ثلاث ركائز.. كيف انتزع ترامب اتفاق غزة من بين أيدي الجميع؟
09.10.2025 09:57
اهم اخبار العالم World News
الدستور
ثلاث ركائز.. كيف انتزع ترامب اتفاق غزة من بين أيدي الجميع؟
Font Size
الدستور

في لقطة درامية بدت وكأنها مقتبسة من فيلم سياسي، قاطع وزير الخارجية الأمريكي لقاءً تلفزيونيًا للرئيس دونالد ترامب، وسلّمه قصاصة ورقية صغيرة، همس بعدها السيناتور ماركو روبيو في أذن ترامب قائلًا إن الاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس بات وشيكًا.

بعد دقائق، كتب ترامب على موقعه "تروث سوشال" الآية الشهيرة: "طوبى لصانعي السلام"، معلنًا التوصل إلى اتفاق يضع حدًا لأشهر من التصعيد بين الجانبين.

لكن ما جرى على الهواء لم يكن سوى الجزء الظاهر من مشهد معقّد نسجت خيوطه في الكواليس عبر ضغوط ومفاوضات ومقايضات شاقة، وفق ما نقل مراسلون من وكالة "فرانس برس".

الركيزة الأولى: ضغوط متوازنة على نتنياهو

رغم مساعيه الواضحة لنيل جائزة نوبل للسلام، لم يمنح ترامب حليفه الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كل ما يطمح إليه.

ففي لقائهما بالبيت الأبيض يوم 29 سبتمبر، أعلن ترامب خطة من عشرين بندًا بدت في ظاهرها داعمة بالكامل لإسرائيل، خصوصًا تعهده بتقديم الدعم العسكري "للقضاء على حماس" إن رفضت الأخيرة الخطة.

لكن خلف الأبواب المغلقة، مارس ترامب ضغوطًا مكثفة على نتنياهو، مستندًا إلى تفاهمات سرية مع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتضمّنت الخطة بنودًا حساسة، أبرزها الإشارة إلى "إقامة دولة فلسطينية"، وهو ما اعتبره نتنياهو غير مقبول، لكنه اضطر للتعامل معه تحت ضغط البيت الأبيض.

الركيزة الثانية: الموقف العربي الموحد كورقة ضغط

أبدى ترامب امتعاضه من الهجوم الإعلامي والسياسي الإسرائيلي ضد قطر، الحليف الوثيق لواشنطن، في وقت كانت المفاوضات تمر بمرحلة حرجة.

استغل الرئيس الأمريكي هذا الموقف لصالحه، حيث دفع العواصم العربية لتوحيد موقفها دفاعًا عن قطر، ما مكّنه من استثمار هذا الإجماع لإقناع الجميع بدعم خطته.

وبمباغتة سياسية، طلب من نتنياهو الاتصال بأمير قطر والاعتذار عن الهجوم، في خطوة غير مسبوقة.

عقب ذلك، وقّع ترامب مرسومًا تنفيذيًا يمنح الدوحة ضمانات أمنية أمريكية، في إشارة إلى متانة علاقاته مع العواصم العربية التي بناها خلال ولايتيه.

الركيزة الثالثة: استثمار موقف حماس بذكاء تفاوضي

لم تقتصر ضغوط ترامب على إسرائيل فحسب، بل وجّه إنذارًا حادًا لحركة حماس ملوّحًا بـ"فتح أبواب الجحيم" إن لم توافق على خطته قبل الخامس من أكتوبر الجاري.

لكن رد حماس جاء محسوبًا، إذ ركّزت الحركة على شرط أساسي هو التزام ترامب بإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

وفي هذا السياق، التقى ترامب عددًا من عائلات الرهائن في البيت الأبيض، معلنًا أن الإفراج عنهم بات "قريبًا جدًا"، وقال في تصريح لافت: "أظن أن الرهائن سيعودون الاثنين، حتى جثامين من قضوا منهم."

ونشر ترامب على حسابه الرسمي بيان حركة حماس وفيديو يشرح تفاصيل الاتفاق، في خطوة لم يجرؤ عليها أي رئيس أمريكي سابق، خصوصًا أن واشنطن تصنّف الحركة منظمة إرهابية.

اتفاق على الحافة

لم يُظهر ترامب في خطابه أي إشارة إلى أن حماس رفضت خطته، ما أوحى بأن الخلافات تتركز فقط حول التفاصيل.

ورغم هشاشة التفاهمات، يُحسب لترامب أنه استطاع دفع إسرائيل وحماس إلى طاولة اتفاق فعلي، مستغلًا ثلاث ركائز أساسية: الضغط المتوازن على تل أبيب، وتوظيف الموقف العربي الموحد، واستثمار براغماتي لمطالب حماس.

وفي حديثه لموقع أكسيوس، كشف ترامب عن مضمون مكالمته مع نتنياهو قائلًا: "قلت له: هذه فرصتك للانتصار... عليك أن توافق، ليس لديك خيار، معي عليك أن توافق."

وبينما يترقب العالم تفاصيل تنفيذ الاتفاق، يبدو أن ترامب أعاد خلط الأوراق في الشرق الأوسط مجددًا، مستندًا إلى معادلة عنوانها: السلام عبر القوة… والصفقات.

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.