على مدار يومين متتاليين استضاف برنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز، على قناة «Extra News»، البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، ليقدم شهادته عن ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، كونه أحد الرموز الدينية التى كان لها دور بارز خلال تلك الفترة.
خلال اللقاء، قدم البابا تواضروس شهادته عن الفترة من نوفمبر ٢٠١٢ إبان تنصيبه بطريركًا وجلوسه على الكرسى البابوى، حتى قيام ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، إضافة إلى مشاركته فى اجتماع ٣ يوليو، وكواليس وأسرار لقاءاته بالرئيس المعزول محمد مرسى.
كما تحدث البابا عن علاقة الكنيسة والأزهر، وكيف كانت تلك العلاقة تربك جماعة «الإخوان»، وتفاصيل زيارته الأولى إلى الفاتيكان، عقب الاعتداء على الكاتدرائية فى عهد «الإخوان»، بجانب إحساسه وشعوره بأن مصر تعرضت للسرقة، علاوة على موقفه وقت تعرض الكنائس للهجمات الإرهابية، وشعوره حينما التقى الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وكلمته خلال اجتماع ٣ يوليو.
«الدستور» تواصلت مع عدد من القيادات الكنسية والباحثين، لمعرفة آرائهم حول اللقاء.
وكيل إيبارشية أوهايو: حديث دقيق وأمين وحكيم
قال القمص ميخائيل إدوارد، كاهن كنيسة «مارمرقس» القبطية الأرثوذكسية فى مدينة كليفلاند الأمريكية، وكيل إيبارشية أوهايو وميتشجان وأنديانا، إن البابا تواضروس الثانى كان خير شاهد على ما حدث خلال فترة مهمة فى تاريخ مصر الحديث، خلال لقائه فى برنامج «الشاهد» مع الدكتور محمد الباز، الذى يعتبر شهادة تاريخية مهمة.
وأضاف «إدوارد»: «شهادة البابا تميزت بالدقة والأمانة والحكمة، وكان قداسته يوزن كل كلمة بميزان الدهب، وبدقة الصيدلى بحكم عمله السابق»، معتبرًا أنه «من خلال هذه الشهادة، يكشف البابا عن حبه لله وللوطن وللكنيسة، وأن أهم شىء الثقة والمحبة والسلام العام».
واختتم وكيل إيبارشية أوهايو وميتشجان وأنديانا حديثه مشيدًا بالدكتور محمد الباز، الذى استضاف البابا فى برنامجه «الشاهد»، مؤكدًا أن «الباز» كان دقيقًا فى إعداد الأسئلة، رقيقًا فى مخاطبته البابا ومُلمًا بكل شىء عنه.
راعى كنيسة مار مرقس فى فيينا: وصف الأحداث بقوة وشجاعة
أشاد الدكتور القمص إبراهيم إبراهيم حنا، راعى كنيسة «مار مرقس» فى فيينا، بحديث البابا تواضروس الثانى، معتبرًا أنه وصف الأحداث التى مرت على مصر بصدق وأمانة صافية وقوة وشجاعة. وأضاف «حنا»: «سيشهد التاريخ بالموقف الوطنى لشعب مصر، الذى جاء حديث البابا تواضروس الثانى معبرًا عن جموعه، بعدما وصف فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسى وصفًا دقيقًا، وعبر عن مرارة نفس الشعب ونظرته المأساوية للمستقبل آنذاك». وواصل: «البابا وصف أيضًا فترة حكم الرئيس السيسى وصفًا تاريخيًا محققًا، بَين خلاله كيف زرع الرئيس السيسى الأمن والأمان من جديد، وأصبحت مصر فى عهده آمنة، متوقعًا أن يشهد المستقبل القريب طفرة اقتصادية، ينعم فيها الشعب بمزيد من الاستقرار وازدهار الاقتصاد».
