تتصاعد التحذيرات الأممية والدولية من اتساع رقعة الانتهاكات التي ترتكبها ميليشيا الدعم السريع، مع انتقال المعارك نحو ولايات كردفان بعد الجرائم الواسعة التي شهدتها مدينة الفاشر في إقليم دارفور.
وحسب وكالة رويترز، تخشى جهات أممية من تكرار السيناريو المروّع الذي دمّر الفاشر وخلّف آلاف الضحايا والنازحين، مؤكدة أن الصمت الدولي وعدم اتخاذ خطوات عملية لردع هذه الميليشيا يفاقمان الوضع الإنساني بشكل غير مسبوق في السودان.
تأتي هذه التحذيرات في ظل استمرار الدعم السريع في اتباع سياسة تقوم على الهجمات الانتحارية ضد المدن، ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وترويع السكان، إلى جانب الممارسات الموثقة التي شملت الإعدامات الميدانية والتجويع المتعمد وفرض الحصار على مناطق مدنية.
ويؤكد مراقبون أن ما يجري في السودان لم يعد مجرد صراع مسلح، بل تحول إلى سلسلة من الجرائم المنظمة التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا قبل اتساع رقعتها نحو كردفان وما بعدها.
تكرار فظائع الفاشر في كردفان
وشددت مصادر في الأمم المتحدة على أن السماح بتكرار فظائع الفاشر في كردفان سيكون أمرًا بالغ الخطورة، وسيقود إلى انهيار كامل للنسيج الاجتماعي وإلى تفجير موجات إضافية من النزوح القسري.
وأوضحت المصادر أن المجتمع الدولي لم يعد باستطاعته الاكتفاء ببيانات الإدانة، بل يتحتم عليه اتخاذ خطوات عملية للضغط على الأطراف المنخرطة في النزاع، وبالأخص ميليشيا الدعم السريع، لوقف الهجمات فورًا والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود.
يأتي هذا التحذير بينما تتزايد المخاوف من اشتداد المعارك في كردفان، وهي منطقة ذات كثافة سكانية عالية، وتضم مئات الآلاف من المدنيين الذين يعيشون بالفعل في ظروف معيشية قاسية.
فوفقًا لبيانات أممية، فإن أي توسع للقتال في هذه المنطقة سيؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة، خصوصًا بعد تدمير البنى التحتية في ولايات عدة، وإغلاق الطرق الرئيسية، ومنع فرق الإغاثة من الوصول إلى المحتاجين.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن جميع أطراف النزاع في السودان تتحمل مسئولية عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تدهور أوضاع ملايين المدنيين الذين يواجهون الجوع والمرض في ظل انهيار تام للخدمات الأساسية.
غير أن مسئولين أمميين يؤكدون أن الدور الأكبر في تضييق الخناق على المدنيين يقع على ميليشيا الدعم السريع، التي تتعمد استخدام التجويع والحصار كأدوات للحرب، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني.
واكدت التقارير الأممية أن استمرار هذه الانتهاكات يهدد بحدوث مجاعة واسعة النطاق، مع عجز المنظمات الإنسانية عن توفير الغذاء والماء والدواء بسبب منع الوصول والاعتداءات المتكررة على كوادر الإغاثة.
وقد وثقت منظمات دولية عشرات الحوادث التي استهدفت فرق الإنقاذ والمستشفيات الميدانية، ما أدى إلى تقويض القدرة على تقديم أدنى مستويات الرعاية للسكان المتضررين.
وتواجه الأمم المتحدة اليوم تحديًا مصيريًا يتمثل في حماية المدنيين ومنع تكرار الجرائم التي ارتُكبت في الفاشر، عبر الضغط الفعلي لوقف المعارك فورًا في كردفان، وإلزام ميليشيا الدعم السريع وكل الأطراف المتحاربة باحترام القانون الدولي وتسهيل دخول المساعدات.
كما تدعو إلى تشكيل آلية رقابة دولية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها، لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.