يبدأ رئيس الحكومة اللبناني المكلف مصطفى أديب، اليوم الأربعاء، مشاوراته مع الكتل البرلمانية لتشكيل حكومته، غداة إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من بيروت، تعهد القوى السياسية بإتمام المهمة خلال مدة أقصاها أسبوعين.
تأتي مشاورات "أديب" وسط رفض شعبي يقوده الحراك اللبناني المناهض للسلطة، والذي نظم تظاهرة تحت عنوان "غضب لبنان الكبير".
وغادر ماكرون بيروت اليوم، متوجهاً إلى العراق، بعد التوافق مع القوى السياسية اللبنانية على خارطة طريق تتضمن تشكيل حكومة بمهمة محددة مؤلفة من شخصيات ذات كفاءة، تلقى دعم الأطراف السياسية وتنكب على إجراء إصلاحات عاجلة مقابل حصولها على دعم دولي، وفقا لما ذكرته قناة "العربية".
و"أديب"، البالغ من العمر 48 عاماً، والذي تم تكليفه مساء أمس، بتشكيل الحكومة قبل ساعات على وصول ماكرون في زيارته الثانية إلى لبنان، يحظى بدعم أبرز القوى السياسية المتخاصمة، على رأسها تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري من جهة وحزب الله ورئيس الجمهورية ميشيل عون من جهة ثانية.
وبعد مرور 21 يوما على استقالة رئيس الحكومة حسان دياب على خلفية انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس، مودياً بحياة 190 شخصاً ومخلفاً آلاف الجرحى، أعلن الرئيس اللبناني ميشيل عون رسميا، تكليف السفير مصطفى أديب بتشكيل حكومة جديدة.
حكومة بمهمة محددة
ويجري "أديب"، الاستشارات غير الملزمة في مقر إقامة رئيس البرلمان نبيه بري، بسبب تضرر مجلس النواب في انفجار مرفأ بيروت. ويبدأ استشاراته بلقاء رؤساء الحكومات السابقين ثم الكتل النيابية.
وعادة تكون عملية تشكيل الحكومات في لبنان مهمة صعبة وتستغرق أسابيعا وأحيانا شهورا، إلا أن الضغط الفرنسي بدا واضحاً خاصة مع تعهد ماكرون بالعودة إلى لبنان في زيارة ثالثة نهاية العام، ودعوته الأطراف السياسية إلى باريس الشهر المقبل لتقييم الخطوات المنجزة على صعيد "خارطة الطريق" في اجتماع سيعقد بموازاة مؤتمر دعم دولي للبنان بالتعاون مع الأمم المتحدة.
وقال ماكرون خلال مؤتمر صحفي عقده أمس، بعد لقائه تسعة من ممثلي أبرز القوى السياسية في مقر السفارة الفرنسية في بيروت، إن "الأطراف السياسية دون استثناء، التزمت بألا يستغرق تشكيل الحكومة أكثر من 15 يوماً".
وتحدث الرئيس الفرنسي عن "حكومة بمهمة محددة مع شخصيات ذات كفاءة، مؤلفة من مجموعة مستقلة ستحظى بدعم الأطراف السياسية التي التزمت مع رئيس الحكومة المكلف".
ورعت فرنسا في التاسع من أغسطس الماضي، مؤتمراً دولياً لدعم لبنان بعد أيام على انفجار مرفأ بيروت تعهد خلاله المشاركون بتقديم أكثر من 250 مليون يورو لمساعدة اللبنانيين، على أن تقدم برعاية الأمم المتحدة وبشكل مباشر للشعب اللبناني، من دون أن تمر بمؤسسات الدولة المتهمة بالفساد.
غضب لبنان الكبير
ويشترط المجتمع الدولي على لبنان إنجاز إصلاحات جدية وطارئة لدعمه مالياً على الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي المتسارع الذي يشهده منذ نحو عام وفاقمه انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس.
ومساء أمس نظم الحراك اللبناني المناهض للسلطة، تظاهرة تحت عنوان "غضب لبنان الكبير" مطالبا "بحكومة اختصاصيين، لا حكومة حصص وتحاصص"، رافضين تكليف "أديب" معتبرين إياه من أتباع السلطة.
وجدد الحراك اللبناني الذي انطلق منذ أكتوبر الماضي ضد الطبقة السياسية، وأعاد الانفجار المأساوي الذي دمر مرفأ المدينة، رفضه لمبدأ تقاسم السلطة الذي لا يزال سائدا بين الطبقة السياسية والأحزاب، مطالباً بحكومة مستقلة خارج السياسيين الحاليين الذين يتهمونهم بالفساد والفشل في إدارة شؤون البلاد.