قال الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات د.أحمد عامر، إن الحضارة المصرية قدست المرأة وكانت أول من احتفت بالأمومة، حيث تم العثور على بردية تعود لعصر الدولة القديمة منذ حوالي خمسة آلاف عام يُحتفل فيها بالأم، حيث نجد أن المصريين القدماء كانوا في ذلك اليوم يضعون في غرفتها الهدايا والتماثيل المقدسة المعبرة عن الأمومة، وكان يتم الاحتفال بعيد الأم بمصر القديمة آخر شهور فيضان النيل، ونجد أنه في عهد المصريين القدماء أن المرأة تمتعت بحقوق كثيرة، فنجد اشتغالها بالكثير من المهن والحرف حتى صارت ملكة تحكم البلاد.
وتابع "عامر" فى تصريحات صحفية اليوم، أن المصريين القدماء اتخذوا من "إيزيس" رمزًا للأمومة، وكانت تُمثَل كثيرًا وهى ترضع حورس، كما صارت أيضًا رمزًا للأمومة والحماية، وكان يتم الاحتفال بهذا العيد بإقامة مواكب من الزهور تطوف المدن، كما نجد أيضًا أن المصريين القدماء اعتبروا تمثال "إيزيس" التي تحمل ابنها "حورس" وهي ترضعه رمزًا لعيد الأم فوضعوه في غرفة الأم وأحاطوه بالزهور والقرابين، ووضعوا حوله الهدايا المقدمة للأم في عيدها الذي يبدأ الاحتفال به مع شروق الشمس.
وأشار "عامر" الى أن المصريين القدماء جعلوا من "حتحور" إلهةً للحب والعطاء وللأمومة، بل وعبدوها، فقاموا بتصويرها بملامح أم طيبة تدرك عطفها فور رؤيتها، ترجع جذور عبادتها إلى عبادة البقرة الوحشية لترتبط بفكرة الإلهة الأم وتجسد الطبيعة، كما عُرفت بإلهة السماء، كما عرّفها "مينا" موحد الشمال والجنوب على لوحته بـ "بات".
واستطرد الخبير الأثري أن المرأة في مصر القديمة كانت رمزًا للأمومة والإلهة التي تلد وتقوم برعاية الطفل حتى سن البلوغ، كما حرص الملوك على ضرورة تلبية احتياجات النساء، ويظهر ذلك جليًا في نقوش الحكمة التي ألقاها العلماء في واحدة من برديات الحكيم "بتاح حتب" حيث أوصى فيها بحفظ قيمة الأم وهو يقول "إذا كنت عاقلًا فأسس لنفسك دارًا وأحبب زوجتك حبًا جمًا وآتها طعامها وزودها بالثياب وقدم لها العطور لينشرح صدرها، فهى حقل مثمر لصاحبه وإياك ومنازعتها ولا تكن شديدًا عليها، فباللين تستطيع أن تمتلك قلبها واعمل دائمًا على رفاهيتها ليدوم صفاؤك"، كما نجد أيضًا من وصايا "الحكيم آنى" إلى ابنه فيقول له "يجب ألا تنسى فضل أمك عليك، ما حييت فقد حملتك قرب قلبها، وكانت تأخذك إلى المدرسة وتنتظرك ومعها الطعام والشراب، فإذا كبرت واتخذت لك زوجة فلا تنسَ أمك".
وأكد "عامر" أن إحدى برديات تل العمارنة وجدت على شكل رسالة كتبها طفل لأمه في عيد الأم نصها "اليوم عيدك يا أماه، دخلت أشعة الشمس من النافذة، لتقبل جبينك وتباركك في يوم عيدك، استيقظت طيور الحديقة مبكرة لتغرد لكِ في عيدك، تفتحت زهور اللوتس فى البحيرة لتحييكِ، الفراش يرقص فرحاً متنقلاً بين الزهور مهنئاً بعيدك، اليوم عيدك يا أماه فلا تنسي أن تدعى لي في صلاتك للرب، فقد قال "آمون" "إن دعاء الأبناء لا يصل إلى آذان السماء إلا إذا خرج من فم الأمهات، اليوم عيدك يا أماه إنه فرح السماء الذي تفرح فيه المعبودة إيزيس وهى تشاركك أفراحك.