
قال الدكتور عبدالقادر جاز، الصحفي والمحلل السياسي السوداني، إن الحرب الدائرة في السودان منذ أبريل 2023، تطورت بشكل غير متوقع إلى نزاع شامل، اتخذ طابعًا استنزافيًا يهدد ليس فقط وحدة البلاد، بل أيضًا استقرار المنطقة بأكملها.
وأوضح "جاز" في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن النزاع الذي بدأ في محيط العاصمة الخرطوم سرعان ما تمدد جغرافيًا ليشمل معظم أنحاء البلاد، نتيجة غياب التخطيط الاستراتيجي وتداخل المصالح الإقليمية والدولية، مضيفًا: الأطراف المتصارعة لا تمتلك رؤية وطنية واضحة، وتبدو وكأنها تنفذ أجندات خارجية دون إدراك لحجم الكارثة التي أُلقي فيها السودان.
سيطرة ميدانية وانهيار إنساني
وأشار إلى أن قوات الدعم السريع باتت تسيطر على معظم مناطق دارفور، بينما يتمركز الجيش السوداني في شرق وشمال ووسط السودان وأجزاء من كردفان، مؤكدًا أن مدينة الفاشر تُعد رمزًا حقيقيًا للمأساة الإنسانية، حيث تعاني من حصار طويل وسط صمت دولي لافت رغم الحصار، يواصل سكان الفاشر الصمود في مشهد يلخص شجاعة وإرادة السودانيين، الذين وضعوا أرواحهم على خط النار دفاعًا عن الأرض والكرامة.
وفيما يتعلق بالانعكاسات الإقليمية، شدد "جاز" على أن مصر بحكم علاقاتها التاريخية والجغرافية والأمنية مع السودان، تُعد من أكثر الدول تأثرًا بما يحدث، معتبرًا السودان "العمق الاستراتيجي الجنوبي" للأمن القومي المصري.
وقال: الانفلات الأمني في السودان يهدد مصر بتزايد تدفقات اللاجئين، وتسرب عناصر مسلحة عبر الحدود، فضلًا عن احتمالات التأثير على ملف مياه النيل في حال اتسعت رقعة الفوضي .
وأكد أن دعم مصر للجيش السوداني يُعد خيارًا استراتيجيًا لحماية مصالحها الحيوية، خاصة في ظل احتمالية تغير المعادلات العسكرية في دارفور أو انهيار الجبهة الشمالية، وهو ما قد يؤدي إلى تحولات أمنية مقلقة على حدودها الجنوبية.
الوساطة والمبادرات
وحول جهود الوساطة، أشار إلى أن المبادرات الإقليمية والدولية لم تحقق اختراقًا حقيقيًا، بسبب انعدام الثقة بين الفرقاء، واستمرار بعض القوى في دعم كيانات موازية تفتقر للشرعية الشعبية والدولية..الاتحاد الإفريقي مطالب بالتحرك خارج إطار المجاملات الدبلوماسية، وتفعيل آليات حقيقية تعتمد على إرادة سودانية، وعدالة انتقالية تنقذ ما تبقى من البلاد.
"الاغتراب الميليشي"
ولفت إلى تصاعد ظاهرة خطيرة تُعرف بـ"الاغتراب الميليشي"، حيث ينضم بعض الشباب إلى ميليشيات عابرة للحدود طلبًا للرزق، معتبرًا أن هذه الظاهرة تحمل أبعادًا أمنية تتطلب تدخلًا عاجلًا من دول الجوار والمنظمات الإقليمية.
نهاية مسدودة
واختتم "جاز" تصريحاته بالتحذير من أن السودان بات على مشارف صراع أهلي مفتوح، ستكون له امتدادات إقليمية خطيرة إذا لم يتم التدخل العاجل لوقف نزيف الحرب المؤشرات تنذر بإطالة أمد النزاع، وانزلاق البلاد إلى فوضى شاملة، ما لم تتحرك القوى الفاعلة لإنقاذ السودان من مصيره المظلم.