أغصان الزيتون وإشارات السلام وباقات الزهور.. جميعها تأهبت استعدادا لحلول صاحب الكرسي الرسولي البابا فرنسيس بابا الفاتيكان ضيفا على مصر، واستقباله في قداس احتفالي يقام ترحيبا به، وفي الغد القريب يتعانق السلام البابوي مع الوسطية الإسلامية خلال لقاء قطبي الإسلام والمسيحية في مشيخة الأزهر الشريف، موجها رسالة للعالم من فوق منبره، تؤكد أن جميع الشعوب أبناء حضارة إنسانية واحدة مهما اختلفت دياناتهم، لقاء يجدد العهد على القيم المشتركة التي تجمع بين الأديان وتعزز التعايش السلمي بينها.
مستقبل جديد وواعد ينتظر المنطقة بأسرها انطلاقا من زيارة بابا الفاتيكان التاريخية لمصر، التي تدحض كل معاول الهدم والعنف والإرهاب والتطرف، وتطفئ شرارة الفتنة الطائفية، وترسم ملامح مستقبل منشود وقريب لعلاقة جديدة بين الإسلام والغرب، علاقة يسودها الاحترام المتبادل والأمن والسلام.
لقاء سابق بين البابا فرنسيس والدكتور أحمد الطيب في شهر مايو الماضي اتفقا خلاله على عقد مؤتمر للسلام والتعاون في مكافحة الإرهاب بعدما تبادلوا قلادة سنة الرحمة وغصن الزيتون، وأسسوا لمرحلة جديدة من المصالحة والحوار بين الشعوب تستند إلى نبذ العنف والتطرف والتمييز بكافة أشكاله، وأمس تحول الاتفاق إلى حقيقة واحتضنت مصر هذا المؤتمر الذي سيلقى البابا فرنسيس في الجلسة الختامية كلمة تحمل أسمى معاني السلام والتسامح والإخاء، معززة الزخم الذي حملته كلمته غير المعتادة التي وجهها بالأمس لشعب مصر وبدأها بالسلام.
والبابا فرنسيس هو الأرجنتيني خورخي ماريو بيرجوليو، وهو بابا الكنيسة الكاثوليكية منذ عام 2013، وهو السادس والستون بعد المائتين، وبحكم كونه البابا، فهو أسقف روما، وسيد دولة الفاتيكان، والحبر الأعظم، وهو أول بابا من خارج أوروبا منذ عهد البابا جريجوري الثالث (731 - 741)، ولهذا فقد وصف اختياره بأنه ثورة في تاريخ الكنيسة، وهو عضو في الرهبنة اليسوعية التي تعتبر من أكبر منظمات الكنيسة الكاثوليكية وأكثرها تأثيرا وفاعلية.
حافظ البابا فرنسيس على السمات الأساسية في الشعار الذي كان قد اختاره منذ أن كان رئيسا للأساقفة، وشعاره تاج أسقف عادي لا التاج المثلث الذي كان قد ألغي أيام البابا بولس السادس، كما حافظ على الخلفية الحمراء والذهبية، والدرع الذي يتوسط الشعار تتوسطه شعار الرهبنة اليسوعية التي ينتمى إليها البابا، وتشير إلى المسيح، وتحتوي على ثلاثة أحرف لاتينية هي اختصار "المسيح مخلص الإنسان".
وتفيد التقارير بأن البابا فرنسيس الذي انتخب في سن 76 في صحة جيدة بسبب أسلوب حياته البسيطة المتقشفة والصحية، وهوايته رياضة المشي، ويعرف عنه نشاطه على صعيد العولمة والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر، ورغبته في التقريب مع الكنائس المسيحية الأخرى، داعيا إلى مزيد من الوحدة بين جميع المؤمنين بالمسيح، والأمر لا يتوقف على الكنائس المسيحية، حيث يؤكد دوما أن الكنيسة الكاثوليكية تحترم جميع الأديان الأخرى التي تحاول الوصول إلى الله.
وعلى صعيد العلاقة مع الكنيسة المصرية، فقد أبرق البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية برسالة تهنئة عند اختيار البابا فرنسيس بابا للفاتيكان، وصف فيها الانتخاب بـ"الخيار المبارك"، كما رحب رجال الدين المسلمين في الأرجنتين بانتخابه، مؤكدين في بيان أنه "أظهر نفسه دائما كصديق للمجتمع الإسلامي"، وأنه شخص يقف موقف "الداعم للحوار".