بارك أمس الجمعة، نيافة الحبر الجليل الأنبا بولس أسقف أوتاوا ومونتريال وشرق كندا بالحضور وبالصلاة في اجتماع الأسرة بكنيسة سان مارك في مونتريال، وحيث مقر الأسقفية، يذكر أن اجتماع الأسرة ينظم مرة أسبوعيا كل يوم جمعة حوالي الساعة السابعة والنصف مساء.
وبعد اجتماع الأسرة، اقيمت الصلوات والتماجيد بمناسبة شهر كيهك المبارك، حتي منتصف الليل، يذكر أن كنيسة مار مرقس في مونتريال يقوم بالخدمة المباركة فيها الآباء الأجلاء المحبوبين أبونا ميخائيل عزيز وأبونا فيكتور نصر، أبونا موسي.
وقال هنأ أبينا المحبوب نيافة الأنبا بولس الحضور بالصيام المبارك وبداية شهر كيهك، شهر التسبيح أو الشهر المريمي.
موضحا أننا لا نمجد فيه السيدة العذراء مريم فقط، ولكننا أيضا نمجد فيه التجسد الإلهي للسيد المسيح له المجد، حيث أخذنا طبيعتنا، وأعطانا طبيعته.
وتحدث نيافة الأنبا بولس عن بالنسبة للأسرة، المتزوجين والمتزوجات عن موضوع” هل السيد المسيح موجود في البيت؟”.
موضحا أن هناك حقوق وواجبات ربما تناساها البعض. مشيرا إلي أن قراءة إنجيل متي اصحاح 19 بدءا من آيه -3-5 أوضحت: وجاء إليه الفريسيون ليجربوه قائلين له: هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب. فأجاب وقال لهم: أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى. وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسدا واحدا.”
وشدد نيافته علي أن هناك أمور مهمة يجب وضع خطوط تحتها، منها يترك الرجل أباه وأمه، وكذلك يلتصق بإمرأته، ويكون الإثنان جسدا واحدا، فالسيد المسيح كرر هذه الحقيقة في آيه ثانية ليؤكد عليها.
واستطرد نيافته مكملا أنجيل متي للآيات من 6-9: إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان. قالوا له: فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق. قال لهم: إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم. ولكن من البدء لم يكن هكذا.
وأقول لكم: إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني، والذي يتزوج بمطلقة يزني”. ولهذا الكنيسة في سر الزيجة تقرأ هذا الجزء.
أكد أبينا المحبوب الأنبا بولس أن الكتاب المقدس أكد علي هذا الأمر ثانية في رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5، من آية 21-24، مبتدءأ الحديث عن النساء: خاضعين بعضكم لبعض في خوف الله. أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب، لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضا رأس الكنيسة. ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح، كذلك النساء لرجالهن في كل شيء”.
وأكد الأنبا بولس أسقف أوتاوا ومونتريال وشرق كندا أن علي الرجال أيضا واجبات، أوضحها الكتاب المقدس في رسالة بولس الرسول لأهل أفسس في الإصحاح الخامس بدءا من الآيه 25-30 : أيها الرجال، أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها، لكي يقدسها، مطهرا أياها بغسل الماء بالكلمة، لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة، لا دنس فيها ولا غضن أو شيء من مثل ذلك، بل تكون مقدسة بلا عيب.
كذلك يجب علي الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم. من يحب امرأته يحب نفسه. فإنه لم يبغض أحد جسده قط، بل يقوته ويربيه، كما الرب أيضا للكنيسة. لأننا أعضاء جسمه، ومن لحمه وعظامه”.
وشدد الأنبا بولس علي أن النتيجة الطيبعية لكل هذا، ما ذكر في الآية 31 – 33: ” من أجل هذا يترك الرجل أبه وأمه ويلتصق بإمرأته، ويكون الإثنان جسدا واحدا.
هذا السر عظيم، ولكنني أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة. وأما أنتم الأفراد، فليحب كل واحد إمرأته هكذا كنفسه وأما المرأة فلتهب رجلها”.