الراهب بولس الفرنسيسكانى: أثبت أنه مصرى أصيل يُقدر المخاطر ضد بلده
رأى الراهب بولس رزق الفرنسيسكانى أن الحوار الذى دار بين البابا تواضروس الثانى والإعلامى الدكتور محمد الباز، فى برنامج «الشاهد»، عكس وطنية البابا، وصدق ودقة وأمانة وصفه للأحداث.
وقال «الفرنسيسكانى»: «البابا قدم لنا ما حدث على الساحة المصرية بدقة وأمانة، من خلال حديث عكس انتماءً شديدًا لهذا الوطن، وكيف أن البابا شخصية تستحق كل الاحترام والتقدير».
وأضاف: «البابا قدم لنا خبرته الشخصية عن الأحداث التى عاصرها الشعب المصرى وسطرها لنا التاريخ فى ٢٠١٣، وأثبت للجميع أنه مواطن أصيل مصرى، يمتلك الحس الوطنى المطلوب، ويقدر المخاطر التى تحاك بالوطن».
كريم كمال: توثيق لحقبة مهمة فى عمر الوطن
أشاد كريم كمال، الكاتب والباحث فى الشأن السياسى والقبطى، بحرص الدكتور محمد الباز على توثيق حقبة مهمة وتاريخية فى عمر الوطن، من خلال برنامج «الشاهد»، وهو التوثيق الذى توج باستضافة البابا تواضروس الثانى.
وأضاف «كمال»: «البابا تواضروس الثانى شرح ما حدث خلف الكواليس أثناء ثورة ٣٠ يونيو وما قبلها، مستعرضًا ما عاصره بنفسه خلال هذه الفترة، التى كان شاهدًا عليها، مشيرًا إلى الخطورة التى مثلتها الجماعة الإرهابية على الوطن».
وواصل: «وثق البرنامج خلال حلقتين كيف تعامل الرئيس السابق عدلى منصور بحكمة خلال مرحلة حساسة للغاية، وكيف أسس الرئيس عبدالفتاح السيسى دولة المواطنة، من خلال حضور قداس عيد الميلاد كل عام، وإعلانه إنشاء أكبر مسجد وكنيسة فى العاصمة الإدارية الجديدة، لتبدأ مصر عهدًا جديدًا معه، يتساوى فيه جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات».
وأشاد الباحث فى الشأن القبطى بالأسئلة التى طرحها الدكتور محمد الباز على البابا تواضروس الثانى، واصفًا إياها بأنها أسئلة توثق تاريخ وطن، وتبرز الدور الوطنى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
أشرف حلمى: عبر عن أحزان الأقباط فى فترة مرسى
أشاد الكاتب أشرف حلمى، المقيم فى أستراليا، بحوار البابا تواضروس الثانى مع الدكتور محمد الباز، خاصة أنه عبر عن مواقفه الشخصية وموقف الكنيسة القبطية وأبنائها تجاه ثورة ٣٠ يونيو، التى عملت على إنهاء حكم «الإخوان»، وإنقاذ مصر وشعبها من نفق مظلم.
وقال «حلمى»: «البابا تواضروس الثانى نقل ردود الأفعال الحزينة لأبناء الكنيسة القبطية فى أستراليا، عند الإعلان عن فوز مرشح الإخوان بالانتخابات الرئاسية، وعبر بكل وضوح عن عدم تقدير الدولة فى ظل حكم مرسى للأقباط والكنيسة المصرية الوطنية، فى الكثير من المواقف».
وأوضح أن من بين هذه المواقف تجاهل الأقباط، وعدم تطبيق مبدأ المواطنة، والتعامل كأنه لا يوجد أقباط فى مصر، خاصة عند تشكيل لجنة وضع الدستور، ما أدى إلى انسحاب الكنيسة من اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، علاوة على عدم مشاركة رئيس الدولة فى حفل تجليس البابا الجديد. وأضاف: «كما أن البابا رفض زيارة مرسى، وأخذ صور معه لتهدئة الرأى العام، وفقًا لدعوة من صديقه الدكتور محمد رفاعة، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية آنذاك، بسبب وجود اعتداءات على بعض الكنائس وقتها، قائلًا له: (يعنى حضرتك عايزنى أكون ديكور؟)». واختتم «البابا تواضروس كان جريئًا أيضًا فى تعليقه على حادث الاعتداء على الكاتدرائية، مؤكدًا وجود تواطؤ أمنى، خاصة أن الكاتدرائية موجودة فى العاصمة وعليها حراسة».
