أكد السفير ألبارو إيرانثو سفير إسبانيا بالقاهرة أن السلطات الإسبانية تقدر عاليًا وتشيد بقوة بالجهود المضنية التي تبذلها مصر والرئيس عبدالفتاح السيسي لوقف إراقة الدماء في قطاع غزة ولبنان، مشددًا على أن مصر لاعب رئيسي في المنطقة ولا يمكن التوصل إلى حل دون مشاركتها الكاملة ودورها الوسيط.
وأشاد السفير الإسباني- فى حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط بمناسبة اليوم الوطنى لإسبانيا والذى يوافق غدًا السبت- بعمق العلاقات التى تربط بين بلاده ومصر لاسيما على المستوى السياسي والازدهار الذي شهدته في السنوات الأخيرة في ضوء الزيارات رفيعة المستوى المتبادلة بين الجانبين..
وقال إنه على مدى سنوات عديدة، عملت إسبانيا ومصر باستمرار على تعزيز علاقاتهما الثنائية التي وصفها بأنها " قوية وثرية".
وأضاف أن مصر تعد واحدة من أقرب شركاء إسبانيا وأكثرهم ثقة فى منطقة البحر المتوسط، وأنه وفي ضوء التحديات العالمية العديدة التي نواجهها، ضاعفت البلدان من أنشطتهما وبرامج التعاون الثنائي.
الحوار السياسى القائم على القيم المشتركة والثقة
وأوضح إيرانثو أن الحوار السياسي، القائم على القيم المشتركة والثقة، هو القوة الدافعة لعلاقاتنا الثنائية، التي تشمل العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، مشيرا إلى أنه منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، تكررت الزيارات رفيعة المستوى المتبادلة، وأنه منذ زيارة الرئيس الرسمية إلى إسبانيا في عام 2015، عقد ما لا يقل عن 30 لقاءً ثنائيًا رفيع المستوى بين كلا البلدين.
وتابع: إن رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز قام بزيارة مصر فى شهر أكتوبر من العام الماضي، حيث شارك "قمة السلام" في القاهرة، وقام بزيارة رسمية أخرى إلى مصر في نوفمبر من العام نفسه، كما قام وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس بزيارة عمل إلى القاهرة فى مارس الماضي، حيث استقبله الرئيس السيسي، وزار نائب وزير الخارجية دييغو مارتينيز مصر في يوليو الماضى.
وأوضح أن الفترة الماضية شهدت زيارات أيضا من الجانب المصرى إلى إسبانيا، إذ قام وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج الدكتور بدر عبد العاطي بزيارة إلى مدريد فى سبتمبر الماضى، شارك خلالها فى اجتماع مدريد لتنفيذ حل الدولتين مع أعضاء مجموعة الاتصال العربية الإسلامية بشأن غزة والدول الأوروبية التي التزمت بالاعتراف بفلسطين، كما التقى وزير الخارجية خلال الزيارة ونظيره الإسبانى.
وأضاف أن وزير الخارجية السابق سامح شكرى شارك فى اللجنة الوزارية للقمة العربية الإسلامية التي عقدت في برشلونة في نوفمبر 2023، كما شارك وزير السياحة أحمد عيسى في المعرض الدولي للسياحة (FITUR) في مدريد، وحضر وزير الاتصالات عمرو طلعت مؤتمر الهاتف المحمول العالمي في برشلونة، كما قام وزير الخارحية السابق بزيارة رسمية أخرى إلى مدريد في يونيو الماضى، وتضمنت مناقشات حول الاعتراف بفلسطين مع رئيس الوزراء سانشيز والوزير ألباريس.
مصر تحظى بأولوية بالنسبة للتعاون الإسبانى
وأوضح أن وزير النقل كامل الوزير قام أيضا بزيارة إلى إسبانيا والتقى مع أوسكار بونتي، وزير النقل، حيث ناقشا التعاون بين البلدين وخاصة بين الشركات الإسبانية والهيئة القومية للسكك الحديدية المصرية.
وسلط السفير الإسبانى الضوء على العدد المتزايد من مشاريع التنمية بين الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي وشركائها المصريين فى الحكومة والمجتمع المدني، مؤكدًا أن مصر تحظى بأولوية بالنسبة للتعاون الإسباني، بهدف تعزيز قدرات البلاد ومؤسساتها والمجتمع المدني، من أجل دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة والعادلة.
وأضاف أن إجمالي المساعدات الإنمائية الرسمية في الفترة 2015-2023 بلغ 76 مليون دولار أمريكي، موضحا أن القطاعات ذات الأولوية حاليًا هي النوع الاجتماعي والاقتصاد الأخضر والهجرة والحماية والتنمية.