قال نيافة الحبر الجليل أبينا المحبوب الأنبا بولس: هل ينقصنا أحيانا مقاييس الاختيار علي أسس مسيحية صحيحة، بعيدا عن قصص الحب، والجزء المادي فقط. فالمظهر الخارجي متاح “الحب” لبعض الوقت، والذي ربما يتغير مع الوقت.
لكن ينقص البعض السر العظيم الذي أعطاه السيد المسيح لنا، فمع الوقت سيسقط الجزء المادي، أما السر العظيم للزيجة فهو الباقي، لذا فمن المهم أن نركز ما هو الزواج؟ فالزواج عبارة عن عهد، وليس عقد. والفارق بينهما كبير، وهناك فارق كبير، فالعقد شريعة المتعاقدين، بين شخصين.
أما العهد، فمختلف تماما، لأن هناك طرف ثالث يربط الطرفين، وعدم وجود الطرف الثالث يبطل العقد.
أوضح الأنبا بولس أن البعض ينشغل خلال طقوس الإكليل عما يقوله الأب الكاهن، وأن سر الزيجة يجب أن يراجعاه الرجل والمرأة، في فترة الخطوبة، ويجب أن يكونا في منتهى الوقار عندما يقررا الزواج، عندما يستلما من الروح القدس هذا السر العظيم.
حيث يقول الأب الكاهن خلال صلاة الإكليل: كللهما بالمجد والكرامة أيها الآب، باركهما أيها الابن الوحيد، قدسهما أيها الروح القدس. ومن هذه اللحظة يردد الشمامسة استلام الرجل “العريس” لزوجته “عروسته”. هنا حصل اتحاد عهد الزواج، الذي يجب علي الاثنين، خلال فترة الزواج إدراك أن هناك طرف ثالث يربطنا، هو الله والزوج والزوجة، ولذا فالزواج علاقة ثالوثية، بين الرجل والمرأة والله.
وعندما قال السيد المسيح: يترك الرجل أباه وأمه، بمعني يترك الاعتمادية علي الأب والأم، وهذا يسبب أمور كثيرة في الزيجة. يترك يعني يقطع الحبل السري، شأن الحال بالنسبة للجنين ورحم أمه. وليس معني هذا عدم إكرام الأب والأم. ففي نفس الوقت، أكد الكتاب المقدس، علي إكرام الأب والأم لكي تطول أيام حياتك علي الأرض.
Anba-Boules-ok-1
أضاف أبينا الحبيب الأنبا بولس: من المهم علي الزوج والزوجة أن يترك من حيث الأنانية والاعتمادية، فاستمرار الاعتمادية، وعدم الترك يسبب تقريبا 50% من مشاكلنا الزوجية، لأننا لم نطم من الأب والأم. وهذا الفطام قاسي. كل الفلاسفة قالوا أن هذا من أصعب الظروف أو فترات العمر، هو أن يبقي الرجل مع المرأة. ولهذا قال بعض التلاميذ للسيد المسيح أنه إذا من الأفضل ألا نتزوج، فقال لهم أنه هذا لمن دعي إليه فقط.
وأضاف نيافته: ولكن الترك هنا صعب جدا، لأن البعض يعتمد علي كل ما تقوله الأم لابنها أو ابنتها، مما يسبب الكثير من المشاكل.
أكد نيافة الأنبا بولس أسقف أوتاوا ومونتريال وشرق كندا أن كل زوج يريد من زوجته 3 أمور، وذات الأمر بالنسبة لكل زوجة تريد من زوجها ثلاثة أمور أخري. فالزوج يريد من زوجته: أولا يريد منها أن يرد تكون أمه، التي تداري علي أخطائه. فالرجل محتاج من زوجته أن تكون أمه التي لا تعاتبه أحيانا، وتجاهل بعض أخطاءه، فهو لا يريد زوجه تقف له علي الواحدة.
الأمر الثانية، الزوج يريد حبيبة، تكون دائما نبع الحنية والاهتمام. والأمر الثالث فالزوج يريد من زوجته مدير لبيته وليس مدير عام، أو بالمعني الكنسي الرجل يريد من زوجته أن تكون مدبرا لبيته، فالمرأة تتمتع بنعمة العقل وطول النظر، لتدبير حياته، خاصة وأنا تربي له الثمرة المقدسة، عندما يحين بها الله للزوجين، وهي الأطفال.
