نظمت مطرانية المنيا للأقباط الأرثوذكس بالتعاون مع المتحف الآتوني، اللقاء العلمي الثالث تحت عنوان « المنيا مهد الحضارات»، تحت رعاية وحضور نيافة الأنبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها ورئيس دير الأم سارة للرهبات، والدكتور أحمد حميدة مدير عام المتحف الآتوني و المشرف العام على الإدارة المركزية للمتاحف الإقليمية، والدكتور أحمد الجندي مدير العلاقات العامة والدولية بالمتحف وبحضور كوكبة من من الخبراء الأثريين والاقتصاديين والأحزاب السياسية والقيادات التنفيذية وعدد من أعضاء مجلس النواب.
وتضمن اللقاء كلمة ترحيب وشكر ألقاها نيافة الأنبا مكاريوس رحب فيها بالحضور الكريم وبالسادة الباحثين والمشاركين بفعاليات اليوم واثنى على المجهود الكبير فى تنظيم واخراج هذا اللقاء بهذا الشكل الجميل
وأكد الدكتور احمد حميدة مدير عام المتحف الآتوني ، في كلمته ان هذه الفعالية تأتي في إطار التعاون المشترك بين المتحف الآتوني ومؤسسات المجتمع المدني بهدف التعريف بالمتحف ودوره وأهدافه، ومجهودات وزارة السياحة والآثار في ترميم العديد من مقتنيات المتحف على أحدث طراز أثري مع تأهيل الكوادر من القيادات والعاملين داخل المتحف.
وأعلن المدير العام للمتحف، خلال كلمته باللقاء العلمي الثالث ، عن قرب إفتتاح المتحف، والذى سيكون احتفالا ضخما بالتعاون مع إحدي الشركات الكبرى، وسيشهد له الجميع بعد افتتاحه وسيكون منارة أثرية كبيرة.
وأكد مدير عام المتحف، فى تصريح خاص بوطنى أن المتحف الآتوني بالمنيا يعد أحد أكبر مشروعات المتاحف المصرية، و أيقونة محافظة المنيا ، كما يعد ثالث أكبر المتاحف في مصر بعد المتحف المصرى الكبير ومتحف الحضارة، وتعود فكرة إنشاء المتحف إلى عام 1979 من خلال اتفاقية للتوئمة بين محافظة المنيا ومدينة هيلدسهايم الألمانية عام 1979، ليحكي فترة الملك اخناتون، وفترة التوحيد لسرد قصة مدينة “أخت آتون” تل العمارنة لكونها جزء من محافظة المنيا، وعاصمة مصر وقتها، ليصبح المتحف منارة ثقافية ومقصدًا هاما في صعيد مصر
وأضاف مدير عام المتحف بأنه تم ترشيح أكثر من مكان لإقامة المتحف علية الى ان استقر الاختيار على مكانة الحالي على الضفة الشرقية لنهر النيل بمحافظة المنيا
ويقع المتحف على مساحة 25 فدان “103 ألف متر مربع ” تشمل المبنى الرئيسي الهرمى للمتحف والذي يتكون من 14 قاعة عرض دائم، وتحكى القاعة الرئيسية للمتحف تاريخ مدينة المنيا عبر العصور المختلفة أما باقي القاعات فتحتوى قطعا أثرية تحكى تاريخ و فن الفترة الأتونية، إضافة إلى مسرح وسينما وقاعة مؤتمرات مجهزة على أحدث النظم تسع حوالى 800 فرد ومكتبة أثرية تحوي العديد من الكتب ومنطقة بازارات بها 19 بازارا، و 5 بحيرات صناعية تطل على النيل، وعددا من الكافيتريات، إضافة إلى مبنى إدارى به مركز لتدريب العاملين وآخر لإحياء الصناعات والحرف التراثية.
