بقلم عادل نعمان
ولا أعرف حكمة الزواج من الثانية أو الثالثة حتى الرابعة كما زعموا إلا لإشباع رغبة الرجل واستمتاعه وتحقيق مآربه وملذاته وقضاء حوائجه ووطره، أو لخلفة ولد يرجوه، أو لسعادة افتقدها يأملها، أو لشباب ضائع يسترده، ولا أتصور أن يكون هذا الحق للمرات الأربع عدلًا وصوابًا للرجل، وليس عدلًا وصوابًا للمرأة أيضًا، فكما يكون إنصافًا للرجل فوجب أن يكون إنصافًا للمرأة أيضًا بشكل أو بآخر، ولو كان هذا من حظ ونصيب الرجل، فأين بعض الحظ وبعض النصيب للمرأة المسكينة، مادام هو لنفس العلة ولذات السبب؟ ولا أصدق أيضًا عن رب العباد، الرحمن الرحيم، يلبى للرجل كل مراده وأطماعه، ويترك المرأة ولها من الأطماع والطموحات والرغبات كما الرجل، ولا أراه منطقيًا أو مقبولًا أن يستجيب الله لدعاء الرجل والتماسه، ويترك أوراق المرأة وطلباتها فى أدراج الملائكة دون تلبية، أو يتركها فى يد الفقهاء، وإلا فقل لى، بالله عليك، كيف بالله، خالق البشر، أن يفرج عن مهموم ويترك الآخر، أو يستجيب لغريزة الرجل ولا يستجيب لغريزة المرأة، أو يشبع رغبة الرجل دون المرأة، وكأن من الجائز أو اللازم أن يكون قدَرها، لو كانت زوجة من الزوجات الأربع، أن يتركها بلا مال أو غطاء أو ليلة سرير، وهذا هو بيت القصيد؟!، والسؤال الذى يعجز كل المشايخ عنه: وماذا عن حق المرأة فى كل ما سبق، وقد استجاب الله للرجل فى كل شىء: زوجة واحدة للولد، وأخرى جميلة للفراش، وثالثة للدلع، ورابعة للطبخ والغسيل، ومئات الجوارى الحسان، إن أمكن، وهكذا، والمرأة وحيدة دون معين أو رفيق؟! إلا إذا ذهب المفسرون مع الرجال لتلبية أطماعهم ورغباتهم، وكأن الدين الحنيف لهم وحدهم وليس لغيرهم.
هذه عن الأولى، أما عن الثانية، فلا أتصور أن الله، العادل العدل، يعطى الرجل كل هذا الحق، ينتقل من حجر واحدة إلى حضن أخرى، ومن طعام امرأة إلى طعام امرأة أخرى، دون التزام أو واجب، مفروض عليه فرضًا لا يتنصل منه، ملتزم به أشد ما يكون الالتزام، قائم عنده أفضل ما يكون القيام، منضبط على بابه أوفى ما يكون الانضباط، كلما كان مستمتعًا بزوجاته الأربع. متساويان لا يفترقان، متلازمان ما استمرت الحياة بينهما، أحدهما التعدد والآخر، وهو «العدل»، وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة «العدل فى الإنفاق على الزوجات والأولاد، وإشباع رغباتهم وتحقيق طموحاتهم من علم وتربية، العدل فى الحب والرحمة والمودة، ولا أتصور أن هذا الحق مسموح ومباح ومتاح دون هذه الواجبات والالتزامات، ودون حساب أو عقاب، بل لا يجوز أن يمارس الرجل هذا الحق إذا انصرف عن تنفيذ هذا الواجب، أو أوقفه وعطله، بل ضمن استمراره وإنفاذه. ولا يُقبل ولا يُعقل عن هؤلاء المتأسلمين هذا القول» هذا حق يمارسه الرجل وقتما يشاء وكيف يشاء، دون رد أو تأجيل، أما تقصيره وإخلاله بواجباته فهو مسؤول عن هذا أمام الله، يسأله عن كل هذا يوم القيامة.. كيف؟ هذا نصب واحتيال، وإخلال بالعهود والعقود، وتضليل وتسويف، الحق رفيق الواجب، والبيع قرين الشراء، والمتعة مرهونة بالسداد، والعقوبة ملاصقة للجرم، والمكافأة مقرونة بالنجاح، ولو أجّلنا الالتزامات لعذر لأجّلنا الحقوق لذات السبب، ولو تأخر المشترى عن السداد لسقط البيع فى اليوم ذاته، فلا حق دون أداء، ولا متعة دون ثمن، والبيع النافذ مرهون بسداد القيمة.
أما عن الثالثة، فهى مَن المسؤول عن تنفيذ هذا «العدل»، وهو شرط الزواج من أخرى وتعدده؟ (إذا لم نفهم ونستوعب أن التقييد بـ«العدل» تحريم، وأن هذا الشرط تعجيز ومنع فى نفس الوقت أيضًا، لكن دعونا نسر مسارهم، ونفهم على قدر ومقاس عقولهم، وإن كنت شخصيًا على قناعة بأن هذا التقييد يصل إلى مرحلة التعجيز والتحريم)، «أو قل مَن المنوط به تنفيذ صفقة البيع والشراء هذه، وإلزام كل طرف بحقوقه وواجباته، استجابة لشرط العدل، إن صح هذا التعبير؟ وللإجابة عن هذا السؤال: نعود قليلًا لنتذكر سويًا حال شوارعنا، ومشكلة أولاد الشوارع، والهاربين من التعليم، والإرهابيين والمتطرفين، والبلطجية والحرامية، وتجار المخدرات، وسوء التغذية والأدب والرباية، والمتسولين والمعدومين والمقهورين، ولو عرفت حضرتك أن النسبة الغالبة من كل هؤلاء هم أولاد هؤلاء الرجال الباحثين فى كتب الفقهاء عن حقوقهم دون واجب أو التزام، ومفهومهم أن التعدد حق، أما العدل فهو مشروع ربما يفشل وربما ينجح، وأغلبهم ممن تنطبق عليهم مقولة: «حسبنا الله ونعم الوكيل فيه»، وحسابه عند ربه يوم القيامة، ونسينا أن هذا الأب قد ترك لنا فى شوارعنا بلطجية وحرامية وتجار مخدرات ومتسكعين وعواطلية ومشروعات إرهابية حاقدة على الناس وعلى المجتمع، إلا مَن رحم ربى، أو ترك لنا أمهات يعانين تربية الأولاد ويكابدن حتى يعبرن الحياة، وربما يفشلن أو ينجحن، ويكفى الفقهاء فخرًا ورضا أن الرجل ضالع فى نعيمه وفى غيه وظلمه باسم الدين»، معًا حول هذا الأب الأسبوع المقبل.