أضاف الأنبا بولس: نفس الأمر بالنسبة للزوجة، التي تريد أن تجد هي الأخرى 3 أمور في زوجها. أولا الزوجة تريد أن تري في زوجها الأب، الذي يعطي الاهتمام، فلا يوجد أب يري في ابنته “وحشة”، وتكون ملكة جمال العالم.
الأمر الثاني، تريد الزوجة، أن تجد في زوجها حبيب، تري فيه الاهتمام والاحتواء، وكلمات رقيقة هي في أشد الاحتياج إليها.
والأمر الثالث، تريد الزوجة أن تري في زوجها السند، حتي لو كانت السيدة رئيسة وزراء، أو أذكي من الرجل، فهي تريد من زوجها أن يكون رأس البيت والسند لها وللبيت، ليكون كبير وقوي في نظرها، ليدافع عنها ويحميها هي والأبناء.
قال نيافة الأنبا بولس: يجب أن نأخذ بالنا أن هناك “لزق مغشوش” و”لزق أخر لمدى الحياة .. دائم”، فاللزق المغشوش، مع أي تجارب أو ظروف، يفك بسرعة. لكن اللزق الصحيح هو الذي يدوم. ولا يجب ان نواجه الضيقات بالامكانيات البشرية فقط، فاللزق مع الوقت سيفك ولن يثبت، وسيكون هناك تصدع في العلاقات، عندما ننسي أن اللزق الذي يربطنا هو السيد المسيح، الثالوث القدوس.
وشدد نيافة الحبر الجليل أبينا المحبوب الأنبا بولس أسقف أوتاوا ومونتريال وشرق كندا علي أنه “يصعب عليا أوي أوي أوي أوي … الاثنان لا يفهمان أنهما ملتزقان بهذا اللزق الأبدي، ويقولا عايزين نطلق. لهذا قال موسي أعطي الطلاق لأجل غلاظة قلوبكم، فالعلاقة الشخصية لا تدوم، لكن عندما تكون هذه العلاقة تقوم علي أنه يوجد السيد المسيح في المنتصف بين الزوج والزوجة، فهذا لا ينحل، ولا ينفك أبدا. ويجب أن نفوق، أنه ممكن نختلف أو نزعل أو لا نلتقي، لكن أن تقولوا عايز نفك هذا اللزق، ونتطلق، فهذا غير نقول له “لأ”. فمزيد يريد الانفصال، هذا يمكن أن نعتبره مقموصا لبعض الوقت، يذهب إلي بيت أبيه لبعض الوقت، ليراجع نفسه، ويسترد التصاقه بالسيد المسيح مع شريكه الثاني، لكن من يرد الطلاق، إلا لعلة الزنى، فهذا نقول له “لا”.
وشدد نيافة الأنبا بولس علي قول الكتاب المقدس: “يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته ويكون الإثنان جسدا واحدا”. وأن أكثر حاجة تخفف من حدة الضيقات والمشاكل بين الزوج والزوجة، وتزيد من احتمالنا للضيقات، هي الصلاة والصوم، وهي قادرة أن تغير أمورنا للأفضل، ويجب علينا ألا نشكي الآخر للأب أو الأم، لأن هذا سيسبب قساوة القلب، بل علينا أن نتحدث إلي الله، ونشكو إليه، لأنه بإيماننا قادر علي أن يغير الآخر للأفضل، فالضيقات في الزواج مثل مخاض الولادة، ويجب علي أحد الطرفين أن يرخي الحبل قليل، وهذا ليس ضعف، بل قوة تحمل للضيقات، ونعمة الالتصاق بالسيد المسيح عبر الصوم والصلاة، وعندما سيهرب الشيطان، ولن يقترب من هذا البيت المسيحي ثانية، ويجب ألا نتحدث عن خلافاتنا الزوجية، إلا للسيد المسيح وأب اعترافي فقط، وليس لعدد كبير، لأن هذا سيصعب من حل المشكلة، والروح القدس قادر علي حل المشاكل، لمن يصوم ويصلي، ويبتعد عن قساوة القلب، حتى لا يهدم أسرته، وهذا الرباط المقدس لا يحل إلا للزني، ويجب أن نغلق الباب أمام الشيطان، بالصوم والصلاة.