قبل شهر، خرجوا من بيوتهم القريبة من كنيسة مارجرجس للصلاة، ألقوا التحية على جيرانهم، وجلسوا كما اعتادوا كشماسين فى مقدمة الصفوف داخل الكنيسة، ولأول مرة هذا العام قرروا أن يتركوا الأطفال فى مبنى منفصل حتى لا يشتد الزحام، إنها رحمة الله. بدأت الصلوات والألحان تعلو فى أرجاء الكنيسة، وسط أجواء روحانية جماعية تشوبها الفرحة. المجد لله فى الأعالى رددها الجميع، ثم حدث الانفجار، ولم يعد شىء بعدها على حاله، بقع دماء المصلين فى كل مكان وأصوات البكاء والصراخ والألم تتداخل، وتحول عيد الشعانين إلى ذكرى لـالوجع والحزن الدفين.
شهداء ومصابون اختزلتهم وسائل الإعلام فى أرقام، كلما مرت عقارب الساعة تقل أرقام المصابين وتزداد أرقام الوفيات. الجميع يطرق أبواب المستشفيات وبيوت المكلومين بحثاً عن تصريح أو سبق صحفى، ثم يُنسى من مات ومن أصيب كأن شيئاً لم يكن، ثم يُغلق كل باب على صاحبه، يحمل وحده عبئه وألمه وفجيعته تعتصر قلبه.
اليوم بعد مرور شهر من الفاجعة التى شهدتها كنيسة مارجرجس فى طنطا، الوطن تطرق أبواب المصابين، الذين كادوا يفقدون أرواحهم، معظمهم فقد عمله ومصدر دخله وإحساسه بالأمان للأبد، المصابون الذين احتوتهم المستشفيات العسكرية طوال فترة العلاج التى ستستمر معظمها لفترة طويلة، يتحلون بطاقة كبيرة من الصبر وتقبل الكرب.
الوطن ترصد أحوال المرضى بعد مرور شهر على التفجير
فى بيت صغير خلف كنيسة مارجرجس بطنطا، التى شهدت انفجاراً مروعاً منذ شهر، يجلس بيشوى جرانت، الشاب الثلاثينى، يستقبل الضيوف بابتسامة، متقبلاً قضاء الله وقدره بنفس مؤمنة راضية، فهو أحد ضحايا الحادث المروع الذى مر عليه نحو شهر حتى الآن، وبينما يكمل المصابون رحلات علاجهم بالمستشفيات، تستعد الكنائس لإحياء ذكرى أربعين الشهداء.
بيشوى، شاب رُسم شماساً منذ كان فى المرحلة الابتدائية، وتعلق بالكنيسة وعشق حفظ الألحان، كون هناك صداقات العمر، ضمن عالم وجد فيه راحته طوال السنوات الماضية، وعن يوم انفجار كنيسة مارجرجس، يقول إنه كان فى الكنيسة منذ ساعات الصباح الأولى، ليستعد لتحضير المكان للصلاة، وبعد لحظة الانفجار لم يعد شىء كما كان، فقد بيشوى عينه اليمنى، وفقد معها خيرة أصدقائه الشماسين الشباب، يعود بيشوى بعد رحلة علاج لم تنته إلى بيته فى طنطا، مصمماً على الدخول لصلاة القداس فى كنيسة مارجرجس التى تواجه منزله، ويقول: حسيت الدنيا بتلف بىّ، والفراق كان صعب، افتكرت الأربع شماسين اللى كانوا أمامى وفجأة وقت الانفجار ملقتهمش، يحكى بيشوى عن رحلة علاجه قائلاً: فضلت فى مستشفى الرمد فى طنطا الجامعى، بعد الحادث على طول، قالوا لنا خلاص مافيهوش حاجة يروح، وقتها زعلت إنى مش شايف، وبعدها حد من الآباء بيقولى الرئيس عبدالفتاح السيسى أمر بعلاج كافة المصابين فى مستشفى المعادى العسكرى، ويضيف بيشوى أنه تفاجأ بعربة إسعاف مخصصة لنقل كل مصاب على حدة إلى مستشفى المعادى العسكرى فى القاهرة، وهناك تلقى كافة الرعاية الطبية من عمل فحوصات شاملة وتحاليل، ورسم مخ وأعصاب، مُكملاً حديثه بالقول كان فيه كدمة كبيرة فى المخ بسبب الانفجار، وراحت مع العلاج.
