في خطوة محسوبة أثارت جدلاً كبيرًا، يبدو أن رئيس الوزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصمم على تمديد الحرب المستمرة علي غزة حتى 28 يوليو المقبل، الموافقة لبداية عطلة الكنيست الصيفية.
ويبدو أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى حماية حكومته من الضغوط الداخلية والخارجية التي قد تعرض بقاءه السياسي ومساءلته للخطر. التركيز على تأخير الحل يتماشى مع هدف نتنياهو الأوسع لتجنب الحساب السياسي، وضمان بقاء حكومته، وتجنب المخاطر الوشيكة الناجمة عن المحاسبة القانونية الدولية والمعارضة الداخلية.
استقالة جانتس
في 9 يونيو الجاري، استقال بيني جانتس من مجلس الحرب الإسرائيلي، مشيرًا إلى خلافات عميقة مع نتنياهو بشأن استراتيجية الحرب وغياب خطة لما بعد الحرب. ورغم أن استقالة جانتس لم تلق ضجة كبيرة في الشارع، إلا أنها أكدت الفجوة المتزايدة داخل الحكومة.
وكان جانتس قد طالب سابقًا بأن يضع نتنياهو خطة "اليوم التالي" لغزة لتحقيق نصر حقيقي. ومع ذلك، فإن مغادرته لم تؤثر كثيرًا على تقدم الحرب أو على عزم نتنياهو على مواصلة الحرب دون تغييرات كبيرة في استراتيجيته.
التداعيات الدولية والمحلية
قرار نتنياهو بتجاهل إنذار جانتس لم يعزله فقط عن الحلفاء المعتدلين بل زاد من حدة الانتقادات الدولية. فقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، طلبات لإصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، مما زاد من إدانة العالم للعدوان الإسرائيلي علي غزة.
على الرغم من هذه الضغوط، يبقى نتنياهو غير مكترث، ويركز بدلاً من ذلك على تهدئة شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، الذين يعتبرون أساسيين للحفاظ على قبضته على السلطة.
ديناميات الائتلاف: لعبة التوازن لنتنياهو
تتمثل استراتيجية نتنياهو الداخلية في تقديم ائتلافه كجبهة موحدة ضد الأعداء الخارجيين، مؤكدًا على رواية "نحن بمفردنا ضد العالم". وتهدف هذه الرسالة إلى تعزيز الدعم داخل حكومته، مما يقلل من احتمالية الانشقاقات.
وجدير بالذكر أن جالانت، الذي أثار تصويته هذا الأسبوع ضد مشروع قانون يتعلق بتجنيد اليهود الحريديم دهشة، قد يزعزع استقرار الائتلاف. وعلى الرغم من أن جالانت لم ينشق بعد من الحكومة، إلا أن أفعاله تشير إلى وجود تصدعات تحت السطح يجب على نتنياهو التنقل بينها بحذر.
درع لنتنياهو
تشكل العصلة الصيفين للكنيست، التي تبدأ في 28 يوليو المقبل، فرصة حاسمة لنتنياهو لإطالة أمد الحرب. يمكن لنتنياهو أن يستغل الجدول التشريعي، إلى جانب مشروع قانون التجنيد الذي أصدرت المحكمة أمرًا بحله بنهاية الجلسة، لتأخير أي إجراء حاسم.
سيمكنه ذلك من البقاء في السلطة وتجنب الانتخابات حتى نهاية أكتوبر المقبل على الأقل.
إذا نجت حكومة نتنياهو حتى نهاية يوليو المقبل، فسيتم تأجيل حل الكنيست حتى أواخر أكتوبر المقبل، ولن تكون الانتخابات ممكنة إلا بعد مرور 90 يومًا على الأقل. وتتيح هذه الجدولة الزمنية تجنب مواعيد مهمة على جدول نتنياهو، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل وتنصيب الإدارة الجديدة في يناير 2025.
لعبة نتنياهو الطويلة
من خلال إطالة أمد الحرب واستغلال التأخيرات البيروقراطية، يهدف نتنياهو إلى الحفاظ على حكومته قائمة بينما يتنقل في المشهد السياسي المعقد. وتبدو استراتيجيته هي البقاء في السلطة حتى نهاية يوليو المقبل، مما يضمن أن أي انتخابات محتملة تُدفع إلى ما بعد المواعيد الدولية والمحلية الحاسمة. ولا تهدف هذه التكتيكات إلى حماية مستقبله السياسي فحسب، بل تقلل أيضًا من خطر المساءلة الفورية عن الإخفاقات والجدل المحيط بالعدوان علي غزة.
باختصار، تؤكد مناورات نتنياهو لتمديد أمد الحرب علي غزة حتى عطلة الكنيست الصيفية على استراتيجية أوسع لضمان بقاء حكومته وتجنب التداعيات السياسية. ومع تطور الوضع، ستكون الأسابيع القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت استراتيجية نتنياهو ستنجح أو ما إذا كانت الضغوط الداخلية والخارجية ستجبره في النهاية على تغيير المسار