النائب جميل حليم: البابا له دور مهم فى «30 يونيو»
أكد المستشار جميل حليم، عضو مجلس الشيوخ، مستشار الكنيسة الكاثوليكية فى مصر، أن البابا تواضروس الثانى كان له دور مهم فى أحداث ٣٠ يونيو، التى شهدت آنذاك احتجاجات واسعة النطاق ضد حكم الرئيس محمد مرسى، وجماعة «الإخوان».
وأضاف «حليم»: «البابا تواضروس الثانى أيد هذه الاحتجاجات، واعتبر إياها تعبيرًا عن إرادة الشعب ورغبته فى التغيير، ثم أشاد بدور الجيش فى الاستجابة لمطالب الشعب، وتدخله لعزل الرئيس مرسى، وتقديم خارطة طريق جديدة للبلاد». وواصل عضو مجلس الشيوخ: «هذا الموقف كان انعكاسًا لرؤية الكنيسة القبطية، التى رأت فى أحداث ٣٠ يونيو فرصة لتحقيق الاستقرار، والحفاظ على الوحدة الوطنية»، معتبرًا أنه «من المهم ملاحظة أن دعم البابا تواضروس ثورة ٣٠ يونيو كان جزءًا من موقف أكبر للكنيسة القبطية لدعم الدولة المدنية، والمساهمة فى بناء مصر جديدة، تعزز قيم المواطنة والعدل والمساواة بين جميع طوائف المجتمع».
مارك فيليبس: هدم ادعاءات «الإخوان» بسردية «استعادة مصر»
«لم يخرج لقاء البابا تواضروس الثانى مع الإعلامى الدكتور محمد الباز، فى برنامج «الشاهد»، الذى دار حول أحداث ثورة ٣٠ يونيو وسنة حكم الإخوان، عن سردية «استعادة مصر وإنقاذها من الحكم الدينى»، لكنها سردية بصوت قبطى هذه المرة، فى مقابل السردية الإخوانية عن «الانقلاب على الشرعية الدستورية»، التى ما زالت الجماعة ترددها فى أبواقها الإعلامية إلى الآن».. بهذه العبارة لخص مارك فيليبس، الباحث فى الشأن القبطى، رؤيته حوار البابا فى برنامج «الشاهد».
وأوضح «فيليبس» أن «سردية الاستعادة» هذه تأتى وكأنها امتداد لثورة ١٩١٩، وهى ببساطة قائمة على أن مصر كوطن وروح سُرقت أو اُختطفت من قِبل جماعة «الإخوان»، وها هى تعود من جديد فى ٣٠ يونيو.
وأضاف أن تلك الروح المسلوبة هى ما وصفها البابا تواضروس فى الحوار بقوله: «حالة من الخوف والفزع، شىء بيتسرق، مش هى دى مصر، مش دى نكهة مصر، مش دى الطبيعة بتاعة كل يوم، فى حاجة بتتسرق».
كما وصفها بقوله: «بينتفوا ريشنا.. البلد مُسلَّم إلى المجهول، ومش عارف هيوصل لإيه»، وصولًا إلى الوصف الأخطر: «التصرُّف بعيدًا عن أن شعب مصر مسلم وقبطى، وصبغ الحياة وكأن ماكانش فيها أقباط»، وفق الباحث فى الشأن القبطى.