أما عن تاريخ أعمال البدء فى مشروع اقامة المتحف فقد بدأ التنفيذ في عام 2003، على مساحة إجمالية تبلغ 25 فداناً، بطول 650 م على كورنيش النيل، حيث تم طرح المشروع على ثلاث مراحل، موضحاً أن المرحلة الأولى والتى انتهت أعمالها في 2007، وشملت على أعمال الهيكل الخرساني ومباني المبنى الرئيسي “الهرمى”، وكذا أعمال التشطيب للمباني الملحقة وتتمثل في مدرسة الترميم، ومبنى الماكينات، والكافتريا، ومبنى محلات بيع الهدايا،
والمرحلة الثانية من مشروع المتحف شملت على أعمال تشطيب واجهات مبنى المتحف الرئيسي، وأعمال التكييف المركزي، وأعمال المصاعد، وأعمال شبكة الري بالموقع العام، ومبنى مركز الشرطة السياحي
أما المرحلة الثالثة من مشروع المتحف والتي تشمل أعمال التشطيبات الداخلية لمبنى المتحف الرئيسي، واستكمال الأعمال المدنية بالموقع العام، إلى جانب جميع أعمال الكهرباء، واستكمال أعمال التكييف والحريق والري
وقد توقف المشروع مع قيام ثورة 25 يناير، لعدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة لإتمامه، ثم بدأت أعمال الإنشاء مرة أخرى في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتم استئناف العمل في المرحلة الثانية للمشروع والتى شملت واجهات المبنى الرئيسي، وشبكة التكييف المركزي، والمصاعد، وشبكة المياه، ويجري العمل حاليا في إنهاء أعمال المرحلة الثالثة والأخيرة ، من تشطيبات داخلية فهو حلم اقترب تنفيذه بعد الانتهاء من مرحلتين وتنفيذ باقى المرحلة الثالثة وافتتاحه مع نهاية عام 2023.
وأيضا نعمل حاليا على الانتهاء من سيناريو العرض المتحفى حيث سيتم عرض أكثر من 10 آلاف قطعة، تسرد تاريخ الفترة الآتونية عند افتتاحه.
ومن ملحقات المتحف الاتونى مدرسة للترميم – معامل ومخازن – ملحق إداري
وقد تم تصميم الشكل الهرمى للمتحف بدولة المانيا اما الاعتمادات المالية والتكلفة الكلية لإنشاء المتحف فهى اعتمادات مصرية100%
ومن المحاضرين باللقاء العلمي الثالث والذين شاركوا بورقات بحثية شاركت الدكتورة أسماء إسماعيل وكيل المتحف، بورقة بحثية تحدثت فيها عن “المتحف الآتوني دوره وأهدافه” ثم قدم الدكتور محمد البدري أستاذ الجغرافيا ورقة بحثية متحدثا فيها عن” المنيا بين التاريخ والجغرافيا “وبعد ذلك تم عرض فيلم وثائقي يبرز دور المتحف واهدافة، ثم قدمت الدكتورة كرستينا عادل ورقة بحثية تحت عنوان “محطات العائلة المقدسة بالمنيا وأبرز نقاط مرور العائلة المقدسة في محافظة المنيا وفقا للمصادر والمخطوطات والقرآن الكريم” ، ثم قدم الدكتور رضا صلاح أمين المتحف،ورقة بحثية تحدث فيها عن” معبد حتشبسوت بنى حسن المنيا”، ثم قدم فريق كورال “المجدلية” التابع لإيبارشية المنيا وتوابعها ، والذى قدم عرضا رائعا شمل على أنشودة إيزيس باللغة الفرعونية وبعض الترانيم والألحان والأغاني الوطنية باللغات القبطية والعربية والإنجليزية والفرنسية.
