خلال الأيام القليلة الماضية ذكرت عدة مصادر أن تركيا دفعت بمرتزقة سوريين إلى القتال في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، بعد أشهر من الحديث عن انتشار المرتزقة في إقليم متنازع عليه بين البلدين.
وسلطت "إنفيستجيتف جورنال" ومقرها لندن، الضوء على تلك الادعاءات في تحقيق جديد للصحفية ليندسي سنيل، التي تحدثت مع مصادر مما يسمى بالجيش السوري الحر (مظلة للفصائل السورية الموالية لتركيا) الذين أكدوا دفع أنقرة بالمرتزقة في النزاع القائم.
ويقول عنصر في فرقة حمزة بمدينة عفرين السورية: "نُقل الرجال إلى تركيا وأجبروا على حلق لحاهم وارتداء ملابس مدنية، ثم بدأوا رحلتهم".
4 أيام على اندلاع الاشتباكات بين أرمينيا وأذربيجان، كشفت عن قتلى سوريين في إقليم ناجورنو كاراباخ المتنازع عليه، ويقول أحد المرتزقة الذين دفعت بهم تركيا للقتال: "سيتركوننا، ولن يعودا إلينا، القتال هنا مختلف والقصف مستمر".
يشار إلى أن تركيا استخدمت المرتزقة السوريين في القتال في ليبيا، جزءًا من اتفاق مع ما تسمى بحكومة الوفاق، لقتال قوات الجيش الوطني الليبي، ودفعت بهم مقابل وعود برواتب شهرية تصل إلى 2000 دولار، وهو ما يزيد بنحو 20 ضعفًا على القتال في سوريا.
وتقول "إنفيستجيتف جورنال" إن عشرات المرتزقة السوريين في ليبيا لم يتلقوا الرواتب التي وعدتهم بها أنقرة وأنهم حصلوا على 400 دولار فقط، واعترف بعضهم بأنهم نهبوا المنازل بسبب نقص الأموال.
من الواضح أن المرتزقة السوريين لم يعرفوا سبب تواجدهم في ليبيا، فمنهم من يقول، إننا هنا لمحاربة روسيا، ويرد آخر: "نحن هنا لأن حفتر يريد تدمير السنة" غير مدرك أن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي سني.
وتقول الصحفية التي أجرت عشرات اللقاءات مع المرتزقة في ليبيا، إنهم أبلغوا بألا يتوقعوا قتالاً يذكر، متابعة: "في البداية، تحققت توقعات المرتزقة بانتشارهم في ليبيا، استرخ الرجال في فيلات فخمة في طرابلس تخلى عنها المدنيون الفارون من القتال، أخبروا أصدقاءهم في سوريا أن الوقت كان سهلاً وشجعوهم على القدوم".
ودار قتال عنيف بين الجيش الليبي، وميليشيات الوفاق المدعومة بالمرتزقة، وأسفرت عن مقتل المئات من المرتزقة، ويقول أحد عناصر ميليشيا السلطان مراد في ليبيا: "قال الأتراك إنهم سيكونون معنا." "لكنهم ليسوا معنا، نحن نموت وحدنا، جثث رجالنا تتعفن في الشوارع".
وتوقف القتال في ليبيا إلى نحو كبير بعد سيطرة الوفاق على ترهونة، في يونيو الماضي، وتصدى لها الجيش الليبي بمحيط مدينة سرت الاستراتيجية، لم يكن لدى السوريين في ليبيا الكثير ليفعلوه، مُنِح أولئك الذين كانوا في البلاد منذ عدة أشهر حريات جديدة، مثل الإذن بمغادرة قواعدهم بزي مدني دون مرافقة ليبيين، وهو ترف حرمته الوفاق في السابق.
وتقول المجلة، إنه رغم افتقار تركيا لهدف واضح لكنها تواصل الدفع بالمرتزقة في ليبيا، ويقول أحد المرتزقة: "إنه يجهز نفسه للعودة إلى سوريا ومنها إلى أذربيجان"، موضحًا أن مصراتة الليبية استقبلت 450 مرتزقًا سوريًا جديدًا، ليحلوا محل الذين قضوا فترات طويلة في ليبيا.
وتقول "إنفيستجيتف جورنال" إن المرتزقة السوريون وهم من السنة، لا يعرفون أن أذربيجان التي يقاتلون في صفوفها ذات غالبية شيعية.
وأشارت المجلة إلى تسجيل انتشر بين صفوف الفصائل السورية لأحد عناصر الجيش الحر يقول: "لا يمكننا القتال إلى جانب الشيعة، أتفهم ما إذا كنت تريد الذهاب إلى أذربيجان، فهذه ليست مشكلة، أعلم أن الأمور صعبة لكن الشيعة هم أعداؤنا أكثر من المسيحيين هم يهود".
وترى ليندسي سنيل، أن بعض المرتزقة في ليبيا يقاتلون من بدافع المال ويقدمون التضحيات من أجله فقط، لهذا السبب ربما ترسلهم تركيا من ليبيا إلى أذربيجان، إذ يقول أحدهم: "سنقاتل من أجل المال وهم يعرفون ذلك" لكن ليس واضحًا إن كانت ظروف القتال صعبة في ناجورنو كاراباخ ستثني بعضهم عن الذهاب إلى هناك.
ويقول أحد المرتزقة الذين دفعت بهم أنقرة للقتال مع أذربيجان، إن نحو 35 منهم لا يعرف عنهم شيئا، متابعًا: "لم يكن معنا أذربيجاني أو تركي واحد عندما نقاتل، وأغلبنا يريد العودة إلى سوريا، لكنهم سحبوا أسلحتهم علينا وأجبرونا على البقاء ومواصلة القتال".