يرفض مجمع أساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الاعتراف بقداسة أي من كوادرها الراحلين، إلا بعد مرور 50 عامًا مُتصلة يستمر خلالها الحديث عن ذكراه الطيبة وسيرته الحسنة.
إلا أنه على الرغم من ذلك، منح الأقباط لقب قديس إلى البابا الراحل شنودة الثالث، منذ اليوم الأول لرحيله، متناقلين الروايات عنه كولي من أولياء الله، ورجل للمعجزات والتي بدأ يصنعها قبيل رحيله حسب الأقباط الذين دونوا ذلك في كتب المعجزت أو عبر مواقع السوشيال ميديا.
وتعمل الكنيسة بشكل مستمر على فرز أو إفراز الروايات الصحيحة لتوثيقها في كتيبات، من الروايات الوهمية التي تخرج من بنات أفكار البعض، وتنتهج الكنيسة بعض الآليات الثابتة والمحددة للتحقق من روايات الأقباط بشأن البابا الراحل شنودة الثالث أو أي قديس آخر.
في الذكرى السادسة لرحيل البابا شنودة، سعت الدستور للكشف عن تلك الآليات، فقال الأنبا بنيامين مطران المنوفية للأقباط الأرثوذكس، إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لا تعتمد المعجزة، إلا إذا تحررت من صحتها.
وأشار إلى أنه يجب على المريض تقديم تقرير طبي يثبت مرضه، كما يُقدم شرحًا وافيًا لطبيعة المعجزة وتوقيتات حدوثها وملابساتها المكانية والزمانية، فعلى سبيل المثال الأم التى لا تنجب أطفالًا وشهدت بحدوث معجزة معها، وأنجبت أطفالًا تتحقق الكنيسة بما فعله الله معها بعمل القديس.
كما شدد مطران المنوفية على أن الكنيسة لم ولن تعترف بأي رواية أو شهادة لم يسع ذووها لتوثيقها بشكل صحيح.
من جانبه، وبشكل أدق تفصيلًا، أوضح القمص عبدالمسيح بسيط، راعي كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمنطقة مُسطرد للأقباط الأرثوذكس، وأستاذ علم اللاهوت بالكليات الدينية والمعاهد اللاهوتية، أن آليات الكنيسة للتحقق من المعجزات التي تتم على اسم البابا الراحل شنودة الثالث أو أي قديس تتكون من عدة خطوات، ففي معجزات الشفاء يُطالب المريض الراغب في توثيق مُعجزة شفائه بتقديم كل المستندات الطبية من روشتات وإشاعات وتحاليل طبية، بما يُفيد ويُثبت إصابته بالمرض العضال الذي كان مريضًا به.
العنصر الثاني هو العنصر الزمني بين المرض والشفاء لئلا يكون قد استغرق الوقت الطبيعي للتعافي، وجاء تعافيه نتيجة الانتظام في العلاج، ولا يوجد تدخل مُعجزي، لتنسب بعد ذلك إلى أحد القديسين فيفقد الأمر مصداقيته، بينما المحور الثالث هو تقديم سندات طبية عكسية أخرى، تفيد تعافي المريض من مرضه، معتمدًا في ذلك على روشتات وتحاليل وتقارير طبية تُثبت ذلك.
العنصر الأخير يتمثل في عرض تلك المستندات على فريق طبي مُتخصص، لإثبات وجود تدخل مُعجزي من عدمه، مع التأكيد على أن ذلك الفريق الطبي يُقر أو ينفي وجود عنصر الإعجاز في الشفاء.
بخصوص دور الكنيسة في السعى لاكتشاف حقائق المعجزات وإفرازها، قال بسيط إن الأمر يبدأ بتوجه أحد الأفراد المؤمنين إلى الراعي المُقرب منه سواء كان مطرانًا أو أسقفًا أو قمصًا أو قسًا، ليشرح له مُلابسات المعجزة أو الواقعة التي يرغب في إثباتها وتوثيقها في سجلات معجزات القديس بالدير الذي يحمل اسمه أو المدفون فيه.
ثم يأتي دور الراعي في توجيه الفرد للحصول على الأوراق الطبية السالف ذكرها، بما يُفيد حالتي المرض والشفاء، ثم يسعى لتوثيقها، مؤكدًا أن تلك الخطوات تسرى على جميع الأمراض، بما فيها من أمراض عضال مثل مرض السرطان الخبيث.
وعن المعجزات الأشهر والتي مازالت في أذهان الأقباط، رغم مرور 6 سنوات على رحيل البابا شنودة الثالث، هي معجزة الفتاة التي سقطت داخل مزاره في يوم دفنه بدير الأنبا بيشوي العامر للرهبان الأقباط الأرثوذكس بوادي النطرون، والتي رأت البابا وجهًا لوجه ليمد لها يده وليرفعها، هامسًا في أذنها: لماذا حضرتي إلى هنا وسط الزحام؟ أما كان أجدر بك رؤية مشهد الدفن في التلفاز؟، ليختفي بعدها مُباشرة غير تارك أي أثر لوجوده.
وعن المُعجزات التي حدثت قبيل رحيله، قالت ماري محب، في تصريحات لها عبر الصفحة الخاصة بمعجزات البابا شنودة الثالث بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، إنها زارت البابا شنودة في مقره البابوي، وطلبت منه الصلاة لأجلها؛ لكونها عاقرًا ولا تقدر على الإنجاب، فقال لها البابا الراحل: عندما يعطيكى الله نعمة الإنجاب تعالي لى مرة أخرى.. لما ربنا يكرمك بالإنجاب تعاليلى تانى، وأعطاها قطعة قربانة للبركة.
وبشكل فعلى، أنجبت السيدة إلا أنها نسيت زيارة البابا مرة أخرى، إلا أنها لاحظت أن يد الطفل مُغلقة بشكل مستمر، فقامت بزيارة البابا الذي صلى له لتنفتح يده حسب تعبيرها، إلا أنه طلب منها عدم إذاعة المعجزة أثناء فترة حياته.