مغسل موتى كورونا بعزل بلطيم: أرتدي 10 قفازات ولم أر أسرتي منذ 22 يوما
26.04.2020 16:19
اهم اخبار مصر Egypt News
الوطن
مغسل موتى كورونا بعزل بلطيم: أرتدي 10 قفازات ولم أر أسرتي منذ 22 يوما
Font Size
الوطن

16 عامًا قضاها الرجل الأربعيني، متنقلًا بين جدران مشرحة مستشفى بلطيم المركزي، ومنازل المتوفين، يقوم بمهمة "التغسيل والتكفين" للموتى متطوعًا، فما بين وفاة طبيبعة وأخرى بسبب يؤدى الرجل مهام عمله، كاتمًا للأسرار، ومحافظًا على العلاقة الروحانية بينه وبين الذين يخروجون من تحت يديه لمقابلة ربهم فى أحسن صورة.

 

لم يخف ولم تكسره رهبة الموت، ولم تتثاقل خطواته، عندما وجد نفسه منذ 22 يومًا، فى ظرف استثنائي، إذ يقوم بتغسيل وتكفين موتى فيروس كورونا المستجد، داخل مستشفى العزل ببلطيم، هذه المهمة التى تتم دون أنيس ولا ونيس، ولا حتى إلقاء نظرة أخيرة أو قُبلة وداع على جبين المتوفين من قبل ذويهم.

 

22 يوم لم ير إيهاب محمد الغبارى، البالغ من العمر 45 عامًا، أسرته وزوجته وطفلته، فحين جرى تجهيز المستشفى للعزل الصحى، أخبره المسؤولون أنه سيتولى مهمته الطبيعية التى يقوم بها حال وجود جثث بمشرحة المستشفى، لكنه هذه المرة لن يخرج من المستشفى، سيكون بيته الذى سيقضي فيه ليله ونهاره، فهو يخضع للحجر الصحى ضمن الطاقم الطبي والتمريض والعاملين، وسيغادر بعد 14 يومًا.

 

ولأن ليس له بديل، فقد حالت تلك الظروف بينه وبين مغادرته ليمكث ويستكمل مهمته، حيث استطاع تغسيل وتجهيز 7 جثامين من ضحايا الفيروس التاجي الذين توفوا داخل المستشفى حتى الآن، كما أنه تحمل مسؤولية تدريب 3 ممرضات ليقمن بنفس مهمته مع السيدات اللاتي توفين خلال فترة العلاج بالمستشفى.

 

"بقُبلة وحضن"، ودع الرجل الأربعيني طفلته هنا البالغة من العمر 7 سنوات، مؤكدًا أنه سيغيب عنها لفترة من الزمن، لقيامه بمهمة وطنية عليه أن يؤديها متطوعًا على أكمل وجه، ستُضاف إلى مهمته القديمة، لكنها ستكون الأصعب والأشد عليه، إذ سيكون وحده داخل غرفة "الغُسل"، وستكون روح صعدت لبارئها بين يديه، يُجهزها لتخرج إلى سيارة الإسعاف، وتُدفن فى ظروف مختلفة، لا وداع ولا سلام.

 

يروي "الغباري"، لـ الوطن، قصته مع الغُسل منذ 16عامًا، قائلًا: "كان عمرى 29عامًا حينما تطوعت للعمل كمُغسل موتى، بحكم عملي كمسؤول عن مشرحة مستشفى بلطيم المركزي، كما قمت بإنشاء جمعية خيرية في مدينة بلطيم، والتي تمتلك الآن ثلاث سيارات إسعاف مهمتها نقل المرضى والموتى لخدمه أهل المدينة".

 

وعن تجربته مع تغسيل وتكفين موتى فيروس كورونا المستجد، يقول: حينما جرى تخصيص المستشفي لعزل المُصابين بالفيروس، جرى تقسيم كل الطواقم الى مجموعات بالتبادل، تقضي كل مجموعة 14يومًا وتخرج لفترة الحجر المنزلي، لكنني لا أستطيع الخروج بعد انقضاء المدة، بسبب عدم وجود بديل لي، فأنا المسؤول عن المشرحة، استقبل جثث المتوفين وأضعها داخل الثلاجة حتى البدء فى إجراءات التغسيل والتكفين وفق إجراءات منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة المصرية، وحتى الآن "قمت بتجهيز 7 حالات وفاة، ودربت 3 ممرضات على كيفية الغُسل حتى يقمن بتغسيل وتكفين المتوفين من السيدات".

 

ويشرح أن هناك فارقًا فى الغسل والتكفين بين حالات الوفاه العادية والمتوفين بكورونا، من حيث الملابس الوقائية وطريقة التعامل، وعدد إدراج القماش لكل متوف، وطرق التعقيم والطرق الاحترازية التي يوجهني إليها فريق مكافحة العدوى داخل المستشفى.

 

ويضيف الغباري"، أنه يتم أولًا بغسل يدي ووجهي وقدمي جيدًا ثم يجفف، وألبس جاون كيس، وجاون قماش، وبدله عزل من النوع القماش العازل، ثم بدلة عزل صفراء من النوع الجلدي، حتي تمنع تسرب الماء إلى داخل جسمي، كما أرتدي بوت جلدي طويل وغطاء عازل للرأس وماسك طبي ونظارة عازلة وعدد من القفازات، أكثر من 5 قفازات فى اليد الواحدة.

 

وبعد أن استكمل ملابسي كاملة، يتم عمل لاصق طبي علي الماسك والنظارة وغطاء الرأس حتى لا يتسرب أي هواء داخل وجهي، وتكون عملية التنفس من الماسك الطبي المفلتر فقط، هكذا يقول "الغباري"، مشيرًا إلى أن التعامل مع حالة الوفاة تكون بحسب تعليمات وزارة الصحة، بحيث يتم نزول الحالة إلى ثلاجة حفظ الموتى، وبعدها يتم نقل الحاله لتجهيزها على المغسلة المُعدة لذلك، ثم يتم تجريد المتوفي من ملابسه كاملة، وتغطية العوره فقط بقطعة من القماش السميك.

 

يضيف: يتم إغراق جسد المتوفي بالماء، ثم يُغسّل جيدًا بالماء والصابون، ثم أقوم بوضوئه وتعميم الجسم بالماء والكافور، وهذه سنة عن الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم ، كما يتم إدراج المتوفي في 5 قطع من القماش، تُغطي جميع أنحاء جسده، ثم نغطي جميع أنحاء جسد المتوفي بكيس بلاستيكي أبيض ويلف عليه أكثر من مره، ثم يوضع المتوفي في كيس حفظ موتى مخصص لذلك بسوستة وتُغلق عليه جيدًا، وبعدها نضعه في صندوق خشبي، يتم تعقيمه جيدًا بالكلور والكحول، حتى لا ينقل أى عدوى من المتوفي إلى من يشيع جنازته أثناء الدفن، وبذلك تنتهي الإجراءات ويتم تسليم المتوفي إلى سيارة الإسعاف التابعة لوزارة الصحة ليتم دفنها مع وجود الأهل دون لمس.

Leave Comment
Comments
Comments not found for this news.