
بدأت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر والمهجر الصوم الكبير، الإثنين 24 فبراير 2025، والذي يستمر لمدة 55 يومًا تنتهي بعيد القيامة المجيد، والذي يحل في 20 أبريل 2025.
من جانبه، قال دانيال سامي نصيف الباحث الكنسي، في تصريح خاص لـ«الدستور»، إنه في البداية يجب أن نُفَرِّق ما بين وحدتين من الصوم أصبحتا اليوم ملتصقتين بعضهما البعض: الصوم الأربعيني، والصوم الفصحي.
وتابع: فالصوم الفصحي هو الصوم الاستعدادي الذي يسبق عيد الفصح (القيامة) مُباشرةً، ولدينا شهادات من القرون الأولى، مثل شهادة ق. إيرينيؤس، أسقف ليون (١٣٠- ٢٠٢م)، على لسان يوسابيوس القَيصري، أن الصوم الفصحي كان يتراوح بين يوم أو اثنين أو أربعين ساعة. حيث يشير ق. إيرينيؤس إلى أن هذا التبايُن لم ينشأ في أيامه، بل قبل أيامه بأزمنة كثيرة. جدير بالذكر أن هذه الكلام يُعبِّر عن منطقة ق. إيرينيؤس، ولكن من الوارد أنه كان موجودا في باقي الإمبراطورية الرومانية أيضًا، حيث نجد شهادة مماثلة عند ترتُليان القرطاجي (١٥٥- ٢٤٠م).
وتابع: أما في مصر، فنجد شهادة على فم البابا ديونيسيوس الإسكندري (٢٦٤م)، ليس بعد زمن ق. إيرينيؤس بكثير، تُبيِّن أن البعض كان يصوم قبل الاحتفال بعيد الفصح (القيامة) بستة أيام، والبعض كان يصوم لوقت أقل من ذلك. أما الصوم الأربعيني فلا نجد أي إشارات صريحة عنه قبل مجمع نيقية، بل توجد بعض الإشارات المُبعثرة وغير المُترابطة (ولا تشير بالضرورة إلى الصوم الأربعيني) عن أصوامٍ مُختلفة مُكوَّنة من أربعين يوما.
وأضاف: إنه من المُحتمل أن كنيسة روما كانت تعرف الصوم الأربعيني في النصف الأول من القرن الرابع الميلادي. فالقديس أثناسيوس الرسولي (٢٩٦- ٣٧٣م) في رسالته إلى ق. سيرابيون، أسقف تمويس عام (٣٤٠م)، التي أرسلها من روما، يحثه على أن يشجع الإخوة في مصر على أن يصوموا الأربعين، إذ إنهم لا يصومون بينما يصوم العالم كله.
وتابع: كما أن ق. جيروم يصرِّح بشكل واضح في عام (٣٨٤م) بأن كنيسته تصوم أربعين يومًا. وهو ما يؤكده البابا سيريسيوس في السنة التالية (٣٨٥م) في إحدى رسائله. فهو يقول إن هناك أربعين يومًا من الصوم تسبق المعمودية التي تُمنَح في "عيد الفصح والخمسين".
واستطرد: أما في كنيسة الإسكندرية، فيعطينا ق. أثناسيوس إشارة في رسالته الفصحية السادسة لعام (٣٣٤م) عن إدخال صوم أربعيني في كنيسة الإسكندرية. وهو يستخدم الرمز الكتابي للرقم أربعين على مثال أربعين سنة التيه في البرية. يشهد ق. أثناسيوس أيضًا لمدة الصوم المكونة من ستة أسابيع، ولكنه يُشمِل فيها أسبوع البصخة (الصوم الفصحي)، ويُفَرِّق بينهما (أي خمسة أسابيع من الصوم + أسبوع بصخة). بحلول منتصف القرن السابع (في زمن البابا بنيامين الأول [٦٢٣ - ٦٦٢م.] / البابا أغاثون [٦٦٢ - ٦٨٠م.]) أو أوائل الثامن للميلاد (في زمن البابا أليكسندروس الثاني [٧٠٤ - ٧٢٩م.]) كان الأقباط قد أضافوا أسبوعين إضافيين إلى الصوم الكبير، الأول يفصل بين خمسة أسابيع الصوم وبين أسبوع البصخة، والثاني- ويُدعى أسبوع الاستعداد- في بداية الصوم.