بعد أيام قليلة من تولي الرئيس لاي تشينغ تي منصبه في تايوان، وجدت الدولة الجزيرة نفسها متورطة في اضطرابات سياسية داخلية وسط تصاعد الترهيب العسكري من الصين.
وخرج عشرات الآلاف من المتظاهرين، وأغلبهم من الشباب المؤيدين للحزب الديمقراطي التقدمي الذي يتزعمه لاي، إلى الشوارع لمعارضة جهود المعارضة الرامية إلى توسيع سلطة البرلمان بشكل كبير، وهو التحرك الذي من شأنه أن يحد بشدة من إدارة الرئيس.
في الوقت نفسه، أجرى الجيش الصيني مناورات حول تايوان، والتي وصفها بأنها "عقاب" لموقف لاي المؤيد للاستقلال. ونشر جيش التحرير الشعبي مقاتلات وقاذفات قنابل مسلحة بصواريخ حية وسفناً بحرية، بينما أجرى خفر السواحل دوريات وقاموا بمحاكاة عمليات تفتيش السفن بالقرب من المياه الشرقية لتايوان. وتؤكد هذه التصرفات معارضة بكين الشديدة لاستقلال تايوان الفعلي واستعدادها لاستخدام القوة لتأكيد سيطرتها على الجزيرة.
ودعا الرئيس لاي، في خطابه الافتتاحي، مواطنيه إلى الدفاع عن سيادة تايوان في مواجهة التهديدات المتزايدة من الصين. إلا أن الإصلاح البرلماني الذي دفع به الحزب الديمقراطي التقدمي أثار مواجهة بين الحزبين، حيث استحوذ حزب الكومينتانغ المعارض وحزب الشعب التايواني على الأغلبية التشريعية لتمرير مقترحات تهدف إلى الحد من صلاحيات الرئيس. ومن الممكن أن تؤدي هذه التغييرات، التي ينظر إليها كثيرون باعتبارها غير دستورية وغير ديمقراطية، إلى تقويض المؤسسات الديمقراطية في تايوان بشكل كبير وتعريض مشاريع الدفاع الرئيسية للخطر.
وقد أثار هذا التشريع المتعجل، الذي اتسم بالحد الأدنى من المداولات والافتقار إلى الشفافية، انتقادات حادة من قِبَل علماء القانون، والجماعات المدنية، ونقابة المحامين في تايوان. فضلاً عن ذلك فقد أدى ذلك إلى تفاقم التوترات بين الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم، الذي يدعو إلى استقلال تايوان، وحزب الكومينتانغ المعارض، الذي يفضل إقامة علاقات أوثق مع بكين. وأثارت تصرفات المعارضة اتهامات بالتواطؤ مع الحزب الشيوعي الصيني وأثارت مخاوف بشأن احتمال تسرب معلومات استخباراتية إلى الصين.
وبينما تتصارع تايوان مع الصراع السياسي الداخلي والضغوط العسكرية الخارجية، فإن المخاطر التي تهدد سيادتها وقيمها الديمقراطية لم تكن أعلى من أي وقت مضى. وتسلط الأحداث الجارية الضوء على التوازن الدقيق الذي يتعين على تايوان الحفاظ عليه بين تأكيد استقلالها وإدارة علاقتها المعقدة مع الصين، مع حماية مؤسساتها الديمقراطية من التآكل.