أصدر القمص إنجيلوس جرجس، راعي كنيسة أبي سرجة القبطية الأرثوذكسية بمصر القديمة، دراسة عن أهرامات مصر، قال خلالها: «لم تكن الأهرامات مجرد مجموعة من الحجارة الضخمة متراصة فوق بعضها البعض، ولا هي مجرد مقابر لفراعنة عظماء، ولكنها كانت خزانة حضارية وضعت فيها كل إنجازات العلم والحضارة المصرية التي توصل إليها آلاف العلماء والمبدعين المصريين، ووصلت إلى حالة النضج إلى درجة أن علوم العصر الحديث بعلمائه وأدواته وإنجازاته بعد خمسة آلاف عام من بناء الأهرام لم يستطع أحد أن يدرك فقط أسرار هذا البناء فما بالك في صنع هرم مثله».
وأضاف: «بعد موت سنفرو ملك ابنه خوفو عام 2574 ق. م، وورث عن أبيه إمبراطورية حضارية عظيمة، وبعد بناء أبيه هرم سنفرو بخمسة وسبعون عاماً أحضر صديقه وقريبه العبقري حم- أويونو ليصمم وينفذ أكبر إنجاز حضاري في العالم حتى الآن وهو هرم خوفو. وقد اجتمع معه كل علماء مصر وكهنتها ليشيدوا صرحاً كونياً هو الأوحد في تاريخ ومستقبل البشرية بارتفاع 146 متراً، واستخدم فيه اثنان مليون وثلاثمائة حجراً وأغلب الأحجار تزن ثلاثة أطنان. وبني على مساحة ثلاثة عشر فداناً، ويقال إذا فككت أحجار الأهرام يمكن أن تصنع طريقاً من الأرض إلى القمر. وآخرون يقولون إن أحجار الثلاثة أهرامات إذا فككت تكفي لبناء حائط مساحته 2 متر يمتد بطول مائة ألف كيلومتر طولي حول الكرة الأرضية بمحاذاة خط الاستواء. ويقول العالم الأثري فليندرز بيتري الإنجليزي: إنتاج مثل هذا الهرم يحتاج إلى ثلاثين ألف عام من الحضارة»وتابع: «والهرم بني في مركز الأرض تماماً فالمدار الذي يمر بالهرم يقسم قارات العالم إلى قسمين متساويين. كما إنه تشير زواياه إلى زوايا الأرض الأربعة في الاتجاهات الأصلية. واكتشف علماء الطبيعة أن هناك حركة دوامية لطاقة كونية تنبعث عن رأس الهرم ويوجد مجال كهرومغناطيسي داخل الهرم ففي داخله لا يفسد الطعام ولا تتحلل الجثث وتظل السكاكين والشفرات مشحوذة. ويقول العالم الفيزيائي بيو الفرنسي: أن الهرم الأكبر ساعة ضخمة من خلال الظلال التي بعكسها يمكن معرفة الوقت وتاريخ اليوم على مدار العام. ويقول الفلكي البريطاني بروكتور: أن الهرم هو مرصد هائل للكون».
واكمل: «ولا يوجد ملاط لتثبيت الأحجار فوق بعض ولكنهم استخدموا طريقة إعجازية للتثبيت، فقد كانوا يثقبوا الحجر ويملؤونه بالنفط ثم يشعلوه ويضعون فوقه الحجر الآخر فيتم التثبيت بطريقة خلخلة الهواء. وكانت الأهرامات مطلية باللون الأبيض، وقمة الهرم من الذهب الخالص، وداخل الهرم ممرات تؤدي إلى حجرات عديدة أهمها حجرة دفن الملك خوفو. كما يحتوي على حجرات أخرى للدفن، وأطلق الكهنة على هرم خوفو أخت- خوفو أي مشرق خوفو».
