تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بذكرى نياحة القديس بلامون أب الرهبان، وبهذه المناسبة أورد السنكسار الكنسي الجزء الخاص بالقديس بلامون أب الرهبان في سيرة القديس باخوميوس المخطوطة بدير البراموس.
وجاء نصها: وفى بعض الأيام طرق باب القديس بلامون وباخوميوس أحد الاخوة زائر ، وكان ممن قد غلب عليه الكبرياء والاعتداد بالذات فبات عندهما ، وفيما هما يتحدثان أقوال الله وأمامهما نار تشتعل ، لان الوقت كان شتاء ، قال الأخ الضيف لهما : "من منكما له إيمان قوى بالله ، فلينهض وليقف على هذا الجمر ، ويتل والصلاة التي علمها الرب لتلاميذه .فلما سمع الشيخ ذلك زجره قائلا : " ملعون هو الشيطان النجس الذي ألقي هذا الفكر في قلبك فاكفف عن الكلام " فلم يحفل الأخ بقول الشيخ ، ولكنه قال "أنا .أنا.ثم نهض قائما وانتصب على ذلك الجمر المتقد وهو يقول الصلاة الإنجيلية مهلا .مهلا .، وخرج من النار ولم تعمل فى جسده شيء البتة .
وبعد ذلك مضى إلى مسكنه بكبرياء . فقال باخوميوس للشيخ بلامون : "الرب يعرف إنني تعجبت من هذا الأخ ، الذي وقف على الجمر ولم تحترق قدماه " . فأجابه الشيخ : " لا تعجب يا بني من هذا ، لأنه بلا شك من فعل الشيطان فقد سمح الرب أن لا تحترق قدماه كما هو مكتوب أن الله يرسل للمعوجين طرقا معوجة صدقني يا بني أنك لوكنت تعلم بالعذاب المعد له لكنت تبكي علي شقائه " وبعد أيام قلائل وهوفي كبريائه رأي الشيطان أنه علي استعداد لقبول خداعه فجاء اليه بصورة امرأة جميلة الدلال حلوة المقال متزينة بثياب زاهية وقناعات فاخرة وقرعت بابه ففتح لها حينئذ أسفرت وجهها وقالت له : اعلم أيها الأب الخير أن علي دينا لقوم وهم الآن يطلبونه وأنا في هذا الوقت لا يمكنني وفاؤه وأخشى أن يقبضوا علي عنوة ويأخذوني إلى ديارهم عبدة لهم لأنهم مسافرون فاعمل معي جميلا لا مكث عندك يوما واحدا أ ويومين علي الأكثر لكي أتخلص منهم وتنال من الله جزيل الآجر ومني أنا المسكينة صالح الذكر .
أما هو فلأجل عمي بصيرته وكبرياء قلبه لم يحس بالبلاء الذي دبر له فأدخلها إلى قلايته واتكأها علي وسادته . حينئذ امتلأ قلبه من الشهوة نحوها وللوقت باغته الشيطان وصرعه علي الأرض وبقي كالميت يوما وليلة . وبعد ذلك عاوده رشده ورجع إليه عقله فقام وجاء إلى الشيخ بلامون باكيا نادما علي ما حدث وقال : ان سبب هلاكي وعلة مماتي هو أنني لم أصغ إلى ردعك إياي والآن أرجو أن تعاضدني وتؤازرني لأني صرت أسيرا للشيطان برغبتي وعندما كان يعدد هذه الأقوال والشيخ وتلميذه يبكيان لمصابه باغته الروح النجس فمضي إلى الجبل وقطع مسافة بعيدة حتى بلغ مدينة بانوس وبقي تائها فاقد العقل وقتا ما وأخيرا زج بنفسه في أتون متقد فاحترق فيه ولما عرف الأب الكبير ما آل إليه حاله وكيف كانت وفاته حزن جدا وقال : لعلي كمن يجهل هذه الأمور ثم تساءل تلميذه وقال : كيف فعل له سبحانه ما فعل بعد الاعتراف الحسن وطلبه التوبة بندم وخشوع ؟ فأجابه الأب قائلا ان الله تبارك اسمه – يسابق علمه – علم أن توبة هذا الأخ لم تكن صادقة فأوقعه فيما فعل.
ولما كان باخوميوس يسعى في البرية عندما كان يصلي ظهر له ملاك مقدس وقال له بأمر الرب يا باخوميوس ، عمر ديرا في البقعة التي أنت واقف عليها برجليك حيث سيأتي إليك جمع غفير طالبين الرهبنة فعاد إلى الشيخ وأعلمه بكلام الملاك وعزمه علي تنفيذ إرادة اله فحزن بلامون لمفارقته وقال كيف بعد سبع سنين مكثتها معي بطاعة وخضوع تفارقني عند كبري أني أري أن ذهابي معك أسهل علي من مفارقتك ".
فانتقلا إلى قبلي وبلغا طبانسين وشرعا في إقامة دير وذلك في سنة 311 م وكان عمر باخوميوس وقتئذ ثلاثين سنة . ولما فرغا من إنشاء الدير قال الشيخ بلامون لتلميذه باخوميوس : " أعلم أيها الابن الحبيب والشخص الكريم أن نفسي تنازعني بالعودة إلى قلايتي ومكان توحدي وقد عرفت أن الله قد قلدك تعمير هذا الدير وأنه سينمو ويمتلئ من الرهبان المرضيين لله وأنت عتيد أن تستمد من الله قوة وطول روح علي سياستهم . أما أنا فلقد طعنت في السن وضعفت قوتي وحان وقت انطلاقي وأري أن توحدي هو الأوفق لي . ولكني التمس من بنوتك وأطلب من خالص محبتك أن لا تحرمني من رؤياك من وقت لآخر ، وأنا سأقوم بزيارتك إذا سمحت الأيام اليسيرة التي تبقت لي . ثم افترقا بعد أن صليا وصارا يتزاوران ، وفي إحدى الزيارات مرض الشيخ بلامون المرض الذي انتقل فيه إلى الرب الذي خدمه منذ نعومة أظفاره فكفنه باخوميوس بعد أن تزود ببركاته .
وتذكر لهذا القديس عجائب كثيرة كما توجد علي اسمه أيضا كنيسة أثرية في بلدة القصر والصياد في دير يحمل اسمه به عدة كنائس غيرها علي اسم القديس مرقوريوس أبي سيفين ويقام له احتفال عظيم في عيده وأخري علي اسم العذراء القديسة مريم والشهيدة دميانه والملاك ميخائيل .