وبعد ذلك قدم الدكتور عصام عيسى وكيل المتحف، ورقة بحثية متحدثا فيها عن مفهوم الإعاقة وصورها في مصر القديمة، ثم قدم الدكتور فرج عبيد ورقة بحثية عن ” امتزاج الحضارات على أرض المنيا” وقدم الدكتور جرجس عادل ورقة بحثية تحدث فيها عن ” التأثيرات الرومانية لمدينة أنطونيو بوليس بمحافظة المنيا” وقدمت الدكتورة فاطمة عثمان ورقة بحثية عن “مقارنة بين مقابر ومعابد المنيا”، وأخيرا قدم الدكتور محي الدين النادي ورقة بحثية تحدث فيها عن ” دور المنيا في الكفاح الوطني”
واختتم الحفل بتوزيع شهادات التقدير على المشاركين باوراق بحثية وفريق العمل الذي نظّم هذا الملتقى العلمى الثالث
وعلى هامش اللقاء قالت الدكتورة كرستينا عادل دكتوراة في الدراسات السياحية ومدرس الارشاد السياحة ومدرس الآثار الإسلامية والفرعونية بوزارة التعليم العالى والبحث العلمى
تهدف المتاحف , عموماً, إلى حماية التراث و الأعمال الفنية ذات القيمة التراثية، لكن سياسة المتاحف تهتم أيضاً بإثراء هذا التراث والتعريف به في إطار ثقافي يتأقلم مع احتياجات ومتطلبات المجتمع، وبعض المتاحف تقوم بهذا الدور لزوارها من خلال شرح مقتنيات المتحفية للزوار . لذلك عملت المؤسسة المتحفية دائما على النجاح في مهمتها الأولى ألا وهي المحافظة على المجموعات الفنية ذات القيمة المرتقية إلى مستوى المصلحة العامة و ذلك في إطار مهمة سامية كخدمة عامة أو كقطاع عام على الأقل. فالهدف الأسمى هو توصيل المعلومة إلى الجمهور الكبير و تحقيق العدالة في حق الجميع في التربية و الثقافة. كمتخصصة في الدراسات السياحة و متابعة جيدة الى حد ما لما يتم على الصعيد الاجتماعي و البيئي و الاقتصادي المصري بالقطاع المتحفي المصري و هو ما يؤثر بشكل كبير على الشأن السياحي؛ يمكنني القول بأن المتحف الاتوني يقدم تجربة مشاركة مجتمعية فريدة و ذلك بالنظر لعدة اعتبارات لعل أهمها و أبرزها ان المتحف حتى الآن خارج نطاق العمل الرسمي (اى لازال في مرحلة الإنشاء) و غير مُطالَب رسمياً بأى مشاركات مجتمعية، و لكن كل ما تم من مشاركات منذ عام 2014م حتى الآن هى بنازع وطني بحت و تمثل عبئ حقيقي على فريق عمل المتحف و إدارته. كما شاهدت بنفسي العمل على تصوير و اعداد عملي تقديم في شكل حلقات رمضانية يومية في شهر رمضان المبارك و تشرفت بالمشاركة في المراحل الاولى من العمل منذ عامين ، اى عام 2021 ، و التي على هامشها تم تكريم اكثر المتفاعلين على الفيديوهات و الاجابة عن سؤال الحلقات، فضلاً عن الخطط المتتالية بالتعاون مع ادارات المدارس في محافظة المنيا لتقديم حلقات تعليمية للاطفال و ندوات عن ابرز المناطق الاثرية في المحافظة، و لعل من اخر اجمل الاحتفالات للمتحف ورش التلوين للاطفال و التلوين على الجبس الابيض على هامش الاحتفال بمرور 100 عام على علم المصريات و التي قام المتحف خلالها بالتنسيق مع احدى الاندية الكبرى في المنيا لعرض مستنسخات من تراث محافظة المنيا لنشر الوعى بين أهلها. لن تتغاضى إدارة المتحف اتوني و فريق العمل به – رغم التحديات – عن دوره التوعوي في ريادة الأنشطة التربوية و الورش التثقيفية ، و التي تم إدماجها في تحديات الإنشاء و صعوبة الانتهاء من التصميمات المطلوبة من الجهات المعنية و التنسيق بين جهات التعاون المتعددة ، فقد تكبد السيد الدكتور احمد حميدة الكثير من العناء خاصاً ببناء فريق عمل المتحف على