يترأس قداسة البابا تواضروس الثاني، طقس صناعة الميرون المقدس في 11 و12 مارس 2024، بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون والذي يبدأ بالتزامن مع بداية الصوم الكبير الذي يستمر لمدة 55 يومًا إذ يبدأ في 11 مارس 2024.
وعلى الصعيد ذاته، من المقرر أن يترأس قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، صباح الاثنين، قداس شم النسيم، في 6 مايو 2024 والذي يأتي تزامنًا مع إتمام طقس لإضافة خميرة زيت الميرون المقدس بدير القديس العظيم الأنبا بيشوي العامر للرهبان الأقباط الأرثوذكس بمنطقة وادي النطرون بمحافظة البحيرة.
وبالتزامن مع صناعة الميرون تنشر الدستور وثيقة عمل الميرون المقدس للمرة التاسعة والثلاثين، في تاريخ الكنيسة القبطية والثانية في حبرية "قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني " ١١٨:-
سر الميرون هو السر المقدس الذي به ننال ختم موهبة الروح القدس، وهو مستقل عن سر المعمودية، ففي هذه ننال الولادة الثانية من فوق، وفي الميرون يسكن فينا الروح القدس لنثبت في المسيح وننال قوة روحية لننمو روحيا، وهكذا يكون المؤمن مثل غصن قطع من الزيتونة البرية أي العالم، وطعم في الجيدة من خلال جرن المعمودية.
والميرون هو الأربطة التي تثبت الغرس الجديد لذلك سمي سر التثبيت)، وأما زيت الغاليلاون أو زيت الفرح فيدهن به المعمد عقب طقس جحد الشيطان وقبل النزول إلى جرن المعمودية، للشفاء من أعمال المضاد والخطايا، ويصنع زيت الغاليلاون من التقل المتبقي من الطبخات.
وأسس الرب يسوع هذا السر "مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابِ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُمَاء حَيّ، قَالَ هَذَا عَنِ الروح الذي كَانَ الْمُؤمِنون به مزمعين أن يقبلوه " (يوحنا ٧: ٣٩،٣٨).وقد قبل التلاميذ هذه العطية في علية صهيوم يوم البنطيقستي، ومن ثم أعطاه الرسل للمؤمنين بإعتبارهم وكلاء أسراره، وخداما لشعبه.
والميرون سر مستقل، يقول القديس لوقا: وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الذين في أورشليم أن السَّامِرَةَ قَدْ قَبلَتْ كَلِمَةَ اللَّهِ، أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بَطْرُسَ وَيُوحَنَا اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلَا صَلْيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يقبلوا الروح القدس، لأنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ، حينئذ وَضَعَا الأَيَادِي عَلَيْهِمْ فَقَبلُوا الروح القدس" (أعمال ١٧،١٤:٨).
وعندما وصل بولس إلى أفسس قَالَ لَهُمْ: «هَلْ قَبلْتُم الروح الْقُدُسَ لَمَّا آمَنْتُمْ ؟ قَالُوا لَهُ: وَلا سَمِعْنَا أَنَّهُ يُوجَدُ الرُّوحُ الْقَدُسُ، فَقَالَ لَهُمْ: «فَبِمَاذَا اعْتَمَدْتُمْ؟» فَقَالُوا: «بمعمودية يُوحَنَا، فَقَالَ بولس: «إن يُوحَنا عمد بمعمودية التوبة قائلا للشعب أَنْ يُؤْمِنُوا بِالَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ، أَي بِالْمَسيح يسوع، فَلَمَّا سَمِعُوا اعتمدوا باسم الرَّبِّ يَسُوعَ، وَلَمَّا وضع بولس يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ حَلَّ الروح (أعمال ١٠٢:١٩).
