قال المترجم الأمريكي، جوناثان سمولين، إنّ الكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس لم يُقرأ جيدًا حتى الآن، وأنّه مظلوم نقديًّا، مشيرًا إلى أنّه اكتشف خلال ترجمته لرواية «لا أنام»، شفرة خاصة في كتابة «إحسان» لم ينتبه لها أغلب النقاد الذين تناولوا أعماله الأدبية، تتمثل في إشارات سياسية عميقة ورمزية مُلغّزة عبَّرت عن رأيه في كثير من القضايا السياسية التي مرَّ بها المجتمع المصري، ولكن هذه الشفرات توارت خلف الفكرة التي تم الترويج لها، باعتبار أنّ إحسان عبدالقدوس يكتب قصصًا اجتماعية مُسلية تتعلق بالطبقات العليا في المجتمع المصري.
تفاصيل الاحتفال بالكاتب إحسان عبدالقدوس
جاء ذلك خلال جلسة مُصغرة نظَّمتها الدار المصرية اللبنانية في مكتبتها بحي الزمالك، بحضور أحمد إحسان عبد القدوس «ابن الكاتب الراحل»، وعدد من كبار كُتَّاب الدار المصرية اللبنانية، صاحبة حقوق نشر أعمال إحسان عبدالقدوس.
وأوضح سمولين، أنّه أعد دراسة عن هذا الجانب الخفي، أو الشفرة المخفية في أعمال إحسان عبدالقدوس، وسينشرها في كتابٍ قريبًا بعد ترجمتها إلى اللغة العربية، لافتا إلى أنّ إحسان عبدالقدوس قدَّم الحياة السياسية والاجتماعية في مصر خلال فترتي الخمسينيات والستينيات في كل رواياته، ولكن التركيز كان على الجانب الاجتماعي؛ لأنه طرح رؤاه السياسية بشكلٍ مُضمرٍ ورمزيةٍ مُلغزة، من خلال سرد متدفق.
ترجمة رواية لا أنام
وعن ترجمته لرواية «لا أنام» قال جوناثان سمولين إن إحسان عبدالقدوس كان يتقمَّص شخصياته أثناء الكتابة، بغض النظر عن جنس أو وظيفة الشخصية، ففي رواية «لا أنام» كان «إحسان» نفسه هو البطل، لكنه تخفى وراء شخصية «نادية»، كما أنّه كان بطل «أنا حُرَّة» أيضًا، إلا أنّه تخفى وراء شخصية «أمينة».
وعن مدى التزامه كمترجم بالنص الأصلي للكاتب وحدود التدخل فيه، قال «سمولين»: «أقول دائمًا إنّ المترجم خائن! فأنا أعتبره كذلك، وأنا كمترجم أفكر دائمًا في القراء الأمريكيين، أو قراء الإنجليزية، وعندما أترجم عملًا أضع في اعتباري أنّ القارئ يجب أن يقرأ رواية وليس كتابًا مترجمًا، ولكنني أحرص على أن يكون النص الإنجليزي مخلصًا للغة العربية قدر الإمكان، وأضع نفسي مكان المؤلف، بحيث يبدو الأمر كما لو كان إحسان عبدالقدوس هو الذي كتب روايته بالإنجليزية».يُذكر أنّ جوناثان سمولين متخصص في العلاقة بين السياسة ووسائل الإعلام، حاصل على ماجستير في اللغات السامية، ودكتوراه في الأدب العربي الحديث من جامعة هارفارد، وله كتاب عنوانه: «المغرب الأسود: الشرطة والجريمة والسياسة في الثقافة الشعبية»، وترجم روايتين لكاتبين مغربيين، الأولى «الذباب الأبيض» لعبد الإله الحمدوشي، والثانية «طائر أزرق نادر يُحلق معي» ليوسف فاضل، وأحدث أعماله المترجمة هي رواية «لا أنام» لإحسان عبدالقدوس (1 يناير 1919 - 12 يناير 1990)، التي صدرت عن دار نشر الجامعة الأمريكية، وهي الترجمة الأولى لهذه الرواية التي أثارت ضجة عند صدورها، وتحولت إلى فيلم من كلاسيكيات السينما المصرية عام 1957م.