وأشار إلى الحرص على تعزيز مواءمة عمل التعاون الإسباني مع الأولويات المصرية فيما يتعلق بالتشغيل والاقتصاد الأخضر، فضلًا عن الاستجابة للاحتياجات المتزايدة لحماية الفئات الضعيفة والاستجابة الإنسانية للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء.
وحول الزيارات واللقاءات الثنائية المتوقعة خلال الفترة المقبلة.. كشف السفير إيرانثو عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الإسبانى خلال الأيام المقبلة إلى القاهرة، سيعقد خلالها مشاورات سياسية مع الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج حول الوضع الإقليمي الحساس والقضايا الثنائية ذات الصلة.
وقال إيرانثو إن وزيرة الإسكان إيزابيل رودريجيز سترأس الوفد الإسباني في المنتدى الحضري العالمي الذي سيعقد في القاهرة في الأسبوع الأول من نوفمبر القادم، كما انه من المتوقع مشاركة وزيرة الدولة للتعاون إيفا جرانادوس، معربا عن أمله فى الاتفاق قريبًا على موعد لزيارة رسمية للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إسبانيا.
وبشأن التنسيق الوثيق بين القاهرة ومدريد، فيما يتعلق بالقضايا الدولية والإقليمية، والخطوات التالية التي تنوي إسبانيا اتخاذها بعد خطوتها المهمة المتمثلة في الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. سلط السفير إيرانثو الضوء فى هذا الصدد على الاجتماع الوزاري الذى استضافته العاصمة الإسبانية "اجتماع مدريد من أجل تنفيذ حل الدولتين" الذي عقد في 13 سبتمبر الماضي مع أعضاء مجموعة الاتصال العربية الإسلامية بشأن غزة وعدة حكومات أوروبية ملتزمة بتعزيز الاعتراف بفلسطين، وهو الاجتماع الذى اختتم باعتماد "إعلان مدريد"، الذي يجدد الالتزام الذي لا رجعة فيه من جانب المشاركين بتنفيذ حل الدولتين، وإنهاء الحرب في غزة، وإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، واحترام القانون الدولي.
وعن الخطوات التي يمكن لمصر وإسبانيا اتخاذها لجعل المتوسط بحرًا للسلام ووقف قوارب الموت، أكد السفير الإسباني أن بلاده دافعت منذ فترة طويلة عن سياسة شاملة للاتحاد الأوروبي في البحر المتوسط، والتي بدأت مع عملية برشلونة في عام 1995 وتطورت إلى الاتحاد من أجل المتوسط، حيث تعطى إسبانيا الأولوية لتعزيز البُعد الجنوبي لسياسة الجوار، بهدف تعزيز الرخاء المشترك على ضفتي المتوسط.
وقال إنه من بين المبادرات المهمة في هذا الصدد المراجعة الجارية لأجندة البحر المتوسط الجديدة، وهي جهد تعاوني تقوده إسبانيا وفرنسا لجعل البحر الأبيض المتوسط بحرًا للسلام ومكافحة الظاهرة المأساوية المتمثلة في وفاة المهاجرين غير النظاميين.
وأضاف أن مصر وإسبانيا تسعيان، إلى جانب دول ساحلية أخرى، إلى اتباع استراتيجية متعددة الأوجه، حيث تتطلب هذه المشكلة المعقدة العمل في العديد من المجالات.
مصر وإسبانيا تدافعان عن نهج شامل للهجرة
وأوضح إيرانثو أن كلا من مصر وإسبانيا تدافعان عن نهج شامل للهجرة يتجاوز مجرد إنفاذ القانون ضد الهجرة غير النظامية، ويسعى أيضًا إلى تعزيز التنمية والنمو الاقتصادي وسبل الهجرة القانونية في منطقة البحر الأبيض المتوسط بأكملها.
وأشار إلى التزام بلاده بتعزيز سياسة الهجرة الأوروبية التي تتماشى مع هذه الرؤية الأوسع.. مضيفا: إن تعاوننا الثنائي مع مصر يلتزم - بالتنسيق الكامل والتعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر - على أهمية تعزيز حوكمة الهجرة وأفضل الممارسات، وعلى وجه الخصوص، تسعى مبادرات التعاون الإسباني إلى تعزيز القدرات التنظيمية والمؤسسية المتعلقة بحوكمة الهجرة، والتعاون الوثيق مع اللجنة التنسيقية الوطنية المصرية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، فضلًا عن العديد من الوزارات والكيانات المصرية الأخرى.