ويصمت بيشوى قليلاً ثم يبتسم قائلاً: بابا كان مخبى عليّا إن عينى راحت خالص، وفى مستشفى المعادى عرفت، إخصائى العيون أخدنى الجناح بتاعى ومعاه طاقم طبى كامل، وبابا طلع يجرى من الأوضة علشان كان خايف يحضر اللحظة دى، قالوا لى الشظية جت فى العين اليمين مزقت القرنية كلها ومبقاش فيه شبكة، وفيه شظية جت جرحت العين التانية وعملت ميه بيضا، واحنا بنعالجها.
شقيقة بيشوى الصغرى تنظر إليه بقلب مضطرب، وهو يتحدث قائلاً، الحمد لله أنا راضى يا رب، انت منحتنى جسمى كله ملكك والروح كمان ملكك مش خسارة عينى، أنا مسامح اللى عملوا كده، ربنا يغفر لهم.
مستشفيات القوات المسلحة تستقبل المصابين.. والكنيسة تخصص مجموعات للعلاج النفسى لأسر الضحايا ولجنة خاصة للرعاية الأسرية
يحكى الشاب الشماس عن ثقته فى قضاء الله وقدره، وأن الله نجاه لهدف ما، وأنه يستعد لجراحة سيجريها هذا الأسبوع لزرع عدسة فى العين اليمنى التى فقدها، وعملية تجميلية لآثار الحروق التى تحيط بعينه، مضيفاً، من ساعة ما عرفت إن عينى راحت حسيت بإيد ربنا بطبطب عليّا.
يقول بيشوى، إن ألم فراقه لأصدقائه الشمامسة يفوق وجعه لفقدان عينه اليمنى، يتذكر تلك اللحظة العصيبة للانفجار، ويقول إن الأجواء داخل الكنيسة كانت فى قمة الروحانية، ولأول مرة ينشدون تمثيلية عيد القيامة جماعية، ويضيف: فى لحن أفلوجيمنوس، وهو لحن دخول السيد المسيح أورشليم، كنا نقول المجد لله فى الأعالى وفجأة وقع الانفجار، يعزى بيشوى نفسه قائلاً الشمامسة كانوا واقفين يقولوا اللحن لله وفجأة اتنقلوا لربنا، تخيل إنك واقف تصلى وفجأة تلاقى نفسك قدام ربنا، الأخ رؤوف والأخ سليمان اللى استشهدوا فى الكنيسة هما اللى علمونى الألحان من وأنا صغير، وكانوا ماسكين الكورال، وهما الأكبر سناً، أما الشهداء مايكل نبيل وميشيل عبدالملك دول أصدقاء العمر.
بيشوى مثل كثير من شباب الغربية، لم تتوافر لهم فرصة عمل داخل المحافظة، فاضطر قبل حادثة الكنيسة أن يصحو من نومه قبل الفجر، ليسافر إلى مصنع كريازى فى منطقة العبور، حيث يعمل مسئول مخزن، وبعد الحادثة التى أصيب فيها، أصبح من الصعب عليه السفر، يقول: الحقيقة تفاجأت من موقف الخواجة صاحب الشركة، لقيت مديرى ريمون رشدى بيكلمنى، ويقولى أجازتك ممتدة ومدفوعة الأجر طول فترة علاجك، واحنا هننقلك من المخزن تبقى محاسب علشان الإجهاد يقل، يتابع بيشوى: رامى تُكالى على الله، مش عايز أتعشم إنى ألاقى شغل هنا جنب أهلى فى الغربية كمحاسب، علشان ما اتعرضش لإحباط، أنا راضى بكل حاجة، وكنت راضى بوظيفتى ومرتبى البسيط قبل الحادث، وراضى باللى ربنا هيدهونى بعد الحادث، الشركة قدرت أمانتى فى شغلى وأنا بشكرهم، وحتى لو السفر تعب عليّا أنا هتحمل.