ومنذ المرة السابقة لإعداد الميرون في ٢٠١٤م، وقد قرر قداسة البابا بعد الرجوع لبعض المتخصصين ( مثل القمص جورجيوس عطالله والذي أعد جميع مواد طبخ زيت الميرون في المرات الثمانية السابقة أنه بالإمكان إعداد زيت الميرون بالطرق الحديثة، ليس فقط توفيرا للوقت وإنما للحصول على نتائج أفضل، ومن ثم أمكن الحصول على المواد المراد استخلاصها من الأخشاب ومن الأعشاب والنباتات من مصانع عالمية بدرجة فائقة النقاوة، فيما عدا اثنتين من المواد لم تكن درجة النقاوة فيها بالقدر المطلوب، ومن ثم تم استخلاصهما بالطريقة التقليدية في الدير قبيل البدء في العمل
وأوضح قداسة البابا في اجتماعه الأسبوعي يوم الأربعاء ٢ أبريل ٢٠١٤م، وقبل البدء في العمل بستة أيام، لماذا قرر من المجمع المقدس اختيار الطريقة الجديدة، حيث قال قداسته كانت الخلطة تتكون من ٢٧ مادة كلها نباتية، كنا نأخذها قديمًا من النباتات سواء زهر النبات أو جذع النبات أو ورق النبات، نقوم بتجفيفه ثم طحنه ثم نخله ثم نقعه في ماء، وبعد ذلك نضعه في زيت الزيتون مع التقليب، وقد يحتاج التقليب إلى عشر ساعات بنفس السرعة، وكل هذا حتى نستخلص عطر الطيار من النبات ثم نضيفه.
ولكن طرق الاستخلاص قد تطورت كثيرًا نتيجة لتطور العلم، هذه المواد لها كميات ونحن نريد أن نستخلص منها العطر زيت الطيار)، والطريقة القديمة للإستخلاص | لا تستخلص العطر كله، ولذلك فكرنا أنا نأتي بهذه الخلاصات النقية مائة بالمائة من الشركات المتخصصة في ذلك، وهي شركات معدودة في العالم كله، وأحدث طرق التقطير بالبخار)، حيث يتم استخلاص الزيت Steam distillation الاستخلاص هي الطيار النقي مائة بالمائة. وبالتالي فنحن عندما نصنع الميرون بالأسلوب الجديد إنما نصنعه بأكثر جودة.
وقد أوجد قداسته مثلا لتقريب فكرة إستخدام الطرق الحديثة وهو صنع القربان، حيث كنا نأتي قديمًا بالقمح ثم نغسله ثم نجففه في الشمس ثم نطحنه بالرحي ثم ننخله لفصل الردة، ثم نأخذ الدقيق للعجن، وأثناء عجن الدقيق نقوم بقراءة المزامير، نعجنه باليد ثم نضع الخميرة ثم نتركه يختمر ثم نحوله إلى كرات نحولها بأصابعنا إلى القربانة كما نعرفها، ونختمها ونصنع فيها الثقوب ثم نضعها في الفرن البلدي.
ولكن اليوم ومع تطور الحياة نقوم بشراء الدقيق جاهزا، وفي أكثر الكنائس يوجد الآن عجانات كهربائية، كل هذه الأمور هي استخدامات للعلم. بالتالي في الطريقة الجديدة لإعداد الميرون لا توجد عمليات النقع، والتسخين، والتقليب، بل نحصل على عطور نقية جاهزة.
ومن مشاكل الطريقة القديمة: مشكلة التسخين، إذ نضع بعض المواد المنقوعة في الماء في الزيت والماء يتبخر عند درجة حرارة ١٠٠ درجة مئوية بينما الزيت عند درجة حرارة ٧٠ مئوية، فمع طرد الماء نطرد الزيت. كما أننا نستخدم أجزاء مختلفة من النبات وأحيانًا نشتري مواد قديمة تكون أقل عطرًا، كذلك قد تكون بعض المواد مغشوشة بسبب أنها غالية الثمن جدًا، مثل دهن البلسان حيث يتم غشها بالزبدة.