قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.. يسعدنى جدًا والكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحتفل هذا الأيام بعيد سيامتكم أسقفًا لإيبارشية البحيرة من 23 سنة أن أقدم لقداستكم على باقات الورود أجمل التهانى المقرونة بأطيب الأمانى، وأهنئكم أنه مع الأيام كانت إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة أن تختاركم لتتولى أمانة المسئولية في قيادة الكنيسة في كل ربوع البلاد، وقد جاء هذا في توقيت دقيق وحساس للغاية، كانت البلاد في حاجة ماسة إلى تضافر كل الجهود الأمينة والمخلصة لتنعم مصر بالأمن والاستقرار والأمان والازدهار على كل الأصعدة، وبالفعل كان لتاريخكم الحافل بالعطاء، ولقلبكم الكبير المحب، ورأيكم الشجاع الواضح، وفكركم الخّلاق المستنير المواقف الوطنية النبيلة لترسيخ قيم الوحدة الوطنية التى تتمتع بها بلادنا الحبيبة، والتى يسجلها التاريخ بحروف بارزة من نور.
قداسة البابا تواضروس الثانى
قدمت حياتكم للرب سكيبًا وقربانًا على مذبح التكريس، فتفجرت من حياتكم طاقات الخدمة التى بلا مثيل، وفاضت منكم ينابيع الحب والعطاء الذى يفوق حد التصور، وصاغت منكم يد القدير شخصية عملاقة فذة متعددة المواهب والوزنات، نادرة الوجود.
كانت أول وأهم وأعظم موهبة في حياتكم هى موهبة المحبة.. حتى أنه في يوم من الأيام كان لى شرف أن أطلق على قداستكم «بابا المحبة» فما من مرة نلتقى بكم إلا وتحدثنا عن المحبة، ونلمس بالأعمال قبل الأقوال الحياة التى تفيض بالمحبة والوداعة والتواضع، لذا دخلت كل القلوب من أوسع أبوابها، وأصبحت لخدماتكم الجليلة قيمة مضاعفة.. كما قالت الأم تريزا (تتضاعف قيمة عطايانا بمقدار الحب الموجود فيها).
قداسة البابا تواضروس الثانى
قمتم مع رؤساء الكنائس المصرية بوضع حجر الأساس لمجلس كنائس مصر ولا شك أن هذا هو شوق قلب كل مسيحى في بلادنا أن يرى الكنيسة تحقق صلاة الرب يسوع عندما صلى قائلًا:» ليكونوا واحِدًا «(يو17: 22). مع إدراكنا الواعى أن وحدتنا لا تتنافى مع تنوعنا، ووحدتنا هى سر قوتنا، ووحدتنا هى سر نجاح خدمتنا.
فالكنيسة كجسد المسيح هى (جسد واحد) هذه هى (الوحدة)، ولكن الجسد الواحد أيضًا ليس عضوًا واحدًا بل أعضاء كثيرة، هذا هو (التنوع) كما يقول الرسول بولس «فالآنَ أعضاءٌ كثيرَةٌ، ولكن جَسَدٌ واحِدٌ.» (1كو12: 20)، والتنوع في الجسد الواحد هو سر الوجود، ولمسة الجمال وعلامة الثراء، فاللحن الواحد لا يقدم لنا سيمفونية جميلة، واللون الواحد لا يرسم لوحة فنية بديعة الجمال، والوردة الواحدة لا تشكل بستانًا يبهج العيون، ولقد أثبت التاريخ أن الحضارة الإنسانية إزدهرت بالتنوع والتعدد.
قداسة البابا تواضروس الثانى
في كل يوم نراك تترجم الإيمان إلى أعمال، وتجسد الصلوات في تضحيات وإنجازات، وتربط بين العبادة والشهادة، وتعيش الفكر المسيحى في السوك اليومى.
نعم! حياتك كنهر دافق فياض الإيمان منبعه، والرجاء مجراه، والمحبة للجميع مصبه، لذلك أرسلت روافدك هنا وهناك لتملأ الدنيا بأسرها بمآثرك المثمرة والمؤثرة.
ونحن نهنئكم بتاريخ الخدمة الحافل بالإيمان العامل بالمحبة، نصلى أن يحفظكم الله لخدمة الكنيسة والوطن لسنين عديدة وأزمنة مديدة، وليمنحكم الله إيمان إبراهيم، وحلم وعلم موسى، وقلب داود، وحكمة سليمان، وحنان إرميا، وشاعرية إشعياء، وخيال يؤئيل، وبساطة عاموس، ورؤى زكريا، وواقعية يعقوب، ومحبة يوحنا، وفلسفة بولس، وقبل هذا وذاك فكر المسيح، لتقود الكنيسة من نجاح إلى نجاح، مهما كانت تحديات ومتاعب الحياة، ومهما كانت مصاعب وآلام الزمان.