المفاوضات بين أنقرة وبرلين حول ذلك، فإنّ القانون الألماني ذاته لا يسمح في كافة الأحوال بأن تتولى دولة أجنبية إنشاء مدارس على أراضي البلاد، كما أن الولايات الألمانية هي التي تتولى مسؤولية وضع سياسات التعليم في حدودها، ما يعني أن سياسة التعليم لا تخضع لإرادة الحكومة الاتحادية في برلين.

وسبق أن جدّد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس مراراً أن تركيا لن يكون بإمكانها إنشاء ثلاث مدارس في ألمانيا كما هو مخطط إلا بخضوع تلك المدارس للقانون الألماني، والالتزام بقوانين التعليم التي تسنّها الولايات وأن تخضع للرقابة المدرسية، مُحذّراً من أنّه "لن يكون هناك مُطلقاً أي مساحة لتدريس أشياء تتعارض مع قيمنا".

لا للأئمة الأتراك في أوروبا

وفيما أعلنت فرنسا مراراً أنها لا ترغب في توظيف أئمة مساجد من تركيا، وبدأت الاستغناء عن الموجودين حالياً بشكل تدريجي، تتزايد المخاوف الألمانية في هذا الصدد بسبب تبعية معظم الأئمة والمؤسسات الدينية في ألمانيا للاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب" اليد الطولى لأردوغان ومخابراته ولحزب العدالة والتنمية في بثّ خطاب سياسي إسلامي مُتشدّد.

كذلك فقد فعّلت النمسا قانونا يحظر التمويل الخارجي لأئمة المساجد، وأصدر البرلمان النمساوي في سبتمبر (أيلول) 2019، توصية بحظر الاتحاد الإسلامي التركي في النمسا "إتيب"، وحركة ميللي جورج التي وصفها القرار بأنها "مقربة من جماعة الإخوان".

وفي إطار محاصرة مصادر تمويل التنظيمات الإسلامية المتطرفة كتنظيم الإخوان، سارعت الدول الأوروبية لسنّ ترسانة من القوانين الجديدة التي ضيقت إلى حدّ ما على مواردها المالية، إلا أن هذه الإجراءات بقيت قاصرة في ظلّ تسهيل الحكومتين التركية والقطرية إرسال الأموال عبر طرق غير مباشرة يصعب كشفها.

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.