إيزيس سمير، إحدى مصابات كنيسة مارجرجس تجلس فى بيتها، وتلتف حولها سيدات العائلة اللاتى لم يتوقفن عن زيارتها، وبجوارها شقيقتها إيمان، التى لم تتركها لحظة منذ وقوع الحادث.
تتذكر إيزيس ما مرت به لحظة انفجار كنيسة مارجرجس، حيث وجدت الدماء تغطى وجهها، ولم تتمكن من وضع يديها على عينيها من شدة الألم، بينما سقط عليها الأصيص من سقف الكنيسة أيضاً، أصوات الصراخ والبكاء والشعور بالألم لم تفارقها منذ تلك اللحظة، وتقول إنها مع مرور الوقت أدركت أن الله منحها نعمة كبيرة خلال تلك المحنة الصعبة، وهى طاقة المحبة والاهتمام الكبيرة التى أحاطتها بها عائلتها وزوجها وجيرانها.
ضحايا تفجير طنطا: قلبنا عمره ما هيتملى كراهية من حد
تشير إيزيس إلى باب شقتها قائلة، الباب مابيتقفلش، ليّا جيران كبار فى السن، بلاقيهم بيتسندوا وجايين، فى المحنة بيبان الناس الحقيقيين والناس اللى كانت ليهم معاكى مصلحة وانتهت، كل الآباء مش سايبين المصابين وأهالى الشهداء بيزورونا طول الوقت، واللى بتيجى تدينى الحقن فى مواعيدها جارتى منتقبة، قلبنا عمره ما هيتملى كراهية ضد حد، تضيف إيزيس أن المدرس الخاص بأطفالها أيمن جرجس، أصيب بحروق فى وجهه أيضاً إثر حادث تفجير كنيسة مارجرجس فى طنطا، وفور تعافيه اهتم بإعطاء دروس مكثفة لأولادها، بل أصبح يأتى للبيت مع زوجته ليصطحب أولادها ويهتمان بهم أثناء فترة علاجها فى القاهرة.
تتابع إيزيس قائلة: النهارده أول يوم أقدر أقوم من السرير وأقعد على الكرسى، وتحكى عن رحلة علاجها حيث انتقلت من قسم الرمد فى مستشفى طنطا الجامعى، إلى المعادى العسكرى بالقاهرة، وهناك أخبروها أنها فقدت عينها اليسرى، تمسك إيزيس بعلبة بلاستيكية بيضاء صغيرة بها شظية حديد مدببة من الطرفين، وتقول: هناك طلعوا الشظية دى من الجيب الأنفى اللى تحت العين الشمال، فى المعادى العسكرى عندهم أجهزة متطورة قدروا يطلعوا الشظية بسهولة.
وعن حياتها التى تغيرت فى لحظة تقول إيزيس، وهى الأم لطفلين، ماما ربنا يديها الصحة بالرغم من تعبها لكن استقوت على نفسها واهتمت بأولادى طول فترة علاجى، تقول إيزيس إنها قبل الحادث كانت تدير السوبر ماركت الخاص بوالدها بعد وفاته، حيث كانت تقوم بشراء البضاعة ورصها فى المحل، وتوصيلها لبعض الزبائن كبار السن فى بيوتهم، تضيف إيزيس، صفيت كل البضاعة وبعتها وقفلت المحل، خلاص مابقتش قادرة أعمل حاجة، عينى دلوقتى متخيطة، وباخد أدوية مضاد حيوى قوية جداً، بمشى لحد عيادة الدكتور بالعافية.
