
بعدما انتهى مؤتمر السلام من مدينة شرم الشيخ، من التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار ووقف الحرب في قطاع غزة، أصبح هناك ملف آخر يخص القضية الفلسطينية وهو ملف المصالحة الفلسطينية لتوحيد الصف الفلسطيني.
ونجاح اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لن يكتمل دون إنهاء الانقسام بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس.
وتستمر القاهرة في جهود مكثفة من أجل إعادة اللحمة إلى الصف الفلسطيني، وجمع مختلف الفصائل والقوى الوطنية تحت مظلة سياسية واحدة، استعدادًا للمرحلة المقبلة التي تشهد تحولات داخلية وإقليمية حساسة.
نزال: جهود مصرية حثيثة لإعادة توحيد الصف الفلسطيني
وفي هذا السياق، قال الدكتور نزار نزال الكاتب السياسي الفلسطيني، إن التحركات المصرية المتواصلة في القاهرة تمثل جهودًا حثيثة لإعادة اللحمة إلى الصف الفلسطيني، وجمع كل الفصائل الوطنية تحت راية واحدة من أجل توحيد الموقف السياسي وإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني.
وأوضح نزال في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن مصر تبذل جهودًا مكثفة مع جميع القوى الفلسطينية بمختلف أطيافها لإعادة بناء الوحدة الوطنية على أسس سياسية متينة، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب موقفًا موحدًا ورأسًا سياسيًا واحدًا قادرًا على التعامل مع التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني بعد الحرب على غزة.
وشدد على أن النجاح في تحقيق المصالحة ليس أمرًا سهلًا، لكنه ممكن في ظل الإرادة السياسية المصرية والظروف الدولية الراهنة التي تفتح نافذة أمل لتوحيد شطري الوطن.
ودعا نزال إلى ممارسة ضغط مصري قوي على الفصائل الفلسطينية كافة لتجاوز المصالح الحزبية الضيقة والعودة إلى روح العمل الوطني المشترك.
وأكد على أن الفرصة الآن مواتية لانخراط كل القوى الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بما يضمن وحدة القرار الوطني وقدرته على مواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة.
حداد: المصالحة الفلسطينية ضرورة ملحة لإعادة الإعمار
فيما قالت الدكتورة تمارا حداد الكاتبة السياسية الفلسطينية، أن المصالحة الفلسطينية تشكل في الوقت نفسه تحديًا وفرصة أمام القوى الفلسطينية، مشددة على أن ترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني بات أولوية قصوى في المرحلة الحالية، خصوصًا في ظل الجهود الرامية إلى صياغة “اليوم التالي للحرب” على أسس وطنية موحدة.
وأوضحت حداد في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن المطلوب اليوم هو توافق فلسطيني شامل يضمن تسليم إدارة المرحلة المقبلة إلى السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليًا، باعتبارها الإطار الرسمي لبناء الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وأضافت أن حركة حماس مطالَبة بإبداء إرادة سياسية حقيقية لتسليم المشهد الوطني للسلطة ضمن إطار المصالحة، بما يضمن وحدة القرار وإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية.
وأشارت إلى أن ملف إعادة إعمار قطاع غزة يمثل محورًا أساسيًا في هذا الترتيب، إذ تبلغ تكلفة الإعمار نحو 53 مليار دولار ستُقدّم على مراحل تمتد من ستة أشهر إلى 15 عامًا، وتشمل الاستجابة العاجلة والمتوسطة والدائمة.
لكنها حذرت من أن استمرار الانقسام سيعيق تدفق الأموال، خاصة أن الدول الأوروبية والخليجية لن تقدم الدعم المالي في ظل بقاء الانقسام وسيطرة حماس على الحكم.
وأضافت “حداد” أن استمرار هذا الواقع يعني استمرار دوامة الحروب، وهو ما يخدم مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الساعي للهروب من أزماته الداخلية عبر التصعيد.
وشددت على ضرورة وجود نظام فلسطيني معتدل قادر على إدارة الإعمار والسيطرة الأمنية والسياسية لضمان الاستقرار.
وأكدت أن اللحظة الراهنة تمثل فرصة تاريخية لإنهاء الانقسام عبر إرادة وطنية صادقة ومشروع سياسي موحد يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية، ويحميها من التشرذم، ويمهّد لتحويل السلطة الفلسطينية إلى دولة مستقلة ذات سيادة.