وقال السفير إيرانثو إن قيادة مصر في إدارة الهجرة واضحة من خلال التزامها بالميثاق العالمي للهجرة، وتعزيز المبادرات التعاونية في جميع أنحاء إفريقيا وأوروبا والعالم العربي - وهو المسعى الذي تدعمه إسبانيا بشكل كبير، معتبرا أنه من خلال الحوار المستدام، والأطر التعاونية، والالتزام المشترك بمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة، يمكن لمصر وإسبانيا أن تلعبا دورًا محوريًا في تحويل البحر المتوسط إلى منطقة سلام وأمان.
وحول العلاقات الإقتصادية بين مصر وإسبانيا، شدد السفير إيرانثو على أن بناء علاقة اقتصادية وتجارية قوية بين بلدينا هو أحد أهدافنا الرئيسية المشتركة.. موضحا أن حجم التجارة بين البلدين في مسار تصاعدي في السنوات الأخيرة، حيث بلغ إجمالي الصادرات الإسبانية إلى مصر فى عام ٢٠٢٣ حوالى 1.5 مليار يورو وبلغت صادرات مصر إلى إسبانيا 1.6 مليار يورو.. وفي الفترة من يناير إلى يوليو من عام 2024، وصلت صادرات إسبانيا الى مصر إلى نحو 836 مليون يورو إلى مصر، وبلغت الصادرات المصرية 1.1 مليار يورو، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 1.5٪ و10.7٪ على التوالي مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
وتوقع السفير أن يستمر هذا الاتجاه التصاعدي في السنوات القادمة لاسيما أن هناك العديد من القطاعات ذات الإمكانات الكبيرة للتطوير، مثل الخدمات اللوجستية والسياحة والصناعات الزراعية.
وأبرز السفير الاسباني المشاريع الرئيسية التى يتم تنفيذها فى مصر من خلال التعاون بين الشركات الإسبانية والمصرية في مجال الطاقة المتجددة ومعالجة المياه وتحلية المياه والنقل والأسمنت وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والزراعة وتربية الأسماك والجلود والأزياء وتجهيز الأغذية، وذلك بالإضافة إلى التواجد التقليدي للشركات الإسبانية في البلاد، حيث تم تأسيس بعضها منذ أكثر من 20 عامًا.
وأكد أن الحكومة الإسبانية تواصل تشجيع شركاتنا على البحث عن فرص في السوق المصرية؛ كما انه من خلال صندوق FIEM، تقدم إسبانيا تمويلًا امتيازيًا وتجاريًا لحكومة مصر للمشاريع الصناعية والبنية الأساسية، حيث تعد مصر الدولة التي تم تمويل المزيد من المشاريع من خلال هذا الصندوق في السنوات الأخيرة، وعلاوة على ذلك، يهدف خط التمويل غير القابل للاسترداد إلى دعم المؤسسات العامة في تصميم وتطوير مشاريعها.
وردًا على سؤال حول الطفرة الكبيرة التى تشهدها مصر فيما يخص مشروعات التنمية والبنية الأساسية وخاصة في مجال النقل والطاقة، فضلًا عن المشاريع الكبرى مثل العاصمة الإدارية، أشاد السفير الإسباني بالخطوات الكبيرة التي قطعتها مصر في إطار إستراتيجية التنمية "رؤية مصر 2030".
وأضاف أن قطاع النقل، وخاصة النقل بالسكك الحديدية، شهد تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، وكان آخرها التشغيل التجريبي لخط سكة حديد الفردان - بئر العبد، الذي يمتد لمسافة 100 كيلومتر في سيناء، مشيرا إلى أن الشركات الإسبانية، المعروفة بخبرتها في الاستشارات والهندسة وتصنيع معدات السكك الحديدية، تعمل بنشاط في مصر منذ سنوات عديدة.
وقال السفير إيرانثو إن الطاقة المتجددة تكتسب أيضًا أهمية متزايدة لمزيج الطاقة في مصر خاصة مع إرتفاع الطلب الداخلي والخارجي، ستكون هناك حاجة إلى استثمارات كبيرة لتحقيق أهداف الطاقة الخضراء، مضيفا أن مصر تولى أولوية لمشاريع البنية الأساسية الجديدة الضرورية لتنميتها، وتعتبر معالجة المياه وتحليتها أمرين حاسمين لتلبية احتياجات السكان المتزايدة والمبادرات الزراعية والصناعية الطموحة.
وأوضح أن الشركات الإسبانية تعتبر رائدة عالميًا في الهندسة والبناء المبتكرين في هذه القطاعات، ويبرز التزام إسبانيا بالتعاون مع مصر من خلال العديد من الشركات المتعددة الجنسيات المؤهلة مسبقًا للمرحلة الأولى من برنامج تحلية المياه.
