
أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مطلع الشهر الجاري، أنه مستعد لبدء مناقشات بشأن الردع النووي لأوروبا، مشيرًا إلى أن باريس قد تمد حمايتها النووية إلى دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي في ضوء التهديدات الأمنية المتزايدة التي تشكلها روسيا.
ويُمثّل هذا البيان "لحظة محورية" في الدفاع الأوروبي، ما يشير إلى أن فرنسا بقدراتها النووية المتقدمة قد تلعب دورًا أكثر بروزًا في حماية أمن القارة وسط التوترات الجيوسياسية المتزايدة، خاصة مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وفق موقع Army Recognition.
وحافظت فرنسا منذ فترة طويلة على قوة ردع نووية قوية، ما جعلها واحدة من القوى النووية الرائدة على مستوى العالم.
وتقول فرنسا إنه جرى تصميم ترسانتها النووية في المقام الأول للدفاع عن سيادتها، ولكن في سياق البيئة الأمنية المتطورة في أوروبا، تشير تعليقات ماكرون إلى تحول نحو موقف نووي أوروبي أكثر تعاونًا.
وأثارت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن ما إذا كان ينبغي لترسانة باريس النووية أن تلعب دورًا في ردع الهجمات ضد الحلفاء الأوروبيين انتقادات واسعة.
وقد يشير استعداد ماكرون لاستكشاف فكرة توسيع المظلة النووية الفرنسية إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي إلى تطور في استراتيجيات الدفاع في القارة، ما يؤكد على دور فرنسا داخل حلف شمال الأطلسي "الناتو" والاتحاد الأوروبي.
يقوم الردع النووي الفرنسي على 3 عناصر أساسية هي "الصواريخ الأرضية، والأنظمة التي تطلق من الجو، والمنصات البحرية"، وكل منها يلعب دورًا حاسمًا في ضمان قدرة البلاد على شن ضربة ثانية.
وتعمل هذه الركائز الثلاث معًا لتزويد فرنسا بقوة نووية شاملة وقابلة للبقاء، وقادرة على الاستجابة لأي تهديد وجودي.
وفي حين أن هذه القوات تهدف في المقام الأول إلى حماية أمن فرنسا، فإنها تشكل أيضًا الأساس لأي مناقشات أوسع نطاقًا محتملة للردع النووي الأوروبي التي أشار إليها ماكرون.
وفي قلب الردع النووي الفرنسي البري توجد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات M51، والتي يتم نشرها في المقام الأول على الغواصات النووية من فئة Triomphant (SSBNs).
ويبلغ مدى هذه الصواريخ نحو 8 آلاف كيلومتر ويمكنها حمْل العديد من المركبات المعادية التي يمكن استهدافها بشكل مستقل MIRVs، وكل منها برأس حربي نووي، ويضمن هذا أن فرنسا قادرة على ضرب الخصوم من مسافة كبيرة، حتى في حالة وقوع هجوم أولي، ويُمثّل نظام M51 أحد أكثر العناصر موثوقية وقابلية للبقاء في الاستراتيجية النووية الفرنسية.
وفي حين أن فرنسا لا تمتلك حاليًا صواريخ باليستية عابرة للقارات، برية بالمعنى التقليدي، فإن الدور الاستراتيجي لصواريخ M51 التي تطلقها الغواصات يضمن تميُّز القوات النووية الفرنسية عندما يتعلق الأمر بالقدرة على البقاء.
ومن حيث القدرات النووية التي يتم إطلاقها من الجو، ينصب تركيز فرنسا على صاروخ كروز ASMP-A (Air-Sol Moyenne Portée-Amélioré)، والذي يتم نشره على كل من طائرات Dassault Rafale المقاتلة وقاذفات Mirage 2000N.
ويُعتبر ASMP-A صاروخ جو-أرض أسرع من الصوت مصمم لإيصال رؤوس حربية نووية إلى أهداف استراتيجية على مسافات تصل إلى 300 كيلومتر.
ويوفر سلاح الجو الفرنسي المكون الجوي للثالوث النووي الفرنسي، ما يضمن قدرة البلاد على شن ضربات نووية من القواعد الجوية أو حاملات الطائرات، اعتمادًا على المتطلبات التشغيلية.
وتعمل مقاتلة Rafale، برشاقتها العالية وتعدد استخداماتها وسجلها القتالي المثبت، كمنصة أساسية لتوصيل الحمولات النووية.