كنت بقول على ضحايا الكنيسة البطرسية إزاى مستحملين كده وبيتكلموا بالصبر ده، تقول إيزيس، مضيفة أنها لم تتوقع أن يحدث انفجار فى كنيسة طنطا، لأنها مدينة هادئة، وكانت تشعر بالألم لما أصيب ضحايا الكنائس من انفجارات وأعمال إرهابية، وتتعجب من قدرتهم على الصبر وتحمل الفقدان، ولكن بعد تجربتها التى مرت بها، عرفت أن الله يصبر كل إنسان بقدر البلاء الذى يعانى منه، تحكى إيزيس أنها قبل حادثة الانفجار بأسبوع، شعرت بسكينة وهدوء لم تعتد عليها، قائلة: كان ربنا بيأهلنى نفسياً لتقبل فقدان عينى، فيه شباب كتير فقدوا حياتهم ربنا يصبر أهلهم.
إيزيس: حاسة إنى هرجع أشوف بعد تركيب العدسة.. وجارتى المنتقبة هى اللى بتدينى حقن
انا فى مرحلة الانتظار، أشوف عينى هتضمر وهتصغر ولا لأ، وبعدها إن كان هيركبولى عدسة، بس أنا عشمى فى ربنا كبير وحاسة إنى هرجع أشوف بيها، الجراحة اللى قاموا بيها كانت إنهم رجعوا عينى لمكانها وخيطوها لوقف النزيف المستمر، تؤكد إيزيس أنها تتحلى بالصمود من أجل أطفالها، وزوجها الذى أغلق ورشته ورافقها طوال رحلة العلاج، وكذلك شقيقتها التى لم تفارقها لحظة.
بعض المصابين عانوا طويلاً خلال فترة العلاج، التى لا تزال مستمرة، لكن السيدة صوفيا نصرى، 57 سنة، كان وضعها مختلفاً، حيث دخلت فى غيبوبة استمرت شهراً، بعد حادث انفجار كنيسة مارجرجس مباشرة، حيث كانت تجلس فى المقاعد الأولى، وتعرضت لصدمة قوية، أدت لوجود نزيف فى المخ.
ترقد صوفيا فى سريرها لا تغادره، بعدما أفاقت من غيبوبتها منذ يومين، تعجز عن الوقوف والحركة، وتتحدث بجمل متقطعة، فلم تعد بوعيها الكامل بعد، ويقول شقيقها، كامل نصرى: صوفيا أصيبت بنزيف فى المخ، وقضت فترة فى مستشفى طنطا الجامعى عملولها هناك جراحة لوقف النزيف، وفضلت هناك فترة لحد ما جت فرصة علاج المصابين فى مستشفيات عسكرية.
يضيف كامل أن شقيقته دخلت فى غيبوبة طويلة طوال الفترة الماضية، والأشعة والتحاليل لم تشر لوجود أى شظايا فى جسمها أو رأسها، لكن ضغط الانفجار سبب لها نزيفاً داخلياً، خاصة أنها كانت تقف فى الصفوف الأولى أثناء الحادث، مضيفاً: اتنقلت لمجمع الجلاء العسكرى وهناك تم إجراء جراحية تانية، وبدأت تتحسن الحمد لله، واللى بيراعيها حالياً بنتها الكبيرة.
ويضيف كامل قائلاً: أختى عمرها ما آذت حد بكلمة وحشة، بتحب الناس وجيرانها، وربت أولادها أحسن تربية ودخلتهم أحسن جامعات، وكلنا بندعى ربنا يقومها بالسلامة علشان خاطر أولادها، أصعب شىء إنك تشوف حد قريب منك فى الحالة دى.
يقف فى شرفة بيته القريب من كنيسة مارجرجس، مينا فؤاد، أحد مصابى حادث تفجير الكنيسة، يتحدث مينا عن إصابته قائلاً: كنت قاعد ورا خالص وقت وقوع الانفجار، دخلت شظية من جنب الودن وخرقت الفك، وشظية تانية فى الرقبة، وحصل شرخ داخلى فى المخ.