وواصل: «ولم تكن الأهرامات مجموعة معمارية فقط ولكنها كانت جزء من مدينة جنائزية كبيرة يحيط بها سور وفيها معابد ومراكب للشمس. فقد بنى خوفو معبداً جنائزياً على الجانب الشرقي للهرم. وحكم خوفو ثلاثة وعشرون عاماً استغرق منهم عشرون عاماً في بناء الهرم الأكبر. ووجدت نقوش باسمه في محاجر شمال غرب توشكا بالجنوب، كما وجدت أيضاً آثار معبد عليه اسمه في منطقة جبل بلبنان شمال بيروت الآن، وبعد موت خوفو ملك ابنه "جدف-رع" من زوجة غير شرعية، وبدأت الصراعات بين الأشقاء. وبدأ في بناء هرم في أبو رواش ولكنه لم يكتمل، ومات بصورة غامضة وملك بعده أخيه غير الشقيق خفرع. وبنى الهرم الثاني في ستة وعشرون عاماً. وبعده جاء ابنه منكاورع وقد لقب بالصقر الذهبي وبنى هرمه الثالث والأصغر وحكم ثمانية وعشرون عاماً».
واردف: «وحكمت الأسرة الرابعة مائة وخمسون عاماً انتهت مع صراعات كبيرة بعد حكم منكاورع، إلا إنه حين كان خفرع يبني هرمه الثاني كانت هناك كتلة حجرية كبيرة غير صالحة لبناء الهرم فأمر الملك أن ينحت عليها تمثال له رأس إنسان وجسد أسد يمثل القوة واستغرق العمل فيه ثلاثة سنوات، وسمي بر-حول ومعنى الاسم بيت حورس أو ملاذ حورس. وحين جاء الفرنسيون نطقوها بو هول ومنها أخذت الكلمة العربي أبو الهول وخاصة أنها تعني الشيء العظيم. إلا أن الإغريق أطلقوا عليه سفنكس من الكلمة الإغريقي Shingo وهي تعني الراسخ أو الجاثم بشدة».
واستطرد: «وفي عصر الدولة الحديثة في عهد "امنحتب الثاني" توجه ابنه "تحتمس الرابع" بزيارة إلى الأهرامات وأبو الهول وقد كان الظاهر منه فقط هو رأسه. ونام "تحتمس الرابع" فجاء إليه أبو الهول في حلم وطلب منه أن يزيل الرمال عن جسده ووعده بأنه سيكون الملك القادم إذا فعل هذا. فكتب هذه القصة على لوحة سميت لوحة الحلم وتم العثور عليها بين قدمي أبو الهول عام 1817م، وأبو الهول أنفه مكسور، وتتوالى القصص الغريبة عن كسر أنفه فيقول المقريزي: "أن رجلاً يدعى صائم الدهر حين وجد تمثال أبو الهول اعتقد إنه من الأوثان فقام بمحاولة تحطيمه فكسر أنفه". وآخرون يذكرون أن جيوش نابليون حاولت أن تدكه بالمدافع فكسرت أنفه. والحقيقة كل هذه القصص غير واقعية لأن نابليون جاء ومعه علماء لاكتشاف آثار مصر فكيف يكسر أنف أبو الهول».
واختتم: «لكن هناك قصة أخرى قد تكون هي الحقيقة، إذ نرى الأنوف المكسورة في كثير من تماثيل الملوك القدماء أيضاً، وهذا لأن بعض القدماء اعتقدوا أن التماثيل تمتلك طاقة الحياة وحراسة المعابد لذلك لجأ المتورطون في هدم المعابد واللصوص إلى جدع الأنف لأنهم اعتقدوا إنه بهذا يحرموا التمثال من قوة الحياة بعدم التنفس واستنشاق الحياة حتى لا يمتلك قوة فيستطيعوا سرقة المعابد أو هدمها دون أن يصيبهم ضرر. وهناك سراديب غريبة موجودة في منتصف تمثال أبو الهول، وأخرى في الجهة الخلفية للساق اليسرى، وتوجد ممرات أيضاً تحته، وساد الاعتقاد إنه يحمل في هذه السراديب أسرار كثيرة، وتغرب شمس الأسرة الرابعة، ولكن تظل شمس مصر مشرقة في كل يوم، وفي كل عصر تبهر العالم وتخبره أن مصر بحق هي أم الدنيا».