في الماضي البعيد كانت المنيا عاصمة الإمبراطورية المصرية القديمة، حيث جلست الملكة نفرتيتي في تل العمارنة بمركز بدير مواس الحالي، ومعها زوجها أخناتون أول من نادي بعبادة التوحيد، ومن رحم نفرتيتي رمز الشموخ المصري، جاء أحفاد لها كثيرون في كل المجالات، ففي الماضي القريب كانت هدي شعراوي أحد أحفاد الملكة نفرتيتي أول من شكلت الحركة النسائية في التاريخ المصري الحديث، ووالدها محمد سلطان باشا رئيس أول برلمان في عهد الخديو توفيق ، وجاء طه حسين أبن مركز مغاغة عميد الادب العربي وقائد التنوير في المنطقة العربية، كصوت صارخ ضد الظلام الذي اكتست به مصر ومركز حكم جدته نفرتيتي في محافظة المنيا، وكثيرون في كل المجالات جاءو كحبات رزاز من جينات الملكة نفرتيتي ليعلنوا عن وجودها في التاريخ المصري، وكرمز لمحافظة المنيا لن ينقطع نوره أو تاثيرة مهما إشتدت الظلمات.
وفي وسط الظلام الدامس ظهر الأنبا مكاريوس الأسقف العام للمنيا ليس كرجل دين مسيحي فقط، بل صوت صارخ قادم من قبر نفرتيتي ضد برية الظلام الدامس، الذي يحاول أن يجتاح كل ربوع المحافظة، وينشر فيها الخراب والدمار لكن ما زال صوت الانبا مكاريوس الذي يمتزج بالقوة والشموخ والحكمة والوطنية والهدوء حائط صد منيع ضد هذا الظلام،
فرغم كل الأحداث الطائفية المتتالية التي شهدتها محافظة المنيا في العقود الأخيرة فما زال الرجل صامد ثابت، مع إستقرار الوطن والسلم الإجتماعي فكل المسئولين التنفيذين والأمنيين الذين تولوا المسئولية في تاريخ وجوده كأسقف عام للمنيا، أشادوا بحكمته، وحسه الوطني، ورؤيته لإستقراء الأحداث والمواقف، وعمق إدراكه، ووعيه لكيفية إدارة الأزمةن بما يساهم في سلامة المجتمع وإستقراره.
ورغم قسوة ووجع ألم تلك الأحداث، نجد رجل قوي لديه ثبات إنفعالي وإتزان نفسي لا يهتز او ييأس بل صامد ثابت من أجل الوطن مصر.
رجل بسيط متواضع يحاول أن يحتضن ويحتوي الجميع، بابه مفتوح للقاصي والداني من أولاد محافظة المنيا يتجاوب مع كل الإطروحات والأراء، التي تخدم مصلحة الوطن، قارئ جيد، ومثقف عتيق، في جلباب نيافته تجد رائحة عبق الهوية المصرية، التي هي صوت القداس الالهي في الكنيسة القبطية، هنا يصرخ الانبا مكاريوس في صلاته علي المذبح الالهي ويقول عن مصر ورئيسها
أحفظ رئيسنا بسلام وعدل وجبروت، ولتخضع له كل الأمم الذين يريدون الحرب في جميع ما لنا من الخصب.، تكلم في قلبه من أجل سلام كنيستك الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية. أعطه أن يفكر بالسلام فينا وفي إسمك القدوسُ، لكي نحيا نحن أيضاً في سيرة هادئة ساكنة ونوجد في كل تقوي وكل عفاف بكُن تفضل يا رب الزروع والعشب، ونبات الحقل ومياة النهر في هذه السنة، باركها.
هكذا يصلي إبن الكنيسة القبطية التي هي سليلة الحضارة المصرية من أجل الرئيس وكل شعب مصر وهكذا يصلي كل شعب مصر مسلمين وأقباط أن يحفظ الله مصر من كل مكروه وشر وأن ينشر الرخاء والنماء والأمن والأستقرار وأن يرفع روح البغاء والغلاء وشر سيف الأعداء والإرهاب .