يحكى مينا عن رحلة علاجه التى توقف خلالها عن عمله كمحاسب، قائلاً: رحت مستشفى طنطا الجامعى، وبعدها المستشفى الفرنساوى، لحد ما اتنقلنا إلى مستشفى المعادى العسكرى، يضيف مينا أن الأطباء هناك وضحوا حالته، حيث لم يعد يتمكن من السمع بأذنه اليمنى، وعدم قدرة الأطباء على التدخل الجراحى، بسبب وجود شرخ فى عظمة الجمجمة، وأنهم أمهلوه فترة للالتئام قبل القيام بأى تدخل جراحى، حتى لا يتسبب فى وجود نزيف مضاعف.
بيشوى الشماس: فقدت عينى اليمنى وأصدقائى وأستعد لـزرع عدسة وتجميل وأبحث عن عمل.. مينا: منتظر الشرخ الداخلى فى رأسى يلحم علشان أعمل جراحة فى أذنى اليمنى.. وتوقفت عن عملى كمحاسب لإكمال العلاج
يقول مينا: لسه هروح يوم 23 مايو مستشفى المعادى، أعمل أشعة وأعرف بعدها إيه الخطوة الجاية، بس مش مسموح ليا بالحركة ولا الشغل، يضيف مينا أن جيرانه وأصدقاءه دعموه طوال فترة مرضه، وبعضهم وفر له سيارة خاصة تنقله إلى مستشفى المعادى بالقاهرة، حتى لا يتعرض لأى إجهاد.
الظروف وحدها التى نجّت بقية أسرة مينا، هذا ما تؤكده والدته السيدة أميرة، قائلة: شنطتى اتشدت منى قدام الكنيسة قبلها بأسبوع، واحد على موتوسيكل جرنى على الأرض، وعلشان كده مقدرتش أنزل صلاة الشعانين يومها، تصف والدة مينا ما مرت به الأسرة بالفاجعة، حيث سمعوا صوت الانفجار فى بيوتهم، وهو ما خلق بداخلهم حالة تامة من انعدام الأمان.
تقول والدة مينا: لما سمعت صوت الانفجار مقدرتش أتحرك، مرات مينا اللى نزلت يومها جريت عليه، وسابت ابنهم هنا عمره سنتين، فى قلب كل أم هنا شرخ كبير، لأن الشباب اللى ماتوا نعرفهم وجيرانا وحبايبنا وكانوا ممكن يكونوا أولادنا.
تضيف أميرة: الدولة محتاجة أحكام رادعة وسريعة، تعاقب المجرمين اللى بيقوموا بأعمال إرهابية، إنما تدمير حياة الناس فى غمضة عين، والحوادث تفضل تتكرر بالشكل المؤسف ده مش عدل أبداً. وتكمل قائلة: قضيت عمرى كله بشتغل مدرسة فى وزارة التربية والتعليم، وللأسف هناك بعض العادات الاجتماعية السلبية التى تعزز العنصرية بين الأطفال منذ الصغر، الأجيال دى هتحب وتتقبل الآخر إزاى؟، وتتابع أميرة أنه أصبح من الضرورى أن تعمل الدولة على تنمية الفكر ومجابهة التطرف بكل صوره، ابتداء من الرقابة على المدارس، وزرع قيم المواطنة وحب الآخر، قائلة: إحنا بندعى للى عملوا التفجيرات فى الكنايس، بنقول يارب فتح أذهانهم وأنعم عليهم بالرؤية.
أميرة: نحتاج بث تعاليم المواطنة وحب الآخر بين التلاميذ.. وبندعى للى بينفذوا تفجيرات إن ربنا يفتّح أذهانهم.. نصرى: شقيقتى صوفيا دخلت فى غيبوبة نتيجة نزيف داخلى من وقت الحادث.. وبدأت ترجع لوعيها تدريجياً
وفى مطرانية طنطا، يوضح القس بافلوس سمير، أحد المختصين بمتابعة أوضاع مصابى كنيسة مارجرجس، أن عدد المصابين إثر الانفجار الذى وقع فى الكنيسة يوم أحد الشعانين كانوا 96 مصاباً، منهم حالتان توفيا خلال الأيام الأولى بعد الإصابة، و16 حالة تمكنوا من الخروج خلال الساعات الأولى لتعرضهم لإصابات بسيطة.