وأشاد إيرانثو بجهود مصر في تحقيق أهدافها التنموية، معبرًا عن التطلع إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين لدعم هذا النمو.
وذكر أن إسبانيا دعمت مصر بقوة فيما يتعلق باتفاقيات التمويل الأخيرة التي ستساهم في تعزيز النمو الاقتصادي في مصر للسنوات القادمة، ومنها الاتفاقيات الجديدة الموقعة مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار أمريكي، وتوقيع الاتحاد الأوروبي ومصر على "الشراكة الاستراتيجية الشاملة"؛ علاوة على ذلك، فإن تطوير رأس الحكمة يفتح مجموعة واسعة من الفرص للشركات الإسبانية بشكل رئيسي في البنية الأساسية والعقارات، ولكن أيضًا في قطاعات مثل مرافق الخدمات والاتصالات والسياحة.
وفيما يتعلق بفرص زيادة التدفقات السياحية بين البلدين خلال الفترة المقبلة، شدد السفير الإسباني على أن تدفقات السياحة من إسبانيا إلى مصر لا تزال مرتفعة على الرغم من الوضع المضطرب في المنطقة، حيث إنه ما لا يقل عن 300 ألف إسباني قاموا بزيارة مصر العام الماضي.
وأشار إلى أنه يتم تسيير رحلتين يوميتين بين بلدينا وتديرهما شركة "مصر للطيران"، بالإضافة إلى رحلتين أسبوعيتين أخريين تديرهما شركة الطيران الإسبانية "فيولينغ"، كما استأنفت شركة "إيبيريا" اعتبارًا من 30 أكتوبر 2023 رحلاتها من مدريد إلى القاهرة، إضافة إلى العديد من رحلات الطيران العارض "شارتر". معربا عن ثقته فى أنه مع تحسن الوضع الإقليمي، فإن تدفقات السياحة من إسبانيا ستنمو بشكل كبير.
وعن العلاقات الثقافية التاريخية بين البلدين، خاصة في ضوء الأنشطة العديدة التي تقوم بها السفارة الإسبانية بالقاهرة والتعاون في مجال التعليم والبعثات الأثرية الإسبانية في مصر، أكد السفير إيرانثو أن العلاقات الثقافية القوية بين البلدين تطورت بشكل كبير على مر السنين، ولكن لا تزال هناك إمكانات كبيرة للمضي قدمًا في هذا الاتجاه.
وفيما يتعلق بمجال التعليم.. قال السفير الإسباني إن مدريد تولى أهمية كبيرة لتعزيز اللغة الإسبانية، التي يتحدث بها 600 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.. وفي مصر، توجد 22 جامعة ومؤسسة للتعليم العالي بها أقسام نشطة للغة الإسبانية داخل كليات الفنون أو اللغات والترجمة، كما يقدم المعهد الثقافي الإسباني "ثيربانتس" دورات اللغة الإسبانية في مراكزه بالقاهرة والإسكندرية، ويستضيف أيضًا أنشطة تتعلق باللغات والثقافات الأوروبية والإيبيرو أمريكي، مثل يوم اللغات الأوروبية في القاهرة أو أسبوع الفيلم الإيبيرو- أمريكى.
كما أبرز المشاركة الإسبانية السنوية في العديد من الفعاليات الثقافية في مصر، ومن بينها مهرجان الإسكندرية الدولي للمسرح، ومهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وحي القاهرة الدولي للفنون، ومهرجان "شى أرتز" She Arts، ومهرجان "الأبد هو الآن" Forever is Now.
وأكد السفير إيرانثو أن بلاده تفخر أيضًا بتراثها الإسلامي الغني، الذي يزوره العديد من المصريين ويقدرونه.. لافتًا إلى افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية "مدينة الزهراء، المدينة المضيئة"، للمصور الإسباني رافائيل كارمونا، والذي تم تنظيمه بالتعاون مع منظمة اليونسكو في المتحف الإسلامي للفنون من أجل إبراز جمال وروعة هذه المدينة القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي في قرطبة.
وفيما يتعلق بالتعاون فى المجال الأثري، قال إن هناك حاليًا 15 فريقًا علميًا إسبانيًا يتعاونون مع نظرائهم المحليين في مواقع التنقيب في جميع أنحاء مصر؛ وكثمرة لهذه البعثات، من المقرر أن يتم زيارة معرضين إسبانيين في مصر حاليًا: "كنز الوزير أمنحتب هوي" في متحف سوهاج أو "رحلات التفتيش على المواقع الأثرية في صعيد مصر وأرشيف إدواردو تودا" في متحف الأقصر.
