انطلق المشاركون في المؤتمر العالمي السادس حول الإيمان والنظام، الذي نظمه مجلس الكنائس العالمي، بالتعاون مع المعهد اللاهوتي المسكوني العالمي، في رحلة روحية، لاستكشاف التراث الحي للرهبنة القبطية في وادي النطرون، مصر.
ويقع وادي النطرون في حوض صحراوي منخفض على ارتفاع 23 مترًا تحت مستوى سطح البحر، ويتميز ببحيراته الغنية بالملح، ومستنقعاته، ورواسبه الطبيعية من النطرون
عُرف في الأدب المسيحي المبكر باسم "السقيط" أو "الإسقيط"، وهو من أقدم مراكز الحياة الرهبانية المسيحية.
وساهم، إلى جانب نيتريا وكيليا، في نشأة التقاليد الرهبانية التي شكلت المسيحية حول العالم.
واليوم، لا يزال وادي النطرون الموقع الوحيد من بين المواقع الصحراوية التاريخية الثلاث التي لا تزال موطنًا لمجتمعات رهبانية نشطة، وغالبًا ما يُوصف بأنه القلب الروحي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
طوال اليوم، زار المشاركون اثنين من أهم الأديرة التاريخية في المنطقة: دير القديس مقاريوس الكبير ودير باراموس. كما أمضوا وقتًا في التأمل والتواصل الروحي في مركز أنافورا للخلوة الروحية.
أسس دير القديس مقاريوس نفسه في منتصف القرن الرابع، ولعب دورًا محوريًا في تشكيل هيكل الحياة الرهبانية وقواعدها الروحية، التي انتشرت لاحقًا إلى أجزاء أخرى من العالم المسيحي. ويرجع العديد من البطاركة الأقباط أصولهم إلى هذا الدير، مما يعزز أهميته الراسخة للكنيسة.
دير البراموس، الذي تأسس حوالي عام 335 ميلاديًا، مُكرّس للسيدة العذراء مريم، ويظل أقصى شمال الدير من بين الدير الرهباني الأربع الباقية في وادي النطرون. اسمه، المشتق من الكلمة اليونانية "باروميوس" التي تعني "الرومان"، يُذكرنا بالصلات القديمة مع القديسين مكسيموس ودوميتيوس.
ويحمل تاريخه علامات الصمود، من غارات الصحراء إلى إعادة الإعمار، ولا يزال اليوم يُغذي مجتمعات الصلاة والضيافة والدراسة. من بين قديسيه موسى الأسود، والقديس أنبا إيسيدور، والقديس أرسانيوس، الذين يُذكر كل منهم بحياة الإيمان العميق والتوبة.
عندما زارت المجموعة هذه المواقع الأثرية عن كثب، ترك مزيج التاريخ والإيمان والثقافة انطباعًا قويًا.
ثقافتنا متشابكة بعمق مع الروحانية القديمة
قالت ندى أمير من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التي ساهمت في تنظيم الزيارة: "ثقافتنا متشابكة بعمق مع الروحانية القديمة، لدرجة أنها تتدفق بطبيعتها أينما ذهبنا معًا".
وأضافت: "لقد عكست زيارة اليوم بشكل رائع تلك الثنائية - من الأهرامات إلى الأديرة - التي تمزج الحضارة المصرية القديمة بالحضارة القبطية".
ووصف القس جينيسا من إندونيسيا، أحد المشاركين في مبادرة GETI، شعورًا عميقًا بالتواصل: "أشعر بالبركة لأنني أستطيع أن ألتقي بجميع المباني وأنظر إليها، وأشعر وكأنني متصل بالله... أنظر إلى أشياء لم أرها من قبل. أشعر بالبركة".
واختتم اليوم بزيارة واحتفال خاص في مركز أنافورا للتأمل الروحي، حيث تبادل المشاركون تأملاتهم وسط سكون الصحراء. وأشار القس الدكتور سوتيريوس بوكيس من الكنيسة الإنجيلية في اليونان: "في الكتاب المقدس، يلتقي الله بشعبه في الصحراء مرات عديدة.. زيارتنا هنا تُعطينا لمحة عما يفعله الله هنا وكيف يعمل الله في وجوه من يخدمونه".