يضيف بافلوس قائلاً: المصابون توزعوا فى مستشفيات طنطا الجامعى للجراحة والطوارئ والرمد والفرنساوى والمنشاوى والأمريكان، بعدها بيومين تم نقل المصابين للمستشفيات العسكرية، حيث تلقوا رعاية طبية أفضل فى مجمع الجلاء العسكرى، ومستشفى المعادى العسكرى، والمركز الطبى العالمى، وفى مستشفى وادى النيل، ولا تزال هناك 6 حالات فى المستشفيات لم يخرجوا حتى الآن، منهم 4 حالات حرجة للغاية، بسبب وجود شظايا فى المخ وتهتك فى خلايا المخ، لأن التفجير تم من خلال حزام ناسف كان يشتمل على قطع حديد وبلى صغير، دخل به رجل يرتدى كاب للكنيسة وهو أمر مريب، لأن الكنائس لا يدخلها أحد مغطى الرأس بكاب، ويرتدى جاكيت ثقيل حتى لا ينكشف الحزام الناسف الذى كان يرتديه، وهو ما كشفت عنه الأمن من خلال كاميرات المراقبة داخل الكنيسة، حيث تقدم بخطوات سريعة حتى مكان مقدمة الكنيسة وهناك فجّر نفسه.
ويضيف بافلوس قائلاً: بقية المصابين الذين خرجوا من المستشفيات يواصلون رحلة العلاج، منهم جراحات ستتم خلال الأسابيع المقبلة، وعمليات جراحية أخرى ستتم بعد 3 شهور، ومتابعات لحالات حروق وإصابات ستستمر فترة المتابعة فيها لمدة عام، وعن طريقة تعامل مطرانية طنطا مع حادث التفجير يقول بافلوس: المطرانية كونت لجنة إدارة الأزمات، فيه ناس مختصة بكافة أوراق المصابين والشهدا، واللى يعتبر الجزء القانونى، وناس مختصة بمراعاة المصابين وأهالى الشهدا، وناس شغالة فى الجزء الإنشائى الهندسى علشان الكنيسة ترجع زى ما كانت، وناس شغالة فى ترتيبات احتفالات الأربعين، مجموعة متكاملة من الآباء الكهنة والأطباء والدعم النفسى والمهندسين ورجال الأعمال، علشان نسد احتياجات الناس على قد ما نقدر.
ويضيف بافلوس: رعاية الكنيسة تشمل بالطبع الجانب النفسى، خاصة أن الناس تضررت بشكل كبير من الحادث، خاصة الأطفال، والأسر التى فقدت ذويهم أو المصابين، وبالفعل بدأت مجموعات العلاج النفسى من المتخصصين فى صدمات الحوادث، بعد الحادث بـ4 أيام، من خلال ورش عمل أو جلسات فردية، وتلك المتابعة النفسية ستستمر على الأقل لمدة 6 شهور بصفة يومية، من خلال 60 مختصاً نفسياً، بعضهم جاءوا من القاهرة ومن أمريكا لمساعدة الناس على تخطى تلك المحنة.
ويكمل بافلوس قائلاً: أما لجنة الرعاية فى الكنيسة فهى المسئولة عن الأسر واحتياجاتهم المادية، وتدرس حالة كل أسرة، وطبيعة ظروفها المادية خاصة بعد تلك المحنة، وتضم إخصائيين اجتماعيين وآباء كهنة، وتوضح احتياجاتها الحالية وعلى المدى البعيد، لمساعدة ودعم الأهالى.
كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يتقبلونه، قول اقتبسه بافلوس من الإنجيل، موضحاً أن الأهالى يتصفون بقدر كبير من الصبر، وأن المصابين صابرون على ما أصابهم، مضيفاً: الناس مش خايفة تروح الكنيسة، بالعكس الأعداد الوافدة على الكنايس زادت، الناس متعزيين بما أصابهم لكن مانقدرش نتجاهل مشاعرهم الإنسانية.