كما أشار، من جانب آخر، الى أن بعض مشاريع التعاون العلمي المزدهرة في مجالات مختلفة أصبحت ممكنة بفضل مبادرات التمويل المشترك بين المركز الإسباني لتطوير التكنولوجيا الصناعية وصندوق العلوم والتنمية التكنولوجية المصري؛ وعلاوة على ذلك، يسافر العديد من الطلاب والعلماء المصريين كل عام إلى إسبانيا لإقامات قصيرة أو طويلة الأجل، بتيسير من برامج التبادل الأوروبية والمبادرات المتخصصة من مختلف المنظمات الإسبانية.. ومن مشاريع التعاون العلمي المهمة الأخرى ندوة الرعاية الحرجة المصرية الإسبانية التي تُعقد سنويًا بين الكلية المصرية لأطباء الرعاية الحرجة والجمعية الإسبانية لطب الرعاية الحرجة ووحدات القلب.
الرياضة باتت أداة مهمة للدبلوماسية
وحول التعاون فى المجال الرياضى، أكد السفير الاسباني أن الرياضة باتت أداة مهمة للدبلوماسية.. مشيرا إلى أنه في عام 2021، وقع المجلس الأعلى للرياضة الإسباني مذكرة تفاهم مع وزارة الشباب والرياضة المصرية لإنشاء إطار للأنشطة التعاونية، إذ تسمح لنا كرة القدم، الرياضة الأكثر شعبية في العالم، بتعزيز القيم الإنسانية الأساسية مثل المثابرة والاحترام والعمل الجماعي والتضحية من أجل الصالح العام.
وأضاف أن الشغف بالرياضة محسوس بعمق بين الشعب المصري، ونحن سعداء لأن ملايين المصريين يتابعون مباريات كرة القدم الإسبانية، مشيرا إلى أن مؤسسة الدوري الإسباني "لا ليجا" تنظم أحداثًا متكررة في مصر، وغالبًا ما تستهدف الشباب، وهناك رياضة أخرى تجمع بين الشعبين المصري والإسباني هي كرة اليد، وحاليًا، المدرب الوطني لمصر إسباني، ويلعب العديد من اللاعبين المصريين في أندية الدوري الإسباني لكرة اليد.
وعن مظاهر إحتفال إسبانيا بعيدها الوطنى والذى يوافق غدا السبت.. قال السفير إيرانثو إن الثاني عشر من أكتوبر يصادف ذكرى وصول الحملة البحرية الإسبانية إلى أمريكا في عام 1492، وهو معلم إنساني ربط بين العالمين القديم والجديد وغير بشكل لا رجعة فيه مسار التاريخ العالمي، واليوم، يتحدث أكثر من 600 مليون شخص في جميع أنحاء العالم اللغة الإسبانية كلغة أولى، وهو ما يُظهِر عمق الإرث الذي تركته إسبانيا وتلقته في أمريكا والقارات الأخرى.
وأكد انه في اليوم الوطني نحتفل بهويتنا القوية ووحدتنا وسيادتنا، إلى جانب التزامنا بالمشاركة البناءة في الشئون الدولية من خلال التعاون مع شركائنا العالميين.
وأضاف أنه بينما نتأمل أهمية هذا اليوم، ندرك التأثيرات المتنوعة - التي تتجذر العديد منها في منطقة البحر المتوسط - والتي شكلت الهوية الوطنية الإسبانية على مر القرون، و"نحن فخورون للغاية بالتراث الغني الذي خلفته الحضارات العربية والإسلامية في إسبانيا وكرسنا أنفسنا للحفاظ على الإرث العربي الضخم الذي يُعرض بشكل بارز في مدن مثل غرناطة".
واستشهد السفير الإسبانى بتعريف سلفادور دي مارادياجا، أحد أبرز المثقفين الإسبان، إسبانيا منذ ما يقرب من 90 عامًا بأنها "أمة عالمية"، حيث كتب أن "مصير إسبانيا جعلها عالمية في التاريخ كما كانت بالفعل في روحها".
واختتم السفير الإسبانى ألبارو إيرانثو بقوله:" يمكن تشبيه إسبانيا، إحدى أقدم الأمم في العالم، مجازيًا بطائر مهيب ينطلق من وطنه الأم ويطير فوق العالم بأسره بجناحين: أحدهما موجه نحو أمريكا اللاتينية، والآخر يطل على منطقة البحر الأبيض المتوسط، من ساحل إسبانيا إلى ساحل مصر".