اعلى مستوى- كما عاينت بنفسي – وعكف أيضاً على عمل العديد من برامج تدريبية للعاملين بالمتحف علي مدار السنوات السابقة بهدف تأهيل العاملين علي العمل في إدارات المتحف المختلفة بما يتناسب مع تخصص كل موظف للارتقاء بالمنظومة و لبناء هيكل تنظيمي قادر علي إدارة متحف يليق بتاريخ محافظة المنيا العظيم و مستقبل هذا المتحف الرائد في الصعيد. كما أولى اهتماماً خاصاً بمجال الأنشطة والفعاليات؛ حيث وضع خطط للتواصل المجتمعي وبناء شراكات مع كافة مؤسسات المجتمع المحيط بهدف ربط المتحف بالمجتمع كجزء اساسي من دور المتحف كمؤسسة في خدمة المجتمع فتم عمل ورش وفعاليات مع الجامعات والمدارس مؤسسات المجتمع المدني للتعريف بقيمة التراث الثقافي ولبناء جيل قادر على الدمج مع المتحف وقام المتحف بعمل ورش عمل وتدريب كجزء من دور المتحف المجتمعي في المساهم في خطة التنمية المستدامة؛ فضلاً عن النضال لصالح رؤية مستقبلية من وحي انتمائه وخبرته وطموحه كمشروع ضخم لتجميع أحجار التلاتات الخاصة بالملك اخناتون؛ وبالطبع حديثي عن دكتور أحمد محمد سيد سيد حميدة الذي تولى إدارة المتحف الأتوني منذ 2014 حتى الآن. هذا بجانب ما تم على قدم وساق بالمهام المرتبطة بترقيم القطع الاثرية الخاصة بالمخزن الأثري في الاشمونين و توثيقها و تصنيفها تفعيلاً لدوره في حفظ الأثر و صيانته من المؤثرات الخارجية المتلفة والتي قد تؤدي لتغيره
. بالطبع سيؤدي الانتهاء من متحف أخناتون إلى زيادة الطلب السياحي و التدفق السياحي بالمنيا وتشجيع شركات السياحة على وضع مواقع الجذب السياحي بالمنيا في البرامج السياحية، مما يترتب عليه فتح باب الاستثمار في العديد من الأنشطة الاقتصادية الأخرى المتعلقة بصناعة السياحة مثل إنشاء المزيد من الفنادق والمنتجعات والمزارات، وبالتالي توفير الكثير من فرص العمل، مما يساهم في تعزيز ميزات تنافسية عديدة لموقع المنيا على الخريطة السياحية، فضلاً عن تشجيع أبناء محافظة المنيا على السياحة الداخلية لشواطئ البحر الأحمر مما يؤدي إلى تخفيف الضغط والتكدس على الشواطئ الأخرى كالإسكندرية فتح المجال لأبناء محافظة المنيا لاستثمار في مجالات متعددة تناسب مهاراتهم وطموحاتهم. هذا بالإضافة إلى تحقيق العديد من الغايات كضمان نشاط متواصل لتوفير المعلومة الصحيحة والمكتملة حول تاريخ البلاد و تراثها، و إحداث موقع مرجعي ورسمي لاحتضان اللقاءات الثقافية والفنية وكذلك إمكانية اختبار العمل التطبيقي في إطار ورش المتحف، وتحفيز الشباب بالاهتمام بالتراث وثرواته وذلك من خلال إرساء تقاليد لمقاربات تحليلية للمعروضات و الإعداد لأنشطة مختلفة تساهم في الدعوة المتواصلة لزيارة المتحف كالندوات و النقاشات العامة و اللقاءات مع الطاقم الفني و التقني، و إتاحة الفرصة لتحقيق الثراء الفنى لأفراد الشعب بتأمل محتوياتها التى تضم إبداعات ممتازة لقيمتها الفنية، حيث يتوفر فى العمل الفنى صفة الخلود لما فيه من أصالة وصدق الفنان فى التعبير عن مشاعره وأفكاره التى هى انعكاس لمجتمعه، وهذه الأعمال تكون دائماً معبرة عن روح الشعب، وأى متحف يعتبر مركزاً وصرحاً ثقافياً مهماً لما يضمه من إبداعات ومحتويات لابد أن تلقى استجابة من شباب مجتمعنا متفاعلاً مع تلك الفنون والكنوز العالمية التى تساعد على تأصيل القيم الروحية والثقافية بدلاً من تبديد وقت فراغهم فيما لا ينفعهم ولا يرتقي بأذواقهم.