وواصل «فيليبس»: هذه الأوصاف ذات دلالات موحية بطبيعة وجود الإنسان القبطى داخل وطنه مصر. يوجد القبطى فى مصر الحديثة وفقًا لما تشكَّلت عليه مواطنيتها ووحدة عنصريها فى مطلع القرن العشرين، هذا هو الأساس الراسخ الذى ينبنى عليه الوجود القبطى فى هذا البلد، فمع امتداده منذ فجر التاريخ على هذه الأرض، إلا أن مقولات «الوطنية» و«الوحدة» هما صمام الأمان لبقائه وقتاله من أجل حياة هذا الوطن.
وأشاد بوصف البابا لثورة ٣٠ يونيو بأنها «الصحوة الوطنية الجديدة»، مضيفًا: «هذا تعبير له ثِقل ليس بالهيِّن فى تاريخ مصر المعاصر، فهو يقابل (الصحوة الإسلامية) بموجاتها وتجلياتها، لكن هذه الصحوة أتت برمزية العَلَم الذى كان يمسكه الناس آنذاك، كصحوة جديدة وطنية، استردت لمصر روحها، بعد أشهر طويلة كان الشعور الغالب لدى البابا فيها هو أن (الوطن يتعرض للسرقة)».
ورأى أن هذه الرؤية تجلت فيما ذكره البابا حول لقائه كاثرين أشتون، حين كانت رئيسة المفوضية الأوروبية تستعجب من الإطاحة بـ«رئيس منتخب بواسطة الصناديق»، وهى السردية الإخوانية، لكن رئيس الكنيسة كان يصر على أن سبب الرفض الشعبى حكم «الإخوان» هو «سرقة روح مصر»، ليقول لها آنذاك: «مش هى دى طبيعة مصر»، وإن «التفريط فى حلايب وشلاتين، وخطة بيع سيناء التى كانت تُدبَّر فى ليل، لا يضمنان البقاء الوجودى لهذا الوطن من الأساس».
واختتم بقوله: «لم يتردد البابا لحظة واحدة فى المشاركة فى ٣٠ يونيو بناءً على هذا الأساس، أساس الوطنية المصرية، وهو ما عبر عنه فى الحوار بقوله: (خط الكلام كان ماشى فى طريق الوطنية المصرية، وها نحن نستعيد روح مصر من جديد)».
رفعت فكرى: حديث من القلب ملىء بالأمانة والشجاعة
وصف القس رفعت فكرى، أمين عام مساعد مجلس كنائس الشرق الأوسط، حوار البابا تواضروس الثانى فى برنامج «الشاهد»، بأنه عاقل وموضوعى.
وقال «فكرى» إن «البابا لم يتحدث عن أحداث قرأ أو سمع عنها، لكنه تحدث عن أحداث عاصرها بنفسه، بعد أن تقابل بنفسه مع الرئيس محمد مرسى وتحاور معه، وكان يرى أنه ليس الرئيس الأفضل لبلد بحجم مصر، وأن الوضع الذى كانت عليه بلادنا العريقة ليس الأفضل المفترض أن تكون عليه».
وأضاف: «لهذا السبب كان البابا مُتفائلًا بثورة ٣٠ يونيو، لأنه كان يشعر بنبض الناس، ولهذا السبب تغير بلدنا إلى الأفضل بعد ثورة ٣٠ يونيو، بعدما كان هناك تصاعد للتيار الإخوانى، بكل ما يتسم به من أصولية ورفض الآخر، وتمييز ضد المرأة ومعتنقى الأديان الأخرى، حتى جاءت هذه الثورة».
وواصل: «بحدوث ثورة ٣٠ يونيو تغيرت الكثير من الأوضاع إلى الأفضل، وبدأنا نشعر بأننا فى دولة، وأن هناك قانونًا ومواطنة، إلى جانب حل الكثير من المشكلات الخاصة بالنساء والأقباط، وبناء الكنائس وترميمها».
وأكمل: «الحقيقة أن ٣٠ يونيو ثورة مهمة فى تاريخ مصر، والبابا تواضروس الثانى تناول كل أسرار هذه الحقبة بمنتهى الموضوعية والأمانة والدقة والشجاعة، وهذا ليس غريبًا على قداسته، الذى يتحدث دائمًا من قلبه»