أطاحت المغامرة التى قام بها جيش الاحتلال فى قطاع غزة وما تلاها من تصعيد، والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى القطاع بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية، بوزير الدفاع الإسرائيلى، أفيجدور ليبرمان، الذى أعلن استقالته أمس من حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقال إنه يرفض اتفاق وقف إطلاق النار مع «حماس» فى القطاع، ودعا إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وأكد أن حزبه «إسرائيل بيتنا» انسحب من الائتلاف الحاكم، فيما دافع نتنياهو عن اتفاق وقف إطلاق النار الذى تم برعاية مصرية، بينما قال مقربون من نتنياهو إنه بعد استقالة ليبرمان، سيتم حل الكنيست والتوجه نحو انتخابات مبكرة.
وقال «ليبرمان» فى مؤتمر صحفى، أمس، إن إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار والتهدئة بمثابة خضوع واستسلام للإرهاب»، وما نفعله الآن كدولة هو شراء الهدوء على المدى القصير، لكننا سندفع على المدى البعيد ثمناً ونتكبد ضرراً بالغاً» على مستوى الأمن القومى. وبرر استقالته بأنه اختلف مع قرارات نتنياهو، ومنها إدخال أموال لقطاع لغزة، وأن نتنياهو عارض إخلاء الخان الأحمر فى القدس المحتلة، وأكد ليبرمان معارضته اتفاق وقف إطلاق النار.
وأضاف أنه يعتقد أنه كان يجب اشتراط التقدم فى مفاوضات التهدئة بتسوية قضية الأسرى والمفقودين، والتزام حماس بعدم تنظيم مظاهرات قرب السياج الحدودى، ولفت إلى أن حزبه عارض خطة «فك الارتباط» من قطاع غزة، كما عارض صفقة تبادل الأسرى مع حماس لإطلاق سراح الجندى الأسير جلعاد شاليط، وطالب ليبرمان بالاتفاق على موعد محدد لانتخابات مبكرة، وعدم «إدخال الدولة فى حالة شلل مستمر».
وأرجع محللون إسرائيليون استقالة ليبرمان لمعارضته قادة الأجهزة الأمنية، إذ دعا ليبرمان للتصعيد ضد غزة، خلال جلسة المجلس الوزارى المصغر، مساء أمس الأول، فيما دعا نتنياهو وقادة الأجهزة الأمنية لقبول وقف إطلاق النار، ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مقربين من ليبرمان قولهم إن بيان مكتب نتنياهو لقبول اتفاق وقف إطلاق النار مع قطاع غزة «أخرج ليبرمان عن طوره».
وخلال اجتماع «الكابينت»، أمس الأول، أطلع رئيس الأركان، جادى آيزنكوت، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك»، ناداف أرجمان، ورئيس الموساد، يوسى كوهين، الوزراء على الهجمات والعمليات المكثفة فى غزة ومقترحات الوساطة التى جاءت إلى مكتب رئيس الحكومة من مصر والأمم المتحدة والنرويج وسويسرا.
وقالت مصادر إسرائيلية إن موقف قادة الأجهزة الأمنية كان أنه «يجب قبول الاقتراح المصرى، وقبول العودة إلى التهدئة مع حماس، مع الحفاظ على حرية تحرك الجيش الإسرائيلى والحق فى الرد إذا تجدد إطلاق الصواريخ من قطاع غزة»..
وقبل نتنياهو ومعظم الوزراء توصية الأجهزة الأمنية، لكن كان هناك وزراء معارضون دعوا إلى نهج أكثر عدوانية تجاه حماس، وأبدى ليبرمان والوزراء نفتالى بينيت وأييليت شاكيد وزئيف إلكين اعتراضات على قرار العودة إلى «التهدئة»، لكن موقفهم لم يقبل. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن حزب «البيت اليهودى» قولهم إنه فى حالة استقالة ليبرمان، فإنهم يطالبون بحقيبة الدفاع لرئيس الحزب نفتالى بينيت كشرط للبقاء فى الحكومة.
ونقلت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية عن مصادر مقربة من ليبرمان قولها إنه خطط للاستقالة منذ فترة، حيث شعر بأنه لا يقود وزارة الدفاع حيث يريد.
وفى المقابل، دافع نتنياهو، أمس، عن قراره قبول وقف إطلاق النار مع غزة فى مواجهة الانتقادات التى وجهت إليه، وقال فى حفل تكريم لمؤسس إسرائيل، ديفيد بن جوريون: «فى أوقات الطوارئ عند اتخاذ القرارات الحاسمة للأمن لا يمكن للجمهور أن يكون دائما مطلعا على الاعتبارات التى يجب إخفاؤها عن العدو»، مضيفا: «لقد توسل أعداؤنا لوقف إطلاق النار وكانوا يعرفون جيدا السبب».
وأثار اتفاق التهدئة انتقادات واسعة داخل حكومة نتنياهو من جانب الإسرائيليين الذين يعيشون بقرب قطاع، الذين تظاهروا خلال اليومين الماضيين، مطالبين بالاستمرار فى ضرب حماس، وطالبوا باستقالة ليبرمان ونتنياهو ورئيس حزب «البيت اليهودى».
وأغلق عشرات المتظاهرين الطريق المؤدى لمعبر كرم أبوسالم جنوب القطاع وعرقلوا وصول شاحنات البضائع للقطاع، ونظم إسرائيليون مظاهرة أمام الكنيست لمطالبة نتنياهو بالاستقالة، ورفعوا لافتات تطالب بضرب غزة، واتهم إسرائيليون حكومتهم بأنها تحولت إلى لعبة بيد «حماس»، وقالوا إن الحركة تدير الحكومة حيثما شاءت، حيث تقرر «حماس» وقت فتح النار وساعة وقف النار، ولا تملك الحكومة الإسرائيلية سوى الاستجابة، وقال بعض المحتجين إن نتنياهو غدر بسكان غلاف مستوطنات غزة، وأنهم سيردون له الجميل فى صناديق الاقتراع.
وأعلنت حماس أن استقالة ليبرمان تشكل «انتصارا سياسيا» لغزة التى «نجحت بصمودها فى إحداث هزة سياسية» فى إسرائيل، وقال سامى أبوزهرى القيادى فى حماس فى بيان إن «استقالة ليبرمان اعتراف بالهزيمة والعجز فى مواجهة المقاومة الفلسطينية».