
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، القانون رقم 214 لسنة 2020، قانون البحوث الطبية الإكلينيكية، المعروف إعلاميًا بـ"التجارب السريرية"، والذي وافق عليه مجلس النواب.
وتنص المادة الأولى من القانون على أن العمل بأحكامه فى كل ما يتعلق بالبحوث الطبية الإكلينيكية التى تجرى على الإنسان وبياناته الطبية بالجهات البحثية داخل مصر.
ويستهدف القانون توفير العلاجات الأكثر كفاءةً وأمناً للمريض والوقاية من انتشار الأمراض بوضع سياسة صحية مبنية على الدليل، وحماية المبحوثين فى الأبحاث الطبية الإكلينيكية والحفاظ على حقوقهم، وتعزيز الفائدة المرجوة من تلك البحوث بتوفير رعاية طبية متميزة، وترسيخ الطب المبنى على الدليل والنهوض بالصناعة الوطنية للأدوية.
وسبق للرئيس السيسي أن رد النسخة الأولى من القانون مجددا إلى مجلس النواب، بعدما أقره المجلس بجلسة 14 مايو 2018.
وبعد أكثر من عامين على الجدل بشأنه، خرج القانون في صياغة معدلة بعد موافقة مجلس النواب وتصديق رئيس الجمهورية.
الرئيس يبدي ملاحظاته ..في 2 أكتوبر 2018؛ اعلن رئيس مجلس النواب دكتور علي عبد العال، إعادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمشروع قانون تنظيم البحوث الطبية والإكلينيكية المعروف بالتجارب السريرية مجددًا للبرلمان. وذلك في سابقة برلمانية، وجاء في خطاب الرئيس حينها -بحسب ما نُشر- : " تابعت بمزيد من الاهتمام المناقشات المستفيضة التي دارت حول قانون تنظيم البحوث الطبية والاكلينيكية ولاحظت الشد والجذب في العديد من الأحكام الخلافية تراوحت بين تأييد مفرط ونقد متشدد، وطالعت بامعان تام النصوص التي أقرها المجلس في 14 مايو 2018، وتزامن مع ذلك ورود رسائل عديدة من بعض الدوائر العلمية والمهنية المعنية بالقانون، تشير إلى جدل خارج البرلمان بخصوص القانون".وأشار الخطاب إلى أن مشروع القانون يحظى بدرجة من الأهمية والخطورة في آن واحد، لتعلقه بالحماية الدستورية والحق في الحياة وحرمة جسد الإنسان من جهة، وحرية البحث العلمي من جهة أخرى، متطرقًا إلى نص المادة 60 من الدستورالتي تؤكد على أن للجسد حرمة والاعتداء عليه أو تشويهه أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون، ولا يجوز إجراء اي تجربة طبية أو علمية عليه". وتابع: "رآيت إعادة مشروع القانون للمجلس الموقر لإعادة النظر فيه لافتًا إلى أن المواد التي اعترض عليها في نص مشروع القانون هي المواد 4، 5، 9، 11، 19، 20، و22، التي تحتوي على نصوص تشترط موافقة المجلس الأعلى، والهيئات الرقابية والمخابرات العامة على بروتوكول البحث والمتابعة والتفتيش عليها بعد موافقة الهيئة التي يجري فيها البحث. وتابع في خطابه: "الأبحاث تشمل الماجستير والدكتوراه والأبحاث الحرة والممولة في كليات الطب البشري، مما يعني وجود أعداد هائلة من الأبحاث كل شهر يستحيل معها متابعتها إلا بواسطة اللجان الموجودة في كل جهة بحثية".كما ابدى الرئيس اعتراضه على عدد الممثلين للجامعات المصرية والمعاهد في المجلس الاعلى هو 4 فقط من أصل 15 حيث قال : "مع العلم أن 97% من الأبحاث العلمية تجرى في الجامعات والمعاهد التعابعة للتعليم العالي".
