أكد الدكتور أشرف اسماعيل، رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، أن جودة وسلامة الرعاية الصحية لم تعد خيارا للنظم الصحية العربية، وأنه بالرغم من أن العمليات والهياكل الداخلية تشكل حجر الأساس في تصميم الأنظمة الصحية، إلا أن صلابة هذه الأنظمة تعتمد على مدى ربط كل مكونات النظام الصحي بنتائجه الفعلية على أرض الواقع، والتي ينبغي قياسها بصورة مستمرة وتعديل العمليات في حالة ظهور أي نتائج غير مرغوب فيها نتيجة لهذا القياس، إذا كنا بالفعل نريد تحقيق جودة مستدامة في الخدمات الصحية.
جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها بالملتقى الثالث والعشرون لاتحاد المستشفيات العربية Medhealth Cairo 2022، الذي يقام بالقاهرة على مدار يومي 14-15 مارس الجاري، حول "تأسيس أنظمة صحية قوية لتحقيق أهداف مستدامه" في الجلسة النقاشية التي عقدها الاتحاد بعنوان: "نحو نظام اعتماد فعال ومستدام ما بعد أزمة كوفيد 19".
ووجه رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، الشكر لأمين عام اتحاد المستشفيات العربية وكل أعضاءه، مشيدًا بتنظيم هذا الملتقى الذي يعرض أفكار ورؤى متنوعة، والذي يستهدف هذا العام التخطيط لاستراتيجيات جديدة وفكر حديث لقيادة المرحلة القادمة بعد أزمة جائحة كورونا التي فرضت على العالم أن يفكر بطريقة مختلفة ليكون أكثر صلابة في مواجهة تحديات المستقبل، ولفت إلى أن تلك الجائحة التي أظهرت هشاشة الكثير من النظم الصحية في العالم، قد لا تكون الأخيرة، فضلا عن تحدي التغيرات المناخية التي ينتظر أن تمس الكثير من الجوانب ومنها الصحة في الفترة القادمة، ومن هنا تأتي أهمية تبادل الخبرات والتكامل على مستوى الأنظمة الصحية من أجل تقديم خدمات صحية آمنة وذات جودة عالية.
المنظمات عالية الموثوقية
وأشار «إسماعيل»، إلى أن البوصلة التي توجه العمل داخل المنظمات عالية الموثوقية Highly reliable organizations هي سلامة المريض وأنها أحد المحاور الأربعة التي تتكامل لتحقيق أفضل النتائج للمنتفع من الخدمة الصحية، موضحًا أن أول هذه المحاور هو الفاعلية الإكلينيكية ومدى تحقيقها للنتائج المرجوة، طبقًا لأدلة العمل الإكلينيكية والتي تتحول إلى مسارات إكلينيكية وبروتوكولات، مشددًا على أهمية الاستثمار في الموارد البشرية المؤهلة بالعلم والخبرة لأنها هي التي ستقود الحوكمة الإكلينيكية.
وأضاف، أن المحور الثاني هو "السلامة"، والتي لم تعد تقتصر على مجرد مفهوم أو فكرة بل هي خطة عمل، وثقافة يجب تبنيها، وقياس مستمر للأداء، وقيادة داعمة لها، وذلك للوصول إلى (صفر) أخطاء طبية يمكن منعها Zero preventable harm، والتي تمثل وفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية 83% من أسباب الوفاة حول العالم.
وتابع الدكتور إسماعيل، أن المحور الثالث يتعلق بضمان الاستغلال الأمثل للموارد لتقليل الهدر الذي وصلت نسبته في المجال الصحي دوليا إلى 40%، ولفت أن المحور الرابع هو تمركز الخدمة الصحية حول المريض وتمكينه ليشارك في خطة علاجه مؤكدا أن حقوق المريض ليست فضلا ولكنها خطة وثقافة يجب أن يتبناها كل العاملين داخل المنشأة الطبية.
جودة الخدمات الصحية
ومن جانبه، وجه الدكتور علي أبو جرين، عضو المجلس التنفيذي لاتحاد المستشفيات العربية، التحية والشكر للقيادة السياسية في مصر التي وضعت جودة الخدمات الصحية على قمة أولوياتها، مشيرًا إلى القرار التاريخي للرئيس عبد الفتاح السيسي لإنشاء أول هيئة مصرية متخصصة للاعتماد والرقابة الصحية، بقيادة الدكتور أشرف إسماعيل الذي يشهد له بالخبرة الكبيرة والريادة في مجال جودة الرعاية الصحية على المستوى العربي والإقليمي، كما عبّر عن رغبته أن تكون هيئة الاعتماد والرقابة الصحية هي الهيئة العربية لجودة الرعاية الصحية بالوطن العربي.
وعلى هامش الملتقى، شارك وفد هيئة الاعتماد والرقابة الصحية في جلسات عمل مشتركة مع ممثلي الوفود العربية لتبادل وجهات النظر حول حوكمة النظم الصحية ومعايير اعتماد GAHAR2021 وعلاقتها بتطوير الخدمات الصحية، وكذلك الاتجاهات الحديثة في المعايير الخاصة بالمستشفيات الخضراء green hospitals والتصميم الآمن للمنشآت الصحية.
وكان اتحاد المستشفيات العربية، قد منح الدكتور أشرف إسماعيل جائزة "القياديين المتميزين في نهضة القطاع الصحي العربي"، تقديرًا لجهوده في احداث طفرة في تطوير النظم الصحية وتحسين الخدمات الصحية بمصر من خلال منظومة التأمين الصحي الشامل، وفقا للمعايير القومية التي أصدرتها هيئة الاعتماد والرقابة الصحية لمختلف أنواع المنشآت الصحية والتي حصلت على الاعتماد الدولي من الجمعية الدولية لجودة الرعاية الصحية "الإسكوا"، كما يناقش الملتقى هذا العام عدد من القضايا الهامة للنهوض بالرعاية الصحية في الدول العربية تحت عنوان: (الاستراتيجيات الجديدة في الإدارة الصحية ما بعد أزمة كوفيد-19) وأبرزها: الأزمات والكوارث بين الاستعداد والجاهزية والتطبيق، الرؤى الجديدة في تصميم المنشآت الصحية في الدول العربية، والاستراتيجية العربية للصحة الرقمية، كما يتضمن معرضاً متخصصاً يفسح المجال أمام مقدمي الخدمة بعرض آخر ما توصل إليه العلم والتطور في قطاع الرعاية الصحية، إلى جانب استعراض تجربة مصر في منظومة التأمين الصحي الشامل الجديدة.
أبرز المشاركين
يشارك في ملتقى اتحاد المستشفيات العربية، كبار الموظفين في وزارات الصحة العربية، ووفود عربية ممثلة بمدراء المستشفيات الحكومية والخاصة وأطباء وإداريين وعاملين في قطاع الصحة من عدة دول منها "السعودية، الإمارات، قطر، الكويت، لبنان، الأردن، العراق، جمهورية مصر العربية وغيرهم، إضافة إلى عدد من الخبراء والقادة الفاعلين في القطاع الصحي الحكومي وغير الحكومي بالمؤسسات الصحية العربية.