"لأول مرة في حياتي أقضي شهر رمضان الفضيل والعيد، بعيد عن أفراد الأسرة، نظرا لظروف عملي بالحجر الصحي لعلاج مرضى فيروس كورونا، التكنولوجيا الحديثة ساعدتني كثيرا للتواصل مع أولادي، خاصة أنني لأول مرة أبعد عنهم ما يزيد عن شهر ونصف، منذ 8 إبريل الماضي، نفسي الناس تكف عن الاستسهال، وتعرف مدي خطورة الفيروس، لأننا بالشكل ده لن تمر الأمور كما يرام".. بتلك الكلمات بدأ صاحب الـ43 عاما، عمر محمد جبة، ممرض بمركز التدريب المدني في دمياط، حديثه لـ"الوطن".
وقال عمر: "أعمل كممرض منذ 25 عاما بعد تخرجي في الثانوية الفنية للتمريض، حيث كنت أعمل كممرض في عيادة مدينة الأثاث وهيئة الإسعاف، ثم انتقلت للعمل بالعزل، فقبل افتتاح العزل ذهبت لمديرية الصحة، للاستفسار عن موعد افتتاح العزل للتطوع للعمل، وبالفعل قالوا لي أنا وصديقي الذي كان برفقتي حينها، هنتواصل معاكم أول ما نفتتحه، وقد كان، كنا من أول من عمل في العزل منذ 8 إبريل، ولا زلنا مستمرين في مهمتنا الوطنية، إلى أن يشاء القدر، وتنتهي الأزمة على خير".
ويضيف عمر، حين قلت للأسرة هروح العزل، قالوا لي جميعا، "ربنا يعينك ويوفقك"، متابعا: أنا أب لـ3 أطفال بنت وولدين، ودائما أحرص على التواصل معهم هاتفيا وفيديو كول، للاطمئنان عليهم، خاصة أنها المرة الأولى التي أبتعد عنهم، مضيفا الشغل 12 ساعة عمل يوميا، كانت كفيلة لتلهينا وتنسينا متاعب اليوم، فكنت أتجمع وزملائي للإفطار سويا فحسب.
وعن مهام عمله في العزل، يقول عمر، بقيس العلامات الحيوية للمرضى، من درجة حرارة وضغط وسكر يوميا، وإعطائهم العلاج، والتواصل معهم فورا، حال ورود أي استغاثة من أي مريض، مستطردا: الناس بتتعامل كأن مفيش فيروس، الوضع بات سيئا، والإصابات في زيادة يومية، لازم الجميع يلتزموا بمنازلهم، والتباعد الاجتماعي، والبعد عن التجمعات، والنظافة، لكي تمر الفترة بسلام.
ويوضح عمر، أن أصعب حاجة على نفسي لما وصل لنا أصدقاء وجيران مصابين المركز، ومنهم من لم تكن الأعراض ظاهرة عليه، وتم علاجهم والحمد لله، لم تحدث حالات وفاة لدينا، مختتما حديثه: الأمر فحسب محتاج التزام، أول الناس الذين ألزموا أولادهم بعدم النزول إلا للضرورة القصوى والتباعد الاجتماعي.
ووجه عمر رسالة لزملائه قائلا: "خلوا بالكم من نفسكم، واحترسوا لو الأطقم الطبية أصيبت، مفيش حد هيتعالج لأننا الأساس".