ومن بين ما تطرق له الرئيس بعض النصوص المتعلقة بالعقوبات، حيث قال: "لا تأخذ بعين الاعتبار طبيعة البحث العلمي وتعتبر المخالفات متساوية في جميع أنواع البحوث ما قد يتسبب في رعب لدى الباحثين وإعراض عن البحث العلمي في مصر".كما شدد على عدم واقعية النص المتعلق بمنع تحليل عينات المصريين في الخارج، وأضاف في خطابه: "القانون ينص على أن إرسال عينات بشرية للخارج يترتب عليه عقوبات سجن وغرامة حتى لا يتم العبث بالجينات المصرية".من جهته أكد رئيس البرلمان بأن مشروع القانون كان بالفعل محل جدل، وأنه يحمد لرئيس الجمهورية ممارسة حقه الدستوري ليتم إخراجه والتوافق مع كافة أطراف البحث العلمي.وفي نهاية اغسطس الماضي تم الموافقة النهائية من جانب البرلمان على مشروع قانون التجارب السريرية بعد تعديل عدد من المواد به. ضمانات وعقوباتففي نهاية أغسطس الماضي؛ وافق مجلس النواب بصورة نهائية على قانون التجارب السريرية الذي بدأ الحديث عنه بقوة في 2018 ومن بين ما جاء به: مادة (27) بعد التعديل أضحت مادة 26يعاقب بالحبس كل من أجرى بحثًا طبيًا إكلينيكيًا دون الحصول على الموافقة المستنيرة من المبحوث ومن الممثل القانونى عن الفئات المستحقة حماية إضافية من المبحوثين وموافقات الجهات المحددة بهذا القانون. فإذا ترتب على ذلك حدوث عاهة مستديمة، تكون العقوبة السجن المشدد من ثلاث إلى عشر سنوات، وتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن الذى لا تقل مدته عن عشر سنين إذا ترتب على الفعل المشار إليه موت شخص أو أكثر.مادة (28) بعد التعديل أضحت مادة (27)يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد عن 500 ألف جنيه، كل من الباحث الرئيس وراعى الدراسة حال عدم الالتزام بأى حكم من أحكام المادتين (18، 20) من هذا القانونمادة (31) بعد التعديل أضحت مادة (30)يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ساهم بأى صورة كانت في خروج عينات بشرية تستخدم في الأبحاث الطبية الإكلينيكية أثناء إجرائها أو بعد انتهائها دون الحصول مسبقًا على الموافقات المتطلبة وفقًا لأحكام القانون.الافتاء تحسم الجدل وامتد الجدل حول التجارب السريرية ليشمل الجانب الشرعي، حيث رأى البعض حرمتها، وهو ما ردت عليه دار الإفتاء، مؤكدة أن هذه الاختبارات الطبية في مجملها تتماشى مع حَثِّ الشرع الشريف على التداوي من الأمراض وإرشادِه إلى البحث عن العلاج؛ مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الله عز وجل أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا، ولا تداووا بحرام»، وقول النبي صلي الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الله لم ينزل داءً إلا أنزل له شفاءً، عَلِمه مَن عَلِمه، وجهله مَن جهله» - بحسب بيان الإفتاء- متى تكون التجارب السريرية محرمة شرعًا؟ وفصَّلت الدار فتواها مؤكدة أن إجراء التجارب الطبية على الإنسان لا يعدو ضررها أن يكون مُحَقَّقًا أو لا؛ فإن كان ضررها ثابتًا ويُشَكِّل خَطَرًا على حياة الإنسان أو على وظيفةِ عضوٍ من أعضائه؛ وذلك كالتجارب الدوائية التي تُجرَى لمعرفة آثار الدواء الجانبية السلبية، ومعرفة مدى الضرر المحتمل من استخدام بعض المواد الخطرة أو الفَتَّاكة، أو بعض السموم؛ فكل هذه التجارب مُحرَّمة شرعًا؛ لأنَّ الشريعة الإسلامية حَرَّمت كل ما يُؤدِّي إلى إتلافِ البدن وإزهاقِ الروح، فأَمَرَتْ الإنسان بالمحافظة على نفسه وجسده مِن كل ما يُهْلِكه، ونَهت عن أن يقتل الإنسانُ نفسَه أو يُنزِلَ بها الأذى؛ فلا يجوز لأحدٍ أن يتصرَّف في جسده تصرفًا يُؤدي إلى إهلاكه أو إتلافه . وشددت دار الإفتاء على أنَّ استخدامَ الإنسان كأداةٍ لإجراء مثل هذه التجارب التي تؤذيه أو تُودِي بحياته قطعًا يتنافى مع التكريم الذي جعله الله سبحانه وتعالى للإنسان في قوله: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾، أما إذا كانت هذه التجارب لا ضرر فيها على الإنسان، أو فيها ضرر يُحْتَمَل بحيث لا يُشَكِّل خَطَرًا على حياة الإنسان أو على عضو من أعضائه؛ وذلك كالتجارب التي يتم اختبارها مُسَبَّقًا على غير الإنسان، وعُلِم أنَّه لا ضرر فيها إذا ما أجريت على الإنسان، مع أخذ كل التدابير لمنع الخطر في إجرائها عليه، كما في التجارب التي تُجرَى على الإنسان لمعرفة المزيد عن تفاصيل وظائف الأعضاء، أو الجرعات المناسبة وكميتها من دواء معين؛ فهذه التجارب جائزة شرعًا.